أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة














المزيد.....

ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مضت قرونٌ عديدةٌ على وفاةِ الفيلسوف العربي المسلم ابن رشد (1126-1198م)، ومثّلتْ أفكارُهُ الفلسفية العامةُ خلاصةً لتجاوز عالم القرون الوسطى نحو الحضارة الحديثة، وهي الخلاصةُ التي فعَّلتها الفلسفاتُ والتياراتُ الفكريةُ السياسية لتحيلها إلى مجتمعِ الحداثة الغربي، عبر ظهور الطبقات الوسطى الصناعية والمالية، التي غيّرتْ العالمَ كله ووحدته واستغلتهُ وطورته.
وإذا كان العربُ قد فَجروا شيئاً جديداً نضاليا في العالم وقد تأثر به الغربُ المتطور، فإن الغربَ لا يعيشُ نفسَ اللحظة التي يعيشون فيها، بل هو يستعد لتجاوز الرأسمالية في حين أنهم يدخلون فيها كتشكيلة.
هذه المفارقة التاريخية تعبيرٌ عن مستويات التطور الاقتصادية الاجتماعية المختلفة، كما هي مفارقةٌ بين مستوياتِ العربِ والمسلمين أنفسهم حيث درجات التطور الاجتماعي السياسي المختلفة، ففي حين تريد الدكتاتورية الإيرانية عدم الدخول في الحداثة والتشكيلة الرأسمالية مصرةً على نظام الإقطاع السياسي الديني المشترك الذي يتمزقُ اجتماعيا سياسيا في داخلها نفسه، وتكبتُ البرجوازيةَ الضعيفة التكوين عن الإصلاح المحول لنظامها التقليدي، ويشاطرها في ذلك أقسامٌ من المسلمين والعرب المحافظين كذلك، فإن الأقسامَ الطليعيةَ من الأمة العربية تمضي نحو أفق آخر، أفق الحداثة والديمقراطية والتحولات الاقتصادية الشعبية.ولكن حالة هذه الأقسام العربية ليست متبلورةً صافية، بسبب هذا التداخل بين التشكيلات، حيث التشكيلة الإقطاعية تلفظُ أنفاسَها الأخيرة، في حين تبزغُ التشكيلةُ الرأسمالية عربيا بشكلٍ واسع، في حين يطمح آخرون إلى القفز نحو تشكيلة أخرى هي الاشتراكية وكأنهم يعيشون في الغرب الذي شاختْ فيه الرأسمالية.
إن تعقيدات الموقف العالمي التاريخي وتداخل الاتصالات والتأثيرات بين المراحل العضوية الاجتماعية الطويلة ذات القرون والأنظمة المتحولة باستمرار أسرع، هي كلها تنزلُ إلى السياسةِ اليومية، وتتغلغلُ فيها، وستجدُ أن حياً تونسياً يضم اتجاهات التشكيلات التاريخية كلها، فهناك أناسٌ يريدون البقاء في القديم، وأناسٌ يتطلعون إلى مماثلة الغرب الديمقراطي الرأسمالي كما هو الآن، وأناسٌ يريدون إزالة البرجوازية والرأسمالية الاستغلالية وتجاوز الغرب نفسه.
وهذه التداخلاتُ هي من مؤثراتٍ موضوعية، فالتشكيلات الثلاث لها أسسٌ موضوعية وذاتية في الُبنى الاجتماعية العربية نفسها، فما زال الولي المهيمن على السلطة سياسيا ودينيا، يمثلُ الإقطاع كما عرفهُ العربُ والمسلمون والشرق عموماً، حيث هو لا يهيمن على الأرض بالشكل الأوروبي فقط بل يهيمن أيضاً - بحسب المعطيات الاقتصادية - على السلطة السياسية والسلطة الدينية بدرجة أساسية، وهاتان السلطتان المطلقتان تكونان الإقطاع على الطريقة الشرقية وليس الغربية، فعبرهما تحدثُ الهيمنةُ على الثروة المادية وعلى الثروة الروحية التي تصيرُ هي الأخرى مادية نقودية.
ولهذا فإن الصراعات السياسية الاجتماعية في الثورات تعكس هذه الطرق التاريخية المتقاربة في مجتمعات ناميةٍ متخلفة، متذبذبةٍ بين العصور والتشكيلات، والقوى السياسية تمثل درجات وأنماطاً منها، وقد تأخذ تشكيلتها كشيء مطلق وقد تتداخل معها تشكيلة أقرب لها بحسب مستوى تطورها.
