أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جابر حسين - أستاذ كرسي أسلمة المعرفة !














المزيد.....

أستاذ كرسي أسلمة المعرفة !


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3606 - 2012 / 1 / 13 - 20:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأ حياته حالما بتفوق علمي كبير . ظل يحلم بأن يغدوا أستاذا جامعيا مرموقا ! عندما تخرج في أحدي الجامعات الأسلامية الكثيرة في السودان ، لم يحرز مؤهلا يدفعه صوب طموحه المحموم ! ظل حائرا ، يترقب حركة المجتمع في تطورها المستمر . أحس بعجزه عن إيصال صوته لمن هم حوله ... أحتار جدا وأنتظر، أنتظر كثيرا ! ووسط أجواء الدعوة عالية الصوت " لإعادة صياغة الأنسان السوداني " ، الشعار عالي الصوت للدولة الظلامية ، بدأ ضوء صغير بداخله يلمع ، وفؤاده أخذ يتأهب ، وكيانه الشخصي كله ينتظر أن يتشكل في أنسان آخر مختلف ، أنسان يؤدي دورا كبيرا في دولة " المشروع الحضاري " ، حيث سيكون نجاحه كله وصعود نجمه ! أحتال كثيرا حتي سافر إلي الباكستان معقل التطرف الديني ، وهناك ، حاز من أحد جامعاتها دكتوراة عظيمة الخطر : " هجرة الأسلام نحو المجتمعات الوثنية في أفريقيا " ! ... وهي الدراسة التي تتمناها وترغب فيها "ا لجبهة القومية الأسلامية " منذ عقود كثيرة ، فهي تذكرهم بفض البكارة الأفريقية وهي بعد عذراء عفية ! عاد للوطن وبدأ عقله يعمل في كل الأتجاهات : أين سيستقر به الحال ، وفي أية جامعة ، وكيف سيكون شكل الكرسي ؟
" الكراسي المآسي ،
المآسي الكراسي ،
فأما الكراسي وأما الكراسي
فأما الممات ...
وأما الكراسي ! " .
. راودته أحلامه القديمة بعنفوان صاخب فنهض الرجل ليبدأ مسيرة حياته المقدسة ! أصبح في محفل حملة دكتوراه اللأهوت عالي الصوت ، " يهلل ويكبر " ويعلن علي الملأ - في كل وقت متاحا له وأمثاله - أن للدين دورا كبيرا يقوم به في حياة الناس وفي المجتمع وفي العلم ، الدين لايكون في معية العلم ، بل أماما له وهاديا له علي الصراط المستقيم ! ثم أفصح ببيان جلي في أجتماع حاشد تم تحضيره جيدا لأساتذة جامعات الأنقاذ الكثيرة ، قال : "ما من شئ أكتشفه العلم إلا وكان معلوما بالإمكان والضرورة في الدين ! " وأستطرد في وضوح أكثر : " أن كل مكتشفات العلم ، كلها بلا إستثناء ، معلومة لدي المسلم ، وهي موجودة في ثنايا الكتاب والسنة ! " ... كان ، بجسده وأحلامه كلها ، في السماء بين طيات السحاب ، فقد خيل إليه أنه يسمع " تهليلا وتكبيرا " يأتيه من السماء ، ليزحم عليه مخيلته بأن السماء أختارته لهذا الدور بالذات ... فأردف بصوت زاعق كالطنين : " ياعلماء الأمة قاطبة ، أن في الدين الخلاص ... وأن في الدين كل الأجابات لكل أسئلة الوجود ، بمطلق القول والفعل بأذن الله ! " بعد فترة قصيرة من تصريحاته تلك في محفل الأساتذة ، أصبح ، بموجب مرسوم جمهوري مؤقت أستاذا في الجامعة ، أستاذ كرسي لأسلمة المعرفة كلها ... أسلمتها منذ بدء الخليقة وحتي يرث الله الأرض ومن عليها ! في تلك الفترة ، بدأ جادا في التحدث بأفكاره وبثها في من هم حوله من صغار الأساتذة