أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - محمد البدري - اليسار بين العلمية وارتهانه للتاريخ















المزيد.....

اليسار بين العلمية وارتهانه للتاريخ


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:14
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


تعددت صور واشكال اليسار العربي وتلونت اطيافه، فمن رحم الفكر الماركسي خرجت تنظيمات كثيرة، ومن رحم الفكرة العنصرية العربية خرجت اشكال اخري محسوبة علي اليسار، وكان قاسمهما المشترك هو العداء للغرب الراسمالي باعتباره حاميا وراعيا للبرجوازيات العربية المتحكمة في الثروة وتملك مفاتيح السلطة وراعيا ايضا لاسرائيل حيث وصفتها الحركتان اليسارية والقومية باوصاف تنتمي الي بلاغة اللغة وليس الي التفسير الموضوعي عن واقع حالهم وحالها. ولعل الشعارات التي رفعها شباب الثورات الحالية والتي اختفت منها ما هو ضد اسرائيل (ربيبة الاستعمار) والغرب الراسمالي (الامبريالي) دليل علي ان صفحة جديدة بلون يختلف عن كل التهويل الثوري للماركسيين والقوميين قد بدات في تاريخ المنطقة علي انقاض ما سمي يسارا او ما وصفوه بنظم رجعية ومتخلفة وفاسدة. شباب الثورات هم جيل جديد فقد الثقة في ماضي ابائه واقوالهم لان افعالهم لم تكن علي نفس القدر من الاكاذيب بل اسوأ.
فسيرورة اليسار، بشكل عام، نشأت مرتبطة بالضرورة العلمية لمستوي تطور قوي الانتاج ومتابعة مدي نضج الوعي الناتج عنه. فعلي ضوء هذا التعريف تسقط فكرة القومية العربية كحركة احتسبت نفسها يسارا وصنفها بعض المفكرين في الغرب والشرق علي السواء بالخطأ يسارا. وهنا يبقي التيار الماركسي العربي بوصفه مناضلا ضد الاستغلال ومحررا لطاقة العمل.
ولنأخذ كنموذج مفكرين يساريين "حسين مروة" و "طيب تزيني" وهما من الطراز الرفيع نظريا. ففي موسوعة النزعات المادية للاول وفي كتاب من التراث الي الثورة للثاني انطلقا في محاولة لاكتشاف جدل التراث والواقع. فرسما صورة مشوهه للتراث وللواقع مفترضين ان شروط نشأة يسار عربي هي ذاتها نشأة اليسار في الغرب. وجاء "د. حسن حنفي" نموذجا لهذا الخلط والارتباك، كيساري لم يستطع التخلص من تراثه الديني ومعه "أحمد عباس صالح" وآخرين يحاولون اضافة نكهة يسارية علي الاسلام ذلك لان اليسار العربي لم يتخلص اساسا من كل تراثه العربي المتخلف، بل لم ينقده كفكر وكواقع في المنطقة. بكلمات أخري لم يحثوا قطيعة معرفية وعلائقية بين الماضي والحاضر، تلك القطيعة التي اسس باشلار فكره عليها هي ذاتها التحول النوعي للفكر في الماركسية في مرحلة اكثر تقدما من سابقتها.
فرموز اليسار العربي نظريا خلطوا بين اللصوصية وقطع الطرق والغزو والنهب وبين تراتبية هيكل الانتاج بصرامة الاداء الاستغلالي في عملية العملن مفترضين وجودها بشكل هيكلي صحيح. فهل يستوي النهب والسلب بحق الايمان والوهم الديني مع العمل والاستغلال في عملية انتاج وبيع وتسويق؟ تساوت الحالة عند كثير من يساريي العرب دون التعرض للسلب والنهب صراحة لكونها ثقافة عربية قائمة بذاتها لازال كثيرين من القوميين واليساريين يمررونها دون وعي منهم بها أو ربما خوفا أو تقديس لها. وحاول "د. هشام شرابي" بادبه الاكاديمي نزع الابوية من الفكر العربي كعلاج مؤقت بديلا عن فضح قلب التفاحة العطن بينما هي متجذرة في التركيب الاجتماعي بل وفي التركيبة الاقتصادية للمجتمع العربي.

أجيال الثورة الجديدة طالبت بعدالة اجتماعية، فمن وجهة النظر الماركسية كانت قيمة الانسان من كرامة وانسانية مرهونه بقدر وعي وتطور الطبقة العاملة وطبقة الملاك بدور كلا منهما في المشاركة بالعملية الانتاجية. وكانت مكتسبات احدهما علي حساب الاخر في تناسب بايهما يقتطع قدرا اوفر من الفائض. وكانت الكرامة والانسانية تتولد وتكتسبها قوي اليسار باجبار الطبقات الفوقية علي الاعتراف بها مع كل اقتطاع اكبر من الفائض لصالح قوة العمل المبذولة في الانتاج. وطبقا لهذه المعادلة التي وصلت الي حدودها القصوي في الغرب الراسمالي يمكن رؤية مدي الانحطاط المقابل في قيمة الانسان العربي ومردها الي ما في التراث العربي الاسلامي من بخس لقيمة الانسان بوضعيته التي صورتها نصوص الدين ورافقتها صورة العربي الطفيلي الذي لا يرعي حرمة وحقه في الاستحلال ووضع اليد مقارنة بالحقوق القانونية والاجتماعية والسياسية في مجتمعات الغرب المؤسسة علي برجوازية فوقية وقوة عمل تحتية ذات صفات توصيفية سليمة.
فكلما ظل التراث العربي حاضرا، دون قطيعة، فان اليسار يظل عاجزا عن شرح الكثير من حقائق التاريخ. فالعلاقة هنا هي علاقة الجزء بالكل والماضي بالحاضر كعلاقة تفاعل جدلي يفترض التداخل والتغيير المتبادل بينهما وعليهما سويا. فقد وضع الدين / الاسلام وبكل اسف بصمته الفكرية والسياسية علي عقل اليسار العربي الي حد ان ضللنا كثيرين بان الاسلام دين يساري النزعة. وعندما انقسم الدين بطبيعة الحال الي نحل ومدارس ومذاهب وجماعات ظلت اليسارية ضعيفة داخل كل فصيل. ولم يبق منه في نهاية المطاف سوي هذه النظم الاجرامية تعمل في الخفاء لما روجت لهم كاعداء وتمتص دون مكاسب دماء شعوبها في فترات ما ادعي اليستر انه نضال. ثورات العرب في الماضي هي ثورات العبيد كالزنج والقرامطة. وتوقفت الامور عند هذا الحد من تطور انماط الانتاج. فلم يعرف العرب شيئا عن تقسيم العمل في مجتمع الصناعة والراسمال لكونهما نمطين يحتاجان للعلم والمعرفة الحديثة بينما عالم العرب يعيد باستمرار ممل انتاج الاسلام مع كل مرحلة حفاظا علي تخلفه ويعادي في نفس الوقت العلم والمعرفة بشكل جذري، بل واصبح يضلل شعوبه بان كتاب الله احتوي علي كل العلوم وخرج النصابون والدجالون من ذوي اللحي برعاية من بلطجيات الحكم بالقومية أو بالدين ليكذبوا الكشوف العلمية الي حد انكار دوران الارض بكل صلافة وبجاحة.

وعلي استحياء بل وبدون ان يرمش جفن لليسار فلم يقف احد من رموز التهليل ضد الراسمالية والمحسوبين علي ثقافة القومية العروبية او اليسار بكل ما اوتي من علمية ان يقول لماذا يكذب مشايخ الاسلام بينما نحن المتهمين بالكفر اكثر منكم صدقا وامانة؟ ظل اليسار العربي بائسا في حربه ضد ما اعتبره عدوا طبقا لادبيات الماركسية بينما هو غارق في مفاهيم عروبية اسلامية يمكن وصفها بالاسيد المذيب لكل انواع الفلزات. لهذا كانت الثورات الجارية مفاجأة للجميع كحركة شعبية ونخبوية في وقت واحد و في مطالبها. فلم يطالبوا بالحرب والنضال بايقاعات الماضي القريب وكل شعارات القومية واليسارية العالية الصوت، باكتشفهم ان من يحاول التوريط في الحروب التي طالما دعي اليها اليسار والقوميين قبل الثورات هو ما تقوم به فلول النظم القومية العروبة والتي ادعت اليسارية في مراحل من حكمها!!
الثورة إذن ليست ضد عدو خارجي بقدر ما هي ضد عدو داخلي يجري مع كريات الدم البيضاء والصفائح الثقافية في دم الشعوب وتلون دمائها بالعروبة وبالاسلام. عدو داخلي اخفته التنظيمات القومية تحت عبائتها ولم تصرح بوجوده التيارات اليسارية تهربا من فضيحة التخلي عن الايمان. واكتشف الشباب ان الاسلام السياسي الذي لعب علي ايقاعات العداء المفتعل بين اليهودية (الصهيونية) وبين الاسلام (العروبة) هو ذاته يقف حائلا لتحقيق مطالب اجيال جديدة سدت امامها السبل بحجج القضية القومية للعرب وللاسلام، كما لو ان الصهيونية والعروبة وجهين لعملة واحدة.
وتبقي الحركة اليسارية النابعة من الافكار الماركسية نظريا موضع بحث وتساؤل نظري طوال تاريخها وحتي زمن الثورات الحالية. فشباب الثورة بمطالبه وشعارات الثورة الثلاث يسعي لتأسيس واقعا ماديا اجتماعيا جديدا يمكن لليسار النظري الذي رفرفت اعلامه دون انجاز واحد في ظل عروبته الحمقاء ان يجد مبررا لقيادته لو انه عاد لصفوف عماله وفلاحيه. فلم تكن هناك علي مدي قرن من الزمان سوي حركات فاشية يمينية متخلفة سعت كذبا علي شعوبها بانها قائدة للتحرر تدعي عروبة عنصرية واسلاما انتهازيا وحققت لمن تقول بانهم اعداء اكبر المكاسب باقل التكاليف.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام والاسلام السياسي بين الخسة والنذالة
- ثقافات وثورات
- دستور مصر الجديد المحترم
- الهروب الابستمولوجي
- اليسار بين الوحده والتشتت
- السلفيون والعفو عن قتلة الشهداء
- الشريعة الاسلامية في خدمة اسرائيل والفساد
- السلفية والوهابية واسرائيل
- حتي لا تتكرر كارثة يوليو
- أضغاث احلام بالخلافة القديمة
- دستور آل سعود المطبق عمليا على بلاد نجد والحجاز
- رسالة الي المصريين
- الوصايا العشر للسلطة الفاسدة
- حديث الذكريات المبكر
- إحذروا هؤلاء
- الوكر
- وسقطت الابوه السياسية
- عندما يصاب المفتي بالهلع
- جلد الحية... وقبل ان يرحل الدكتاتور
- تونس وخرائط النوايا والاولويات


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - محمد البدري - اليسار بين العلمية وارتهانه للتاريخ