أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟














المزيد.....

هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 17:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما زلت مُصرا على أنّ مجتمع مثل مجتمعنا التونسي ليس ناقص دين وإنما ناقص عقل. وإذا أردنا تحديد موقع الداء العقلي الذي يتألم منه المسلم بصفة كامنة ولاواعية فلا مفر من الحيرة بخصوص إيجاد اسم له. فالمحنة مستفحلة وضلت بلا تشخيص إلى درجة أن بقيت بلا اسم. بل إنّ العجز على إلحاقها اسميّا بمفاهيم ثقافتنا دليل على العسر في تشخيصها.

وتبرز العاهة اللقيطة من خلال الطريقة التي تتم بها الردود على إثر سلوك غير مسؤول يصدر عن الظلامية الدينية. فبقدر ما هنالك مشكلة في السلوك موضوع الاستنكار والتنديد، بقدر ما هنالك مشكلة في محتوى الرسالة نفسها وكذلك في منهجية إرسالها. فكل الردود تقريبا متجانسة إلى حدّ الاستنساخ، ممّا يبرهم على نقص رهيب في الخيال وفي التفكير وفي التشخيص وفي التعبير:

"لا بد من احترام مجلة الأحوال الشخصية وسائر مكتسبات المجتمع"؛ "لا لقمع الحريات الفردية"؛ "هل الإسلام يأمرنا بأن نفعل كذا وكذا؟"؛ "هل هذا الإسلام الصحيح؟"؛ "الإسلام ليس دين عنف" وما إلى ذلك من عبارات إن دلت على شيء فتدل على الاحتباس التواصلي.

ماذا يقول الإسلام إذن؟ ما الإسلام الصحيح؟ كيف نعبر عن الأحوال الشخصية بلغة الإسلام؟ ما هي سائر مكتسبات المجتمع، بلغة المسلمين؟". مثل هذه الأسئلة تتطلب إجابات فورية من طرف المستنكرين والمنددين بالسلوك المتطرف، فضلا عن كون لزوم الإجابة ينسحب بطبيعة الحال على أصحاب السلوك المنبوذ. بالأحرى، الذين ينفعلون على إثر السلوكيات المشينة، بالرغم من أنهم على حق، وبالرغم من أن نصف المجتمع يشاطرهم الموقف، إلا أنهم أنفسهم مخطئون.

إنهم مخطئون في عدم فهمهم العلة الأصلية التي دفعت أصحاب السلوك المشين إلى أن يُقْدموا على مثل تلك المواقف والخزعبلات والتراهات. بل لو كان المنتقدون مستوعبين لدواعي الرجعية لَما كانت هنالك مشكلات اسمها "الرجعية" و"الظلامية" و"التحجر".

والعقل الرصين يتطلب فهم العلة ثم اتخاذ الموقف حتى يضمن أصحابُ الرأي المنتقد صحة ما يزعمون. وإلا فسيكون خصاما بلا ظالم وبلا مظلوم. بل سيكون مَن يسلك طريق الرجعية كمَن يستنكره. سيُعتبر كلاهما ظالما وكلاهما مظلوما. والمجتمع كله مسؤول عن هاته الحالة . ويبقى الإسلام مظلوما. وهل ينال المجتمع بهذا الصنيع رضا الله ؟

إنّ هذا البعد الثالث، بُعد الشعور بالآخر والاعتراف بالضلوع في ارتكاب خطأ مشترك، هو الذي يوعز المجتمع المسلم اليوم. وهو بُعد سياسة الأنفاق إن صح التعبير. وهو بُعد ما تحت الاجتهاد إن شئنا مزيدا من التدقيق. وهو بُعد الاجتهاد السياسي الشعبي الذي يتطلب تأصيل المفاهيم والقيم الحداثية في الثقافة المحلية والإسلامية عموما.

زد على ذلك أن الواقع الجديد، الديمقراطي الانتقالي، بدأ يثبت لنا أن لا يتلاقى مَن يُبدي الموقف المستفِز مع مَن يستنكر موقف هذا الأخير من دون بيداغوجيا. وليست التعددية الحزبية هي البيداغوجيا المطلوبة. حيث إننا انتظرنا طويلا أن "يتصادم" القطبان، القطب الإسلاموي المتشنج والقطب الحداثوي المتبرج، عبر نظام التعددية الحزبية والانتخابات. وانتظرنا ذلك لنتأكد من طوبوية الرأي القائل بالتلاقي على إثر التصادم. وها أنّ كل المؤشرات تدل على أنّ الوعي بضرورة ضخ الحياة الفكرية بالبيداغوجيا غير متوفر.

وهل البيداغوجيا نفسها متوفرة؟ طبعا الوعي بضرورتها هو الذي يساهم في بلورتها. لكن بالرغم من غياب الوعي، إلا أنّ بوادر الحلول متوفرة. في هذا السياق يتمثل الخط العام للبيداغوجيا الناقصة تحديدا في تكميل البُعد "الانتقادي" ببُعدٍ بنائي. ولكل خبير حسب تخصصه. و يا حبذا لو تضافرت جهود كل الأخصائيين من أجل هذا البناء. الطبيب والمهندس والحقوقي والمحاسب مَعنيون بمدّ يد المساعدة في هذا العمل الإيديولوجي الشعبي. كل أخصائي في المعرفة والعلم ينبغي أن يكون ضالعا في إيجاد الحل.

وتؤول وظيفة الرعاية، من تنسيقٍ وتسهيلٍ للعمل الإيديولوجي البنائي الشعبي، للألسني ثم للمعلم. فالأول بيده مفاتيح اللغة، واللغة أمّ الاختصاصات حيث إنها لغة لا لشيء سوى لأنها تعبّر عن الاختصاصات كافة. أمّا الثاني فهو المُنزّل والمُبلغ والمُجرّب.

خلاصة الأمر أنّ التعددية الحزبية ضرورية لكنها ليست كافية لدفع المسار الديمقراطي الثوري إلى الأمام. فالمطلوب عاجلا وآجلا العمل التحتي، "الاجتهادية"، لمساندة التعددية.

محمد الحمّار



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقيدة الكلام للتحرر من الرجعية باسم الإسلام
- تصحيح المسار في باب اليمين واليسار
- تونس اليسار المؤمن: دعم ثورة الشعب بثورة الفكر
- العلمانية خادمٌ مُطيعٌ للإسلام، تُخصِب التربة لتأصيل الحداثة ...
- نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي، والحلّ هو الاج ...
- لكي تكون قمّة الوُجود العربيّ
- لا إسلامي ولا علماني، المواطن العربيّ سلوكُه إنساني وقانونُه ...
- لوحات من الفكر الديني المُجَدَّد: فهمُ الإسلام
- في تجديد الفكر الديني
- مقاومة التخلّف اللغوي بوّابة لانفتاح الحداثة على الإسلام
- الأُسُس النظرية للفهم المَيداني للإسلام*
- هل انقرض العرب ثقافيا من أجل أن يولدوا من جديد؟!
- المسلم المعاصر منارة علم ووَرَع وليس كوما من الإسمنت والهَلع
- أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل! الطريق من هنا...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