أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي ج3














المزيد.....

هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي ج3


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 3621 - 2012 / 1 / 28 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


لاشيء في المنزل يبعث على الفرح . حزن يخنق الأنفاس ..حزن يضاعف ليله من غربتنا وألمنا كأننا في مدينة لا تشبهنا ..أرضا وبشرا . جدتي تتأمل الجدران . تدخل معها في حوار داخلي لاندرك كنهه ولا لغته . كان الصمت الملعون أول لغة تعلمتها في حياتي ..أو قل بالأحرى فن الصمت وعذاباته . كنت اهرب من صورة هاربة لأب ..تفزعني كالأشباح ..اهرب إلى صدر أم أتعبته الآلام والأحزان ولا أجد في انتظاري سوى الصمت الممزوج بالألم والأحزان . في المدرسة يقولون لي الوطن كالأم ..والأم وطن . فلماذا ساءت علاقة أمي بالوطن إلى درجة الإلغاء . كنت اقرأ تجاعيد وغدر الوطن في العينين ..عيني جدتي أو أمي . كانت جدتي تقول( إذا جاء الشتاء ولم تمطر فان الخريف قد غدر ) لفرط ما تكرر هذا الكلام حتى صار لغزا مسيطرا على ذهني ومخيلتي حتى صرت ابحث له عن جواب فلا اظفر بجواب . قررت مع مرور الأيام وتوالي السنوات أن أتجرأ أكثر من ذي قبل واسأل جدتي . اخترت إحدى اللحظات التي يروق لها فيها الكلام ولا تبخل علينا جدتي ببعض الفرح والابتسام . حاولت وهي في أصفى حالتها أن اطرح السؤال .ترددت لكن في أخر لحظة وأنا أتحسس الخوف يشد اللسان قلت
- جدتي تقولين كثيرا إذا جاء الشتاء ولم تمطر فقد غدر الخريف
نظرت إلي بصلابة لا تخلو من حزن دفين...
- وأخاف أن ننتهي في الخريف..غيوم الخريف لا تفرح الناس يا صغيرتي ..إنها تحجب الشمس وتطلق العنان للأمراض والرياح...
تصنعت هيئة الفهم معتمدة على تتبع كلامها بحركات من راسي ووجدتني أمام كلام يحمل أكثر من سؤال . خفت أن أثقل عليها بأسئلة قد تبدو تافهة وربما قد تعيرني بعدم القدرة على فك الحرف وقراءة طلاسم اللسان . صمتت لحظة كدت أقول إنها نسيتني ونست موضوع السؤال . ثم قالت بحدة يشوبها الغضب إلى درجة انتصبت لها حواسي
- طفلتي سماء الخريف لا تجود إلا بالدماء
تأملتني وكأنها تقرا اثر كلماتها على وجهي . تعمدت أن انظر إليها باهتمام ورغبة كبيرة في مواصلة الحوار . كنت أريدها أن تقول أكثر ..تمنيت لو تستمر في الكلام ..جنون عنيف يتحرك في داخلي ..لعلي أجد في كلامها ما يشفى غليلي وعذابي الطويل أمام عدوانية صمت رهيب صار ظلا لي . يترصدني أينما وليت وجهي بحثا وسؤالا وطلبا ولو لحكي يخفف الأحزان ويضعني في صورة افهمها وتفهمني ..تصالح فيها ذاتي ذاتي وارى جذوري فوق راسي بعد أن بتروا موطئ قدمي .وفي لحظة كنت اعتقد أن جدتي أغلقت باب الحوار وعادت بعينيها إلى أعماقها تحفر في الأدغال ..أخرجت نفسا عميقا كأنها تنفث لهيبا حارا من جوفها . هل كانت تحترق أم أن أشياء كثيرة كانت تتكسر بقوة ...
- حياة ..في ليل الخريف خرج السي الطاهر لمقاومة الاستعمار وفي إحدى ليالي الخريف جاءنا موته ..وبين خروجه ووفاته ما مرت فصول السنة إلا وفي يدها سوى الخريف ..جاء الاستقلال في الخريف ..هكذا جاء الخريف في الخريف ..عندها أدركت أن السماء إن لم تمطر في الشتاء فان الخريف قد غدر ..إني لا أخاف على الأرض من المطر لكن أخاف عليها من دماء الخريف



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الانفصال والاتصال
- حرفة عاشق
- هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- طفولة في.. ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- تونس لم تعد في تونس...
- ابن رشد ومشكلة النسبية
- الموت يحتضر...الجزء الاول
- عندما يضحك الوطن...
- تونس تمهل..ولاتهمل
- الاحذية
- الحفاة والكنغر
- يوميات عاشق =1) الامل الشاق
- لعبة الاواني
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني 2
- اغتيال
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني
- الكينونة والعدم
- مثقف المعارضة العربية


المزيد.....




- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي ج3