أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - الجنة .. إغواء ضحل ... وسراب ممجوج














المزيد.....

الجنة .. إغواء ضحل ... وسراب ممجوج


أحمد عفيفى

الحوار المتمدن-العدد: 3558 - 2011 / 11 / 26 - 18:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف لعقل بالقرن الواحد والعشرين أو القرن العشرين أو حتى التاسع عشر، أن يستسيغ الجلوس على نهر والشرب منه مثل الدواب، وكيف بالجنة ألا تكون الحور مقصورة بها فى الخيام، والظاهر أنه قصر محمدى على محدودية علمه ومعرفته فقط بالخيام، والأولى إن صحت وتواجدت أن تكون مقصورات بالقصور أو بالبيوت أو بأى أربعة جدران كأى موئل بشرى طبيعى ومقبول، ولكنها ثانية وأبدا عقلية الخيام والأنهار التى لم تكن ترى غيرها وتتمنى وجودها.
يؤتى الرجل قوة أربعين رجلا فى الجماع، والأولى أن يؤتى قوة سبعين بعدد الحوريات، التى تمتد عجيزتها مسافة ميل، من فرط الشبق الجنسى الذى كان يعانى منه صاحب الوصف.
ليس بالجنة معارض ولا متاحف ولا مكتبات ولا دور سينما وكأن المتع الحسية التى جبروا على تركها هى فقط المتع التى تتوافر من جنس وخمر.
لا مكان للعقل والروح فى الجنة، فقط حديقة كبيرة غبية ملئي بفتيات الهوى وغلمان مخلدون لا أحد يعرف ماذا يفعلون، ولا أدعى المعرفة والافتراء.
لا كلمة واحدة ذكرت عن السفر والتنقل والنهل من حضارات الأمم الأخرى ورؤية الآثار والعلوم والأماكن والعادات والتقاليد والثقافات لمن لم يقدر عليهم بالدنيا.
فقط كلمات فضفاضة لا تحمل أى معنى، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إلى آخره من ذلك اللغط والتعتيم، فقط يلقى الضوء على المؤخرات والنهود والخمر وإعادة البكارة والقدرات الجنسية الخارقة وكأنك فى الريد زون بأمستردام وليس فى مكان نهائى للخلاص الروحى الدنيء والدنيوى.
من بحاجة لسندس وإستبرق وعنده ريش النعام وسرائر فيرساتشى، من بحاجة لأرائك ونصف سكان الأرض لا يستعملون الأرائك ولا يحبونها، من بحاجة لكسل وملل وخبل القطوف الدانية.
لو خير زويل ودافنشى ونيوتن واديسون وغيرهم بين الخيام والأرائك والقطوف الدانية، لفضلوا بالقطع معاملهم ومراسمهم ومكاتبهم وكراسيهم وسرائرهم، عوضا عن أجواء ألف ليلة المثيرة للشفقة والنكاح والأكل طول الوقت.
الحاجات البشرية لتحقيق الذات وتقديرها اسمى وارقى من الحاجات الدنيا كالأكل والجنس، الأكل والجنس غرائز بدائية أولية يضطر الإنسان إليها اضطرارا، فكيف تصبح خيارا نهائيا سائدا الى الأبد.
الجنة عرضها السموات والأرض، والكرسى عرضه السموات والأرض، ولا ندرى أيهما نصدق، ولا ندرى أين تقع إذن جهنم المسكينة التى يمتد قاعها سبعون خريفا يهوى به المساكين للأبد لذنب اقترفوه فى بضع سنين.
الجنة تبدو حديقة فقيرة بفاكهة معدودة لأناس محرومون، لا ذكر فى الجنة لفواكه الأمم الأخرى، وكانه لا حق لهم فى الاستمتاع بما طاب لهم من فواكههم فى الدنيا، فقط تذكر فواكه العرب المحدودة نخيل وأعناب وربما رمان للإغراء، وكأن الجنة عربية قرشية هاشمية وكأن الله عنصرى ومتحيز ومحدود، او بالأحرى محمد، حتى لا تجرح مشاعر المسلمين، رغم أنها ستجرح فى كل الأحوال.
الجنة لا تخلو من دماء وقرابين، ولابد أن يذبح على عتبتها كبش، يدعى كبش الخلود، فحتى فى الجنة لا تخلو عقلية المؤلف من الدماء والقتل ولا تتسع مخيلته وافقه الضيق لحلول أخرى متحضرة ومبتكره.
