أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - أنا وعفريت المحروقة














المزيد.....

أنا وعفريت المحروقة


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


كلنا نخاف , من منا لا يخاف ؟ لكن الخوف نسبى عند الآسوياء , وهو مرضى عند بعض الناس , ويسمى الرهاب أو فوبيا الخوف , والخوف شعور طبيعى يصيب كل كائن حى , ودائما يكون مصدر هذا الخوف نابعا من مؤثر خارجى واقع على الآنسان , والخوف له ردود أفعال كثيرة , كالأغماء , أو الهروب منه عن طريق الركض , أو قد يؤدى الى موت مفاجئ نتيجة لشدة الصدمة من الخوف , ودائما نحن بنو الآنسان نميل الى الهدوء والسكينة والآطمئنان , ولذا الآنسان دائما لا يحب من يزعجه أو من يشعره بالخوف .

فبعد أن ماتت والدتى , وكنت أعيش معها بمفردنا , أحسست بالخوف الشديد والغربة معا , أحسست أنى فى بحر أمواجه عالية , ولا أستطيع العوم بمفردى , أحسست أننى فقدت كل دنياى , شعرت بأنى غريب فى هذه الدنيا , كانت أمى هى دنيتى , كنا نعيش كأصدقاء , لآن كل أشقائى تزوجوا ولم يبق لها سواى , ماتت أمى , ودفنتها فى قبرها بيداى الى مثواها الآخير , كرهت الدخول لشقتنا , حيث أن كل متعلقات أمى كانت كما هى , حتى أن هناك بعضا من شعر رأسها وجدته على وسادتها وسريرها , لم أطق العيش هنا فى تلك الشقة , ملابسها لازالت فى خازينة الملابس , بعضا من الآطباق المغسولة بيدها لازالت كما هى على طاولة المطبخ , أحسست بأن شقتنا كالشيطان بالنسبة لى .

شقتنا هذه كنا نسمع من الجيران أن الآسرة الى كانت تسكنها قبلنا , كان لديهم فتاة فى عمر الزهور , أصابها مرض نفسى وأنتحرت , وكان لنا شواهد وأحداث فيها مع العفاريت والشياطين , لكن بعد العودة الى شقتنا بعد أن دفنت أمى , أنتابنى أحساس غريب بأن شيئا ما سوف يحدث لى , وتواردت لى بعض الآحداث الماضية مع أخى الآكبر منى حين كان ينام فى تلك الغرفة التى حرقت بها الفتاة , حيث كان يركض من نومه صارخا , ويقول لنا أن هناك يدا شدته من أرجله , وأيضا جلست على أنفاسه , وكنا نجد أبن شقيقى المولود الذى ينام بجوار أمه , ملقى على الآرض فى أخر الغرفة , وأحداث غريبة يطول وصفها , قلت لنفسى : إذن الى أين ستذهب ؟ ومن سيتحملك وأنت شاب كى تعيش معه ؟ .
قلت لنفسى بعد حوار مرير وقناعة بأنى لازم أعيش فى شقتنا وأرضى بما يحدث لى , ولازم أتحمل التبعات مهما يحدث , ولازم أتحمل المعاناة النفسية , لآنى وصلت الى قناعة بأن مفيش أحد بيتحمل أحد هذه الآيام .
ذهبت الى شقتنا وأنا أرتعد خوفا , ونمت على سرير أمى , ولكن كل حواسى مستيقظة , وغلبنى النوم , بعد أن تركت أنوار الشقة مفتوحة , وأنا الذى لا يحب النوم إلا فى جو مظلم , أحسست بقيمة وقدر أمى ونفسها فى البيت , نمت كالثعلب , فاتح عين ومغلق عين , ففى بداية دخولى فى النوم وإذا بى أشاهد خيالا كخيال أمى يسير فى الصالة , خفق قلبى شديدا , وقلت لنفسى أمى معى إذن فى الشقة , فلماذا أخاف , بعدها نمت , ولكن , شعرت بأن أمى تنادى على وتقول : قم ياعبدالله , استغربت مما يحدث , لآنى كنت خائفا من عفريت الفتاة المحروقة فى شقتنا , لكن أنا الآن خائف من صوت أمى وهى تنادينى , إذن من هى التى دفنتها منذ ساعات ؟ ! ركضت الى شرفة الشقة , وظللت الى الصباح أدخن فى سجائرى , فلبست ملابسى وهجرت شقتنا الى صديق لى وسردت عليه القصة كلها , فقال لى أنها أوهام ورواسب نفسية من جراء الآحداث الماضية .

