أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمدعبدالمنعم - التوظيف الإخراجى التراثى للتمثيل والأغانى فى سلطان الغلابة















المزيد.....

التوظيف الإخراجى التراثى للتمثيل والأغانى فى سلطان الغلابة


محمدعبدالمنعم

الحوار المتمدن-العدد: 3553 - 2011 / 11 / 21 - 09:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


التوظيف الإخراجى التراثى للتمثيل والأغانى فى سلطان الغلابة بقلم د/محمدعبدالمنعم بقسم المسرح بكلية الأداب جامعة الإسكندرية



بالنسبة لعنصر الأداء التمثيلي فقد اختار المخرج لممثليه أسلوباً لاواقعياً في الأداء، أسلوب لا يعتمد على التقمص والاندماج بقدر ما يعتمد على التشخيص في مجمله؛ إذ يسمح للممثل بالخروج عن الشخصية التي يمثلها لإلقاء قفشة كوميدية أو لإجراء حوار حي مباشر مع الجمهور ثم العودة للشخصية الممثلة مرة أخرى، وفي إطار هذا الأسلوب فمسموح للممثل بقدر من الارتجال، حيث ترك المخرج لممثليه مساحات عدة للارتجال الحر في مناطق كثيرة من العرض لعل أبرزها المساحة الحرة التي تركها للملك معروف ليحاور فيها جماهيره - باعتبارهم أهالي السلطنة - ويستفسر منهم عن أحلامهم وطموحاتهم وطلباتهم التي يريدوه أن يحققها لهم عن طريق الخاتم المسحور.

هذا فضلاً عن استخدام الممثلون لبعض الكلمات والجمل والعبارات المعاصرة التي يلتقطها الممثل أثناء سير العرض ويدسها في حواره مثل قول الملك معروف للملك سمعان السابق (بيقولوا عنك كلام زبالة)، وقوله لزوجته (تفتحي مكتبات ومستشفيات) في إشارة واضحة لزوجة الرئيس المخلوع مبارك، وقوله عن الملك سمعان (بدأ يلخبط في الحلل)، فضلا عن كلمات باقي الشخوص خاصة الجني وريما العرة وغيرها مثل كلمة (مُزة)، (دليڨري) وغيرها.

وبمتابعة أداء الممثلين لأدوارهم يتضح أن المخرج قد وزع الأدوار عليهم بعناية شديدة فوضع كل ممثل في مكانه المناسب، فكانوا أشبه بالضفيرة التمثيلية التي جدلت خصلاتها بإتقان مجموعة تملك إمكانات ومهارات متنوعة، فمنحوا الشخصيات الممثلة كيانات لها ملامح، ومنحوا العرض طاقاتهم الأدائية المتقنة، فرأينا الفنان (أحمد راتب) في دور الملك معروف مُمثلاً راسخاً قولاً وحركة وانفعالاً كما عهدناه دوماً، فاستطاع أن يتموج عبر خيوط الدور الذي يؤديه بتلقائية وحرفية شديدة مستحوذاً على قلوب الجماهير، لاسيما وقد عبر عن كل لحظة بإتقان واضح، فعرف كيف يصل بالمغزى المطلوب من الشخصية إلى مشاهديه بسهولة، معبراً عن معنى القيادة الحقة، وسمات القائد المطلوب في المرحلة الراهنة، وقد أجاد على المستويين سواء في الأداء الكوميدي، أو في أداء اللحظات الجادة.

