أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العربُ أمة غيرُ مركزية














المزيد.....

العربُ أمة غيرُ مركزية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 08:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرفتْ القبائلُ العربية نظامَ الحكمِ المركزي منذ بدء الإسلام وفيه عرفت الشمولية السياسية المركزية وكذلك تنامتْ عملياتُ التنوعِ الاجتماعية والفكرية والثقافية، وازدهرتْ مع توسع الفئات الوسطى وقوى الإنتاج البشرية، وفي ذلك الحين تجمعتْ أممٌ عديدة وكان للعرب كقبائل هيمنة على المركز ثم على بعض الدول المستقلة.
إن عمليةَ المركزيةَ الشديدة استمرتْ قرونا عدة لكن لم تستطعْ أن تصهرَ القوى الاجتماعية ذات الأصول القومية المختلفة، بسبب أسلوب الإنتاج الإقطاعي الذي وجه الخراجَ للاستهلاكِ البذخي الواسع لدولةِ الخلافة وغيّبَ الخيرات عن المنتجين.
فعرف العربُ بعد ذلك التفككَ والدولَ المختلفة وفي كل دولةٍ كانت هيمنة، لكن العربَ لم يعرفوا الدولة المركزية، مثلهم مثل بعض الشعوب كالهنود، الذين أتاح لهم عدم وجود مركز مهيمن حاد على مر التاريخ القفزِ لنهضةٍ هائلة من دون تضحياتٍ جسام وحروب.
لهذا يمكن أن نرجعَ تكرارية وجمود التاريخ المصري القديم إلى وجود المركز المستمر، الذي كانت تعصفُ به ثورةٌ فيتغير من دولةٍ قديمة لدولةٍ وسطى وإلى دولة حديثة، لكن مشابهة النسخ الشمولية لم تنتجْ منه حضارة مستمرة.
كان تفككُ العربِ وظهورُ دولٍ عديدة بدا كلعنة وأنهم أمة لم تحقق المركزية والوحدة القومية، في حين أن النماذجَ المركزيةَ الموحَّدة كالألمان والروس والصينيين واليابانيين أنتجت دولاً كبرى ناهضة بقوة.
لكن من جهة أخرى نرى الثمن الباهظ الذي دفعتهُ هذه الشعوبُ في عملياتِ الوحدةِ وخاصةً في تضحيات الثورة والعنف والقهر أثناء التوحيد والحروب، كما أن نجد أن التواريخ الشمولية فيها صهرتْ السكانَ كقوالب حديدية، وأن الهيئات «البوليسية» والعسكرية والبيروقراطية التي وقفت فوق رؤوسها تبلغ الملايين، وأن السكان تحولوا لنمط، ولقالب نفعي كاستنساخٍ لآلة.
وحين تقرأُ الفكرَ والأدب الألمانيين بعد التصنيع لا تشعر بقوى التنوع النفسي المتوهج، والذوات العميقة، وانهارت الثقافة الإنسانيةُ الرفيعة للروس بعد القبضة الحديدية الطويلة.
الثورات العربية العظيمة لم تُعرف من قبل بشريا بهذا الخضم، ولم نجد هذه الملاحم الهادرة السلمية المزعزعة للقهر، فكيف لأمةٍ ممزقةٍ ولشعوبٍ ضعيفة أن تعلم الإنسانية هذه الملاحم؟
رغم سلبيات التبعثر والتفكك القوميين العربيين وهي كثيرة مثل غياب العلاقات الاقتصادية العربية البينية الواسعة، وضياع فرص المشروعات المشتركة الكبيرة وتدفق فوائض مالية عربية هائلة للغرب، رغم هذه السلبيات الفظيعة فإن ثمة إيجابيات من تعددية الدول العربية وأهمها نشوء تعدديات فكرية وسياسية راحت تغتني من ثمار الديمقراطية الإنسانية ولم يعد بإمكان أي دولة أن تفرض صيغتها السياسية الواحدية، وحدث تدفق معرفي ثقافي هائل لدى الجمهور العربي الطليعي على مدى عقود، ومع الثورة التقنية المعلوماتية فإن الشباب العربي استوعب حراكا ديمقراطيا هائلا، ولم تستطع الشموليات الألمانية الهتلرية والستالينية والماوية والرجعية والآن النسخة الدكتاتورية الإيرانية أن تُطبقَ على أعناق العرب.
لم يكن المتأثرون بالتجربة الشمولية الفاشية الإيرانية يعرفون أنهم ينقلون تجربةً غيرَ عربية إلى بعض الدول العربية، وأنه ليست عوامل سطحية سوف تهزمهم بل القوانينُ العميقة للثقافة العربية السياسية المتجذرة في أمةِ التعدد والاختلاف الديمقراطيين، التي لم يتشربوا بها في أرواحهم وظلوا محبوسين في قمقمِ الهوسِ القومي الإيراني في نسختهِ الطائفية الأكثر خطورة. لقد أخطأوا على صعيدين قومي ووطني، فلم يكونوا جزءًا من القومية العربية، ولم يتغلغلوا في الوطنية العراقية والوطنية البحرينية والوطنية اللبنانية وغيرها.
فروقٌ كبيرة بين مذاهب التباين والتعددية والتسامح وبين صيغ الشمولية الباترة، ونمو التجارب الديمقراطية العربية الراهنة سيظل تغذيه القوانينُ الاجتماعيةُ الغائرة في هذه الأمة وشعوبها المتعددة، وهزيمة القوى الشمولية المذهبية والقومية واليسارية ضرورية لكي يثروا هذه التجارب ويتحولوا إلى نسيجٍ فيها يتغذى بالوعي المدركِ لأخطائه ويتجاوز نسخ التبعية الشمولية، نحو أمةٍ مستقلةٍ تحديثية ديمقراطية ودولٍ مستقلةٍ متنوعةٍ متعاونة بعمق فيها



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشكيلةُ والسياسةُ الإصلاحية
- المغامرات الإيرانية وتحديات السلام
- الثورة السورية ومصير النظام
- الصراعُ العالمي الرئيسي
- أفكارٌ تلتف على رقابِ الشعوبِ
- خيارُ الليبراليةِ المنتجة
- العصرُ البرونزي في البحرين
- الجزيرة العربية وقوانينها
- شعرةٌ بين الوطنيةِ والطابور الخامس
- إنتاج وعي نفعي مسيس
- هل يتمردون على ولاية الفقيه؟
- البُنى العربيةُ والثورات
- عواصف كونية على العرب
- اليسارُ العراقي يناضلُ بوطنيةٍ ديمقراطية
- مشروعان لا ثالثَ لهما في البحرين
- الأنواعُ الأدبية والفنية والديمقراطية
- سمة الثقافة الايرانية الرسمية
- الثورة السورية وغروب ولاية الفقيه
- المذهبيون بلا جذور طبقية
- الرأسمالية الحكومية والعلمانية


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العربُ أمة غيرُ مركزية