أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان عاكف - الإسلام بين النجارين















المزيد.....

الإسلام بين النجارين


عدنان عاكف

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 22:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الإسلام بين النجارين
عدنان عاكف
" الإسلام بين كامل النجار وصادق العظم " كان عنوان مقالتي الأخيرة المنشورة على موقع الحوار المتمدن يوم 15/1/2012 . وصلت مجموعة من التعليقات التي تضمنت عددا من الملاحظات التي تم الرد عليها في حينها، باستثناء بعض التعليقات التي وصلت في وقت متأخر نسبيا. في حينها ولأسباب شخصية اعتذرت من الرد واعتذرت من الأخوة أصحابها واستأذنتهم بتأجيل ردي الى فرصة مناسبة.
قبل الانتقال الى الردود لابد من التذكير ان المقالة في اطارها العام كانت تتمحور حول السؤال الرئيسي والذي يمكن استخلاصه من العوان: أي مفهوم للإسلام : أي مفهوم للإسلام على العلماني ان يتبناه بكونه يسعى الى انتشال المجتمعات الإسلامية المعاصرة من حالة التخلف والجهل والفقر التي تعاني منها منذ عقود؟

سأبد بتعقيب السيد سعد الشرؤكي :
( استاذ عاكف هذا مثل حي يرزق عل احد فطاحل العلماء المسلمين في القرنيين ال20 وال21 وهو البروفسور العلامة الدكتور زغلول النجار واعتقد ان تدري قبل غيرك ما في جعبة هذا المهرج من علم وهوس وخرافات ولكن المشكلة انه قد وضع عدة نظريات جلها خرف وشعوذة
وعلى ما اعتقد انه مثلك جيولوجي اي نفس الاختصاص العلمي وهو من ادعى مركزية مكة المكرمة ونقطة الجذب المغناطيسي في الارض وان التوقيت والتقويم التاريخي بني من هذه البقعة من الارض وهناك الاف الخزعبلات التي يتفوه بها هذا الصعلوك وصنفت من قبل المسلمين بانها علم وغير قابل للمجادلة .والاغرب من ذلك ترى مؤلفاته والسي دي والكاسيتات تباع في كل الدول الاسلامية وبكثافة وتتسابق الفضائيات لاستضافته.
سيدي الفاضل ذكرت بان النهضة استمرت 5 قرون بعهد المنصور المأمون . قل لي كم سنة حكم المأمون وهو الذي جيش جيوش اسلامية لمقاتلة اخيه الامين وقتل الاف الجنود لسنوات وقدم راس اخيه الامين على طبق امام ضيوفه في حفل .ان الشيء الوحيد الذي عمله المأمون هو الترجمة وكل من قام بالترجمة كانوا اغريق...
انتهى تعليق الأستاذ سعد الشرؤكي !!

لو صدق القارئ بان مقالتي كانت تتمحور حول الموضوع الذي أشرت اليه توا، فهو بالضرورة قد لاحظ ان تعليق السيد سعد وبنسبة كبيرة لم يكن له علاقة بالمقالة ، وكان يمكن ان أكتفي بالرد التالي : لا علاقة لما ورد في التعليق بالمقالة، وكفى المتحاورين دوشة الحوار. لكني آثرت الرد لأن التعقيب نمطي ويمكن ان يمثل مجموعة مهمة من التعليقات التي تنشر، والتي تبقى تلف وتدور حول الموضوع لكنها تستحي الولوج في صلبه. و لست بصدد توجيه اللوم الى الكاتب، أو الى أي زميل آخر، لكن يبقى هناك سؤال يلح علي: هل يعتقد ان مثل هذا التعليق يمكن ان يغنى الحوار بمعلومة جديدة، أم ان المعلومة الجديدة المضافة ( ان أضيفت حقا ) أبعدت اهتمامنا عن جوهر الموضوع؟ أفكر أحينا وانا أراجع بعض التعليقات ان التعليق الفلاني الذي ورد على مقالتي العلانية يمكن ان يصلح أيضا كتعليق دسم على مقالتي التالية التي لم أقرر بعد محتواها وكيف سيكون عنوانها... ويبدو لي ان بعض الأخوة يركزون في تعليقاتهم على اسم الكاتب وليس على ما يكتب. وهذه ظاهرة لا ثقافية معروفة تأصلت فينا وورثناها منذ عقود، عندما كان الاستقطاب الفكري والسياسي يسيطر على مشاعرنا وعقلياتنا ومعتقداتنا وعلى حياة الكثير منا. فيكفي ان أعرف ان القصيدة التي أستمعُ اليها للشاعر الذي ينتمي الى الطرف الذي انتمي اليه حتى استقبلها بموجة من التصفيق والهتاف. وبالعكس. كم من كاتب أو شاعر أو مطرب حرمت من الاستمتاع بنتاجه الفني أو الثقافي لمجرد انه " برجوازي " أو " يميني " أو " رجعي " !!!
