أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لماذا يرى المستبد نفسه غير بعيد عن مقام العزة الإلهية














المزيد.....

لماذا يرى المستبد نفسه غير بعيد عن مقام العزة الإلهية


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3523 - 2011 / 10 / 22 - 22:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الخدعة المستهلكة التى طالما روج لهـا المسـتبدون مـن قـديم الزمـان وحتى الآن، هى إدعـاء القدسـية المستمدة من اللـه أو الأب أو شيخ القبيـلة، وفى البـدء ادعى فرعون أنـه المعبـود الذى ينبغى للأمة أن تنقـاد لـه، ومن يشـق عصا طاعة فرعون فقـد كفـر وحق عليـه عـذاب جهنم والحرمان من الجنـة في الآخـرة، والقتل والمحق في الدنيا، حتى أن ملكة مصر حتشبسوت زعمت أن الإله آمون قـد ضـاجع أمهـا فأنجبتهـا، لذا وجب لهـا الملك بحق الوراثـة، فهى ابنة الإلـه .ورأى فرعون المسـتبد أن إضفاء القدسـية الإلهية عليه تعصمه من شـعبه إذ أن الخروج عليـه كفـر لا يجوز في الدنيـا أو الآخرة .
ويدعى الخليفة "المسلم" أنـه ظل اللـه في الأرض، فهو لم يجرؤ على القـول بأنـه إله تجب عبادته، أو يتجاسر بالزعم أنـه غير بعيـد عن مقـام العـزة الإلهيـة كما زعم فرعون، وإنما قـال قـولا مطاطا ضبابيـا يخوله نفس حقـوق الفـرعون، أنـه (ظل) اللـه في الأرض، ينطق بلسـانه، ويضرب بسـيفه، وينهب باسمه .
قـال الخليفة العباسى المنصور في خطبته يوم عرفة:
" أيها النـاس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسـديده، وحارسه على ماله، أعمل فيه بمشيئته وإرادته، وأعطيه بإذنه، فقـد جعلنى اللـه عليه قفلا، إذا شـاء أن يفتحنى فتحنى لإعطائكم، وإذا شـاء أن يقفلنى عليـه قفلنى" .
والمدهش حقا أن أكذوبة (ظل)الله في الأرض قال بها كذلك رجال الكنيسة وملوك أوروبا في عصور الظلام ." يقـول جيمس الأول ملك إنجلترا: إننـا نحن الملوك، نجلس على عرش اللـه على الأرض ! ويقـول لويس الخامس عشـر: إننـا لم نتـلق التـاج إلا من اللـه ، فسلطة سـن القـوانين هى من اختصاصنا وحدنـا بلا تبعـة ولا شـركة ! ويقـول لويس الرابع عشر: إن سلطة الملوك مستمدة من تفويض الخالق، فاللـه مصدرها وليس الشعب " .
يقـول اللـه تعالى عن فرعون أنـه قال: (ياأيها الملأ ما علمت لكم من إلـه غيرى)، وكان منزها عن أن يتحدث إليـه أحد، بل من يتحدث معه كان يتحدث في (حضرته) وليس (معه)، ولاحظ التعبيرات التى ورثنـاها من تراثنا القديم والتى نستخدمها حتى الآن في أحاديثنا مع رؤسائنا فنقـول: حضرتك ولا نقـول أنت نفيـا للمساواة وتأكيدا للتمايز والتفاضل بين المتحدث والمتحدث إليـه، ونقـول (سـيادتك) فنحن عبيـد وهو السـيد، ونقول: ولى النعم وصاحب السـمو وصاحب الجلالة...وكلها ألفاظ تكشف في يسر تراث العبيـد الذى اسـتقر في ضمائرنـا .
" ويحث القـديس بولس المواطنين على الخضوع للسلطة العليـا في المجتمع وهى سلطة الحاكم التى أرادها اللـه ووضعها بترتيب منـه، ومن يعترض فإنما يعترض على المشيئة الإلهية ويستوجب غضب اللـه ونقمته! كما أنـه يفترض أن "سـيف الحاكم" لا يسـتخدم إلافي معاقبـة الأشـرار، وكل من يعارضه فهو شرير، وكل من يخافه فلأنه مجرم آثـم "! وهكذا ظهر الحق الإلهى المقدس للملوك، رغم أن المسيحية خطت بعـد ذلك خطوة مهمة جدا عنـدما نفت بشدة الطبيعة الإلهية للحاكم، واعتبرتـه بشـرا، وإن كان بشـرا يتمتع بسـلطان من اللـه! وهو سلطان ينبغى الخضوع لـه، والامتنـاع عن مناقشتـه، وإرجاء الأمر كلـه إلى اللـه ليحاسـب الملوك في الدار الآخرة، أما في هـذه الدنيـا فالسمع والطاعة والامتثـال والاستسلام، واعتبار صاحب السلطة ومانحها للحكام هو وحده دون سواه الذى يملك محاسبتهم إذا ظلموا أو أساءوا استخدام هذه السلطة " .
ويرى البعض الآخر من المستبدين الإنتفاع بما للأب على الأبنـاء من حقـوق الطاعة، فيرى أنـه "كبيـر العائلة" في محاولة لإسباغ نوع آخر من القدسية تكفل له نوعا من الحصانة ضد شعبه الذى يجب أن يرى فيه الأب المطاع الذى لا يجوز أخلاقيا عصيانه، فالخروج عليـه عقـوق يعدل الشرك باللـه، "وكلمة المستبد DESPOT مشتقة من الكلمـة اليونانيـة DESPOTES التى تعنـى رب الأسرة، أو سيد المنزل، أو السيد على عبيده، ثم خرجت من هـذا النطاق الأسرى، إلى عالم السـياسة لكى تطلق على نمط من أنمـاط الحكم الملكى المطلق الـذى تكون فيـه سلطة الملك على رعاياه ممثلة لسـلطة الأب على أبنـائه في الأسـرة، أو السـيد على عبيـده، وهكذا فإن الخلط بين وظيفـة الأب في الأسـرة التى هى مفهـوم أخلاقى، ووظيفة الملك التى هى مركز سـياسى، يـؤدى في الحال إلى الاستبداد " .
ورغـم أن هنـاك الكثيرين مـن الحكام المسـتبدين في التـاريخ الإسلامى ممن زعمـوا فرية الحق الإلهى، إلا إنهم يختلفون عن مدعى الحق الإلهي من ملوك أوروبا في عصور الظلام الذين سنوا القوانين ونسبوها إلى اللـه وألزموا النـاس باتبـاعها، وهذا ما لم يجرؤ عليه مستبد واحد من مستبدى المسلمين طوال تاريخهم، فقـد ادعـوا الحق الإلهي ليبـرروا ظلمهم للعبـاد ووجوب الطاعـة لهم من أجل استلاب الأموال والانفـراد بالسلطة، ولكنهم لم يعتـدوا قط على سلطان اللـه في سن الشرائع .وادعـاء المسـتبد للقدسـية حدا بالكثيرين إلى الظن أن الاستبداد السـياسى هو ابن الاستبداد الدينى، وكانـوا يشـيرون بذلك إلى اسـتبداد رجال الكنيسة في القـرون الوسطى واسـتبداد سلاطين المسلمين، وفاتهم أن هنـاك ألوانـا كثيـرة من الاستبداد السـياسى لم تكن وليـدة للاسـتبداد (الدينى) أى الاستبداد المنسوب زورا وبهتانا إلى الرب، ومادام الحاكم المستبد مقـدسا بحكم أنه يمثل إرادة الله في الأرض، فلا تجوز معارضـته سـياسيا، وبذا ينمحى النشاط السياسى المعارض ويعتبر من قبيـل التمـرد، بل هو الكفـر والزندقـة . نبيل هلال هلال



