أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن صابط الجيلاوي - الكلمة والموقف: عن موائد الملوك عند زهير كاظم عبود وهادي العلوي















المزيد.....

الكلمة والموقف: عن موائد الملوك عند زهير كاظم عبود وهادي العلوي


محسن صابط الجيلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1072 - 2005 / 1 / 8 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول أحمد برقاوي في رده على كتاب صادق جلال العظم ( ذهنية التحريم ) متذكرا هادي العلوي كمثقف موسوعي يتطابق عنده الفكر والسلوك إلى حد غير طبيعي حيث يقول ( اذكر في لقاء مع نايف حواتمة كان الدكتور صادق ( يقصد صادق جلال العظم) موجودا معنا، وكان هادي العلوي يجلس إلى جانبي. وبعد فترة طويلة من النقاش قدمت لنا بعض الفواكه، غير أن هادي العلوي لم يمد يده أطلاقا لتناول ولو برتقالة فلفت ذلك نظري، فقدمت له جزءا من الصحن الموجود أمامنا فرفض العرض رفضاً شديداً.وعندما سألته عن السبب أجاب: أنا لا أكل على موائد الملوك ) هكذا كان موقف هادي العلوي وهو في حضرة قائد الجبهة الديمقراطية، تلك الجبهة المناضلة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وقائدها لم يعرف عنه في كامل مسيرته مواقف أجرام أو قتل.. أشير لهذا الموقف لتذكير كتابنا ومثقفينا عن المثال الذي تركه هادي العلوي عن نزاهة وجدارة المثقف في الفكر والعمل، ونحن جميعا نفتقد هذا النمط في حياتنا الراهنة حيث تركت الفاشية فراغنا هائلا كما تنبأ بذلك ايلوار العظيم...وهذا الفراغ هو ما ينخر في عقل الناس وسلوكهم وخصوصا النخب المثقفة التي كان عليها أن تجر الناس لحوار عقلاني شفاف يثير الجدل والنقاش لكي نصل إلى نقطة تنويرية يتشارك الناس في إنضاجها وبلورتها لكي نخرج وطننا وشعبنا من المحنة التي يمر بها...
لهذا سأعود إلى ما كتبه القاضي ( زهير كاظم عبود ) وأتمنى أن يقرأ مقالتي هذه بعقل منفتح وبعيد النظر وبشيء من التأمل الضروري لفهم جوهر ما أريد أن أقوله...وقبل هذا بودي أن اثبت بعض الحقائق لكي لا يزايد علي أحد .
- أنا مع الشعب الكردي في سعيه من أجل الحصول على حقوقه المشروعة سواء ضمن أطار الدولة العراقية أو حتى الانفصال وإقامة دولته الوطنية، وتلك مسائل يقررها الشعب الكردي وحده، طبعا بدعم من أصدقاءه في العراق وفي كل مكان من هذا العالم.
- هناك مشاكل في الطبقة السياسية العراقية مجتمعة، سواء كانت عربية أو كوردية أو غيرها هي غياب الديمقراطية الداخلية، طبقة تحمل ماضي مؤلم من الضروري السعي لتغيرها أو تحديثها لكونها ساهمت في طريقة أدائها في ترسيخ الدكتاتورية وبإطالة عمر الذبح والقتل للشعب العراقي، بل وفي كثير من الأحيان ساهمت بفعالية في ذلك سواء بالتحالف مع الفاشية نفسها أو بشكل منفرد، لهذا من الضروري الفصل بين موقفنا من الشعب الذي نعتز وننتمي إليه ومن هذه القوى، فانا أنظر للشعب الكردي بمعزل عن القوى السياسية الموجودة، وهذا الدمج القسري هو جوهر عدم فهم أحدنا للآخر.ويصح هذا الأمر كذلك على العرب والتركمان وغيرهم.
- أنا لا أومن( بالقوم?ية) العربية التي تماهى بها البعث كمفردة فاشية، بل أومن بالأمة العراقية التي يتمازج فيها كل أبناء هذا الوطن، طالما ارتضوا لأنفسهم العيش المشرك على هذه الأرض الطيبة.