أما (حنان سليمان) في دور ريما العرة زوجة الملك فكانت قادرة على إشباع كل مسارات الشخصية مستغلة في ذلك مرونة جسدها، وإمكانات صوتها، وتلقائية أدائها، في تحمل عبء الأدوار الرئيسية المركبة مثل هذا الدور المشبع، فهو دور مركب له أكثر من جانب ويؤَدى على أكثر من مستوى، فهي المرأة القبيحة السوقية، وزوجة السلطان، وملكة السلطنة، ثم هي المرأة الجميلة التي لها دلال أنثوي طاغي، والزوجة المتآمرة والمتمردة، والمرأة الظالمة الطاغية التي تقهر الشعب، وقد استطاعت حنان سليمان أن تستغل مهاراتها الأدائية بالوفاء بما يتطلبه الدور من جوانبه المختلفة، وقد نجحت في إضفاء طابع كوميدي على الشخصية فأمتعتنا كثيراً، خاصة وقد عرفت كيف تخلق تبايناً مميزاً عبر الصوت والحركة والإيماءة والإشارة بين أجزاء دورها المختلفة عندما تحولت من القبح للجمال ومن الخضوع للتمرد.

وبالنسبة للفنان (أحمد نبيل) الذي أدى دور العفريت فقد قدم دوره بخفة ظل شديدة، مستثمراً مهاراته الجسدية في إضفاء ملامح جديدة على أداء مثل هذا الدور فوق المسرح عبر قفزاته البهلوانية وحركاته الأشبه بالحركات السيركية، فجذب المشاهدين وحاز على إعجابهم خاصة وهو لم يستسهل في تقديم الدور بشكله التقليدي المتعارف عليه، وإنما أجهد نفسه ليضفي عليه بعداً ملهاوياً ساخراً في إطار التشخيص.

وبالنسبة للفنانة (شريهان شرابي) في دور الراقصة فقد استثمرت نعومة صوتها وأنوثة جسدها في تقديم ملامح الشخصية بطاقاتها الحية ودلالها الأنثوي فوق المسرح، وقدرتها على إشباع الدور رقصاً وأداءً وحركة.

أما الفنان (محمد صلاح) أحد رجال الملك وحاشيته فهو ممثل واع يمتلك إمكانات كبيرة في الأداء المسرحي تحتاج مساحة أكبر في العروض القادمة.

وقد ترك الفنان (محمد عابدين) في دور الملك السابق سمعان بصمة واضحة وحكم زمام دوره ولفت انتباهنا بتلقائيته في الدور وحيوية أدائه، وكذلك شريف عواد وأحمد الشريف ومحمد نجم فقد أجاد كل منهم في دوره.

ومن الممتع في هذا العرض أن المخرج قد غلف عرضه التراثي بطابع غنائي شعبي كوميدي، معتمداً اعتماداً أساسياً على أغاني الربابة والمطرب الشعبي كإطار رئيسي للعمل، موظفاً فرقة شعبية أقرب إلى التخت الشرقي، يرتدي أفرادها الزي الشعبي (الجلباب / اللاسة التي تلف الأكتاف / العمامة)، ويقبعون في صالة المشاهدين وسط الجماهير أمام مقدمة المسرح في يسار المشاهد، تتكون هذه الفرقة من ستة أفراد اثنان يطرقان الطبول، واثنان يعزفان على الربابة, وعواد، وعازف تشيللو.

ولعل اختيار المخرج لآلة غريبة كالتشيللو وسط آلات شرقية، يرجع لما يوفره التشيللو من أصوات موسيقية لها دلالة محددة مطلوبة في العرض قد لا توفرها الآلات الموسيقية الشرقية المستخدمة، وربما يعود كذلك لرغبة المخرج في المزج بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية ليخرج من إطار التخت الشرقي وإطار المحلية ليعطي - بواسطة الأغاني التي تعلق على أحداث العرض - طابع شمولي يتسق وشمولية القضية التي يعالجها، وقد ساعده ذلك المزج أيضاً على كسر مسار الموسيقى الشرقية، مما ساهم في كسر الإيهام المسرحي اتساقاً مع أسلوب الإخراج. وقد وظف المخرج تسع أغاني تفتتح العرض وتختتمه وتعلق على أحداثه، وكلها أغاني عذبة تصدرها الفرقة على إيقاعات ونغمات الموسيقى الحية، فكانت تذكرنا بالراوي الملحمي عند بريخت الذي يفتتح العرض ليقدم قصته وأحداثه، ويعطي فكرة عن شخوصه، ثم يقطع سير الأحداث بين الحين والآخر ليعلق عليها، ثم يختتم العرض.

