أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لغز الطاقة الشمسية














المزيد.....

لغز الطاقة الشمسية


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 09:12
المحور: الطب , والعلوم
    


في المقالة السابقة، بينّا كيف يتكون النجم البدائي Protostar، وأنهينا المقالة بالقول إنه عندما تصل درجة حرارة قلب النجم البدائي إلى حوالي أربعة عشر مليون درجة مطلقة (كلفن)، يبدأ ما يسمى الاحتراق النووي للهيدروجين على نطاق القلب كله، محولاً النجم البدائي غير المستقر (المنهار) إلى نجم مستقر ساطع، حيث إن ضغط الغاز والضوء يصل حداً بفعل الاحتراق النووي يفلح عنده في إيقاف انهيار النجم البدائي.



ولكن كيف توصل العلماء إلى فكرة أن الاحتراق النووي للهيدروجين هو المسؤول عن استقرار النجوم وعن هذا الفيض الهائل من الطاقة الذي تبثه النجوم عبر مليارات السنين؟ ولنأخذ الشمس أنموذجاً للنجوم، بالنظر إلى قربها النسبي منّا. ولنبدأ بذكر أهم خصائص الشمس.



يبلغ قطر الشمس حوالي 1.29 مليون كيلومتر، أي 108 مرة قدر قطر الأرض. أما كتلتها فتبلغ حوالي ألفي مليار مليار مليار كيلوغرام، أي حوالي ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ألف مرة قدر كتلة الأرض. وتبلغ درجة حرارة سطح الشمس خمسة آلاف وسبعمائة وثمانين درجة مطلقة (كلفن). أما درجة سطوع الشمس، أي مقدار الطاقة التي تبثها الشمس في الثانية الواحدة، فتبلغ حوالي ثلث مليار مليار مليار واط. ويقدّر عمر الشمس بحوالي خمسة مليارات سنة. وينسجم هذا التقدير مع القياسات المباشرة التي تمت لعمر الصخور على سطحي الأرض والقمر. إذ يبلغ عمر أقدم صخور على الأرض حوالي 3.8 مليار سنة. أما نظيرتها على القمر فتبلغ حوالي 4.3 مليار عام. ويبلغ عمر النيازك والصخور القادمة من الشريط الواقع بين المريخ والمشتري 4.5مليار عام. أما الحياة على سطح الأرض فيبلغ عمرها 3.5 مليار عام. ومن المعلوم أن الشمس هي كتلة هائلة من الغاز. لكنها مع ذلك عديمة الشفافية وضعيفة النفاذية للضوء بفعل كثافتها العالية. فالضوء المنطلق من قلبها يأخذ وقتا طويلا جداً (مليون عام في المتوسط) حتى يصل إلى السطح ويخرج من إطارها.



ما سرّ هذه الطاقة الهائلة التي تدلّ البينات على أنها استمرت بالتدفق من الشمس بهذا المعدل الهائل المذكور أعلاه لمدة خمسة مليارات عام؟ هذا هو اللغز المحير الذي بدأ يجابه العلماء منذ القرن التاسع عشر. وكانت أول محاولة جدية لتفسير هذا اللغز هي تلك التي وضعها الفيزيائي الإنجليزي اللورد كلفن والفيزيائي الألماني هرمان فون هيلمهولتز في الستينيات من القرن الماضي. وارتكزت تلك المحاولة إلى الافتراض بأن المصدر الوحيد لهذه الطاقة هو المجال الجاذبي للشمس، أي إن هذه الطاقة هي نتاج تحول الجاذبية إلى حرارة. فمع انكماش الشمس تتحول طاقة الوضع الجاذبية لجزيئات الغاز المكون للشمس إلى طاقة حركة، يتمظهر ازديادها على صورة ارتفاع في درجة حرارة الغاز. ويمكن لهذا الانكماش (الانهيار) الجاذبي أن يرفع درجة حرارة قلب الشمس إلى أربعين مليون درجة مطلقة (كلفن). وعلى هذا الأساس، فإن الشمس تنكمش باستمرار لكي تعوض عن الحرارة التي تفقدها باستمرار لمحيطها. وقد حسب كلفن وهيلمهولتز معدل الانكماش اللازم لإنتاج ما تفقده الشمس من طاقة (ثلث مليار مليار مليار واط، كما أسلفنا)، فوجدا أنه يساوي حوالي عشرين متراً في السنة. ثم حسبا عمر الشمس على هذا الأساس، فوجدا أنه يبلغ مائة مليون سنة. وإعتبرا هذا العمر معقولاً في ضوء المعلومات التي كانت متوافرة آنذاك. وبصورة عامة، فقد رضي علماء ذلك العصر بهذا التفسير وإعتبروه معقولاً. لكنه أخذ يتهاوى بصورة متسارعة في مطلع القرن العشرين، حين بدأ يتبين للعلماء أن صخور الأرض أقدم بعدة مرات من هذا العمر المزعوم للشمس . وبدأوا يدركون أنه لا يمكن أن تكون الجاذبية المصدر الوحيد لطاقة الشمس. فلا بد أن يكون هناك مصدر آخر لهذا الفيض الهائل من الطاقة المنبعثة، ولا بد أن يفوق هذا المصدر الجاذبية قدرة بكثير. لكن اكتشاف هذا المصدر استلزم التطورات الكبيرة التي شهدتها الفيزياء في النصف الأول من القرن العشرين، وفي مقدمتها اكتشاف تركيب الذرات ومكوناتها ، وبناء نظرية النسبية، وبناء ميكانيك الكم (الكونتم) ، واكتشاف النيوترون، واكتشاف القوة النووية القوية وقانونها ، ومعرفة آليات التفاعلات النووية، وإكتشاف حقيقة أن الهيدروجين هو العنصر الطاغي في مادة الشمس والنجوم.


وكانت أول خطوة رئيسية على درب معرفة المصدر الرئيسي لطاقة الشمس هي تلك التي خطاها الفلكي البريطاني الكبير السابق ذكره، السير آرثر إذنغتون ، عام 1926 ارتكازاً إلى معادلة آينشتاين المشهورة التي تربط الكتلة بالطاقة(E=mc2). وهي المعادلة التي تعبر عن إمكانية تحويل الكتلة إلى طاقة والعكس بالعكس. إذ لاحظ إدنغتون أن كتلة ذرة الهيليوم أقل قليلاً من مجموع كتل مكوناتها المنفردة (أربع ذرات هيدروجين) . وعزا هذا النقص إلى تحول جزء صغير من كتلة مكوناتها الى فيض من الطاقة عند التحامها معاً لتشكيل الهيليوم. ووجد أن هذا النقص يساوي حوالي سبعة أجزاء بالألف من كتلة ذرة الهيليوم. وعليه، فإذا تسنى تحويل أربع ذرات هيدروجين إلى ذرة هيليوم، حصلنا على طاقة هائلة من فرق الكتلة. ويمكن الحصول على إشعاعية الشمس الفعلية بتحويل ستمائة مليار كيلوغرام من الهيدروجين إلى هيليوم في الثانية الواحدة . وقد يبدو هذا الرقم خياليا، لكنه في الواقع لا يتعدى ثلثاً في المليار مليار من كتلة الشمس . وعليه، فإذا افترضنا أن الشمس في جلها مكونة من الهيدروجين، يكون في مقدورها أن تسطع بهذه الإشعاعية العالية لمدة مائة مليار عام. بذلك يكون إدنغتون قد أعطى تفسيراً مقنعاً لطاقة الشمس في ضوء عمرها المديد. لكن إدنغتون لم يجب عن سؤالين كبيرين أثارتهما فرضيته ، وهما: (1) هل يمكن اعتبار الهيدروجين العنصر الطاغي في الشمس؟ (2) هل يمكن حدوث الاحتراق النووي للهيدروجين في باطن النجم ، وكيف يتم هذا الاحتراق إذا كان حدوثه ممكنا؟ وسنعالج الإجابات عن هذين السؤالين في المقالة القادمة.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادىء النسبية العامة
- النجوم والأقزام البنية
- قانون المجال الجاذبي النيوتني
- التصور المجالي لجاذبية نيوتن
- ماخ بلغة آينشتاين
- حوار فلسفي
- كيف نلغي الجاذبية
- هل يمكن أن يتوقف الزمن؟
- انحناء الضوء بفعل الجاذبية
- هندسة إقليدس
- الهندسة اللاإقليدية
- لغز عطارد بين نيوتن وآينشتاين
- كون آينشتاين
- لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟
- هندسة غاوس
- جاذبية نيوتن
- العقل من أجل الثورة
- من نسبية غاليليو إلى نسبية آينشتاين
- الزمكان المنحني
- جولة في الزمكان


المزيد.....




- “Huawei P60 Pro: الرفاهية والتقنية في جهاز واحد – تجربة لا م ...
- -بوليتيكو-: الولايات المتحدة لم تتعلم الدروس من جائحة كورونا ...
- باستثناء سرطان الدم.. الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية ...
- بأعلى جودة استقبل تردد قناة سبيستون للأطفال على القمر الصناع ...
- من هو الطبيب عدنان البرش أشهر جراحي غزة الذي توفي في أحد سجو ...
- “شيكو سرق فستان لولو!!”.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 wanasa ...
- المناطق السياحية في أذربيجان.. بين الطبيعة والوجهات العلاجية ...
- الجيش الأوكراني يجند المصابين بالإيدز والسرطان في صفوفه
- فرنسا: الشرطة تفض تجمعا لناشطين مؤيدين للفلسطينيين بمعهد الع ...
- يوهانس هان: أوروبا تتوسع في الاستثمار بالابتكار والتكنولوجيا ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لغز الطاقة الشمسية