نمت عند صديقى عدة أيام كى أهرب من الخوف الذى أعترانى , بعدها عدت الى شقتى التى كرهت الدخول فيها , والتى تذكرنى بكل همسة وكلمة لآمى , نمت وذهبت فى نوم عميق , لكننى سمعت أصوات طرق وتكسير بالمطبخ وكأن هناك أطباق تتكسر , والآصوات مزعجة حقا , وكلها ليست خيالات أو أوهام , لكنها أصبحت حقيقة لا أستطيع الهروب منها , أصوات التكسير تكاد تدخل فى أذنى , بعدها هربت الى الشارع الى أن جاء الصباح وقررت ألا أدخل شقتى مرة أخرى بمفردى , وفعلا حضر معى صديقى فى الليلة التالية , كى يكون ونيسا لى , وعندما دخلنا فى النوم , أستيقظ صديقى وقال لى من أين تأتى هذه الآصوات ؟ ! رددت عليه وقلت : إنها أصوات نابعة من عفريت الفتاة المحروقة فى شقتنا .

المشكلة أن صديقى رفض أن يحضر معى الى شقتى مرة أخرى , بعدها ذهبت الى بلدتنا فى محافظة الشرقية بين عشيرتى وأهلى من أعمامى وخيلانى , وسردت عليهم القصة كاملة , بعد أن أصبحت بمفردى , فقال لى عمى يا ولدى لا تذهب الى تلك الشقة المسكونة بأرواح شريرة , لآن بها فتاة محروقة , حتى لا يضرك شئ أو يحدث لك مكروه . وبعدها تم تعيينى مدرسا فى وزارة التربية , ولكن فى محافظة أسوان , وهجرت شقتى المزعجة , لآنى تنازلت عنها لصاحب المنزل , وفى أسوان عشت بمفردى فى شقة , لم أشعر فيها بالخوف لحظة , ولم أشعر بما كنت أشعر به سابقا .

نعم إنه الخوف الذى أمتلكنى بعد وفاة والدتى , مع الكثير من الآحباطات والهواجس المزعجة , لقد أحسست بفوبيا الخوف لفقد أمى , ولكن الذى طمأننى هو أننى لم أصاب بأى مرض نفسى طوال عمرى , لكن هذا الخوف كان مفاجئا لى وقلب حياتى رأسا على عقب بعدما شعرت بأنى أصبحت وحيدا فى الحياة دون سند , وبموت أمى ضاقت بى الدنيا وتغيرت كثير من مفردات حياتى .




#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتحداك
- الخوف على مصر من المجهول
- جرحى القديم
- مين غيرك
- أوجاع الوطن
- ستبقى ياوطنى
- أجراس الخطر
- أطفال العالم تناجى السلام
- أغضب على كيفك أغضب
- إفقار الشعوب هى لغة الحكام الظلمة
- أنا التاريخ الدفين
- قبل ما أحبك حلمت بيك
- كلمة عتاب بقولها لك
- أصحاب اللحاة الطويلة ... أتركوا المرأة
- ذكرياتى فى المعركة
- أنا لم أختار أسمى
- ذكريات أكتوبر وخطاب الشهيد
- لماذا الهجوم على نجيب محفوظ ؟ !
- يا عرب أحذروا هذا الرجل
- السياحة والمناحة


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - أنا وعفريت المحروقة