- أنا أومن كليا بان لا وطن بدون كرامة للإنسان نفسه، فالإنسان هو القيمة العليا التي تبنى عليها الأوطان وازدهار الأمم. وهذا ما أراد أن يعبر عنه هادي العلوي بتلك اللغة القوية وبالموقف الشديد الوضوح.
واعتقد أن مقال زهير كاظم عبود (شمعة على قبر هادي العلوي ) هو قراءة مبتسرة وعجولة وغير صحيحة لما أراد أن يقوله الرجل وبين ما أراد أن يقوله كاتب المقال، فكامل مقالة هادي العلوي تناقش الموقف من سلطة غاشمة، من (حسناتها) أنها جعلت العراقيين سواسية في مخططها الإجرامي الموغل بالقتل وتصفية الناس، ولا يوجد في مقالة هادي العلوي المعنونة ( براءة إلى أطفال كوردستان) أي شيء يدل على انه أراد أن يقول أننا جميعا عرب العراق وراء جريمة إبادة الشعب الكردي، بل أراد بوضوح البراءة من سلطة اغتصبت وطننا وهويتنا وحولت كل شيء إلى خراب وحروب وبطش، وليس هناك ما يدل على أن هادي العلوي كان يعرف أن هذا الطيار الذي قصف حلبجة هو عربي ( كما جزم بعض من الشوفنيين الكرد- وكما يراه زهير ) أم غيره، بقدر مناقشته لسلطة جندت الناس عنوة بحروب عبثية، لم يكن للناس رأي أو خيار برفضها، فمجرد هروب لأيام معدودة يعني الإعدام ودفع بدل طلقات التنفيذ، وبقدر وجود مئات الآلاف من العرب جنود وضباط في هذا الجيش المسخ وحرسه الوطني وفي المخابرات وقوى الأمن، كان هناك مئات الآلاف من الجنود والضباط الكورد والتركمان والكلدان والاشور، وأجزم أن أغلبية هؤلاء كانوا على رفض وبغض لهذه الحروب، لكن هناك موت حقيقي يتربص كل شخص وبالتالي عائلته وأهله وأقرباءه في حالة اتخاذ موقف آخر، تلك محنة عاشها الشعب العراقي ولا داعي للأطالة فيها، وبالقدر الذي كان هناك الكثير من الجنود والضباط الأكراد في هذا الجيش وفي المؤسسات القمعية الأخرى كان هناك مئات الآلاف من( الجحوش) الأكراد الذين نظمهم النظام بالارتباط مع شيوخ عشائر وأغاوات كانوا يرون في النظام الدكتاتوري خير ضامن لمصالحهم( هناك إحصائية تشير إلى أن عدد الأكراد في مواقع السلطة العليا أكثر من الشيعة، طبعا لا شك أن هؤلاء خونه لأبناء جلدتهم، وهذا لا يغير من شكل الدكتاتورية على الأرض )...لهذا اجزم أن هادي العلوي كان يريد البراءة من هوية هذا الجيش ( العراقي ) الذي يمارس هذا القتل، من هوية عراقية مغتصبة من دكتاتور أحمق، وهكذا فهم النص أكثر من 73 مثقف كردي في رسالة تؤبن الفقيد عام 1998 حيث جاء فيها ( كانت مواقفه الوطنية على الساحة العراقية والعربية المعروفة، وبالأخص مواقفه تجاه القضية الكردية وفاجعة – حلبجة الشهيدة- التي أثرت بالعمق في وجدانه مما أدى به إلى التنازل عن هويته العراقية. الموقف الذي لن ينساه الشعب الكردي بكل شرائحه وبالأخص أطفال كوردستان ) وكامل مقالة هادي العلوي تحمل السلطة ورأسها الأرعن مسؤولية ذلك, وأي قراءة أخرى هي قراءة مضللة لا يمكن أن تنطلق من رجل ( عراقي – عربي ) يؤمن بالعراق، ووطني صادق لا يشك احد بوطنيته وبالظلم الذي تعرض له على أيدي نفس النظام، وهو الصديق لمئات من العرب المناضلين وهم في طريقهم إلى جبال كوردستان الشماء في سعيهم لإزاحة ليل الدكتاتورية البغيض، لهذا لا يمكن أن يضعنا جميعا ( عرب العراق ) مجرمين وقتله، نقف وراء ما تعرض له الشعب الكردي كما أراد أن يجيرها زهير كاظم عبود، حيث كان ملكا أكثر من الملك نفسه...لهذا سأضمن كامل مقالة هادي العلوي لكي يطلع القارئ عليها كاملة