مثلما نرى أن مناطق جغرافية سياسية كالجزيرة العربية درجة مقاربتها للتشكيلة التقليدية أكثر من مقاربتها للتشكيلة الرأسمالية، في حين يمثل بلدا الثورتين المنتصرتين درجتين أكثر تطوراً من الجزيرة العربية ومقاربةً للرأسمالية، لكن صراع التشكيلتين الإقطاعية والرأسمالية هو الأكبر في العالم العربي الإسلامي، بينما الاشتراكية هي حلم وطموح لدى العمال خاصة.
جذورنا القديمة أكبر والدول والقوى التقليدية والدينية تصر على بقاء أساسياتها، في حين أن القوى الرأسمالية الليبرالية ضعيفة، وما هو مأمول وعقلاني من القوى السياسية المتبصرة هو تصعيد هذا التطور، وجعل القوى التقليدية تنتقل لعدم المتاجرة في السلطات والأديان نحو التجارة في السلع والثراء من خلالها، وألا تحدث تشابكاتٌ مرضيةٌ بأن تقوم القوى الليبرالية باستغلال مواقعها ونفوذها السياسي الحكومي أو قواها المالية لتجارة غير إنتاجية وغير فعالة في تغيير البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتخلفة، أو أن تقفز القوى العمالية لمعارك اشتراكية لتحتل المصانع وتفجر الدماء!
بطبيعة التطور والجذور التاريخية ومستويات الوعي والقراءة لدى الجماهير العربية سيكونُ القديمُ أقوى، وللقديم أدواته الكثيرة والتاريخية، ولهذا فإن تطوير هذه المرحلة الوسطية الليبرالية الديمقراطية هي الممكن السياسي الأوسع، هي الجبهة العريضة التي تجذر أدوات الحداثة المختلفة من دون بتر الماضي.
لا شك أن ثمة مقاربات برامجية في كل بلد لتجميع القوى المتعددة من أجل مثل هذه الأهداف العريضة التي تؤدي إلى التغيير الاقتصادي الواسع لصالح السكان وبدون فرض هيمنات للأقليات.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر(4-4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسار المغامر (3- 4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (2)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (1)
- العرب والقوميات الأخرى
- تطوراتٌ متسارعة وقفزات
- الشعبُ السوري افترسوهُ وحيدا
- القومية والمراجعة التاريخية
- العربُ أمة غيرُ مركزية
- التشكيلةُ والسياسةُ الإصلاحية
- المغامرات الإيرانية وتحديات السلام
- الثورة السورية ومصير النظام
- الصراعُ العالمي الرئيسي
- أفكارٌ تلتف على رقابِ الشعوبِ
- خيارُ الليبراليةِ المنتجة
- العصرُ البرونزي في البحرين
- الجزيرة العربية وقوانينها
- شعرةٌ بين الوطنيةِ والطابور الخامس
- إنتاج وعي نفعي مسيس
- هل يتمردون على ولاية الفقيه؟


المزيد.....




- اجتماع ثلاثي في عمّان لدعم استقرار السويداء ووحدة سوريا
- وزير الخارجية المصري: تنسيق مع واشنطن والدوحة لإحياء هدنة ال ...
- إسقاط المساعدات فوق غزة يتواصل وسط تشكيك بمدى فعاليتها
- وقف تصدير الأسلحة الألمانية لإسرائيل - نهاية مبدأ المصلحة ال ...
- قمة ألاسكا حول أوكرانيا: هل تصطدم طموحات ترامب بشروط بوتين؟ ...
- تصاعد المخاوف في أوروبا بشأن المواد الكيميائية الأبدية السام ...
- خطوة في طريق مسدود.. قراءة إيرانية في زيارة وفد الطاقة الذري ...
- السيسي: نرفض المساس بأمننا المائي وحصتنا من نهر النيل
- إيران تعلن القبول بمفاوضات مباشرة مع أميركا -حال توفر الشروط ...
- عاجل | الإخبارية السورية: رتل عسكري للاحتلال الإسرائيلي تحرك ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة