أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟














المزيد.....

لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 18:03
المحور: الطب , والعلوم
    


لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟ أي، لماذا تستقر الشمس من دون انهيار ولا انفجار لمليارات السنين، ذلك الاستقرار الذي لولاه لما كان الوقت كافيا لنشوء الحياة، والحياة العاقلة تحديداً، على سطح الأرض؟ ويقودنا هذا السؤال إلى السؤال الإجرائي الآتي: كيف نتعامل مع كتلة غازية ضخمة من الهيدروجين والهيليوم تتكثف ثم تنهار ثم تستقر لفترة طويلة لكي تعود إلى الانهيار بعد ذلك، تحت تأثير جاذبيتها الذاتية؟



لقد نجحت فيزياء القرن العشرين أيما نجاح في معالجة ظاهرة الشمس وغيرها من النظم النجمية، تلك الظاهرة الكونية التي طالما أرقت العقول وسحرت القلوب. إذ توصل العلم الحديث إلى تحديد مصادر النجوم (مادتها الخام)، ومصادر طاقتها الهائلة، وآليات تكونها واستقرارها وديمومتها وانهيارها ومواتها، ومآلها، وآليات انتقال الطاقة فيها، وأطياف كتلها الممكنة. بذلك أوصلنا العلم الحديث إلى فهم دقيق وعميق وكامل تقريبا لظاهرة النجوم، باستثناء بعض التفصيلات، محققا انتصاراً للعقل البشري قلّ نظيره في التاريخ. فهذه الظاهرة التي حيرت أعتى العقول على مدار التاريخ ومنذ نشوء الإنسان على الأرض، وجدت أخيراً حلها المقنع في فيزياء القرن العشرين. إنه لانتصار عظيم للعقل البشري يؤكد قيمة العلم وقيمة الإنسان وقدراته الخلاقة العاتية.



هناك العديد من الدلائل الجيولوجية والفلكية التي تدل على أن الشمس لم تتغير بصورة بنيوية ملموسة لمليارات السنين وأنها سوف تظل كذلك لمليارات السنين القادمة. وأساس هذا الاستقرار المكين، وفق فيزياء القرن العشرين، هو التوازن بين قوتين: قوة الانهيار الجاذبي التي تدفع مادة الشمس صوب مركزها، وقوة ضغط الغاز التي تدفعها بعيداً عن المركز. فإذا تدبرنا وحدة كتلة من مادة الشمس على بعد معين من مركزها، وجدنا أن قوة الجاذبية المؤثرة عليها صوب المركز تتناسب طرديا مع الكتلة المحتواة ضمن الغشاء الكروي عند هذا البعد، وعكسيا مع مربع هذا البعد. إذ سبق وبين نيوتن أن جسيماً مزروعاً داخل كرة من المادة لا يتأثر بالحلقات الكروية للمادة الواقعة فوقه، وإنما فقط بتلك الواقعة تحته، والتي تؤثر عليه وكأنها جميعاً مركزة في المركز.



أما قوة ضغط الغاز، فهي في المحصلة تؤثر على الكتل المكونة للشمس صوب الخارج وتعتمد على انحدار الضغط، أي معدلّ تغيره مع البعد عن المركز. وهناك ثلاثة مصادر لهذه القوة. هناك أولاً الحرارة التي تزيد سرع الجزيئات المكونة لمادة الشمس، ومن ثم ضغط الغاز المكون منها. وتنتج هذه الحرارة بصورة أساسية من التفاعلات النووية في قلب الشمس، كما أسلفنا في مقالات سابقة. وتنبع نسبة صغيرة منها من تحول طاقة الوضع الجاذبي لمادة الشمس إلى طاقة حرارية بفعل انهيارها الجاذبي.

أما المصدر الثاني لقوة ضغط الغاز فهو الإلكترونات، أو الغاز الإلكتروني. فالإلكترونات لها خاصية موجية بالإضافة إلى خاصيتها الجسيمية. فإذا وصل متوسط المسافة بين إلكترون وآخر، بفعل ارتفاع كثافة المادة، حداً قريبا من طول الموجة الإلكترونية، أخذ الغاز الإلكتروني يؤثر بضغط كبير يقاوم الانهيار الجاذبي للمادة، وازداد هذا الضغط بازدياد كثافة المادة من دون ارتفاع في درجة الحرارة. وهذا الضغط الإلكتروني هو المسؤول عن استقرار نمط من النجوم العالية الكثافة المسماة الأقزام البيضاء، وهي الحالة التي سوف تؤول إليها شمسنا بعد ما ينوف على خمسة مليارات عام. وهو مسؤول أيضا عن استقرار ما يسمى الأقزام البنية التي تقل كتلها عن ثمانية بالمائة من كتلة الشمس، والتي عجزت عن التحول إلى نجوم ساطعة بفعل الاحتراق النووي.