والطلاب المغيبين : " ليكن طريقنا وأضحا جدا في " معهد أسلام المعرفة " * ، أن كل المكتشفات والمراجع والنظريات ، الحديثة منها والقديمة ، علي حد سواء ، يجب أن تتراجع وتستحي لتنزوي ... لا ، بل تضمحل تماما وتتلاشي ، لنبدأ المسيرة بشكل صحيح ، ننطلق في المبتدأ والمنتهي من الدين ، الكتاب والسنة ، وفيهما ، كل العلم المطلوب في زماننا هذا لنهضة الأمم والشعوب والدول قاطبة ، دعوني أقولها لكم بيقين كامل والحمد لله ، يقين الأيمان الآلهي الذي يتعالي علي مقولات البشر كافة ، وأقولها بكل الصراحة والصدق ، من هنا تبدأ مسيرة العلم الذي يقوده الدين والأيمان ... ونحن المبشرون الحقيقيون بالعلم الصحيح القادم للدنيا كلها "! في اليوم التالي لحديثه الخطير هذا ، أستقال سبعة من أساتذة الجامعة ... وغادروا الوطن قبل أن تطالهم العسس وهم لديها مطلبون ! . تلك الليلة كانت مظلمة ، لا قمر فيها ... ولا هواء ! فالهواء ، تلك الليلة ، كان مالحا وغامضا ، وبه لزوجة دبقة ، كما الليمون المتخثر المخلوط بالرمل والملح !، تلك الليلة فاض النيل حتي تهدمت من جراء فيضانه العالي البيوت ، وباتت نساء الوطن وأطفالهن في العراء ، عاريات وكاسيات و ... عارفات ! وأنتاب الوطن الذهول ، لما بدأ لهم واضحا من بشاعة الهول والفاجعة ! الليلة كانت سوداء ، والمعرفة نفسها - بدت في ضمائر أهل العلم والثقافة - سوداءوالغد أسود
الدمع صار أسود
والمرارة في النفوس ...
باتت سوداء ...
سوداء ولكن ،
الطير ... طائر الليل الأسود ،
صار أبيض ،
أبيض ... أبيض !
-------------------------------------------------------------------------------------------------
* كانت سلطة المتأسلمين في السودان قد رفعت لها شعارا تقول فيه أنها بصدد " إعادة صياغة الإنسان السوداني ليغدوا مسلما حقيقيا " ، وأنشأوا في الجامعات كليات أسموها " كليات أسلمة المعرفة " ، وصاحبنا في هذه الحكاية " المفجعة " هو أول عميد تم تكريسه وتعيينه " عميدا " و ... " أستاذ كرسي لأسلمة المعرفة " ، فتأملوا !



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغاني تنتمي للفرح الجميل ، حقول مطر و نوافذ ياسمين !
- ليست أحزانا شيوعية !
- بريق العيون ، هل يكون حبا ؟
- رسالة صغيرة جدا لمحمد الصادق الحاج * !
- أسميها السوسنة !
- أمرأة الشروق ... !
- عدت الآن إليك ... !
- حوارية الشجر والعشب و ... أنا !
- عن الشعر و ... الحبيبة !
- الأناشيد السماويات ، من مخطوطة كتاب : - كلمة في تبجيل الفنان ...
- عتاب لمكارم ابراهيم !
- الأرينات ... الأرينات يا أشراقة و ... عن منفاك !
- و ... هل مات جيفارا ؟ ثلاث لوحات ووردة ...
- لوركا ، رياحنة الألفية الثالثة أيضا !
- لغة في الرحيق ... !
- كن في الحشود الرفيق ، إلي صديقي الشاعر والمناضل المغربي محمد ...
- الرفيقة عطا أو ... المرأة التي أحببت !
- حياة و ... موت زكريا !
- عقد من التنوير ... !
- صالح محمود عثمان ، أعطيك صوتي و ... باقة ورد !


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جابر حسين - أستاذ كرسي أسلمة المعرفة !