أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - الكينونة والعدم















المزيد.....

الكينونة والعدم


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 3510 - 2011 / 10 / 8 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


الكينونة والعدم
أنت لست فردا ولا ذاتا انك مجرد مظهر للخارج كاسرة قبيلة وطائفة ...وليس لك شان خاص وتفكير ذاتي . لعنتك في أعماقك فيما يشكلك كانسان إنها نفسك التي قدرك أنها شريرة وأمارة بالسوء . عليك بإعلان الحرب ضد نفسك وعلى كل جوارحك إما أن تقهر ذاتك أو انك منبوذ أي شخص غير مرغوب فيه وان لم يصدر القتل في حقك فأنت محشور في خانة السفيه والمجنون والطفل والعبد ...
الخارج كاب وفقيه ومدرس ومسؤول وحاكم ...يترصدون خطواتك منذ ولادتك . هم لايملكون متسعا من العقل والحكمة والفكر لذلك لا يعرفون أسلوبا أخر لتنشئتك غير أسلوب التخويف بالله والشياطين والجن والوحوش الكاسرة وبالمعتقلات والتعذيب والزي الأمني وما يحمله من مسدسات ...ولكي تقوم أمك بهذه المهام كواجب ثقيل وهي تشعر بالفخر والاعتزاز أنها تربيك أحسن تربية عليها أن تكون أمية جاهلة روضها الخوف والقهر فصارت قناة لتمرير كل الازبال والأمراض والتعفنات الذهنية والعقلية والنفسية . فليس أمامك إلا سخط الوالدين والحاكم والله ولكي تنال رضا هؤلاء عليك ألا تكون ولا تصير إلا ما هو مقدر عليك في اللوح المحفوظ و قسمة الأرزاق . تحكم أمك إغلاق الداخل بعاطفة الأمومة التي تبتلعها دون توقف فأنت فم شره وبطن شدت أوتاره على إيقاع ما لذ وطاب من أكلات الأم الحنونة . مع كل خطوة ترسمها في الحياة تدرك انك مطالب في كل منعرج بدفن ذاتك وسيرتها وتقوم بتزوير تجربتك الوجودية والحياتية . ما أجملك وأنت مجرد شاهد زور ومنشطر الشخصية الى درجة الانفصام . أو قل صرت مجرد شاهدة قبر لذاتك . تستغرب هذا العذاب الأبدي في تجاوز محنة سيزيف ..فأنت تحمل قبرا لا صخرة تحنط فيه ذاتك . حرفتك الكذب والنفاق وأنت لا ترى العيب في كل ذلك فقد علموك أن تتستر وتأتي ما تشاء من الرذائل والفواحش ..أن تكون الإنسان الستير لا الإنسان الفكير . الستر فضيلة ودعاء يحبه الله والمؤمنون ( وإذا ابتليتم فاستتروا ) .أن لاترى الحياة والآخرين والعالم إلا من زاوية الخوف هي ذي نظرتك . لذلك أنت مهووس بالستر والحجاب خوفا من التحول والتغيير والصيرورة حلمك أن تستقر الأوضاع ولو كانت ظروف الحياة قاسية تطحنك وتمسخ أدميتك في وضع ما دون البشر . ومع الأيام تكتشف جدل الظاهر والباطن وان باطنك متعفن وقذر تسكنه النزوات والرغبات والشهوات انه الحرام ..ما أتعسك وأنت مطالب بقتل طاقاتك وقدراتك ومهاراتك . أو أن تتحايل بذكاء من تدبير الحال في الغش والكذب والنهب والسرقة والسطو ...المهم هو أن تكون صورتك المجتمعية ناصعة البياض ومؤطرة بالسنة والإجماع ومزينة بآيات الكرسي وما تبقى من العمر الأخير لخطبة الوداع على جبل عرفة .فأنت القدوة والأسوة الحسنة بحروف على الألسن وصلوات تؤدى بحكم العادة .يسكنك الخوف من نفسك تناصرها العداء والحقد وتحملها مسؤولية أخطائك وفشلك في الحياة .