أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الدولة و الدين و حرية المرأة















المزيد.....


الدولة و الدين و حرية المرأة


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 3543 - 2011 / 11 / 11 - 13:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن طبيعة العلاقة بين المرأة و الرجل في العصر الحالي ليست وليدة اليوم بل هي نتيجة صراع قائم بينهما من أجل السلطة السياسية و الإقتصاد ، صراع لم يتم حسمه بعد بصفة نهائية و هو في تفاقم مستمر في ظل الصراع الطبقي بالمجتمعات الرأسمالية ، و هو صراع تنبع جذوره من الصراع حول السيطرة السياسية باعتبارها التناقض المركزي الذي تتمحور حوله جميع التناقضات الثانوية من بينها الصراع بين المرأة و الرجل ، الذي تحول إلى تناقض أساسي في مراحل تاريخية حاسمة من تطور التكوينات الإجتماعية الأربعة الكبرى التي مر بها الصراع الطبقي عبر تاريخه الطويل (المشاعة، العبودية و الرق، الإقطاع، الرأسمالية).

ففي أطول المراحل التاريخية من تاريخ البشرية و المعروفة بالمشاعة/الشيوعية البدائية ، بلغت المرأة شأنا كبيرا باعتبارها المحور الأساس في حياة المجتمعات البدائية ، التي لا نعرف عنها الشيء الكثير إلا ما وصلنا عبر الدراسات الأنتروبولوجية و السوسيولوجية لبقايا هذه المجتمعات و على رأسها كتابات إنجلس حول المرأة و الملكية الخاصة و الدولة .

و تعتبر معالم الحياة المشاعية في المجتمعات القبلية في العصر الحديث دليلا قاطعا على مكانة المرأة العالية و دورها في بناء المجتمعات البشرية ، و التي احتلت فيها مركزا هاما ساهم بشكل كبير في تطور الحياة الإجتماعية مما مكنها من السيطرة الإقتصادية و امتلاك السلطة الإقتصادية تمهيدا للسيطرة السياسية ، في ظل مجتمعات تصارع ضد ما يهددها من أخطار تلزم على أفرادها التكتل و التجمع و العمل الجماعي/الشيوعية البدائية التي يعتبر فيها عمل المرأة المحور الأساس و الذي مكنها من احتلال مراكز هامة في المجتمع.

خلال مرحلة المشاعة التي يمكن اعتبارها أرقى ما وصلت إليه علاقات الإنتاج في المجتمعات البشرية قبل ظهور الرق و العبودية الإقطاعية ، ففي المشاعة يعمل الفرد لصالح الجماعة التي تعمل على حمايته من داخل الجماعة لصالح الجماعة ، كانت المرأة هي المؤهلة لقيادة الصراع ضد الآخر/الحيوان و قساوة الطبيعة باعتبارها المسؤولة على استمرار الحياة ، في مجتمعات تعتمد على العمل الإجتماعي بوسائل إنتاج تعتمد على تكنولوجيا وسائل إنتاج بدائية ترتكز على الجماعة أكثر من اعتمادها على الفرد الذي لا شأن له خارج الجماعة في ظل صفة العمل الإجتماعية ، تلك هي حتمية الوجود في العصور الحجرية و ما بعدها و التي تفرض النضال الجماعي لاستغلال الموارد الطبيعية من أجل البقاء و التطور ، و في شروط الحياة المادية هذه التي أسست لبناء المجتمعات البشرية كانت المرأة في قيادة السلطة الإقتصادية و بالتالي السلطة السياسية في مراحل متقدمة و كانت أسعد المراحل التاريخية التي عاشتها البشرية.

و لم يتم التحول و الإنقلاب على نمط الإنتاج المشاعي إلا في المراحل التاريخية المتقدمة من حياة البشرية بعد التطور الذي لحق وسائل الإنتاج ، التي ساهمت في تطوير أساليب استغلال الطبيعة و مقاومة العدو/الحيوان عبر استئناسه و تربيته و استغلاله كوسيلة من وسائل الإنتاج ، و تم إعادة توزيع العمل بين المرأة و الرجل حيث تقوم المرأة بالأشغال ذات طابع اجتماعي لها علاقة بالإستقرار و التشبث بالأرض مما حتم عليها البقاء في بقعة ذات حدود جغرافية محددة ، و أصبح عملها مزدوجا عبر العمل بالبيت و المزارع بعد بناء الأسرة التي شكلت فيها الأمومة مهمة أساسية تنتزع من الأم وقتا طويلا و معاناة شاقة ، و أصبحت حياة الرجل غير مستقرة تتسم بالتنقل لمطاردة الحيوان بحثا عن الصيد و استئناس الحيوانات لاستغلالها كوسيلة من وسائل الإنتاج ، و أحدث اكتشاف المحراث الخشبي ثورة خطيرة في حياة البشرية مما حول المرأة إلى وسيلة من وسائل الإنتاج يتحكم فيها الرجل و يستغلها ، و امتلك الرجال الأراضي و المواشي و استعبدوا النساء و ظهر نظام الرق الذي طال المرأة كعاملة و نشأت بوادر النظام الإقطاعي.

