أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الحمّار - حتى يكون الإعلام في خدمة الأقلام














المزيد.....

حتى يكون الإعلام في خدمة الأقلام


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 23:09
المحور: الصحافة والاعلام
    


ليست "حرية التفكير" هي "حرية التعبير". كما أنه ليس هنالك علاقة سببية بين الديمقراطية و"حرية التفكير"، بل العلاقة قائمة بين الديمقراطية و"حرية التعبير". وإلا فسوف نقول إن في تونس اليوم وفي مصر اليوم وفي ليبيا وفي العراق ، أين نسجل تقدما نسبيا تتغير نسبته حسب ظروف كل بلد في إرساء حياة ديمقراطية، هنالك ممارسة لحرية التفكير.

في الواقع ما من شك في أن هذه البلدان تتمتع بأكثر حرية في "التعبير" لكن هذا لا يعني أن "تفكير" شعوبها حر. فحرية التعبير شيء وحرية التفكير شيء آخر بالرغم من العلاقة التكاملية بينهما. لنرَ كيف يلعب الإعلام دورا سلبيا في ترقي الشعب إلى مستوياتٍ مرموقة من التفكير الحر.

لقد حاولتُ التأكد من المفارقة المرَضية مرارا عديدة وثبت لديّ أنّ نوعية النص الذي تأبى جُل الصحف التونسية نشره يتعلق بالضبط بكل محاولة لتجديد آليات التفكير باتجاه التحرر. فإما أن ينشر لك مقال في صحيفةٍ ذات توجه عروبي بعنوان أنه يستبطن روحا عروبية، وإما أن ينشر آخر في صحيفة ذات توجه إسلامي بعنوان أنه متشبع بروح إسلامية؛ وإما أن يُقبل آخر لأنّ الناشر العروبي يرتئي أن في النص نقد لموقف إسلامي، أو يُقبل آخر لأن الناشر الإسلامي يرتئي أن في النص نقد لموقف عروبي؛ أو على أنّ المقالة لم ترُق للناشر الإسلامي بدعوى أن فيها نقد علماني لموقف ديني، أو على أنّ المقالة لم ترُق للناشر العلماني بدعوى أنها تحتوي على نقد ديني لموقف علماني؛ أو على أن المقالة لم ترُق للناشر المتحزب بدعوى أنها تحتوي على نقد حزبي معيّن لموقف حزب الناشر؛ وهلم جرا.

بينما لا الكاتب ولا الناشر ولا جهاز الإعلام، ولا الصحيفة ولا قراءها، ولا الإذاعة ولا مستمعيها، ولا التلفزيون ولا مشاهديه، فاهمون أن الثورة تعني تذويب مفاهيم مثل العروبة والإسلامية والعلمانية واليمين واليسار، وغيرها مما لم ينفع قبل الثورة، في بعضها البعض، ومن ثمة تشكيل مفاهيم مستحدثة تتماشى مع المسار الثوري وأهداف الثورة.

فهل نحن في تونس قمنا بثورة لكي نحرر التعبير وفي الوقت نفسه لكي نكبّل التفكير لكأنّ الثورة كانت صكا متأخرَ الدفع مقابل حرية تفكير تم استهلاكها بعدُ بدعوى أنها هي التي أدت إلى الثورة؟ ثم هل المطلوب أن يبقى بلد عربي بلا ثورة لكي تكون صحُفه مواكِبة للتجربة الفكرية التحررية؟

إن الجواب لا يتعلق بطبيعة ما يحصل في تونس أو بطبيعة المجتمعات الشقيقة التي لم تثر على أنظمتها. إنما يتعلق الجواب بالخلط الخطير بين حرية التعبير وحرية التفكير، وأيضا في غياب المزاوجة بينهما. كيف ذلك؟

يقول قائل إنّ متطلبات سياسة النشر والخط التحريري لكل جهاز إعلامي هي التي تؤْثر ممارسة الحجب على المادة الفكرية التي لا تتماشى معها، وبالتالي فإن هذه الممارسة الغريبة تُحسب على أنها أمر عادي لا يستدعي الاستنكار. لكن في هاته الحالة أتساءل: هل الكاتب العربي مسؤول عن تثقيف القراء بخصوص حرية التفكير وآلياتها و في الوقت نفسه مسؤول عن سياسة النشر إن ثبت، كما ثبت أعلاه، أنها لا تلبي حاجيات الفكر الحر بما فيها حاجيات الكُتاب والقراء؟
طبعا ليس الكاتب ولا القارئ بحاجة لمثل هذا التحديد في حرية التعبير طالما أنه تحديد لحرية التفكير، حارمٌ المواهب والملكات المتعلقة بهذه الحرية من التفتق والارتقاء. إذن فتعاملُ بعض أجهزة الإعلام مع الأقلام الحرة بهذه الطريقة ينم على ما يلي:

- أولا، على سوء تقدير لمفهوم حرية التفكير وعلى افتقار لممارستها.
- ثانيا، على اعتدادٍ سحري وغريب مفاده أنّ الإعلام هو قائد "الفكر والتفكير" بينما الإعلام من المفترض أن يكون قائدا لـ"الرأي" وذلك بشرط أن يكون الرأي آتٍ من عند خبراء في الفكر، بناءً على أنّ الفكر هو الضابط للرأي، وأيضا من عند الخبراء في القلم وفي بيداغوجيا التواصل والتبليغ.
- ثالثا، على خلط رهيب بين حرية الإعلام، التي هي من حق الإعلاميين والشعب، وحرية التفكير، التي هي عملية تربوية تستدعي طريقة ودُربة، والتي هي حق الجميع لكنها ليست من مشمولات الإعلام بل من مشمولات أصحاب القلم والفكر.

ثم إنّ موضوع "الإسلام" لوحده، كمادة فكرية متداخلة في الفكر العربي يستوجب صفحات طويلة لشرحه. فقط ندعو أجهزة الإعلام العربية إلى اعتباره مادة إعلامية وذلك بتخلصها من التبعية في تحديد السياسة النشرية إزاء هذا الموضوع. إذ إنّ ما يعتبره الإعلام الغربي المسيحي دعاية حزبية باسم الدين أو باسم الحزب السياسي إنما هو عند العرب من مرتكزات العقل. فتطبيق المبدأ الغربي على الإعلام العربي باتَ من باب المعاداة للعقل وللفكر. وذلك لسبب بسيط: إنّ عقل العرب في دينهم. وهل يعقل حجب المادة الدينية من الإعلام دون أن تعاق العقلانية العربية؟

بالنهاية يتأكد لدينا أنّ الإعلام مطالب بمجاراة الفكر الحر وبتعديل سياسات النشر والتحرير بمقتضى ما وصل إليه الفكر من منجزات ونتائج ومقاربات وآليات البحث عن الحقيقة تقطع شيئا فشيئا مع الفكر الواحد والرأي الواحد، لا بمقتضى التجاذبات الإيديولوجية والحزبية القبْلية للثورة، أو التبعية للغرب.

محمد الحمّار



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أية سياسة لمشروع الرقي العربي الإسلامي؟
- هل العرب قادرون على الفوز بمعركة البقاء دون إيديولوجيا؟
- تونس: كي يكون أداء حكومة -البارسا- عالميا
- العرب بين ديمقراطية الاستجداء وواجب الاعتلاء
- من لغة التشرذم إلى لغة التعميم بفضل إصلاح التعليم
- الإصلاح اللغوي مُضاد حيوي لفيروس التطرف
- هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟
- عقيدة الكلام للتحرر من الرجعية باسم الإسلام
- تصحيح المسار في باب اليمين واليسار
- تونس اليسار المؤمن: دعم ثورة الشعب بثورة الفكر
- العلمانية خادمٌ مُطيعٌ للإسلام، تُخصِب التربة لتأصيل الحداثة ...
- نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي، والحلّ هو الاج ...
- لكي تكون قمّة الوُجود العربيّ
- لا إسلامي ولا علماني، المواطن العربيّ سلوكُه إنساني وقانونُه ...
- لوحات من الفكر الديني المُجَدَّد: فهمُ الإسلام
- في تجديد الفكر الديني
- مقاومة التخلّف اللغوي بوّابة لانفتاح الحداثة على الإسلام
- الأُسُس النظرية للفهم المَيداني للإسلام*
- هل انقرض العرب ثقافيا من أجل أن يولدوا من جديد؟!
- المسلم المعاصر منارة علم ووَرَع وليس كوما من الإسمنت والهَلع


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الحمّار - حتى يكون الإعلام في خدمة الأقلام