الإسلام بين النجارين :
خص السيد سعد الفقرة المطولة الأولى للحديث عن د. زغلول النجار، ولست بحاجة ان أعيد طرح السؤال: ما علاقة هذا الموضوع بمقالتي؟؟؟ والسؤال الأهم هو ما علاقة عدنان عاكف بأخلاق وعبقرة د. زغلول وبموضوعة الأعجاز العلمي ؟ قد يكون السيد سعد قد صدق ما قيل من قَبل ان عدنان شيوعي اسلامي وقد يكون ارهابي؟ كنت قد أقبل هذا الاسلوب في الحوار لو ان الكاتب اكتفى بذلك بل سعى ان يمنح زغلول سمة المسلم الذي يكاد ان يكون النموذج الكلاسيكي لجميع المسلمين. وهذا خلل منهجي مرفوض أيضا. لا أريد شخصنة الموضوع بقدر ما أسعى الى اثارة انتباه القارئ الى نقطة مهمة سبق وان أشرت اليها، وهي تفشي نزعة – قد تكون غير ارادية – لدى بعض الزملاء الذين يعتقدون انهم يدافعون عن العلمانية، وهي التصدي بأي وسيلة لأي رأي لا يتفق مع موقفهم، خاصة ان كان هذا الرأي يقف موقفا موضوعيا وعقلانيا من الفكر الديني.
نعود الى تفاصيل الفقرة المخصصة للسيد زغلول النجار: أول ما يلفت النظر ان السيد سعد استخدم عبارات ما كان ينبغي ان ترد في وصف استاذ جامعي وكاتب معروف، مثل زغلول النجار ليس فقط ان هذا الأسلوب ينبغي ان يكون مرفوضا، بل ولكونه حول القضية الى قضية شخصية تتعلق بزغلول ومواهبه وأخلاقه. ان خطورة الدور الذي يلعبه زغلول النجار، وقدرته على التأثير على جمهرة واسعة من القراء – وبينهم نسبة عالية من خريجي الجامعة - نابعة من كونه يتمتع بمواهب ومواصفات هي على النقيض تماما من التي قدمها سعد. هناك فرق بين ان يتمتع الشخص بمواهب جيدة وبين ان تكون تلك المواهب مسخرة في الاتجاه الخطأ. المسألة الأخرى المثيرة للشك هي محاولة تسويق د. زغلول على انه عالم كبير عند المسلمين في العصر الحديث، كقوله: "... وهناك الاف الخزعبلات التي يتفوه بها هذا الصعلوك وصنفت من قبل المسلمين بانها علم وغير قابل للمجادلة ...".
ان طرح ظاهرة " الاعجاز العلمي " كقضية معزولة عن ما يجري في المجتمعات العربية ومحاولة ربطها بهذا الشخص أو ذاك ( في حالتنا البطل هو د. زغلول النجار )، مهما كان دور هذا الشخص، سيبعدنا كثيرا عن جوهر القضية والوسائل التي ينبغي توفرها للوقوف ضد هذا السرطان الفكري الثقافي.. ليست كتب الاعجاز وحدها التي تلقى رواجا كبيرا، بل هناك مد طوفاني بدأ يغرق سوق الثقافة العربية منذ نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات، بالكتب والقصص التي تمجد التخلف والجهل والخرافات بجميع أنواعها. حتى الكتب والمؤلفات التي كانت في العقود السابقة تتناول الفكر الديني والعلاقة بين الأديان والطوائف الدينية تراجعت هي الأخرى تاركة المجال للدعوات المشبوه التي تكرس الطائفية والعنصرية والعشائرية. وقد تزامن كل هذا مع انحسار كبير لقوى حركة التحرر العربية وتراجع في دور الثقافة اليسارية والتقدمية والعلمانية. في الخمسينات والستينات انتشرت مؤسسات التعليم الجامعي وازداد عدد البعثات الى دول أوربا الغربية، ومن بعدها الى الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية، ونشطت بشكل ما حركة علمية كان يمكن لها ان تشكل نواتات لمراكز أكاديمية للبحث العلمي. وحسب تعبير العالم المصري أحمد زويل كانت مصر تضاهي الهند في العديد من المؤسسات التعليمية والعلمية، وفي مجال التصنيع. حتى في مجال أبحاث الذرة كان البلدان يسيران جنبا الى جنب. و... بدأ التراجع في كل المجالات حتى وصلنا الى ما نحن فيه. وبدأ الخراب يدب في المؤسسات التعليمية مع توسع سياسة الانفتاح وشمولها خصخصة كل شيء وفي مقدمتها مؤسسات التعليم بكل مستوياته.