فأنت تعودت على قراءة النكسات والعثرات بمنطق الشعور بالذنب وما يولده من تأثيم الذات وجلدها دون رحمة . لا تقرا تجربتك الحياتية بمنطق العقل والخبرة والتراكم والاستيعاب النقدي بل ترى في كل كبوة لعنة خفية ضد جرأتك الفردية والذاتية ضد رموز الخوف الوالدين والحاكم والله ...انه الاجتياف العميق للسخط والغضب واللعنة ...هكذا هي مصائب ومشاكل الحياة في نظرك فتدور في دائرة الخوف والقلق واليأس والاضطراب ...وأنت لا تقوى على النهوض عندها تصير جثة تنتظر الدفن والحساب العسير . ترميك جهنم لأختها التخلف والتسلط والقهر والتهميش والإقصاء ..المرض والاختلالات والاضطرابات النفسية والذهنية ..شعلة من الانفعال والغضب والتوترات العنيفة المسربلة بالعدوانية .تنظر إلى البيوت الواطئة المنكفئة على نفسها وقد حرمت من نوافذ نحو الخارج فغرفها تطل إلى داخل الفناء الداخلي . وفجأة تنظر إلى منازلهم وقصورهم ذات النوافذ الواسعة وكيف تتنفس منازلهم بعمق فيدركك الاختناق وأنت القبر في قبر الحياة . تكتشف بفرح عارم جدل الانغلاق والانفتاح . لكن تلتفت يمينا ويسارا لان شيئا في داخلك نهرك .انه الخوف الذي استبطنته في أعماقك .لا يحق لك أن تفكر وتسال بل أن تحفظ الإجابات عن ظهر قلب . الحياة كما علموك هي أن تعرف اكبر عدد من الإجابات . أما الأسئلة فهي وكر للشيطان والضياع والتيه والضلال . أن تشك معناه أن تعبر عن رأيك بدافع شيطاني في التخلي عن الجواب الجاهز المقدس في مصحف عثمان كما يقول علماء الدين الذين يملكون بنكا مسلما وأرصدته مثلما يملكون جبلا مسلما ومغفرته . أو في حديث لابن هريرة ..انه اليقين المطرز بالقداسة . أن تسال معناه أن تستعيد بصرك وتفقد ذاكرتك القديمة لتولد من رحم شيطان العقل والعلم والنقد حيث تدفعك شهوة اللمس بالعين إلى حفر جهنم ..إنها أجوبة القداسة التي تهيئك للعالم الأخر .فمرورك سريع في هذه الدار العاجلة .لايملون من العزف أين هم الأغنياء.. أين ثرواتهم.. أين فلان ...فصرت لا تعرف الزمان إلا من خلال سؤال المكان أو قل يغيبك المكان في مرجل الزمان .فتطحنك الحياة فقيرا ..عاطلا ..عاملا ..موظفا مقهورا ...وأنت ترى أكثر من نصف شعبك يحمل علامات النبوة ..إنهم أميون . وسرعان ما يحفظون بعض الآيات والأحاديث من نواذر الجاحظ . يطلقون لحاهم وتجحظ عيونهم وينتشرون في الأحياء دون سابق إنذار ويمرون بسرعة إلى إعلان إسلامهم وأنت تستغرب وتخشى الاقتراب من السؤال ( وهل نحن كفرة حتى يعلنوا علينا إسلامهم ) هؤلاء الأنبياء الجدد تعرفهم واحدا واحدا...تذكر الكثير من أصدقائك الذين لفظتهم المدارس وابتلعتهم وزارة الداخلية كخدامها الأوفياء في وقت كانت تطلب المزيد لكن عندما تشبعت على مر السنين تحول اغلب المتسربين من المدارس إلى تجار دين بالتقسيط .وظلت الأسئلة المغيبة تحضر باستمرار . وأنت تردد في دواخلك = أن تسال معناه أن تكون ..أن ترى الأشياء التي غيبتها الإجابات . أن تعترض ..أن تناقش ..تشارك وترفض .أن تفكر وتحلم . أن تعيش الحياة كما تريد وتختار وتفعل وتدرك روعة أن تقول لا..لا..لا.والأجمل أن ترى الخوف وهو أهون من بيت العنكبوت يحزم أمتعته ويرحل..وتبتسم بسخرية لظل الله في الأرض وهو يحاكم أو يرحل.....



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقف المعارضة العربية


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - الكينونة والعدم