ففي الشطرين الأول والثاني من مقالته يتحدث هادي العلوي عن هذا الرجل ويعني ( صدام)، محملا إياه مسؤولية القتل والجريمة...ثم يعرف طبيعة السلطة في العالم الثالث، ثم يتحدث عن تصفية الخصوم السياسيين منذ عام 1986-1980، ثم عن الحرب الإيرانية وحجم الضحايا وطرق التصفيات بحجة الجبن(، في حرب كلّفت جيشه نصف مليون. كثير منهم، أعدمته فرق الإعدام العاملة وراء الخطوط، بتهمةِ تقصيرٍ، أو جُبْنٍ، أو تراجعٍ ).
ثم يتحدث ويكرر دائما هذا الجيش، والجنود العراقيون، وعن معطي الأوامر.. دون أن يُفصل في هويتهم، لان الفقرة السابقة لها تقف إلى جانب الذين يرفضون هذه الحروب العبثية، ثم يركز على مهمة الجيش وقائده العام..لهذا كامل المقالة مغرقة في تحميل السلطة الفاشية كامل ما تعرض له الشعب الكردي والشعب العراقي عموما...!!، وهنا لا أريد التذكير بطبيعة السلطة العراقية وبطبيعة قيادتها، لقد كان أغلبية عرب العراق خرج إطارها الفعال، لكنها كانت سلطة مقتدرة وكأي فاشية كانت تضع الناس دائما أمام خيارات لا مفر منها لتنفيذ سياسة رأس النظام...وعلى زهير عبود كقانوني أنتمي لفترة طويلة إلى نظام قضائي لعدالة مفقودة أن يكون دقيقا فيما يكتب. لا أعرف لماذا يتناسى المقابر الجماعية في الجنوب، ولماذا هذا الصياغة البسيطة لطبيعة ما جرى في العراق، ؟ فهوية القتلة معروفة، أما المديح والنوايا الضيقة لا يكمن لها بأي حال أن تخلق مستقبلا أفضل...وبالتالي أنت تعتذر لضحايا النظام من الأكراد وهذا شيء جميل، بالمقابل إذا كنا جميعا عرب العراق قتلة، فمن أين أتت هذه المقابر الجماعية وبالتالي من يعتذر لضحايانا إذن؟ وإذا كان زهير كاظم عبود يقصد العرب من وراء الحدود الوطنية، فهؤلاء صمتوا على ضحايانا وعلى جرائم النظام سواء كانت في الأهوار أو في الكوت أو في كوردستان أو في سائر مدن العراق... لهذا لا يمكن لشعبنا في جزءه العربي أن يؤخذ بجريرة أحد أبناء جلدته ( وهو أمر افتراضي )، كما لا يمكن أن يؤخذ الشعب الكردي بجريرة جرائم جلال أو ناوشيروان، أو بجرائم الجحوش من هيركيين وزيباريين وبرادوستيين وطلبانيين بحق الآلاف من البيشمركة الأبطال أيام النضال ضد الدكتاتورية.
صديقك الآخر د- احمد مطر - بعد أن زار كوردستان يطالب ( جياب كوردستان- ناوشيروان ) بتدوين مذكراته دون أن يسأله عن ذلك الدم الوطني الغزير في بشتاشان أو عشرات الآلاف من الذين قتلوا في ما يسمى قتال الإخوة، فهذا القتال الذي كلف الشعب الكردي دماء غزيرة غالية لم يشترك به أي عربي وهذا دليل على اننا شعب أبتلى بأشكال من الدكتاتوريين وبمختلف الأحجام والقدرات.
الشعب الكردي اليوم محتاج لأولئك الذين وقفوا معه على الدوام وفي ظروف النضال القاسية، وهو ليس بحاجة إلى منظمات عربية لنصرته تتكاثر وتتوالد مع انتقاله إلى ممارسة حقه في السلطة العراقية، هذه المنظمات تبدو شبيهه بمنظمات – رغدة ومحمد صبحي والمسفر، والتي كانت في زيارات مكوكية إلى بغداد بحجة دعم أطفال العراق، لكنها تبخرت مع تبخر القائد الضرورة، اليوم البعض غير المسير من بغداد إلى السليمانية، فغياب الديمقراطية هي التي تولد دوما حاكما يوزع الهبات لكي يُتحف بهالة هشة يرى فيها نفسه عظيم وكبير وضرورة لشعبه تلك هي كلاسيكيات كسب الناس عبر قطعان مصفقة قد تجاوزتها الشعوب الخلاقة حقا ، وخوفنا على شعبنا الكردي الذي سيصدق إن هؤلاء سيحمونه يوما ما، لكنه قد يجد نفسه عاريا أمام أي عدو، لهذا عليه أن يعرف عمق أصدقاءه الحقيقيين من غيرهم، فليس بالتهريج تحيا المواقف...!
الشعب الكردي يحتاج إلى مثقف يثير الجدل في شارعه السياسي، لا إلى مديح وتصفيق فتلك هي أبجديات الضحك على الشعوب الفقيرة والبعيدة عن الحضارة الإنسانية، والتي نفترض جميعا بأننا دخلناها.
لندع هادي العلوي وشأنه فهو رمز ثقافي قد نختلف أو نتفق معه، ولكن كان يزن الأشياء دوما ببراعة المثقف البعيد النظر وبتلك الاستقلالية المدهشة في قول الحق، فلا تقولوه ما لم يقله.
نحن نريد مثقف لا نشتم من وراء كلماته زيارات ورشاوى ودراهم تتطاير...!
ذلك ما يحتاجه الشعب الكردي، موقف كموقف هادي العلوي ومن ( معرة النعمان) في دمشق دون أن يأكل شيئا على موائد الحكام، من جلاليين أو غيرهم......!

