أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - الحجاج .. المستبد المستنير ... المُفترى عليه















المزيد.....

الحجاج .. المستبد المستنير ... المُفترى عليه


أحمد عفيفى

الحوار المتمدن-العدد: 3560 - 2011 / 11 / 28 - 15:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحجاج عقلية غريبة عن الطبيعة العربية، سبقت عصرها فى أمور الحكم والسياسة بمئات السنين، فبدت الوسائل التي لجأ إليها فى سياسته وإدارته، كأنها وسائل شيطانية، لبعد تصرفاته عن عرف العرب وتقاليدهم.
ولهذا يطلق الحكم على الحجاج، بالقسوة والوحشية وعدم التدين.
والحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل الثقفى، ابن لمعلم صبيان بالطائف، والعرب كانت تحتقر المعلم، لأنهم كانوا يحتقرون الصناعات والتعليم من جملتها، فلا يعتبرون المشتغل به إلا المستضعف، الذى ليست له عصبية.
وهو ليس بعيب أو نقص فى وظيفة المعلم بالقطع، وإنما هو الخلط والعرف فى العقلية العربية التي كانت سائدة.
والمعلمون أصبحوا لاحقا، خلصاء الملوك والأمراء وأصفيائهم وندمائهم، وبالطبع معلموهم، هم وذريتهم.
والحجاج وصف بكل رزيلة، وجرد عن كل فضيلة، وأختلط صحيح أخباره بموضوعها، اختلاطا شديدا، والناظر فى سياسته بحياد وتجرد، يجده سائسا لا يُخدع، ومقداما لا تشق عصاه، وخصما يدين له الأعداء بالتسليم والإذعان، وإداريا حازما، ورعا زاهدا، من أعظم المصلحين، ولمن لا يثق بسالف الكلام، عليه أن يتحرى قادمه برفق.
تولى الحجاج الأمور فى دولة بنى أمية، فى عصر يموج بالثورات والاضطرابات، فأخمد فتنة ابن الزبير، التي كادت أن تأتى على الخلافة وأعاد الجماعة السياسية فى الدولة مرة ثانية.
تولى شؤون العراق، وهو يشق عصا الطاعة، ويأبى أن يساهم مع المهلب بن أبى صفرة فى حرب الخوارج، فكان من الضرورى، أن يظهر لأهله بمظهر خشن، وأن يعاملهم تلك المعاملة الحازمة، التي وصفت بالقسوة، فقد أدب العصاة، وأذل العتاة، ووطد أمور الدولة، ونشر الأمن، وبغير ذلك لا ينجح الساسة.
تجلت عبقرية الحجاج العسكرية فى الحرب – بغض النظر حول اتفاقنا على الحرب كوسيلة – عند خروجه من العراق لملاقاة ابن الزبير فى المدينة، فعرج على الطائف متعمدا، لكثرة حدائقها وطيب نسيمها، حتى يجعل خاتمة مطاف جنده فى الصحراء بأرض تطيب الإقامة فيها قبل الزحف على مكة.
كان الحجاج يسخّر ثغرات خصومه ونقائصهم وزلاتهم لصالحه، فقد كانت الطائف فى ذلك الوقت مقام محمد ابن الحنفية وغيره من كبار الصحابة وأبناء عمومة النبى وأبناء العباس ممن أُخرجوا من مكة بعد أن حاول ابن الزبير حرقهم لامتناعهم عن البيعة له، ووجود كل هذا الرعيل المحبوب، كفيل برفع روح الجنود المعنوية، والثأر لهم، وهم القلة المباركة فى نظر الجند، الذين يوشكون على أن يهاجموا بيت الله الحرام.
بخل ابن الزبير الذى باعد عنه أصحابه وأنصاره، فقد كان ابن الزبير ابخل من يكفى أصحابه شر العوز فى الوقت الذى كانت خزائنه مملوءة بالأقوات، وكان يقول فى هذا: " إن أنفس أصحابى قوية، ما لم يفن هذا " فى نفس الوقت الذى كان يستنصر فيه الحجاج الخليفة عبد الملك بالمال فيغدق به على جنده.
علم الحجاج وثقته بنفسه، فبينما كان الحجاج يرمى الحرم بالمنجنيق، أبرقت السماء وأرعدت، فقتلت من جنده عددا، فضعفت عزيمتهم، وكفوا عن القتال، خوفا من أن الله لا يرضى عما يصنعون، فقال لهم بلغة العالم الواثق: " لا تنكروا هذا، فأنا ابن تهامة وهذه صواعقها، وسيصيبهم فى الغد، مثلما أصابكم " وفى اليوم التالى، نزلت الصواعق، فقتلت من أصحاب الزبير عددا.
وبعد نصره على الزبير، ولما كانت مكة قفرة من الأنهار، وكان الاعتماد فى الشرب والرى على الآبار، حفر الحجاج بئر الياقوتة بمنى وأحكمها، وعمل سدا على جبل المزدلفة على يسار الذاهب إلى منى لحبس المياه على وادى مكة وجعل مفيضه فى سدرة خالد، وأعاد الكعبة إلى ما كانت عليه فى زمن النبى.