أما المصدر الثالث لقوة الضغط، فهو النيوترونات أو الغاز النيوتروني. فهذا الغاز أيضا يبدأ يؤثر بضغط هائل معاكس للانهيار الجاذبي إذا وصل متوسط المسافة بين النيوترونات حداً قريبا من طول موجة النيوترون. وهو يزداد بازدياد كثافة المادة. وهو الضغط المسؤول عما يسمى النجوم النيوترونية الهائلة الكثافة والتي تتبدى أحيانا على صورة نوابض Pulsars تبث أمواجاً راديوية بانتظام مذهل.



وإذا تساوت قوة الانهيار الجاذبي لكل حلقة من حلقات النجم مع قوة ضغط الغاز، استقر النجم وظل مستقراً ما ظلت القوتان متساويتين، أي ما ظل مصدر قوة ضغط الغاز فاعلاً. فالنجم يظل مستقراً وساطعاً ما ظل التفاعل النووي في قلبه قائماً يزود جزيئات الغاز بالطاقة الحرارية. كذلك، فإن القزم الأبيض يظل مستقراً لمليارات مليارات السنين بفعل التوازن المستديم بين القوتين، ولأن قوة الانهيار الجاذبي لا تكون قادرة على التغلب على ضغط الإلكترونات. وكذلك الحال مع النجم الإلكتروني الذي تعجز قوة الانهيار فيه عن التغلب على ضغط النيوترونات.



لكن العالم الهندي تشاندراسيكار بين عام 1930 أنه إذا زادت كتلة قلب النجم عن حد معين، يعجز ضغط الإلكترونات والنيوترونات عن التغلب على قوة الانهيار الجاذبي، ومن ثم يستمر هذا القلب بالانهيار الجاذبي، فلا يستقر أبداً، وإنما تستمر المادة بالانهيار حتى تتحول إلى نقطة منفردة Singularity، مخلفة وراءها كرة من المجال الجاذبي الهائل،، وهي الحالة التي أخذت تعرف بالثقب الأسود منذ عام 1968.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هندسة غاوس
- جاذبية نيوتن
- العقل من أجل الثورة
- من نسبية غاليليو إلى نسبية آينشتاين
- الزمكان المنحني
- جولة في الزمكان
- حياة المادة في الزمكان
- جدل الوجود والعدم في الفيزياء
- الثورة الدائمة في الوطن العربي
- الجمعية الفلكية الأردنية
- كيف ركب آينشتاين نظرية النسبية ؟
- أزمة الفيزياء الحديثة
- البحث عن الزمن التائه (سيرة ذاتية فلسفية)
- تعقيب على ورق د. أومليل حول العولمة
- حول كتاب “القفز بلا أقدام” لجلال فاخوري
- مغزى ثورة أكتوبر
- من الفلسفة إلى الثورة
- ما الإنسان؟
- فلسفة الثورة: من فويرباخ إلى ماركس
- تفكيك العقل بالعقل


المزيد.....




- أجمل أغاني لولو والنونو.. استقبل الان تردد قناة وناسة أطفال ...
- نزلها الأن ..تردد قناة بداية 2024 عبر القمر الصناعي نايل سات ...
- الإمارات.. منازل وطرقات مغمورة بالمياه جراء أسبوع قياسي من ا ...
- سواء كان رملًا أو ثلجًا أو صخورًا.. ناسا تدرب كلبًا آليًا لا ...
- معضلة تناول الإعلام الألماني لليمين الشعبوي: التجاهل أم التع ...
- ناسا تحقق اكتشافا على المريخ قد يكون علامة على وجود -كائنات ...
- -ستوكس 600- عند أعلى مستوى في أسبوع بدعم من أسهم التكنولوجيا ...
- أب عراقي يشتكي شركة نفط بريطانية بعد وفاة ابنه بسرطان الدم
- حبوب منع حمل ذكورية.. هل يُقبل الرجال عليها؟
- تراجع أرباح الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال 21% في 2023 ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