أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - عندما عاد الصباح وأشياء أخرى














المزيد.....

عندما عاد الصباح وأشياء أخرى


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 22:28
المحور: الادب والفن
    


عندما عاد الصباح وأشياء أخرى

توفي بعد ولادته بسبع سنوات ففضل ألا تُدفن جثته لتبقى عرضة لضواري وكواسر الزمن ، ومنذ أربعين عاماً يُنظر إليه في عداد الموتى الأحياء أو في حُكم الموجود الغائب . كانت حياته ، بل كان تماوُته عبارة عن ليلة واحدة ، حالكة وطويلة . لكَمْ تمنى أن يأتي الصُّبح يوماً مثلما كان يفعل في طفولته الأولى ليضرب معه موعداً مع التسلية والتلهية ، ولكَمْ تمنى أن يرى نور الشمس بعينيه ويستمتع بأشعتها الدافئة في أيام الشتاء .

طوال هذه المدة كلها عاش أصمّ وأبكم بطبعه لا خلقة ، يود الحديث إلى الناس لكن لغته كانت دائماً مختلفة تماماً ، كما كان يرغب في مشاركتهم أوقات الضحك واللعب ، ولم يفلح ولو لمرة واحدة . ثم يكتفي بتساؤلات غريبة وتوسلات تثير الرحمة والشفقة .
كان دائماً يقـــول :
" ما يضحككم أيها المجتمعون ؟ أريد أن أنتشي مثلكم بهذه القهقهات التي تُسمع من بعيد ، لكن شيئاً ما يمنعني .
أعينوني على الخروج من هذا القبر اللعين .
أزيحوا عني هذا الثقل من على جسدي .
علموني أن أتكلم ، أن أشارككم أفراحكم ، أن أتخلص من هذا العجز الذي يسكنني ومن هذا الشلل الذي لا يبرح لساني وهذا الموت الذي يتملكنتي".

هذا الرجل كان حبيس قبره إلى أن استفاق من الإماتة في إحدى عشيات الخريف الماضي . يقول إن الفضل يعود إلى من نبشت عنه تراب الزمن القاسي حتى آخر غَبَرة ، واستطاعت أن تضخ دم الحياة في عروقه من جديد ليولد للمرة الثانية منذ زمن قليل . تُرى من تكون صاحبة الفضل هذه ؟

يعترف في كل لحظة ، وفي كل مناسبة بجميل فتاة أنيقة ، لطيفة ، عاقلة ، رزينة ، ثم يصير يقدم فيها المدح حتى يخونَه كلّ كلام جميل فيعودَ أبكمَ من جديد ، هي من يدين لها بالحياة والأمل والعيش طمعاً في الغد الأفضل والأحسن . لولاها لبقي في قبره إلى أمد آخرَ في الزمن البعيد .

سأله أحدهم : " يا رجل ، أخبرنا عن عذاب القبر ومحنته ".
أخيراً نجح في الخروج من قوقعته واستطاع أن يتكلم ويقول بلسان طليق : " قبري مختلف عن قبور الموتى الآخرين ، حاولت البحث عنه في جميع جبَّانات الدنيا ولم أجد له أثراً ، ليتبين لي أنني قبرٌ بعيني وأنني جبَّانة مآسي وآلام الدنيا كلها ، لَحْداي هما رأسي وقدماي . أما عن العذاب ، فهو شيء آخر مثل الجوع والعطش والحاجة الدائمة إلى ما يشبه الهواء الذي نتنفسه ".

الآن ، يعيش من أجل تحقيق أمنية واحدة فقط ، رؤية هذه الفتاة من جديد والاعتراف لها بما هو فيه اليوم من سعادة ، بعد أن أُطلق سراحه من ذلك السجن الذي مكث فيه أربعة عقود من الزمن . يفضل ألا يقول إنها ضاعت من حياته ويكتفي بالقول : " إن ما تبقى أمامي هو عمري الذي الذي لا ينبغي أن يضيع ".
• جبَّانة : جمعها جبَّانات وهي المقبرة .
ذ.أحمـد أوحنـي - أفـورار - المغرب




#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاغية والوديع
- المخزن كاين ... المخزن ما كاين
- ?L’exemplarité : un choix ou une prescription
- نجباء و لكن خنازير
- الذي أبكى الملايين يبكي
- عندما لا يُذكر الأموات بخير .
- عندما يتضاءل الكبار
- قصة قصيرة : مشاريع فاشلة في أزمان آفلة
- بقايا رجل
- قصة قصيرة : عند أمّ حازم
- رجلٌ للبيع
- أغبى رجل في العالم
- قصة قصيرة جداً : البحث عن موجود
- امرأةٌ ونصف رجل
- لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟


المزيد.....




- فيلم -الست-: تصريحات أحمد مراد تثير جدلا وآراء متباينة حول ا ...
- أبرز إطلالات مشاهير الموضة والسينما في حفل مهرجان البحر الأح ...
- رغم حكم بالسجن بتهمة -القيام بأنشطة دعائية-... المخرج الإيرا ...
- المشاهير العرب يخطفون الأنظار في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- خمسون عاماً على رحيل حنة آرنت: المفكرة التي أرادت إنقاذ التف ...
- احتفاء وإعجاب مغربي بفيلم -الست- في مهرجان الفيلم الدولي بمر ...
- عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
- افتتاح معرض فن الخط العربي بالقاهرة بتعاون مصري تركي
- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - عندما عاد الصباح وأشياء أخرى