و فقدت المرأة موقعها في السلطة الإقتصادية بعد تحويلها من طرف الرجل إلى وسيلة من وسائل الإنتاج في نظام الرق و النظام الإقطاعي تعرضت فيها المرأة للإستغلال المزدوج بالبيت و المزرعة ، و ما زالت تداعيات هذا الإستغلال قائمة تنخر قوة عمل المرأة في بوادي الدول الكومبرادورية حيث تعمل المرأة طول النهار بالبيت و المزرعة دون أجر بينما الرجل يسيطر على موارد إنتاجها.

نشأ النظام الإقطاعي الذي لعبت فيه المرأة دورا هاما في الإنتاج كعاملة دون مقابل يذكر و انتزع منها الرجل مكانتها و استولى على السلطة السياسية و الإقتصادية ، و للحفاظ على مصالحه عمل على بسط سيطرته بالقوة عبر العنف ضد المرأة بعد امتلاك وسائل الإنتاج أساسها الأرض مما أنتج الرأسمال التجاري عبر تداول فائض المنتوج بالأسواق في مراحل متقدمة ، و سن الرجال الأسياد قوانين الرق و العبودية التي تمنح الرجل السيادة على المرأة في ظل الصراع الطبقي حول السيطرة السياسية و الإقتصادية في مجتمعات الأسياد و العبيد التي ركزت استعباد المرأة من طرف الرجل ، و ظهرت الفوارق الإجتماعية و الطبقية التي جعلت المرأة في الدرجة الدنيا حيث لا موقع لها في القرار السياسي الذي انفرد به الرجل من أجل السيطرة الإقتصادية ، و أصبحت خادما بالبيت في أحسن الأحوال و بالبيت و الأرض في أسوئها بعدما فقدت مكانتها و إلى الأبد ، عند نشأة الدولة و سن التشريعات لحماية المصالح الإقتصادية في علاقتها بالسيطرة السياسية في ظل عنف الدولة باعتبارها أداة للسيطرة.
و استمر الصراع بين المرأة و الرجل على السلطة السياسية للتحكم في الإقتصاد لآلاف السنين من عمر النظام الإقطاعي الذي شرعن استعباد المرأة من طرف الرجل ، و رغم ذلك حافظت بعض النساء في ظل النظام الإقطاعي في عصور متقدمة على مكانة عالية في المجتمع حيث استطاعت السيطرة على السلطة السياسية ، ذلك ما سجله تاريخ المجتمعات البشرية في الجزيرة العربية مع مملكة سبأ باليمن و في عهود الممالك الأمازيغية بشمال أفريقيا ، و ما زالت امتداداتها قائمة اليوم في بقايا المجتمعات البدائية التي تؤكد مكانة المرأة و دورها الهام في بناء الأنظمة السياسية و الإقتصادية التي تعتبر جد متقدمة ، مما يعتبر دليلا قاطعا على أن المرأة تملك قوة العقل مثلها مثل الرجل و قادرة على قيادة الصراع السياسي و الطبقي.

