|
مسعدة و زغلول
أحمد سعد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3523 - 2011 / 10 / 22 - 13:25
المحور:
الادب والفن
-1- تفترش مسعدة ناصية السوق الخلفية بمنشتها و خضرتها التي تحرص علي بللها كل حين و هي تهتف بصوتها الرفيع المبحوح (الورور ) لا تمكث سوى سويعات قليلة و تنتهي من الجرير و الفجل و خضرواتها الاخري الخفيفة ، هي ضئيلة الحجم نحيفة لا يبدو منها اي بروز تطلق عليها جارتها صاحبة الفرشة المجاورة ( المرة المسح ) اشارة لصدرها الممسوح و الذي لا يبين من اسفل جلبابها اي نتوء له ، لا يبين من جلبابها سوى بنطالها المتهدل علي كعبها و الذي من الواضح انه بنطال لمنامة رجل ما يكبرها كثيرا في الحجم و انها وفقت البنطال ليكون لباسها الداخلي ، تظهر مسعدة علي ناصية السوق قبل الجميع ، تجلب معها منشتها المربوطة بالخيش المبلل قبل ان تتشقشق في السماء ضياء الشمس ، تفترش بضاعتها و تنتظر رزقها و قد تغفل عينها قليلا اثناء الانتظار ، و لكنها تجبر قبيل اذان الظهر كل يوم ، و تعود لسكنها بالمقابر لتنال قسطها من النوم ، وتعد لنفسها لقمة تسد بها رمقها قبيل نزولها عند المغيب المغربية ، تصعد الي الاوتوستراد و تعبره لتقف عند مزلقان الدويقة و تركب ميكروباص باب الشعرية ومن الميدان تركب اخر تغمز التباع و هو يهتف وايلي مسطرد من فوق الكبري الشارع الجديد مؤسسة ، فيطرق علي جسد العربة بشدة عدة مرات ، فيسمع صرير العجلات و هي تشد فراملها و تقف لمسعدة التي تصعد الميني باص و يحتك بها التباع علي السلم ، تدخل لترمي نفسها في أقرب كرسي ، و تخرج كيس قماشي من صدرها و تعد الجنيه المعدني في كفها ، يطالبها صبي السائق بالاجرة تعطيه الجنيه و هي تمسح باصابعها علي كف يده ، ينظر به و يقول : نص جنيه كمان . تبتسم في وجه و تتلمس صدره و هي تقول بنعومة مصطنعة تخرج بصوتها المبحوح معاييش الا هو ، يبرطم الصبي بكلام غير مسموع و يكمل لم الاجرة . تنزل علي الطريق الدائري و تتغيب و تعود قبل الشروق الي السوق و هي محملة بالمنشة و هي مليئة بالخضرة ، عادت بعد الظهيرة الي مقبرتها ،لتجد رجل ممدد امام بابها تعلوه الاوساخ و يخرج منه شخيرا بصوت عالي ، تدفعه بقدمها حتي يفيق و تمر بلا فائدة ، تتخطاه و تدخل لحوش المقبرة ، و تجلب وعاء من الماء و تسكبه عليه ليقوم فزعا غاضبا و كاد ان يفتك بها و هو يرفعها بين يديه كعملاق يتلاعب بعصفورة . ثم يتمالك نفسه و ينزلها ، و هو يكتم صراخها ، و يطلب منها السماح ، تنظر اليه بعينيها المذعورة و تتأمل الخوف المرسوم علي وجهه و تدفع يديه و هي تضحك من خوفه ، يخيبك راجل طول بعرض و خايف من ايه ، يرد بحمقه : أنا مش خايف ، بس مبحبش الفضايح ، الترب مليانة ناس يقولوا عليا ايه . و انت ايه اللي رماك علي بابي ، معرفش ان فيه حد في الحوش ده ، ثم اهو متوى و خلاص و يتركها و ينزوي عند الحائط المقابل و هو يلملم قدميه و يحضنها في صدره و يدفس وجهه فيها ، تنظر اليه و تناديه باصوات كما تنادي القطط الضالة ، بسسس بسسس ، أنت . لا يجيب فتذهب اليه و تجذبه من يديه ، ايه بناديلك . عاوزة ايه . أقوم خش جوه كلك لقمة . مش جعان ... سيبيني في حالي . تدخل و تجلب له لقيمات خبز جافة مع طبق به الملوخية المطبوخة و تضعهم امامه و تلكزه ليفيق و تعود . ينظر اليها بعينه التي تعلوها غشاوة النوم و الحمرة و ينظر الي الطبق المغطي برغيفي الخبز و يهم ان ينده عليها و لكنها تختفي داخل حوشها . ويتردد قبل ان يأكل . بعد ان ينتهي يدخل عليها بالطبق فارغ و هو يسئلها عن اين يغسله .
#أحمد_سعد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباع حشيش
-
الفقيه يهجو البشر ويمدح البهائم والحشرات
-
ايروتك مترو المثييييييييييييير ححححححححححاه
-
أفكار حول التحرش الجنسي في مصر
-
نجيب محفوظ والجمالية
-
القاهرة الفاطمية
-
ملاكي الخواجة مجدي
-
النصوص المحرمة في رواية عزازيل
-
من اجل الوصول للموضوعية
-
اللقاء الثاني
-
أوهام جسدية
-
ترانيم عن العشق والحياة 1
-
علاقة انترنتية
-
حتي لا تكون طائفية
-
تكامل وتناقض الانتماء الايدولوجي
-
التمثيل النيابي للأقباط في مصر
-
مادة 2 من دستور مصر
-
بطاقة تموين
-
دستور مرقع
-
الشيخ أحى
المزيد.....
-
بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي
...
-
رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم
...
-
إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا
...
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
-
مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|