ما ذكر أعلاه يؤكد على ان التخلف والفقر والخرافات الدينية ليست جينات مثبتة فينا، وليست قدرنا الذي لا يمكن الخلاص منه.. وجدير بالذكر ان مراجعة التراث العلمي ( أرجو التأكيد على التراث العلمي في الفلك والجغرافيا وكتب الحيوان والفيزياء، والطب، وحتى الكيمياء التي كانت ما تزال غارقة بالسيمياء ) ترينا أمرا عجيبا: مع ان الفكر العلمي في العصر الوسيط ما زال مترجرجا فضفاضا غير قادر على تشكيل ملامحه بوضوح لكننا نكاد لا نرى لظاهرة العجاز ما لها اليوم. من النادر جدا ان تجد استشهادات بالآيات القرآنية او الأحاديث النبوية. وكلما ابتعد الكاتب او العالم عن جوهر الموضوع الذي يتحدث عنه كلما زاد من لجؤه الى الدين. وان دل هذا على شيء انما يدل على وجود استقلال نسبي للمجالات الفكرية أكثر مما هو عليه واقع الحال اليوم. ولو عدنا الى حالات الاضطهاد التي كان يتعرض لها بعض العلماء سنجد ان تلك الحالات كانت في معظمها بسبب مواقف فكرية فلسفية وليس بسبب طروحاتهم في مجال علوم الطبيعة، أو كانت بسبب وشايات بعض علماء الدين او حتى بعض العلماء المقربين من السلطة، الذين يكنون العداء لزملائهم .
تحذير :لا أستبعد بعد كلامي هذا ان يظهر من سوف تسول له نفسه ويتهمني باني من فرسان مدرسة " الاعجاز العلمي ". فعليه أحذر الزملاء باني اتخذت الاحتياطات الاحترازية وأعلنت موقفي الصريح من الاعجاز العلمي غلنا في مقالة نشرتها قبل نحو أربع سنوات، على موقع الحوار المتمدن، تناولت فيها قضية " الاعجاز العلمي في القرآن " :
" لو ضغطت على موقع " كروية الأرض " ستظهر أمامك أرقاما عن عدد المقالات باللغة العربية التي تتناول موضوع كروية الأرض ودورانها حول محورها وحول الشمس. ولو بذلت جهدا أكثر من مجرد الضغط، و ألقيت نظرة عابرة الى ما هو مكتوب تحت عنوان كل مقالة دون ان تفتحها ستصل الى نتيجة، ستفاجئك حتما وتصيبك بالذهول، وقد تجعل رأسك الكروية تدور حول محورها ( الرأس البيضوية لن تدور ) لمدة أربع وعشرين ساعة بدون توقف، وبسرعة دوران الأرض حول محورها. ستجد ان الكثير من هذه المقالات تتحدث عن الإعجاز العلمي ، وهي مقالات تكرر بعضها البعض، غالبيتها تدور حول تفسيرات لعدد مكرر من الآيات القرآنية التي يحاول أصحابها ان يثبتوا ان موضوع كروية الأرض و دورانها حول الشمس أمور غير جديدة وقد أقرها القرآن منذ 14 قرنا.... ولن تنفق الكثير من الجهد لتستنتج ان أصحاب بعض المقالات لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد القيام بتغيير طفيف في ما ينقله عن غيره، بل يقوم بتكرار ما يكتبه عن موضوعه....". انتهت الفقرة القديمة.
ملاحظة لا علاقة لها بالموضوع : ربما لا يعلم السيد سعد ان من أبرز من تصدى لموضوعة الاعجاز العلمي في البداية المفكرة الاسلامية واستاذة الجامعة الكاتبة والأديبة الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ )، و كانت أول امرأة تحاضر في جامعة الأزهر. دخلت في بداية السبعينات بنت الشاطئ بكل ثقلها في حرب فكرية بكل معنى الكلمة ضد مروجي فكرة الاعجاز العلمي، و كان في مقدمتهم آنذاك د. مصطفى محمود، وهو من الشخصيات الفكرية والثقافية اللامعة، و كان يكتب بصورة متواصلة في أشهر جريدة مصرية " علمانية " وهي الأهرام ومدعوم من قبل النظام المصري " العلماني "، الذي لم يعد يخفي دعمه للأخوان المسلمين في محاربة اليسار المصري والناصريين. وها هو التاريخ يعيد نفسه، وكأن الزمن قد توقف، مع فارق كبير يتمثل في الموجة الكاسحة للفكر الديني السلفي في العالم العربي مدعوما بالثروة النفطية ومؤسسات اقتصادية ومالية خليجية ودولية. وقد رافق كل هذا انحسار كبير في الدور الذي كانت تلعبه الثقافة التقدمية وتراجع كبير في الدور الذي كانت تلعبه القوى السياسية التقدمية واليسارية.