إن الصراع بين المرأة و الرجل يكمن في الصراع من أجل التحكم في الإقتصاد في ظل الملكية الخاصة عن طريق الإستيلاء على السلطة السياسية/الدولة التي تتحكم في جميع مناحي الحياة منذ نشوء الأنظمة الإقطاعية ، و من أجل الإستمرار في السيطرة على السلطة عمل الرجل على استغلال عامل الدين أيديولوجيا عبر الأنظمة الإستبدادية التي تحالف فيها النبلاء و رجال الدين لدعم سلطة الملك الفردية ، في ظل الحكم المطلق من أجل السيطرة على الموارد الإقتصادية عبر سن تشريعات تعتمد على الدين تضع المرأة رهن استغلال الرجل قصد إبعادها عن السلطة لتسهيل استغلالها ، و قد لعب استغلال الدين أيديولوجيا ضد حرية المرأة في ظل النظام الإقطاعي دورا خطيرا في نزع السلطة السياسية من المرأة مما نتج عنه انفراد الرجل بالحكم خلال آلاف السنين من عمر الإقطاع ، و التي أوصلت البشرية إلى مستويات خطيرة من الإستغلال و سلب الحريات الجماعية من أجل استغلال الثروات الطبيعية ، و انفراد الرجال بالتحكم في الإقتصاد بعد إبعاد النساء عن السياسية مما ساهم بشكل كبير في دونية المرأة التي ساهمت فيها الصراعات السياسية بين الدول التي نتج عنها سفك الدماء و تعريض حرية المرأة لانتهاكات خطيرة.

فمنذ قيام الدولة اليونانية التي أسست في مراحل متقدمة للديمقراطية الجنينية و الدولة الرومانية الإستعمارية ذات الجدور الدينية ، مرورا بالدول الفيودالية الأوربية المرتكز إلى الدين و الحروب الدينية الأوربية و الحروب الكولونيالية المعتمدة على الإستعمار الرأسمالي بعد سيطرة المفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع في الدول الديمقراطية البورجوازية ، وصولا إلى الحربين الإمبرياليتين العالميتين الأولى و الثانية و ما رافقها من الحروب اللصوصية والإرهاب المنظم للإمبريالية و الصهيونية المدعومة من طرف الرجعية العربية ، و أوضاع المرأة تتزايد سوءا في ظل استغلال الرأسمال للعمل بدا بالميز ضدا في العمل إلى استغلالها في الأسواق التجارية العالمية من طرف الشركات الإمبريالية العابرة للقارات.

فمع تطور الحركة الإجتماعية و المعرفية بأوربا و دخول عامل الصناعة في الإقتصادي طرأ تحول سريع في استغلال الأرض بعد مكننة وسائل الإنتاج الفلاحية ، و ظهور المدن الصناعية التي تضم ملايين العاملات و العمال و تراكم الأموال في أيدي قلة من الرأسماليين ، ظهر النظام الرأسمالي الذي استغل العمال الزراعيين الفارين من استغلال العبودية الإقطاعة بالبوادي و خاصة المرأة العاملة ، و ظهرت الطبقة البورجوازية التي استفادت من الإكتشافات العلمية التي وفرت وسائل الراحة و الرفاهية و الإستغلال و راكمت الرساميل على حساب استغلال الطبقة العاملة ، و تعرضت المرأة من جديد للإستغلال من طرف الرجل عبر التمييز بينها و بين الرجل في مستوى الأجور و ساعات العمل و التعويضات العائلية و الأمومة التي تعرضها للطرد.

و رغم دور الأفكار البورجوازية في الدعاية للحرية التي لعبت دورا هاما في تحرير العبيد من ذل العبودية الإقطاعية عبر نشر المفاهيم البورجوازية التي أسست لمفهوم الدولة العلمانية ، و التي تدعي احترام الحقوق المدنية و السياسية عبر التمتع بالحريات الفردية كالإقتراع المباشر و الديمقراطية و تأسيس الجمعيات و النقابات و الأحزاب، فإن موقع المرأة في هذه التحولات يبقى دون مستوى المساواة مع الرجل حيث لم يتم اعتبار ما لحق المرأة من تمييز عبر آلاف السنين من استغلال الرجال للسلطة السياسية و الإقتصادية ، و بقيت مطالب المرأة تراوح مكانها في ظل المجتمعات البورجوازية التي حولتها إلى سلعة تباع و تشترى في الأسواق التجارية العالمية باستغلال جسدها في الإشهار لترويج المنتوج الإمبريالي بعد تركيز إبعادها عن مراكز القرار السياسي.

