أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - هندسة غاوس














المزيد.....

هندسة غاوس


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 18:14
المحور: الطب , والعلوم
    


كان الظن السائد قبل غاوس ولوباتشفسكي وبلياي أن النظام الهندسي الإقليدي هو النظام الهندسي الوحيد الممكن، ومن ثم أنه يمثل نوعاً من الحقيقة المطلقة التي تنطبق في كل مكان وزمان وعلى جميع الصعد. واعتبر انصياع الأحداث المادية والعلاقات المكانية الفعلية لقواعد هندسة إقليدس مسلمة أساسية لا يرقى إليها الشك. وبلغ الأمر بالفيلسوف الألماني كانط أن اعتبر هندسة إقليدس ركنا جوهريا من العقل يسقطه العقل ويسلطه على مادة الحس الخام، فيجبلها به على شاكلته ومثاله. لذلك جاء اكتشاف الهندسة اللاإقليدية كوقع الصاعقة على الوسط العلمي الأوروبي، حيث إنه أزال هالة القدسية عن هندسة إقليدس وحوّل الأمر من مسألة منطقية فلسفية إلى مسألة فيزيائية. إذ برز سؤال جديد في علم القرن التاسع عشر، وهو: أي نمط من أنماط الهندسة ينطبق على الأحداث المادية والعلاقات المكانية؟ وهو سؤال فيزيائي في المقام الأول، حيث إنه لا يبت فيه بالمنطق الرياضي وحده، وإنما بالتجربة الفيزيائية والقياس الفيزيائي في المقام الأول. وبالفعل، فقد أجرى غاوس وبعض فلكيي القرن التاسع عشر قياسات وتجارب لهذا الغرض، لكنها أخفقت جميعاً بالنظر إلى القصر النسبي للمسافات التي قيست وإلى النقص النسبي في دقة الأساليب التي استعملت في عملية القياس. لكن السؤال ظل قائماً يلح على عقول الرياضيين والفيزيائيين.



وكان الفضل الأكبر في تطوير الهندسة اللاإقليدية ووضعها في صيغة معممة قابلة للتطبيق على الطبيعة للرياضي الألماني غيورغ برنهارت ريمان، تلميذ غاوس الذي كان يكبره غاوس بحوالي خمسين عاماً. وقد طوّر ريمان الهندسة اللاإقليدية في اتجاهين. فهو من جهة استطاع أن يطوّر نظاماً هندسيا بافتراض أنه ليس هناك خطوط مستقيمة موازية لبعضها، بمعنى أن جميع الخطوط المستقيمة تلتقي إذا امتدّت لمسافات محدودة. وهو عكس الافتراض الذي وضعه غاوس ولوباتشفسكي وبلياي. ومن جهة أخرى، فقد طوّر ريمان فكرة بارعة لغاوس تتعلق بطبيعة السطوح في الفضاء الثلاثي الأبعاد. ومفاد هذه الفكرة أنه يمكن معالجة هذه السطوح بدلالة خصائصها الذاتية، وليس بالضرورة بدلالة الفضاء الثلاثي الأبعاد المنغرسة فيه. ومعنى ذلك أنه يمكن دراسة سطح من هذه السطوح بدراسة خصائص الأشكال الهندسية المرسومة عليه وعلائقها المكانية. فإذا فعلنا ذلك، تبين لدينا أن جلّ السطوح لا تطيع هندسة إقليدس، وإنما تطيع أنواعاً مختلفة من الهندسة اللاإقليدية. هناك بالطبع سطوح تطيع قواعد الهندسة الإقليدية، كالسطح المستوي مثلاً، لكن جلها لا يطيعها. وعلى سبيل المثال، فإن الخطوط المستقيمة على السطح المستوي تطيع مصادرة التوازي. أي، إذا رسمنا خطا مستقيما على هذا السطح وحددنا نقطة لا تقع على الخط المستقيم، فإن هناك خطا مستقيماً واحداً فقط يمر في النقطة ويكون موازيا للخط الأول، بمعنى لا يلتقيه مهما امتد الخطان. كذلك، فإذا رسمنا مثلثاً، وجدنا أن مجموع زواياه يساوي مائة وثمانين درجة بغض النظر عن شكل المثلث أو مساحته. وإذا رسمنا دائرة عليه، وجدنا أن نسبة محيط الدائرة إلى قطرها تساوي دائماً الرقم “باي” بغض النظر عن مساحة الدائرة.