ومن ثم لعبت الأغاني في هذا العمل دوراً سياسياً هاماً، حيث ألقت الضوء على مناطق كثيرة فيه وبلورت المغزى السياسي، كما ساهمت في كسر الإيهام على نحو ملحمي، فضلاً عن دورها في إنعاش الجمهور والتواصل معه، فرأينا الجمهور كثيراً ما يتواصل معها بالتصفيق الحار، والتعليق، والمديح على ألحانها وكلماتها وأصوات مؤديها أحمد سعد وفارس.

وتستحضرني هنا أغنية الافتتاح (ليل يا ليل يا ليل يا ليل) التي يغنيها أحمد سعد على الربابة وعلى إيقاعات شرقية متنوعة ليعطينا فكرة عن أحداث العرض، ونبذة عن بطله معروف الإسكافي فيقول: "معروف لا كان ابن وزير ولا ابن سلطان وكان فقير بالأوي ويطول علينا البال... بيشتغل إسكافي على أد أد الحال... يشقى النهار بطوله وزباينه زي الحال... وأكمنه شغال شغلته مملاش جيوبه المال"، وهي الأغنية التي تبدأ بمدح النبي وتخبر الجمهور أنها تحكي سيرة الملك معروف، وهي نفسها التي تختتم العرض وتُقدم عليها التحية، فكانت الأغاني جزءاً لا يتجزأ من نسيج العرض وبنيته الدرامية.

كذلك نذكر أغنية (مفيش فايدة) وأغنية (راودني خيالي) اللتين قدمهما فارس بشجن وإحساس صادق إذ يتميز بصوته العذب الطرب، كما يتميز الفنان أحمد سعد هو الآخر بصوت قوي حساس يتسم بالتلقائية فأعطى للأغنية الشعبية مسحتها الشعبية.


مع تحياتى

د/محمدعبدالمنعم
مدرس التمثيل والإخراج
بقسم المسرح بكلية الأداب
جامعة الإسكندرية



#محمدعبدالمنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (( سلطان الغلابة )) ملامسة حية للوضع السياسى الراهن
- جدلية العلاقة بين المؤلف والمخرج المسرحى - بقلم د/محمدعبدالم ...
- الاداء التمثيلى فى المسرح الغنائى بقلم: د/ محمدعبدالمنعم
- ظهور المسرح الملحمى فى مصر على يد المخرج المسرحى ... بقلم : ...
- صور المسرح السياسى فى مصر
- نشأة الأوبرا العالمية
- جهود عبد الرحمن الشافعى فى قطاع الفنون الشعبية
- دور المخرج الاجنبى فى المسرح المصرى وايجابياته
- الفرق بين المسرح التسجيلى و مسرح الكباريه السياسى
- موضوعات المسرح الغنائى المصرى فى حقبة السبعينيات بقلم : د / ...
- خصوصية فن المسرح بقلم : د/ محمحدعبدالمنعم - قسم المسرح بكلية ...
- مآثر سيد درويش على المسرح الغنائى فى مصر بقلم : د / محمدعبدا ...
- رواد ( الفرانكو - اراب ) فى مصر بين المنافسة والابداع
- تخلى كبار المخرجين عن مسرحنا الغنائى فى الثمانينيات
- قضية الحرية فى العرض الغنائى الاستعراضى ( لولى )
- الرقص والتمثيل فى الاوبريت المسرحى بقلم - د / محمدعبدالمنعم ...
- القضايا التى عا لجها عرض ( شارع محمدعلى )
- الدور الفنى للكورال فى المسرح
- جهود المخرج ( عمر وصفى ) فى حقل مسرحنا المصرى - بقلم د/ محمد ...
- مسرحية ( مجنون ليلى ) بين أحمدشوقى وصلاح جاهين بقلم/ د: محمد ...


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمدعبدالمنعم - التوظيف الإخراجى التراثى للتمثيل والأغانى فى سلطان الغلابة