أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر قاسم أسعد - حلم إنسان ميت














المزيد.....

حلم إنسان ميت


عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3540 - 2011 / 11 / 8 - 17:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حلم إنسان ميت



عندما كان طفل صغير كثيرا ما سأل والده عن سبب فقرهم وفقر الناس من حولهم ، كان يسأل عن سبب عمل والده المستمر لتأمين لقمة العيش له ولإخوته ، يسأل عن عدم قدرة والده لشراء ملابس جديدة أو عدم توفر الطعام في بيتهم أو عدم حصوله على العاب كغيره من الأطفال .

قال له والده ذات يوم ــ وهو في قمة عصبيته ــ ( الله يلعن اللي كان السبب ) ، ومن يومها وهو يبحث عن هذا السبب الذي لعنه والده كي يلعنه هو .

قفز عن طفولته وكبر قليلا وتفوق في دراسته ــ رغم الجوع والفقر والقهر ــ وتفوقه يؤهله للحصول على مقعد في الجامعه ، لكنه لم يكمل تعليمه وأدرك أن التعليم ليس للفقراء ، كبر والده ولم يعد بمقدوره العمل ، وهده المرض الذي يؤهله لدخول المستشفى الذي لم يدخله ، وأدرك أن العلاج ليس للفقراء ، بحث عن عمل هنا وهناك ، لأن جسمه وقدرته تؤهلانه للعمل ، أدرك أن العمل أيضا ليس للفقراء ، مات والده وعندما أراد دفنه في القبر لأن جثته تؤهله لدخول القبر ، أدرك أن القبر أيضا ليس للفقراء .

كل شيء في الوطن بثمن ، وإذا لم تملك الثمن فلا شيء لك ــ حتى الاشيء ليس لك ــ التعليم بثمن والصحة بثمن وحتى القبر الذي يأويك للأبد بثمن .

لا السماء لك ولا الأرض لك ، وكل ما بينهما ليس لك .

وهو ما زال يستذكر قول والده ( الله يلعن اللي كان السبب ) ، ما السبب ؟؟؟

بات ليلته ــ كما هي كل الليالي ــ جائعا مظلوما مقهورا مسلوب الإرادة ، شاهد روح والده تحلق فوق رأسه وتدخل أعماق روحه وتسحبه نحو اللاشيء ، سار في سراديب المجهول بحثا عن والده والروح دليله ، وجد روحه بين حشود من الأرواح اجتمعت للترحيب بقدومه في عالمها ، عالم الأموات .

سمع همسا في أذنه ، التفت فإذا والده يمسك بيده ويقوده حيث جلسته ، وحشود الأرواح تدخل أجسادا تتوافد بذات الملابس البيضاء الملطخة بالدماء ، وذات الخطوات الرتيبة .

جلس الأموات كل في مكانه ، صمت مطبق ــ كما هو حال الأحياء الأموات ــ برز جسد ميت من بين الحشود واعتلى مكانا بارزا مخاطبا حشود الاجساد الميته قائلا : يا شعب الأموات الأحرار ، يا أيها المقتولين قهرا وظلما وجوعا ، أيها الأموات قهرا وغصبا ، نحن ما زلنا ننتظر قاتلنا ليمثل بين أيدينا ، سنوات طوال ما زالت تجثم على أرواحنا كما جثمت علينا في حياتنا ، سيأتي قاتلنا سيأتي من حكمنا ظلما دون إرادة منا ، سنوات طوال ننتظر لعله يأتي وحتما سيأتي تحت أقدامنا ، وها هو ميتنا الجديد سيبشرنا بموت الحاكم قريبا ،

نظر إلى والده ليستجمع ما تبقى من روحه ، شاهد ملامح ابتسامة ترتسم في محيطه ، وملامح من عيون دامعة بالفرح من خبر سيقوله الآن ، واستجمع بقايا أصوات لتنطلق صرخة من فمه : يا أبي لقد عرفت الأن ما السبب ( ولعن الله اللي كان السبب ) ، أبشركم بنهاية الحاكم ومثوله بين أرجلكم ، وساعة الانتقام قد حانت ، سيأتي اليكم حقيرا مذموما وضيعا حاسرا عاريا ، ابشركم أن الأحياء قد سمعوا أصواتكم وهاهم ينتقمون لأجلكم وقريبا سيلقوا بالحاكم اليكم .

وما أن انتهى من صرخاته إلا وجموع الأرواح تنتفض على أجسادها والفرحة تملأ المكان والزمان والشيء واللاشيء، .

استيقظ من نومه وما زال صدى أصوات وصرخات تلاحق روحه الهائمة وأيدي الموت تلاحقه بفرح ،

هو الموت إذا ، في كل لحظة من حياتنا يلاحقنا أينما حللنا ،

وما تحت السماء موت وما فوق الأرض موت ، وكل ما بينهما موت .

وأنت أيها الحاكم الغافل مصيرك إلى الموت مهما ظلمت وتجبرت وسرقت ونهبت وانتشيت ، مصيرك إلى الموت ، ولن ترحمك كل الأرواح التي أزهقتها والتي ما زالت تلعنك في قبورها ، وحتما ستمضي إليها بلا حرسك ولا أجهزة مخابراتك وعصاباتك وقمعك ، ستكون وحيدا بين من قتلتهم بالفقر والجوع والحرمان والقهر والظلم .

إعلم أنه لم يأخذ حقه منك حيا ، ولكن سينتقم منك ميتا وسيلحقك إلى قبرك ويلعنك كما لعنك كل ضحاياك ،قبرك محفور عليه اسمك والجحيم الأبدي يلاحقك .



عمر قاسم اسعد



#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يموت الدكتاتور ؟!
- لماذا الرغيف العربي مدور ؟؟؟
- هل وصلنا إلى الفساد الرياضي ؟؟؟
- تنابل السلطان
- هل ستكون من الجنوب ؟؟ ( تحية إلى الكرك )
- المعارضة الأردنية في الخارج / وإسقاط النظام
- رمضان حكومي
- الجمهورية العربية الاردنية ( البيان الأول )
- هل سيتغير الشعار لإسقاط النظام ؟؟؟
- سقوط عصر الملوك
- باختصار ،،، إنا لله وإنا إليه راجعون
- حزب ... أم ملجأ عجزة ( اعرف حزبك )
- مواطن واجبات بلا حقوق
- بالروح بالدم ...!!!
- الأسد ... هل يبقى أسد ؟؟؟
- الحاكم الطاغية
- جلالة الملك الشعب يريد سماعك
- أنا الحاكم النائم
- أمن الدولة والمخابرات ،،، أجهزة إجرام وانتهاكات
- انتماء قهري


المزيد.....




- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...
- المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس ...
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
- والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن ...
- مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب ...
- رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟ ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر قاسم أسعد - حلم إنسان ميت