أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - محسن الخفاجي :طائر يخفق جناحاه ولَه















المزيد.....

محسن الخفاجي :طائر يخفق جناحاه ولَه


محمد نوري قادر

الحوار المتمدن-العدد: 3542 - 2011 / 11 / 10 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


محسن الخفاجي : طائر يخفق جناحاه وَله
محمد نوري قادر
محسن الخفاجي ، واحد من أجمل الروائيين العراقيين ، كتب القصة والرواية في سن مبكرة ، فاحتل بجدارة الصف الأول ، وأصبح واحدا من الذين يشار اليهم بالبنان .

ومحسن الخفاجي واحد من الأقلام التي لم تنل الشهرة وفق استحقاقها كما هو معروف ، لابتعاده عن المشهد الثقافي العراقي ، بعد عام 2003 نتيجة النكسات التي واجهته ، ووقوعه أخيرا في قبضة المرض .

هو طائر يخفق جناحاه ولَه, مبللا حدقاتنا دهشة وهديله يسفح عطرنا ولِد في مدينة الناصرية قبل أن يرتدي( ثياب حداد بلون الورد) مجموعته القصصية الأولى ليعلن وفائه ويمنح أعشابها ما يرويها وما تستحقه ويقول بصوت عال إني كنت هنا , ويحلق فوق مدينة يشطرها الفرات بصمت عاشقا كما هو , يسكب من غنائه فيها ومن لهاثه في أزقتها, وعمق جذورها ليروي ظمأ غربته وغربتنا في مدينة لم يفارقها أبدا إلا قسرا حين اعتقل في معسكر بوكا لمدة ثلاث سنوات دون أن توجه إليه أي تهمة تذكر,دفع ثمنها غاليا خلف الأسلاك الشائكة , ربما كانت وشاية من احد , ولم يقوى على مفارقتها كأنه يخشى أن لا يعود إليها أو أن لا يراها كما هي , ارثها السومري العريق ,سماءها الحارقة , ضجيجها , صخبها , انفعالاتها وأهوائها , شاطئها الحزين وغبارها الذي احمرت منه الجفون وعشا دافئ في كل الفصول , تعيش معه كظله , وشم اسمه بأسوارها وعلى جدرانها, أحبها جدا بكل ما فيها , يغازلها من معسكر بوكا ويكتب إليها , وهي بحق شهادة ما يغمره من شجن كأنها حبيبته وانه يدعوها للقائه كما هي وكما أحبها ليطمر أوجاعه عندما يفك قيده , وهو واثقا جدا حيث يقول
انتظريني ..
ــــــــــــــــــــ
انتظريني في اليوم العائلي
انتظريني في المهرجان الكبير
سنرمي الزمان برمح مسموم
وندفن حثه الماضي في قبر عميق
انتظريني مثل باقة خزامى في أنية
سال عطرها في المكان
انتظريني بثياب عتيقة، وبوجه خال من الزينة
وشعر غير مرتب
أريدك حقيقة مثل نرجسه برية
أريد بهجتك
وسأمسح عن عينيك دمعات الفرح بمنديل نظيف
اعلم أن دموعك في انتظاري
واعلم اتها ستنتحر في قماش المنديل
انتظريني هناك على أريكة الفرح
عندما ينتهي كل شيء
وأفك القيود
هو رافد من روافد الثقافة المتميزين الذين بصموا حضورهم بالإبداع فيما كتبوه , حاضرا دائما في كل مهرجاناتها الأدبية والثقافية , بسيط حد الدهشة في واقع تتلاطم أمواج الكراهية والصخب والانفعال , متواضع جدا أمام كل من يعرفه وقريبا منه , منذ انطلاقه جعل الحقيقة نصب عينيه وجسدها في كتاباته في ضمير المتكلم حيث يجعل من قارئه جزأ لا ينفصل عنه , ويشاركه ما يحدث ويتحدث به . شخوصه تبقى عالقة في الأذهان ولها طعم ورائحة لذيذين .
يرى البعض قصصه بعيدة عن الواقع وهو رأي فيه كثير من المغالطة ويفتقر إلى الموضوعية , من خلال ما يستخدم من لغة لم يستخدمها كاتب آخر كأنه اختار من قرائه من هو شديد الملاحظة ومتبصرا في كتابته , وآخرين يجدونه عكس ذلك تماما فهو ينقل بصدق ما يراه ويعرفه وما يحيط حوله , لكنه يبرر ذلك في أحاديثه ولقاءاته إن الكاتب يجب أن يوقظ مهاراته اللغوية ويسلط الضوء بمساحة كافية حول ما يريد بلوغه ويجب أن تبلغ وتصل إلى الجميع بلا استثناء ,ذلك حلم كل كاتب , وحين نتعمق في نصوصه نجد ذلك واضحا وله أولوية عند كتابته القصة ويطوع حرفه والمفردة كي تكون سهلة عند قارئه وعذبة ولها دلالات عميقة .
ففي قصة الدمية نجد قيم رمزية عالية يجسدها في براهين ومشاعر إنسانية رائعة , كأنه يقول إن العالم الذي يدور حولك لا يمنحك الوقت الكافي كما تريد لتحقيق أحلامك وان تتمتع بما تراه وترغب فيه .
لم يتأثر بكاتب من جيله أو ممن كتبوا في هذا المجال من الرواد , لكنه قارئ شره لكل الروائع وما يقع بين يديه وذلك ما يشهد له , لذلك يمكن القول إن الخفاجي قد اعتمد كليا فيما خطت أنامله على ثقافته الذاتية وما انهل من روائع الأدب العالمي , ويمكن القول أيضا إن له عالمه الخاص يعيشه ولم يبتعد عما يحيط به . كما إن لقلمه سحر خاص وتأثير يبدو جليا في اغلب قصصه عند الغور في أعماقها وما تخلقه من انطباع وألفة تجمع القارئ معه في الإبحار والسفر يجذبك إليه بمتعة لامتناهية من خلال شخوصه وأماكنها , وتصويره الرائع بعين ثاقبة ومن يتقن صناعة ورسم المشهد وانعكاساته وهو ما يصبو إليه , وما يريد أن يراه في عيون الآخر , كما انه يرى القصة انعكاس للواقع ومرآتها التي تبلغ هدفها إذا أتقن القاص عالمه بشكل تام بمهنية عالية ,وما يدعوه إلى تصويرها , ومهمة الكاتب بشكل خاص هي كيف يطوع اللغة إضافة إلى مهارته فيها لوضع الحلول ومعالجتها أو مهاجمتها إذا اقتضى الأمر , وهو ما يجب أن يتصف به الكاتب لنقل رسالته وما ينقله من واقعه الذي يعيشه , ولا ضرر إذا استطاع أن يوظف من خياله في الواقع وينهل من ارثه في قصصه بما ينسجم وتطلعاته وتسليط الضوء عليه بزهو وفخر كما في رائعته (شارع الزواج في لكش ), كما انه يختلف كثيرا عن بعض الكتاب ففي كاتباته أحيانا وفي كثير منها لا يوجد بطل فيها ,ولا يحبذ تماما أن يكون القاص يعمل في مؤسسة سياسية لأنها تجعل منه إنسانا آخر وغير مبدع وربما يكون خائنا ذاته , لان الأدب عموما لا يمكن أن يبلغ غايته إذا اقترن بالسياسة ولا يمكن أن يكون أفقا جديرا به , بل يصبح واجهة وهو ما لا يمكن أن يكون فعالا وذات جدوى إلا في محيطه الذي يصب فيه , ولم تكن هذه مهمة الأدب , بل شمولية ولا تتقيد بفكر أو منهج يحط من قيمتها الإنسانية , كما انه فساد للذوق العام وفاكهة قد يستسيغها البعض ويرفضها الأخر وهي لن تكون طازجة في كل الفصول ولن تبلغ عن محتواها إلا في حقبة زمنية ضيقة
محسن الخفاجي قاص له أسلوبه المميز , يمتلك براعة التصوير في الكلمات , وبراعة من أتقن الأداة ومحترف في مهنته وأسرارها التي قد تكون عصية على الآخر الذي يريد تقليدها , كتب روائع لن تتكرر ولن نرى أمثالها ربما قريبا جدا أو بعد سنين عدة , منها قناع بوريشا , شارع الزواج , طغراء مدينة القمر , الشيطان في صورة ملاك , الرقم يختنق في الهواء , إيماءات , وغيرها
في شخصياته تجده يعكس ذاته وعن تجربة عاشها بكل تفاصيلها ولا تخلو من سحره أو هدف يرسمه بكل أمانة وصدق يظهر حسه المرهف في الأداء وجماليته وتصوير المكان ومقدرته على التأثير متوهجة بمشاعر نبيلة مستحضرا إياها من حيث ينتمي بخصائصها وثقافتها وتاريخها في خيال رائع لزمن وذاكرة خصبة ومتجددة ,بما يملكه من ثقافة متنوعة ومقدرة فائقة في رسم جوانبها إضافة ألوانه الساطعة وبما يريد أن يوصله في جميع أعماله , فهو دائما متقد ومتوهج بما يرسمه من لوحة تفيض مشاعر ورؤى وحكمة يعرفها من قرأ له وسبر غوره , وخلاصة القول أن عالم الخفاجي متنوع في خصائصه الأدبية وله سمة بارزة في معطياته امتدت طويلا تعانق الجمال وتتآلف معه تأخذ من فيض ما وجد فيه وتعطي بصدق ولم تنتهي .وعالم خفي يحمل في طياته عطاء لا ينضب وثمن ما يبلغه المرء عشقا للحرف والكلمة .



#محمد_نوري_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوارض لا تعرف الألفة
- عبد الرحمن مجيد الربيعي
- جسد ينطق الخوف
- القنديل ضاحكا
- همس ساخن
- هكذا أراكم
- ترنيمة مسافر
- أعمدة الخراب
- أغنية الفصول
- افواه خجله
- قارع الطبل
- طقس قلق
- ساعات ساخنة في اوراق مسافر / 5
- ساعات ساخنة في اوراق مسافر / 4
- ساعات ساخنة في اوراق مسافر / 3
- ساعات ساخنة في اوراق مسافر / 2
- ساعات ساخنة في اوراق مسافر / 1
- أوجاع الخراب
- لم يكن ما يطرق سمعنا
- الخفافيش


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - محسن الخفاجي :طائر يخفق جناحاه ولَه