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصرع القذافي وأمثاله في ضوء التراثين المسيحي والإسلامي
- النبي محمد(ص)ينصح المسلمين بأن يصنعوا مثل ما صنع المسيحيون
- ليست النائحة المستأجَرَة كالنائحة الثكلى
- ظنوا أن الدنيا تُقبل عليهم ولا تدبر
- ليتهم يتعظون
- السلطان والبقرة
- لا تصرخ أيها الجاحد وأنا أذبحك , فسكينى من ذهب!
- اللهم يتّم نساءهم واجعلهم غنيمة لنا
- القسيس والقيصر
- شرب القهوة وارتداء (البرنيطة )حرام!
- المواطن في دولة الظلم مركوب ومحلوب
- لعبة تسييس الدين وتديين السياسة
- حظر المظاهرات إلا للاحتفال بختان ابن الرئيس
- العباقرة والإبداع والبطش
- ليس هذا هو الدين وإن قصوا الشوارب وأعفوا اللحى- أو من أبطأ ب ...
- في الدول الاستبدادية تفقد مؤسسات الدولة شرفها
- لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله
- لا يمكن اعتلاء ظهوركم مالم تنحنوا:
- خانقاواتنا وجامعات أوروبا :
- هذا هو محمد وهذا هو المسيح


المزيد.....




- تنامي الإسلام الراديكالي في بنغلاديش
- مصر تقضي بسجن إسرائيليين اثنين 5 سنوات للاعتداء على موظفين ب ...
- محافظ السويداء: الاتفاق مع وجهاء الطائفة الدرزية ما يزال قائ ...
- إيهود باراك يقارن بين قتال الجيش الإسرائيلي لحماس وقتاله لجي ...
- مصر.. سجن إسرائيليين بسبب واقعة -أحداث طابا-
- المصارف الإسلامية تحقق نجاحات كبيرة على حساب نظيراتها التقلي ...
- -الأقصر ولكن الأفضل-.. الرئيس الأوكراني يعلق على اجتماعه مع ...
- مصر.. فتاة ترفع الأذان داخل مسجد أثري يشعل  نقاشا دينيا
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUE EL-JANAH ...
- برازيليون يحولون نبات يستخدم في الاحتفالات الدينية إلى علاج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لماذا يرى المستبد نفسه غير بعيد عن مقام العزة الإلهية