والآن، لنأخذ سطح كرة وندرس طبيعته بدراسة الأشكال المرسومة عليه. وبالطبع، فإنه لا يمكن البتة أن نرسم خطا مستقيما بالمعنى الإقليدي عليه. ولكن، إذا عممنا تعريف الخط المستقيم بحيث أضحى يعني أقصر مسافة بين نقطتين، كانت الخطوط المستقيمة على سطح كرة هي الدوائر الكبرى، أي تلك التي تساوي أقطارها قطر الكرة نفسها. والآن، إذا رسمنا دائرة كبرى وحددنا نقطة خارجها على سطح الكرة، وجدنا أنه ليس هناك دائرة كبرى تمر في النقطة لا تتقاطع مع الدائرة الأولى أو تلتقيها. وهذا يعني أن سطح الكرة لا يطيع مصادرة التوازي، ومن ثم لا يطيع قواعد هندسة إقليدس. كذلك، فإن رسمنا مثلثا على سطح الكرة، وجدنا أن مجموع زواياه تنوف على مائة وثمانين درجة، وأن هذا المجموع يزداد بازدياد مساحة المثلث. وإذا رسمنا دائرة حول مركز محدد على السطح الكروي، وجدنا أن نسبة محيط الدائرة إلى قطرها يقل عن الرقم “باي”، بعكس حال الدوائر المرسومة على سطح مستو والتي تطيع قواعد هندسة إقليدس. كذلك، فإن محيط الدائرة يقترب من الصفر إذ يقترب قطر الدائرة من محيط الدوائر الكبرى. ومعنى ذلك أن زيادة قطر الدائرة المرسومة على السطح الكروي لا تعني الزيادة في محيطها، وإنما تعني اقتراب محيطها من الصفر. وهذه الخصائص جميعا لا تنصاع إلى قواعد الهندسة الإقليدية، وإنما تعارضها وتبدو غريبة وعجيبة من منظورها. ويمكن أن نستنتج درجة انحناء السطح الكروي (أي نصف قطره) من دراسة الأشكال المرسومة عليه وعلائقها المكانية من دون الإشارة إلى المكان الثلاثي الأبعاد الذي ينغرس فيه السطح الكروي. وهذا يشير إلى أن كل سطح يمثل فضاء ثنائي البعد قائماً في ذاته ومتكاملاً من الناحية الهندسية.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاذبية نيوتن
- العقل من أجل الثورة
- من نسبية غاليليو إلى نسبية آينشتاين
- الزمكان المنحني
- جولة في الزمكان
- حياة المادة في الزمكان
- جدل الوجود والعدم في الفيزياء
- الثورة الدائمة في الوطن العربي
- الجمعية الفلكية الأردنية
- كيف ركب آينشتاين نظرية النسبية ؟
- أزمة الفيزياء الحديثة
- البحث عن الزمن التائه (سيرة ذاتية فلسفية)
- تعقيب على ورق د. أومليل حول العولمة
- حول كتاب “القفز بلا أقدام” لجلال فاخوري
- مغزى ثورة أكتوبر
- من الفلسفة إلى الثورة
- ما الإنسان؟
- فلسفة الثورة: من فويرباخ إلى ماركس
- تفكيك العقل بالعقل
- الحداثة وما بعد الحداثة


المزيد.....




- الشاي السيرلانكي مقابل التكنولوجيا الايرانية
- هل تنتقل المواجهات النووية إلى الفضاء؟.. وما خطورة نظام النب ...
- شاهد: ارتفاع قياسي في مستويات المياه تزامنًا مع فيضانات تضرب ...
- ريابكوف: روسيا تعد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لمنع س ...
- كيف أثر التغير المناخي على شدة أمطار الإمارات وعُمان؟ دراسة ...
- الرواد الروس يخرجون بأول مهمة إلى الفضاء المفتوح لهذا العام ...
- انفجار هائل يغطّي مجرّة بأكملها.. تبعد عنا 12 مليون سنة ضوئي ...
- مشاحنات روسية أميركية بمجلس الأمن بشأن تسليح الفضاء
- الإمارات: حالات -محدودة- مرضت بسبب التأثر بالمياه الناجمة عن ...
- بوتين: النجاح في ساحة المعركة يعتمد على السرعة في حل المشكلا ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - هندسة غاوس