الجنة لا ذكر فيها لشباب عين، فالمرأة كائن هامشى وناقص وتافه ولا قبل لها بالكواعب الاترابا، ولا حاجة بها لشباب عين، يكفيها زوجها المهووس بحور عينه، يأتيها عندما يفرغ، أنى شاء، وعليها انتظاره وقبوله والرضى والاكتفاء به.
ربما لو زار صاحب الجنة ميامى أو شواطىء البرازيل لكتب حور سافرات ساخنات، فى البلاج مطلوقات، فى الشاليه مقصورات، وربما لو زار تايلاند وتاهيتى لكتب فيها اناناس وخوخ وباشون وبطيخ، ربما لو زار اللوفر لكتب فن مقصور فى الثغور، وعلى الناس سحره منشور، ربما لو زار ألمانيا لكتب علم مقصور فى العقول، ولخير الناس مشهور.
الجنة فكرة رديئة وشريرة، خرجت من عقل ذكورى يعانى من شبق مفرط، وحرمان جنسى أمتد لأكثر من خمسين عاما، تحت سطوة المال والجاه والزوجة الثيب الأكثر مالا والأعز نفرا، ليسخر رجال سذج يعانون من نفس المرض، فوفر لهم العلاج فى الدنيا بسبى النساء، والأولى كان احترامهن وصون أعراضهن ومالهن ومصاغهن، بعد التمثيل بآبائهن وأزواجهن وإخوانهن، وليس إكراههن وسرقتهن واغتصابهن.
ولكنها دائما الغاية التى تبرر الوسيلة، التى تداعب الخيال بحور كاعبات أبكارا، لتدفعهم للقتل والسبى فى الدنيا من أجل المتعة والمتاع، والجهاد والاستشهاد من أجل الجنة والمتعة والمتاع أيضا.
لو أن الجنة تستحق كل ذلك القتل والسبى والجهاد والعناء، لما فرط فيها آدم المسكين بتفاحة واحدة.
أعتقد أنه كان أسعد حالا فى الحياة الدنيا، وهو يتطلع لسوءاته وسوءات زوجه التى كانت غير مرئية فى الجنة، مستمتعا بها وبتلك المساحة من الخصوصية والحرية، بعيدا عن كيد الشيطان، وتآمر الله، وغفلة الحراس الغلاظ الشداد.
مسكين كل من ترك خياله يشطح لتداعبه الكاعبات والمؤخرات، مسكين كل من فرط فى حياته الوحيدة الفريدة المقدسة، من أجل غيب ضحل وغير مقنع بالمرة، مسكين من قتل نفسا بالحق أو بغير الحق، مسكين من قتل نفسه وقتل الأبرياء.
وطوبى للماديون الغافلون، الذين هم على حيواتهم حريصون، والذين هم لها حافظون، وبها يستمتعون، بالعلم يستفيدون، بالأدب يستمتعون، وبالفن أيضا يستمتعون، وبامرأة واحدة من نساء الحياة الدنيا الفانيات، راضون وقانعون وسعيدون، ولها يحترمون.
الدنيا بعلومها وفنونها وكتابها وكتبها وشواطئها وممثلوها وممثلاتها وفاكهتها ونسائها العاديات ورجالها وسحرها وبحرها وشمسها وهوائها وحضارتها وتاريخها، أجمل وأطيب وأصدق من عشر جنات بعرض الأرض والسماوات.



#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى 3
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى 2
- الفاتيكان .. تاريخ باباوى ... دموى ومأساوى
- الله .. وفى رواية ... الشيطان
- الله .. لحسن الحظ ... لم يعرف اليابان
- الله ... أكبر كاذب فى تاريخ الشرق
- لعنة اللاوعى
- الله ... بعيدا عن الأنبياء والفقهاء والوسطاء
- إما أن الله أحمق ... أو أن محمدا ميكيافيللى
- الله ... أحمق كذبة عبر التاريخ
- لا شىء مراوغ ... أكثر من حقيقة واضحة
- عزازيل - سيرة ذاتية 1
- محمد يحكم من قبره
- حب الموت وكراهية الدنيا
- مناعة شرسة أم قناعة شرسة
- لعنة الله
- المرأة مقدسة والجنس ليس غول
- إعادة قراءة للدين والحياة


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - الجنة .. إغواء ضحل ... وسراب ممجوج