أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - قلق الشاعر














المزيد.....

قلق الشاعر


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 02:58
المحور: الادب والفن
    


إذا كان القلق سمة بارزة، لدى المبدع الحقيقي، فإن هذا القلق يبلغ ذروته لدى الشاعر، وله دواعيه الفعلية، ومنها ما يتعلق بطبيعته الداخلية، ومنها ما يتعلق بانشغاله الإبداعي وحرصه الدائم على أن يقدم ما هو جديد، كي يتجاوز نفسه، بين نص وآخر، وألا تكون القصيدة اللاحقة نسخة “فوتوكوبي” عن السابقة عليها، من جهة، وألا يكون مجرد مكرر ببغاوي لنصوص الآخرين من جهة أخرى .

وحقيقة، إن الشاعر لمسكون بقلق دائم، وهذا القلق يأتي نتيجة صراع عالمين في ذاته، أحدهما العالم الخارجي من حوله، بكل ما يحمله من أسئلة حياتية يومية، والآخر عالمه الخاص، هذا العالم المفتوح على نوع آخر من الأسئلة، يخص تكوينه النفسي، ودرجة تأثره بما حوله، وإمكان تحويل كل ذلك، عبر تفاعل الوعي والحس، وترجمته في صور شعرية، متواشجة مع سواها، ضمن عمارة نص يكون الإيقاع عموده الفقري، الذي يشكل خطاً موازياً لهارموني النص .

وبدهي أن للبيئة العامة ومحيط الشاعر علاقة وثيقة بقلقه، لأن قلق ابن القرية يختلف عن قلق ابن المدينة، كما أن قلق ابن الصحراء غير قلق ابن البحرأو الجبل، إذ لكل منهما قلقه، بل إن قلق ابن المدينة أشدّ من قلق ابن القرية، كما أن قلق الشاعر في كل مرحلة ليختلف عن المرحلة الأخرى، وإن القلق قد بلغ ذروته - الآن - ونحن نعيش هذه النقلة العظمى، في ظل ثورة التكنولوجيا والمعلوماتية، حيث تضيق أنشوطة القلق على روح وعنق المبدع، وتكاد تقصيه عن لجة الإبداع، لتشغله بشروط اللحظة المعيشة، مادامت الحياة متطورة، وما دام في إمكان شاشة الرائي أو الحاسوب أن تتدفق بالمعلومات الهائلة، وفي مطلعها هذا الحجم الهائل من الدماء المراقة، في كل مكان، ولاسيما في ما يتعلق بمنطقة عودة الوعي، من حولنا، حيث تصطدم فطرية الروح الإنسانية المسالمة، بشذوذ الروح البشرية التي لا تكترث بما تتركه خلفها من دمار كبير، وأشلاء إنسانية، اعتماداً على وسائل القتل والدمار، حيث تتمزق في المقابل روح الشاعر، وهي تتابع وحشنة الآدمي، ولامبالاته بالآخر، إلى درجة محوه من أجل إشباع غريزة السلطة والاستبداد، غير مكترث بما يتم من دمار للبيئة والإنسان، بما يؤثر حتى في حليب الطفل الذي سيولد بعد نصف قرن، في أقل تقدير زمني منظور .

وإذا كان الشاعر في ما قبل، يفزعه جرح طائر من حوله، فإن أعداد الضحايا البشرية التي ترتفع في العالم، بشكل يومي، من شأنها أن تراكم القلق، إلى الدرجة التي يمكن فيها أن يتم انسداد الأفق الإبداعي، في وجهه، لانشغاله بسؤال الخطر المحدق الذي يصيبه في أعماقه، ولعل هذا نفسه يكمن وراء تضاؤل نسبة قراء الإبداع، وذلك لأن الصورة الإلكترونية باتت تصدم متلقيها، على اتساع خريطة العالم، وتجعله أسيرها، وما يرفع من وتيرة مثل هذه الصدمة هو أنها تأتي مدماة، صافعة، أكثر دلالة، وبلاغة عن أي ضرب من أنواع الفنون، بما في ذلك الشعر نفسه، سيد الفنون قاطبة .

إن قلق الشاعر، في ضوء كل ما سبق، قد وصل إلى حده الأعظم، وفق بارومتر التفاعل مع العالم، حيث توأمة التكنولوجيا ووحام إراقة الدماء لدى الشذاذ، ما يجعل الشاعر أسير تلك الحبال الآسرة، بل الخانقة للإبداع، وللنفس، ولعل لا حل لمعافاة روحه وقصيدته، في ظل استرخاص روح الإنسان، على امتداد خريطة التوتر في العالم، وفي ظل هيمنة صنّاع الجريمة، وسفاكي الدماء الذين، لا يمكن لثقافتهم أو سطواتهم، أن تستمر، بعد الآن .



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمثلات موت الشاعر
- المواطن الصحفي
- الصالون الثقافي الافتراضي:دعوة إلى تفعيل الحالة الثقافية إلى ...
- خطاب الخديعة
- خالد أبو صلاح: أُمّةُ في رجل...!
- مستقبل القراءة
- ممحية الحدود بين الشرق والغرب:الصّورة الإلكترونية تحفر بعيدا ...
- شارع الحرية
- في حديث المراقبين
- كراسة الكاتب:مقدمة في التفاعل بين المبدع والزمان
- براهيم اليوسف لولاتي.نت : الأعضاء الكرد في المجلس الوطني الس ...
- معجم 2011: عام جديد يحفرإبداعه عالياً
- أكبر من الكلام
- على هامش مؤتمر المجلس الوطني السوري في تونس
- محمد شيخ الزور وداعاً
- خارج النص
- الثورة والشباب: من يصنع الآخر؟
- حمص: إعدام مدينة
- إشهدوا أنها-كفر نبل-..!
- نقد الهزيمة وهزيمة النقد..!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - قلق الشاعر