أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - السلطان والبقرة














المزيد.....

السلطان والبقرة


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3507 - 2011 / 10 / 5 - 07:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السلطان والبقرة

إذا أعدنا قراءة تاريخنا بحثا عن موقع حرية المسلم فيه سنندهش من غياب حريته وحقوقه . فقد عاش المسلمون في تناقض هائل بين دين يحدثهم عن مثاليات من الحق والعدل والحرية والمساواة , وواقع بائس مليء بالقهر والظلم بعد أن تم تفويض السلطة إلى الخليفة وغض الفقيه الطرف عن سوء استخدامها , ولم يدعُ الناس إلى تقييدها , ولم يطلب هو نفسه تقييدها عملا بقول النبي :" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" , فالحرية تكشف عن الأخطاء التي يخفيها القهر .
وكان مفهوم الحرية عند العرب هو عكس مفهوم الرق , فالحر هو غير الرقيق , والحرية في التراث العربي معناها أخلاقي وبعيد عن المفهوم السياسي . أما الحرية بمعنى حرية الاختيار والقول والعمل والانتقاد , فهي أمور لم يعرفها المسلم إذ حوصر منذ وقت مبكر وحرَمه الخليفة بسند فقهي من حرية اختيار الحاكم , أو الخروج عليه , أو حرية انتقاده .
وتفاوتت درجتا الحرية بين الحاكم والمحكوم , ففي الوقت الذي ضاقت فيه دائرة حرية الفرد في الدولة الإسلامية حيث انحصرت في المراوحة بين اختيار أن يجوع أو يظمأ , اتسعت دائرة حرية الخليفة حتى وسعت كل شيء : أموال الناس وأرواحهم , فللخليفة نهب ما في بيت المال , مثلما له الحق في ضرب عنق من يريد ولو بالظنة . وبهذا المعنى كان السلطان هو الحر الوحيد في السلطنة.
وكان المجتمع بأسره بمنزلة القاصر أو السفيه الذي يحق تقييد حريته أو سلبها بدعوى الحفاظ على مصالحه وحقوقه , وإذا كان القاصر يبلغ رشده بعد حين , فإن الشعوب الإسلامية بقيت دون سن الرشد طوال أربعة عشر قرنا , فالقصور والعجز هما قدرها المقدور الذي يفرضه كل من يحكم بلاد المسلمين .
وإذا كان بعض الفلاسفة يرون جواز"اتخاذ الاستبداد وسيلة مشروعة لحكم الأمم الهمجية طالما كان الإصلاح هو الغاية المقصودة من ذلك , وأن تحقيق هذه الغاية يبرر الوسيلة التى تتخذ في هذا السبيل" , فإنه لم يتحقق إصلاح لأمة تسلط عليها الاستبداد والمستبدون طوال أربعة عشر قرنا , وأبقيت في حالة - صحيح أنها لا يمكن وصفها بالهمجية - إلا أنها حالة مواتية لاستمرار الاستبداد إذ كانت ركائزها هي الجهل والأمية والامتثال لتضليل الفقيه "عميل الخليفة النبوي" الذي أخفى على الناس , أو ربما لم يعرف , أن شرور الاستبداد لا تزول من تلقاء نفسها , وإنما يجب مناهضتها عمدا , فمن قُتل دون ماله أو عرضه فهو شهيد , وإن كان ثمة أمر أوضح من أن يحتاج دليلا , فهو عدم جواز الامتثال لاستبداد السلطان طمعا في أن يزول من تلقاء نفسه دون أن ينهض الناس أنفسهم بمهمة تحرير أنفسهم بأنفسهم , فليست الحرية هبة من السلطان , ولكنها حق أصيل لا يجوز التهاون في طلبه وبذل الأنفس لنيله , إذ يفوز بالدر غائصه ويحوز الصيد قانصه .
وكانت علاقة الحاكم بالمحكوم علاقة إكراه يستغل فيها الخليفةُ الناسَ على نحو بشع , والقمع فيها يمثل أداة أساسية لتثبيت واقع الاستغلال على ما هو عليه , أي لإحكام قبضة الحاكم على قرني البقرة ليضمن الاستئثار بحليبها للأبد , فممارسة السلطة الباغية غير ممكنة دون القمع أو التضليل . وما من طاغية يقترف الشر المحض إلا ويسبقه بكلام عن الخير والعدل وطاعة الله . ومن حاز السلطة بسيفه حق له الاحتفاظ بها , ومن لم يحزها يحرَّم عليه التطلع إليها .
وانصرف جل اهتمام الناس إلى شخص "مَن" يحكمهم , ولم يشغلهم "كيف"يحكمهم . وحَكَمَ خلفاء حازوا كل السلطة شعبا مجردا من أي سلطة , فكان العسف والجور الذي ما جاءت الأديان إلا لتقويضهما. ولم يكن أمام المسلم غير الطاعة المطلقة والإذعان التام للخليفة فسيق إلى مصير لم يختره بنفسه ولم يصنعه أو يُردْه , وهي طاعة مذلة مهينة , ولكن الفقهاء صوروها للناس على أنها من طاعة الله , وما أكثر ما قالوا : لعل ما صُرف عنا أعظم مما ابتلينا به! وتعوّد المسلم المقهور الحرمان من الحرية بقوة الدين والسلطان , ولم يشعر بحاجته إليها إذ غابت عنه مدة أربعة عشر قرنا , حتى كانت في وجدانه من المستحيلات التي لا وجود لها إلا في الخيال كالعنقاء والخِل الوفي .
وسمعنا ونسمع عن "سيادة" القانون و"سيادة" الشعب و"سيادة" الدولة, وكلها "سيادات" بعيدة عن السيادة الفعلية التي حَكمت وسادت طوال تاريخنا , وهي سيادة الطبقة المالكة للسلطة . فسيادة القانون قد يراد بها سيادة الطبقة التي سنت القانون لصالحها . وسيادة الدولة يراد بها سيادة من جعلوا من أنفسهم الدولة (أنا الدولة والدولة أنا), وسيادة الشعب هي سيادة من سرقوا صلاحيات الشعب وأوهموه أنهم المنافحون عن مصالحه , في حين أنهم يسرقون باسم الشعب ويحكمون باسم الله . نبيل هلال