لقد أدى استقلال الرأسمال للعمل إلى بروز التناقض بين البورجوازية و الطبقة العاملة بعد تنامي استغلال قوة عمل الطبقة العاملة من طرف الرأسماليين الذين يركضون وراء الربح ، و ظهرت الأفكار الإشتراكية بقيادة ماركس و إنجلس اللذان وضعا الأسس النظرية و العملية للتناقض بين الرأسمال و العمل ، و ناديا إلى بناء المجتمع الشيوعي الذي تنتفي فيه الطبقات و الفوارق الإجتماعية و دافعا عن حقوق العمال بصفة عامة و حقوق المرأة بصفة خاصة التي لا يمكن أن تتحقق إلا بحسم الصراع لصالح الطبقة العاملة ، و كان لخروج المرأة إلى العمل خارج البيت بالمدن الصناعية أثر كبير في رفع وعيها بحقوقها و القدرة على الدفاع عنها و ذلك :

أولا عبر تحقيق الإستقلال الإقتصادي عن الرجل.
ثانيا عبر محاولة تنظيم نضالها من أجل تحقيق المساواة في العمل مع الرجل.

و كان للفكر الماركسي دور هام في الوعي بمطالبها و تحقيق جزء كبير منها ، و لم يتم ذلك إلا عبر تضحياتها و نضالاتها التي تم عبرها سفك الدماء منذ أول إضراب منظم للمرأة العاملة في 08 مارس 1857 بنيويورك مرورا بالمظاهرات الأولى بشوارع نيويورك في 08 مارس 1907 ، دفاعا عن المساواة مع الرجل في قوانين العمل المجحفة في حقها و تم الإعتراف لها بجزء كبير من المساواة في العمل مع الرجل و اعتبار 08 مارس يوما عالميا للمطالبة بباقي حقوقها ، و التي ما زالت تناضل من أجل سيادتها و على رأسها تقاسم السلطة السياسية مع الرجل.

إن الحقوق السياسية التي تقرها جميع التشريعات و دساتير الدول الديمقراطية تعطي للمرأة الحق في الممارسة السياسية و على رأسها الإنتماء إلى التنظيمات السياسية ، لكن بلورة هذه القوانين في الواقع يبقى غير ذي جدوى نظرا للهيمنة الذكورية على السياسة و طغيان الميز بين المرأة و الرجل الذي يتحكم في العقلية الذكورية السائدة في كل المجتمعات الرأسمالية ، مما جعل التنظيمات السياسية التي تعتبر القاطرة الأساسية للوصول إلى السلطة في الدول الديمقراطية البورجوازية كائنات تهيمن عليها العقلية الذكورية و حتى تلك التي تعتبر نفسها ذات توجهات اشتراكية- ديمقراطية تجد المرأة صعوبة كبيرة في الوصول إلى القيادات الحزبية ، و نجد في أوج الحركة الماركسية في نهاية القرن 19 و بداية القرن 20 عدم استطاعة المناضلين الماركسيين التخلص من عقدة التمييز ضد المرأة في التنظيمات النقابية و السياسية ، و رغم بروز نساء مناضلات تقدميات و منظرات ماركسيات أمثال كولونتاي و لوكسمبورك إلا أن امتداداتهن في أوساط النساء يبقى ضعيفا نظرا لهيمنة الرجال على القيادات السياسية لعدم قدرتهم على بلورة مفهوم المساواة بين المرأة و الرجل في الواقع الموضوعي .

هكذا يتضح أن صراع المرأة من أجل السلطة السياسية يبقى مبتغى يصعب تحقيقه على المستوى المتوسط و البعيد إلا عبر صراع مرير لا بد من التضحية من أجله :

أولا من طرف الرجل الذي لا بد له من التنازل عن السلطة السياسية للمرأة .
ثانيا من طرف المرأة التي لا بد لها من الصراع و النضال من أجل تحقيق هذا الحق .

و هكذا ظهر من ينادي بتنظيم المرأة في تنظيماتها الخاصة من أجل الدفاع عن المساواة مع الرجل إلا أن فعل هذه التنظيمات يبقى جد ضعيف أمام الهيمنة السياسية للأحزاب المسيطرة على السلطة و كذا الطامحة للوصول إليها في ظل الديمقراطية البورجوازية الصغيرة ، و التي تجعل من المرأة قاعدة انتخابية تتلاعب بأصواتها و تدوس بالأقدام حقوقها بالإضافة إلى هيمنة المفهوم اللبرالي لقضية المرأة الذي غالبا ما يسيطر على فكر المرأة في تنظيماتها الخاصة. و لا يمكن الحديث عن إشراك المرأة في السلطة السياسية ما دام الرجل غير قادر على تداول هذه السلطة مع المرأة ، و ذلك بترويجه لمفهوم "تداول السلطة" من منطلق الديمقراطية البورجوازية الصغيرة التي يعمل الرجل عبرها على إبعاد المرأة عن مراكز القيادة داخل الأحزاب.

إن الصراع القائم اليوم على السلطة من طرف الأحزاب البورجوازية و الديمقراطية البورجوازية الصغيرة صراع مغشوش في ظل هيمنة الرأسمالية الإمبريالية ، التي تعمل على توظيف الدين أيديولوجيا في الصراع السياسي على السيطرة الإقتصادية من أجل مزيد من الإستغلال المكثف للطبقة العاملة و للمرأة العاملة بصفة خاصة ، إن بروز البعد الديني في الممارسة السياسية يشكل خطرا على المكتسبات التاريخية للمرأة حتى الليبرالية منها ، من خلال تحريف الصراع الطبقي بين الطبقات المسيطرة على السياسة و الإقتصاد و الطبقات الشعبية المسيطر عليها ، و توظيف الدين سياسيا تحت الغطاء الإيديولوجي للرأسمالية الإمبريالية و ترويج مفهوم صراع الحضارات مما يشكل خطورة على تطور المجتمعات البشرية في اتجاه تحقيق المساواة بين المرأة و الرجل ، فقيام الإمبرالية و الصهيونية و الرجعية العربية بتوظيف الدين/اليهودية و المسيحية و الإسلام أيديولوجيا في الصراع السياسي حول السيطرة الإقتصادية بدعم من الوهابية في صراعها مع المذهب الشيعي في الصراع على ثروات البترول و الغاز، يوضح ما يمكن أن يلعبه توظيف الدين أيديولوجيا ضد حقوق المرأة و على رأسها المساواة مع الرجل ، حيث المنحى السائد الآن في الأنظمة السياسية سواء في الشرق أو الغرب هو حسم الصراع بالقوة العسكرية و الإرهاب المنظم للدول و الأحزاب الدينية و توظيف الدين لهذه الغاية ، في ظل طغيان سياسة الهيمنة على الطاقة و تدمير الدولة الوطنية و اختراق الحدود الجغرافية و الثقافية للشعوب المضطهدة.

يقول ماركس عما يسمى الدولة المسيحية :

" إن ما يسمى بالدولة المسيحية إنما هو النفي المسيحي للدولة، و لكنه ليس تحقيقا للمسيحية من قبل الدولة بأي حال من الأحوال. الدولة التي لا تزال تقر بالمسيحية على شكل دين، لا تقر بها على شكل دولة، فهي "لا تسلك سلوكا متدينا إزاء الدين، هذا يعني إنها ليس التحقيق الفعلي للأساس الإنساني، لأنها لا تزال تقود إلى الوهم، إلى الهيئة الخيالية لهذه النواة الإنسانية. إن ما يسمى بالدولة المسيحية هو الدولة غير المكتملة، و الدين بالنسبة لها تكملة و علاج لنقصها. من هنا يصبح الدين بالنسبة لها بالضرورة وسيلة، و هي دولة النفاق. إنه لفرق كبير فيما إذا اعتبرت الدولة المكتملة الدين ضمن شروطها بسبب نقص يكمن في الطبيعة العامة للدولة، أو أعلنت الدولة غير الكاملة بسبب النقص الذي يكمن في وجودها الخاص كدولة ناقصة الدين كأساس لها. و يصبح الدين في الحالة الأخيرة سياسة غير كاملة. و في الحالة الأولى يظهر نقص السياسة الكاملة في الدين. يحتاج ما يسمى بالدولة المسيحية إلى الدين المسيحي ليكتمل كدولة." حول المسألة اليهودية لبرونو باور، كتبها كارل ماركس في خريف عام 1843. (الحولية الألمانية الفرنسية) بباريس ترجمة د. نائلة الصالحي.

إن أوضاع المرأة في ظل عالم حافل بالحروب الدينية أيديولوجيا لا يمكن إلا أن يزيد في مدى استغلالها و إبعادها عن السلطة السياسية و تبضيعها و تسويقها في الأسواق التجارية الرأسمالية العالمية ، و تبقى العقلية الذكورية سائدة و متمادية في هيمنتها على السلطة السياسية مع إشعال نار الحروب الدينية أيديولوجيا التي لا تنتهي و التي يتم فيها تعريض المرأة لأبشع أنواع الإستغلال ، و يتم فيها تكريس دونيتها و انتهاك حقوقها في ظل انتهاك حقوق الشعوب التواقة إلى التحرر و الرفاهية بعد ظهور الوجه الحقيقي للرأسمالية الإمبريالية المسؤولة عن إبعاد المرأة عن القرار السياسي.

و في المقابل لا بد من الحل الثالث بين التوظيف الديني و الحضاري في الصراع و إبعاد المرأة عن السلطة السياسية و هو ضرورة مناصرة الفكر الإشتراكي من أجل المجتمع الشيوعي ، الذي لا يمكن من دونه الحديث عن المساواة بين المرأة و الرجل في حقها في تداول السلطة السياسية المدلول الحقيقي لتداول السلطة ، و الحل الثالث في الصراع المفتعل بين الغرب و الشرق في ظل الرأسمالية الإمبريالية هو بناء المجتمعات الإشتراكية من أجل الشيوعية أساسها تداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل.
إن إشراك المرأة في السلطة السياسة أمر ضروري في حياة المجتمعات الإشتراكية من أجل إنجاح الثورة الإشتراكية وصولا إلى المجتمعات الشيوعية ، حيث لا يعقل إبعاد نصف المجتمع عن الممارسة السياسية باعتبارها البعد الحاسم في أي تطور يستهدف التقدم و الرفاهية للشعوب ، إن تواجد المرأة في مراكز القرار السياسي أمر ملح في عصرنا هذا بعد النكسات التي عرفتها المجتمعات البشرية في ظل هيمنة الرجل و انفراده بالسلطة السياسية عبر آلاف السنين.

إن ممارسة المرأة للحكم أمر ضروري في مجتمعات بشرية تتوخى الإنعتاق من استغلال الإنسان للإنسان و بالإنسان التي كان فيها للرجل المسؤولية الكبرى في هذا الإستغلال ، إن وصول المرأة إلى الحكم لن يتم إلا في ظل بناء المجتمعات الإشتراكية القاطرة التي تقلنا للوصول إلى المجتمعات الشيوعية التي ينتفي فيها الإستغلال و التمييز بين المرأة و الرجل .

إن الحديث عن تداول السلطة يجب أن يضع في أولوياته تداول السلطة السياسية بين النساء و الرجال في التنظيمات السياسية الإشتراكية و الشيوعية في أول الأمر ، و أثناء الوصول إلى السلطة السياسية و بناء المجتمعات الإشتراكية على طريق بناء المجتمعات الشيوعية التي يجب أن تتقاسم فيها المرأة السلطة السياسية مع الرجل في أفق سيطرة النساء على السلطة السياسية التداول الحقيقي للسلطة ، كضرورة تاريخية لرد الإعتبار للمرأة عما لحقها من اضطهاد من طرف الرجل الذي أوصل العالم إلى ما هو عليه من انتهاكات لحقوق الرجال و النساء المضطهدين.

إن البشرية لا يمكن لها التخلص من ويلات الحكم المطلق للرجل الذي نعيشه اليوم إلا بتداول السلطة السياسية مع المرأة في ظل المجتمعات الإشتراكية من أجل المجتمعات الشيوعية ، و كمدخل أساسي لبناء المجتمعات الإشتراكية من أجل البناء الشيوعي لا بد من بناء مجتمعات تعمل على :

أولا فصل الدين عن السياسة/عن الدولة.
ثانيا فصل الدين عن باقي مناحي الحياة.



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل الدياليكتيك الماركسي
- الدولة و الدين في الصراع بين المادية و المثالية
- في العلاقة بين العمل السياسي الثوري و العمل العسكري من منظور ...
- بناء الحزب البروليتاري الثوري من منظور منظمة - إلى الأمام - ...
- بناء الحزب البروليتاري الثوري من منظور منظمة - إلى الأمام - ...
- الوضع السياسي الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة
- ماركسية أم ماركسية لينينية ؟ -دحض الفكر التحريفي الإنتهازي-
- أهمية النضال الأيديولوجي و السياسي ضد الفكر المثالي الذاتي ا ...
- عن طبيعة حركة 20 فبراير
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل تطور الدياليكتيك الماركس ...
- الحركة الماركسية اللينينية المغربية في مواجهة التحريفية الإن ...
- الثورات الشعبية المغاربية و العربية في القرن 21 في مواجهة دك ...
- المعركة الوطنية المفتوحة للمعطلين ترفع راية النضال الثوري با ...
- الثورة التونسية و الثورة المضادة
- جمهورية ديمقراطية أم ملكية برلمانية ؟


المزيد.....




- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الدولة و الدين و حرية المرأة