نص مقلة هادي العلوي

براءة إلى أطفال كوردستان

هادي العلوي :

ليس من المعقول أبداً، وليس من المنطقي أبداً، أن يستمرَّ هذا النهرُ من الدمِ في الجريان، دون أن يسعى أحدٌ لتسكيره. أي عشق للقتل، يتلبس هذا الرجل، الذي لم يعدْ قادراً على العيش خارج هذا النهر؟ حتى كأنّ السلطةَ لم يبقَ لها معنى، سوى تحرير مراسيم الموت، بلا حدود، وبلا سبب، وبلا هدف.

ان أي قاتل محترف، جائع، مريض، قد يمرّ بفترة استراحة، يتكلم فيها مع نفسه، وربما طَرحَ عليها سؤالاً عن بعض من اختارهم للقتل، ان كان قد أحسن الاختيار. لكن هذا القاتل البدعة، لا يريد أن يستريحَ. يرفض أن يأخذَ إجازة، يطرح فيها على نفسه هذا السؤال.

ان الدفاع عن السلطة في العالم الثالث، يستوجب القتل، لتثبيتها. وهو قد قتل ما يكفي، لتثبيتها طيلة عشرين عاماً، ومع ذلك، فهو لم يتوقفْ عن لعبة الموت. صار وجوده في الحكم يتركّز في معنى أن نهرَ الدم، يجب أن لا ينقطع عن الجريان، لأن انقطاعه، يجعل سلطته بلا معنى.

أباد من رعاياه، في المدة مابين 1968 ـ 1980 قرابة عشرين ألفاً، معظمهم بوسيلته المفضّلة: التعذيب، الذي يشمل أقرب خلصائه. تقول الروايات، أنه أعدم "ناظم كزار"، مدير أمنه العام، نشراً بالمنشار، لأنه تحداه في المحكمة الخاصة. وتقول أخرى، أنه سلق وزير صناعته "محمد عايش" في طنجرة نحاس (صفرية)، لأنه تجرأ عليه في محكمة مماثلة. والخيال الشعبي، حين ينسج هذه الصور، إنما يستند إلى أرضية، هي التي تفسّر لنا معظم مانقرأه في التاريخ القديم والحديث من الأمور الخارقة، فهي ليست مجرد حكي، يتناقله الناس، دون مضمون أرضي.

ومن الإيرانيين، مليون. في حرب كلّفت جيشه نصف مليون. كثير منهم، أعدمته فرق الإعدام العاملة وراء الخطوط، بتهمةِ تقصيرٍ، أو جُبْنٍ، أو تراجعٍ.

واليوم، وقد سكتتِ الجبهة الإيرانية، تتوجه الفيالق إلى كردستان. الجيش العراقي هناك، معلناً عن حضورٍ بنفس الكثافة. ونفس المعدات. ونفس الطريقة في القتال. دليل على أن اندفاعه في تلك الجبهة، لم يكن بسبب معنويات خاصة، نسبها إليه أنصار الدفاع عن الوطن من العراقيين. فهاهو يواصل في كردستان حروبه الإجرامية بكل بشاعتها. كنتُ أقول لهم: "ان هذا الجيش، سيقوم بنفس المهمة حية، حين يكلف بالهجوم على بيوتكم".

ان ما يجري في هذه الأيام، يتحدى الخيال، ولايُعبّر عنه بقاموس. أشعر بالعيِّ، وصعوبة الكلام. أبحث عن مفردات مطابقة، وتتعذر علي. صدقوني، أني بحثتُ، لعلي أجد ما يساعدني على تحرير وصف لِما يجري في كردستان العراقية، فلم تسعفني اللغةُ. إن الافادات التي أدلت بها منظمة العفو الدولية، وبعض الحكومات في أوربا، قد عبّرتْ عن الدهشة. غير أنها لم تدخل في عمق المفارقة: كيف يكون هذا الجيش؟ كيف يكون هذا الرجل، الذي يعطي الأوامر؟ إن الجنود العراقيين، يجتازون في هذه الساعات الحدودَ التركيةَ، ليصبّوا حِممَ مدافعهم على مخيمات اللاجئين الأكراد. هل سمع أحدٌ بهذا من قبل؟؛ ان اللاجئين ما أن يجتازوا حدود بلادهم، حتى يصبحوا آمنين بحكم الأعراف الدولية. أما ملاحقتهم وراء الحدود، وهم مجرد لاجئين، وبعد أن يكونوا، قد سكنوا الخيام، لإستكمال أبادتهم، فهذا من خصوصيات جيشنا وقائده العام. لقد أمستِ الهمجية التركية بعراقتها في العدوان على شعبها، والشعوب المحكومة بها، ملاذاً لهؤلاء النازحين. ولولا جبن هذا الجيش وخوفه من الأتراك، لكانت المخيمات الكردية، قد إمّحت من الوجود الآن.