الحجاج وأهل العراق ...
من أهل الكوفة والبصرة، والذين أنتهزوا فرصة موت الوالى بشر بن مروان، وعادوا إلى بيوتهم بغير إذن، تاركين قائدهم المهلب بـ " رامهرمز " فى ميدان القتال مع الخوارج.
فمجرد وصول الحجاج للكوفة دخل المسجد خاطبا فيهم خطبته الشهيرة:
" يا أهل الكوفة إنى لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإنى لصاحبها، وكأنى أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى ".
ثم شرح لهم خطورة الموقف، وأنه لا تنفع فيه سياسة اللين، وأن تصرفهم مع المهلب وتركه فى الميدان والتخلف عن الجهاد معصية.
حرم عليهم الاجتماعات، كى لا تخل بالنظام وتكون سببا للثورات، كما يحدث فى العصر الحديث، خاصة فى الظروف العصيبة، وقد سبق الحجاج فى هذا نظم العصر الحديث.
حرم عليهم التقول والإشاعات المغرضة، التي من شأنها أن تخلق الفوضى، وتفت فى عضد المحاربين، وبلغة العصر الحديث قضى على الطابور الخامس فيهم.
وبين لهم الحكمة من هذه الشدة فى المعاملة، وهى أنه لو ترك العصاة، ما جيء فيء ولا قوتل عدو ولتعطلت الثغور.
أعلن أنه سيعطيهم أعطياتهم ويوجههم لمحاربة العدو، وأن من تخلف بعد أخذ عطاءه بثلاثة أيام، سفك دمه ونهب ماله وهدم بيته.
وهى العقوبة التي سبق بها الحجاج العصر الحديث، حيث جعل جزاء الفار من ميدان القتال، الإعدام.
وقد بدت تلك الوسائل التي لجأ إليها الحجاج، غريبة فى نظر المسلمين فى ذلك الوقت، إذ كانت عقوبة المتخلف عن القتال فى عهد عمر وعثمان وعلى، هى خلع عمامته والتشهير به بين الناس، وفى عهد مصعب ابن الزبير صارت بحلق الرؤوس واللحى، ثم تطورت فى عهد بشر بن مروان إلى تسمير اليدين فى الحائط.
ولما طلب منه عمير بن ضابىء الحنظلى التميمى وهو أحد أشراف الكوفة، أن يأخذ أبنه للقتال بدلا منه، وافق ثم ساله عن كنيته، فلما عرفه، وأنه من غزا عثمان، أمر بضرب عنقه، وقال فيه: " إنى لأحسب فى قتلك صلاح المصرين" يقصد الكوفة والبصرة.
فلما فعل، لم يتخلف أحد من أهل الكوفة بعد ذلك عن القتال، فكانوا يذهبون ويرسلوا لذويهم فى طلب ما ينقصهم، حتى أنهم كانوا يتزاحمون على القنطرة الموصلة بين الكوفة ورامهرمز، فيسقط بعضهم فى النهر، فأمر الحجاج بإنشاء قنطرتين أخريين.

إصلاحات الحجاج ...
إصلاحات الحجاج رائدة فى تاريخ الدولة الإسلامية، ربما لا يعرفها الكثيرون، فقد بلغ من حرصه على أن يظل القرآن بمنجاة عن إن يتطرق إلى رسمه تحريف أو أن يلابس تلاوته لحن، أن أمر بمراجعة القرآن ونقط كلماته وشكله وتجزئته، ثم كتابة عدة مصاحف منه وإرسالها إلى الأمصار حتى لا يختلف الناس.
وكان سبب ذلك أن المصحف الذى كتبه الخليفة عثمان فى سنة ثلاثين من الهجرة كان غير مشكول ولا منقوط.
ولما دخل فى الإسلام غير العرب من الفرس وغيرهم، خاف على القرآن أن لا تحفظه الألسنة من اللحن، ويكثر التصحيف والتحريف فى قراءته، فصمم على وضع حل نهائى لتلك الاختلافات، فطلب من كتابه أن يضعوا علامات للحروف المتشابهة، فكان نقط الحروف وتشكيل أولها وأوسطها وآخرها، وجمع القراء والحفاظ والكتاب، وطلب منهم أن يحسبوا عدد حروفه، وأن يحددوا نصفه وثلثه وربعه وعشره، فقاموا بهذا العمل فى أربعة أشهر.
يتبع ...



#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون كالديناصورات .. وربما أقوى قليلا ... فلم ينقرضوا حت ...
- الجنة .. إغواء ضحل ... وسراب ممجوج
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى 3
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى 2
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى
- الله .. وفى رواية ... الشيطان
- الله .. لحسن الحظ ... لم يعرف اليابان
- الله ... أكبر كاذب فى تاريخ الشرق
- لعنة اللاوعى
- الله ... بعيدا عن الأنبياء والفقهاء والوسطاء
- إما أن الله أحمق ... أو أن محمدا ميكيافيللى
- الله ... أحمق كذبة عبر التاريخ
- لا شىء مراوغ ... أكثر من حقيقة واضحة
- عزازيل - سيرة ذاتية 1
- محمد يحكم من قبره
- حب الموت وكراهية الدنيا
- مناعة شرسة أم قناعة شرسة
- لعنة الله
- المرأة مقدسة والجنس ليس غول
- إعادة قراءة للدين والحياة


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - الحجاج .. المستبد المستنير ... المُفترى عليه