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تصرخ أيها الجاحد وأنا أذبحك , فسكينى من ذهب!
- اللهم يتّم نساءهم واجعلهم غنيمة لنا
- القسيس والقيصر
- شرب القهوة وارتداء (البرنيطة )حرام!
- المواطن في دولة الظلم مركوب ومحلوب
- لعبة تسييس الدين وتديين السياسة
- حظر المظاهرات إلا للاحتفال بختان ابن الرئيس
- العباقرة والإبداع والبطش
- ليس هذا هو الدين وإن قصوا الشوارب وأعفوا اللحى- أو من أبطأ ب ...
- في الدول الاستبدادية تفقد مؤسسات الدولة شرفها
- لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله
- لا يمكن اعتلاء ظهوركم مالم تنحنوا:
- خانقاواتنا وجامعات أوروبا :
- هذا هو محمد وهذا هو المسيح
- العقل المسالم والتعليم السلمي
- القطة تعض والنار تحرق- أو الاسترهاب بالمقدس
- نقائص العقل العربي
- فشل نظامنا التعليمي هو الحارس الأمين لخيبتنا
- لا يجوز طباعة القرآن بآلة الطباعة ,لأن المطبعة صنعها الكفار
- إن بطشي أشد من بطش الله –هل ترضى أن يحكمك مَن هذا عقله؟


المزيد.....




- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...
- سلي أطفالك في الحر.. طريقة تحديث تردد قناة طيور الجنة 2025 T ...
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- نبوءة حزقيال وحرب إيران وتمهيد الخلاص المسيحاني لإسرائيل
- الجهاد الاسلامي: الإدارة الأميركية الراعي الرسمي لـ-إرهاب ال ...
- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...
- حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - السلطان والبقرة