يهجم الجنودُ العراقيون على القرى الكردية، لينفذوا خطط إبادة منظمة. كما تقول حرفياً منظمة العفو الدولية في موقف استثننائي، خرجت به على لغتها الإنجليزية المحايدة. هذه القرى الوديعة، البسيطة، المتصوفة في زوايا جبالٍ، طالما فاضت على العراقي باللبن والعسل، واستقبلته بنداء "كاكه"، الذي يعني عند الأكراد، أنك آمنٌ على نفسك ومالك وكرامتك الشخصية. فالكردي العادي، هو مثل سفوحه الخضراء، لا يصدر عنه إلا الطيّب، حتى لصوصهم وقطّاع الطرق منهم، يملكون من القيم الأخلاقية، ما لا تملكه أكثر الجيوش تحضراً.

يمسحها الجندي العراقي بحذائه المحمّل بالغاز السام، ثم يجمع ما يتبقى بها من الأطفال والأمهات والجدات، حتى يتمتع برؤيتهم، وهم ينامون كالفسائل المقطوعة تحت أخامص بنادقه الرشاشة. لم يتردد الجندي عن أداء هذا الدور. لم يأخذه الندم. ولم يسأل الطيّار نفسَه، على من يرمي قنابله الكيماوية؟ ناهيكم عن أن يفكر بالنزول بطائرته في بلدٍ آخر، لكي يكتسب الجنسية البشرية، ويعلن للعالم حقيقة ما يجري في هذا البلد العجيب. كلا، أبداً. بل أقولها عن تثبّتٍ ـ ونحن أبناء قرية واحدة، كما يقول المثل العراقي ـ انه سيعود بعد أن يفرغَ حمولته على غرف نوم الأكراد، ليحدّث زوجته، أو عشيقته عن بطولاته لذلك اليوم.

أيها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة، على فراشه، أو في ساحة لعبه، هذه براءتي من دمك أقدمها لك. معاهداً إياك، ألاّ أشرب نخب الأمجاد الوهمية، لجيوش العصر الحجري، أقدمها لك على استيحاءٍ، ينتابني شعورٌ بالخجل منك، ويجللني شعورٌ بالعار أمام الناس، أني أحمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك. وليت الناس أراحوني منها، حتى يوفروا لي براءة حقيقية من دمك العزيز. أنا المفجوع بك. الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل. في زمن حكم الذئاب البشرية، لم نعد نملك فيه إلا البكاء.

اقبلْها مني، أيها المغدور، فهي براءتي إليك من هويتي

كذلك نرفق رابط مقالة الأستاذ زهير كاظم عبود على الحوار المتمدن
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=29265



#محسن_صابط_الجيلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي انتخابات عراقية نحتاج...؟
- حوار متمدن: ليسار يكتب ولا يقرأ....!!!
- ( بقايا حطام ماثل )
- بشتاشان بين الآلام والصمت
- الإرهاب يطال الصديق والمناضل وضاح حسن عبد الأمير- سعدون
- لحظات خائبة
- دعوة لأرشيف عراقي
- رأي حول الديمقراطية … ومنظمات حقوق الإنسان في المهجر
- جائزة نوبل للآداب لعام 2004 إلى النمساوية الفريدا يلينيك
- حكايات من زمن الخراب
- أهلاً وسهلاً بكم في محافظة الكوت
- لا للحياد...نعم لتعبئة الجماهير
- الجنرال واللوحة
- بدل الورد
- رياضة
- الفاشية العربية -البعث كنموذج
- لقاء مع الفنان عماد الطائي
- عن الشيوعية واليسار، مع بعض التطبيقات..-3
- وردة حمراء
- هذيان عند كاس عرق مغشوش


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن صابط الجيلاوي - الكلمة والموقف: عن موائد الملوك عند زهير كاظم عبود وهادي العلوي