|
تهاني .. وتبريكات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3606 - 2012 / 1 / 13 - 12:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل يومَين ، ذهبَ المواطن " م " لمراجعة رئيس صحة دهوك ، بِصدد مُعاملة مُهمة بالنسبة له ، وينبغي عليه إكمالها في موعدٍ مُحّدَد ... لكنه لم يستطيع مُقابلته ، بسبب الإزدحام في مكتب الرئيس او المُدير العام .. والسبب في ذلك الإزدحام ، هو قدوم وفود المُهنئين ، بتسنم الرئيس " الجديد " لمنصبه ! . فما ان يُغادِر منتسبوا القسم العلاني من المستشفى الفلاني ، حتى يصل آخرون .. وهكذا دواليك . ومن الطبيعي ، ان أصول الضيافة ، تُحّتِم على المسؤول ، ان يُقّدم الشاي او الشربت ، أي ان يجلس المهنئون لِما لايقل عن عشرة دقائق او ربع ساعة .. ومن البديهي ، ان الدوام ينتهي ، من غير أن يستطيع المواطن المُراجع ، مُقابلة السيد المسؤول .. والمصيبة انه في اليوم التالي ، تَكّرَر نفس المشهد .. حيث جاء الدَور على كوادر الحزب ، الذين تقاطروا لتقديم التبريكات والتهاني ... وسيكون اليوم الثالث خاصاً لمنتسبي الدوائر الأخرى .. واليوم الرابع للوجهاء وعلية القوم ! ... فإذا إستطاع المواطن المسكين ، من إقناع السكرتير ، بأن حالته مستعجلة ، وتدبير فسحة بين التهاني والتبريكات ، لمقابلة الرئيس ، فأنه محظوظ .. وإذا لم يستطع ، فليشرب من البحر ! ... ومن نافلة القول ، ان الضَرر من هذهِ الظاهرة ، مُرّكَب ، حيث ان المُهنئين يشغلون وقت المدير العام الجديد ولا يوفرون له الفرصة لممارسة عمله .. ومن ناحية اُخرى ، هُم أنفسهم يتركون أماكن عملهم .. حسب معلوماتي المتواضعة ، أعتقد ان الموظفين والعمال في المؤسسة التي ، يستلم فيها شخص جديد مسؤولية الإدارة ، في البلدان التي تحترم الوقت والقانون .. يقدمون باقة ورد عن طريق ممثلهم ، أو شيئاً من هذا القبيل ، ويهنئونه بحيث ان العملية لاتستغرق سوى دقائق معدودة وينتهي الأمر . بعكس ما يجري هنا .. من تملقٍ مُقنن ، ومُداهنة متراكمة ، وإبداء ملاحظات سمجة حول مساوئ المسؤول السابق ، وإضفاء صفات خارقة على المدير الجديد !. وتصوير الحدث ، وكأنه حلٌ سحري لجميع المشاكل . ويشرح منتسبوا نفس الدائرة " لاسيما من خبراء اللكلكة " ، للمُدير العام الجديد ، بأنه [ لولاهُم ] لِما تبدلَ المدير السابق ، ولولا جهودهم المُضنِية ووقوفهم بوجه سلبياته ، لبقى حتى الآن في منصبه .. مُذكرين أياه ومُحذرينه بطريقةٍ غير مباشرة ، بأنهُم هُم الذين يُديرون الأمور هنا فعلياً !... كوادر الحزب ، ومن بين ثنايا التهنئة والتبريكات ، يحاولون [ إفهام ] المدير العام الجديد ، بأن لا أحد يصبح مُديراً ولا أحد يُعزَل ، من دون أمر الحزب ! .. وعلى الرغم من انه حزبي ، لكن عليه ان يثبت ولائه للحزب أولاً على طول الخط ! ... رُبما كان المدير العام الجديد أو المسؤول الجديد ( ولا أعني الصحة تحديداً ، بل بصورةٍ عامة ) ... رُبما كان حسن النوايا ، ولديه تَصّور جّيد لتطوير عمل المؤسسة ، والحَد من الفساد ...الخ . لكن هجمة التهاني والتبريكات المُبالَغ فيها ، والضغوطات والتدخلات الكثيرة في عمله ، من الحزب والمُحافظة والعشائر والوجهاء ومافيات الفساد، ومُدمني التملق ... كُل هذه الأشياء ، تُشكِل مخاطر جدية في طريق الإصلاح الحقيقي .. ومُثبِطات للهمم والتطور ... وعصيا في عجلات الإبداع المُفتَرَض !. في إعتقادي ، الحَل لايكمن في تبديل هذا المدير او ذاك ، بأشخاص آخرين [ يتعرضون لنفس الضغوطات المتنوعة والمعوقات التقليدية ، التي تحد من عزيمتهم وتسبب لهم الإحباط المُبكِر ] .. بل ينبغي إصلاح المنظومة الادارية بكامل مفرداتها .. وإفساح المجال الحقيقي والواسع ، للمُدراء والمسؤولين الجدد ، لتنفيذ برامجهم وخططهم ، الرامية الى الإصلاح الجذري ، وتوفير الإستقلالية لهم في إتخاذ القرارات المناسبة ، بعيداً عن التأثيرات الحزبية والبيروقراطية الإدارية التقليدية . مديرية الصحة ، هي مُجرد نموذج ، إذ ان هذه الحالة أعلاه ، متفشية بدرجةٍ او بأخرى ، في أغلب الدوائر والمؤسسات التي جرى فيها .. تغيير المسؤولين مؤخراً .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إطلالة على اللوحة الكُردية
-
إنطباعات 4
-
إنطباعات 3
-
إنطباعات 2
-
إنطباعات 1
-
الرأي السديد
-
العصائبُ والتَيار
-
إصلاحات جذرية .. دهوك نموذجاً
-
هل تحبون المسيحيين ؟
-
مُجّرَد دعايات كُردستانية
-
طارق الهاشمي ، المُطارَدْ
-
الأمور عال العالْ !
-
جاك شيراك المُدانْ
-
المالكي في واشنطن
-
أ ل ع ر ا ق
-
إنتخابات مجالس محافظات الأقليم / 4
-
بعض تداعيات حرق مقر الاتحاد الاسلامي في دهوك
-
تجاوزات اُسامة النُجيفي
-
القوات الامنية قليلة في الأقليم !
-
مُهاترات المالكي / النُجيفي
المزيد.....
-
بدء محاكمة نجل الرئيس الأميركي الإثنين لحيازته سلاحا
-
بكين تتهم المخابرات البريطانية بتجنيد موظفين في الحكومة الصي
...
-
?? مباشر: بلينكن يناقش هاتفيا مع وزير الدفاع الإسرائيلي خطة
...
-
ضابط إسرائيلي سابق: إيجاد بديل لحماس في غزة لن ينجح
-
قتلى وجرحى جراء هجوم إسرائيلي على ريف حلب في شمال سوريا
-
سوريا.. 12 قتيلا جراء -ضربة إسرائيلية- على ريف حلب
-
دولة عربية تحظر ارتداء الكوفية الفلسطينية في امتحان البكالور
...
-
حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة -اتصالات الجزائر- جنوب شرق
...
-
وزير الخارجية الهنغاري: محاولة اغتيال فيتسو نتيجة لحملة كراه
...
-
أغرب الانتخابات في العالم في أصغر قرى إيطاليا
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|