وجدير بالذكر ان بنت الشاطئ انطلقت في مقالاتها من الفكر الإسلامي ذاته، مؤكدة انها لا تدافع عن الفكر والعلم والفكر العلمي فحسب بل تدافع عن الدين الإسلامي، من وجهة نظرها، الذي يتعرض لهجوم من قبل مروجي فكرة الاعجاز.
.
***
بشأن الفورة في عهد المنصور والمأمون : قد تكون النقطة الوحيدة التي وردت في التعليق ولها علاقة بمقالتي. ومع ذلك فانها وردت في التعليق واقفة على رأسها.
لست من ادعى ان الفورة العلمية دامت خمسة قرون في زمن المنصور والمأمون. السيد النجار هو من أشار الى تلك " الفورة العلمية ". وقد صححت ذلك بقولي انها لم تكن مجرد فورة بل نهضة أنجبت حضارة دامت نحو خمسة قرون، وكان نص ما قلته : (الكاتب يقر ويعترف بان فورة علمية ما حدثت في عهد المنصور المأمون – وبوسع القارئ ان يعود الى نص مقالتي وسيجد اني ركزت على هذ الجملة بالتحديد مع انها تبدو ليست ذات أهمية، أو ربما زلة قلم غير مقصودة. لكن الأمر ليس كذلك. ان وصف الحضارة الاسلامية التي امتدت خمس قرون بالفورة العلمية وحصرها في أفق زمني لا يتعدى 50 سنة لم يكن اعتباطا بل جاء ليؤكد على فكرة جوهرية روج لها د. كامل النجار وهي ان ما انجزه بعض العلماء المسلمين، وما عرف من انجازات حضارية – ان كانت هناك انجازات - لم يكن حضارة بمعنى الكلمة بل مجرد " فورة " حصلت رغم أنف الاسلام والمسلمين.
وما أشرتَ اليه بشأن المأمون ونزعته العسكرية وجرائمه بحق أخيه، لا علاقة له بالموضوع. لم يعرف التاريخ المعاصر مجرما مثل هتلر ونظامه الذي تسبب بمقتل عشرات الملايين من البشر، وتدمير المئات من المدن في جميع انحاء العالم، ومع ذلك شهدت ألمانيا في عهده تطورا علميا وتكنولوجيا لم يعرفه التاريخ، وكادت ان تسبق العالم الى أهم وأخطر اكتشافات العصر: تصنيع القنبلة الذرية. ولو عدت الى تاريخ الحضارة ستجد بان الحروب بقدر ما كانت، وما تزال، تشكل ظاهرة كارثية ومدمرة للموارد البشرية والمادية بقدر ما كانت عامل منشط مهم في تطوير التكنولوجيا والكثير من العلوم، بغض النظر عن طبيعة الأهداف التي تسعى اليها، ان كانت من أجل أهداف انسانية أو تدميرية اجرامية.
من الواضح انك لا تعترف بوجود حضارة لدى المسلمين، ومن حقك ان تتخذ الموقف الذي تراه. ولستَ لوحدك من يبشر بوجهة النظر هذه. ولكن من حقي أيضا ان أتبنى وجهة نظر أخرى مخالفة تماما، ومن حقي أن أبشر بها خاصة وهي وجهة النظر التي تبناها العلم منذ قرون. ان نفي الحضارة عن العرب والمسلمين ليس أكثر من موقف عبثي لا جدوى من مناقشته هنا. وانا في نفس الوقت لا أدعي انها حقيقة مطلقة، وما من شك ان الزمن كفيل بتصحيح الكثير من الأخطاء. ولكن على كل من يرفض تلك الحضارة ان يرفض ما حققه علم " تاريخ العلوم " الذي بدأ يشق طريقه وسط المنظومة العلمية منذ القرن التاسع عشر.. يمكن ان تكون هناك اختلافات مهمة في وجهات النظر بشأن طبيعة تلك الحضارة وحول طبيعة البشر الذين ساهموا في تشييدها ومعتقداتهم الدينية والحضارية وبشأن دورها ومساهمتها الحقيقية في الحضارة الانسانية وبشأن مصادر تلك الحضارة وعلاقتها بالحضارات التي سبقتها في المنطقة. ولكن نفيها وشطبها من التاريخ فهو ما يتعارض مع العلم ومع منطق التاريخ.
لقد توقفت عند هذا الموضوع، للتعقيب على آراء مشابهة أكثر من عشر مرات خلال الأسابيع الأخيرة. وها انا اكرر: لست من ابتدع للمسلمين والعرب حضارتهم، فأنا لست أكثر من تلميذ ما زال يحاول ان يتعلم على يد من ساهم في احياء التراث الحضاري. وهؤلاء يشكلون جيشا جرارا من المؤرخين والباحثين وأساتذة الجامعات والمستشرقين الغربيين. ومؤلفات هؤلاء مسطرة على رفوف المكتبات بانتظار يد تمتد اليها لتزيل عنها غبار زمن الجهالة والتخلف. .
أما الجزم بان من قام بالترجمة هم الإغريق فهذا لعمري هو اكتشاف جديد. ما الذي جاء بهؤلاء الإغريق الى بلاد الإسلام لترجمة مؤلفاتهم؟ وما حاجة العرب البدو الجهلة لتلك المؤلفات؟ ولماذا ترجموها الى اللغة العربية وليس الى اللغات الأوربية أو السنغفورية ؟ الترجمة آنذاك يا صديقي لم تكن مجرد نزوة من نزوات المأمون بل كانت حاجة حضارية، ثقافية واقتصادية فرضتها ظروف تطور المجتمع في تلك الدولة الجديدة. لقد استغرقت الترجمة عشرات، بل مئات السنين، وساهم بها المئات من المترجمين في الشرق وفي الأندلس : مسيحيون ومسلمون ويهود ، عرب وكلدان و فرس وسريان وغيرهم. قد تستغرب لو قلت لك انه منذ الخمسينات كان هناك من أكد على ان من بين أهم الفوائد التي يمكن ان نتعلمها من دراسة تراثنا العلمي هو ان نتعلم من السلف الصالح، كيف ينبغي علينا نحن الخلف الطالح ان نتعامل مع الثقافة " المستوردة " وان نقارن بين موقفهم العلمي الحضاري من ترجمة العلوم وبين موقفنا الفاسد المتخلف من الترجمة. لقد كانت الترجمة مهمة الدولة والمجتمع، في حين ما زالت مجرد هواية يمارسها عدد من المتعلمين.
وسأكون في غاية الشكر لو تفضل أحدهم وأجاب على السؤال التالي: اذا كان موقف العرب والمسلمين من الفكر والعقل والعلم والحضارة بهذه الدرجة من السذاجة والضحالة والجهالة، التي يصورها البعض ممن يحاول ان يسلبهم حتى دورهم في الترجمة، وهو الدور الذي أقر به حتى بعض المتعصبين الغربيين ضد العرب والمسلمين، فلماذا انتظرت أوربا حتى القرن الثاني عشر لتبدأ خطواتها الخجولة لترجمة المؤلفات اليونانية والعربية؟
ومع ذلك يبقى السؤال الذي ورد في مقالتي هو السؤال الأهم : عن أي اسلام علي أنا العلماني ان أبحث: اسلام د. كامل النجار أو اسلام د. جلال العظم؟؟؟؟



#عدنان_عاكف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام بين كامل النجار وصادق العظم
- لماذا أخفق العرب في انجاز - الوثبة الأخيرة - نحو العلم الحدي ...
- أفتخر بكوني شيوعي
- البحث عن الإسلام الآخر
- شيء من كتاب - تاريخ العلم العام -
- قوموا انظروا كيف تزول الجبال -2
- حرية الفكر بين البيروني ودافينشي
- قوموا انظروا كيف تزول الجبال
- المسيحية وعمر الأرض
- الجيش والسياسة قبل ثورة تموز 1958
- هل كان العراقيون القدامى هواة عنف ودم ؟؟
- العالم كما أراه
- العلاقات الاجتماعية السياسية في بابل - 2 -
- العلاقات الاجتماعية السياسية في بابل - 1-
- حوار لم يتم بين مختار ورضا الظاهر
- من أجل حوار متمدن
- قراءة في كتاب -موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة- الحلقة - ...
- حول الموقف من كروية الأرض
- شامل عبد العزيز – وفن السطو ببراءة
- الدين الكوني


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان عاكف - الإسلام بين النجارين