أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - الأنواعُ الأدبية والفنية والديمقراطية














المزيد.....

الأنواعُ الأدبية والفنية والديمقراطية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 3 - 10:22
المحور: الادب والفن
    


تمثلُ الأنواعُ الأدبية والفنية قضايا جوهرية في الأدب، فهي تعبرُ عن قدراتِ شعبٍ أو أمةٍ ما على التطور الثقافي على مدى قرون، فليستْ هي بناءاتٌ شكلانية تُرصفُ الكلامَ وتجمعُ المعاني في(قوالب) لكنها تعبيرٌ عن قدراتِ المبدعين والنقاد على الحراكِ التحويلي لمجتمعاتِهم، أي على مدى تمكنهم من إقامة علاقاتٍ عميقةٍ مع البشر وجذورهم الدينية والثقافية والاجتماعية وتغييرها تبعاً لخُطى التقدم، ومجابهة قوى التخلف والاستغلال والتهميش للناس، وتصعيد القدرات على الحوارِ والبحث والتجديد.
أي هو التحولُ من هيمنةِ الصوتِ الواحد إلى تعدديةِ الأصوات، ومن سيادةِ الأنا المركزيةِ الاجتماعية إلى تنوع الأفراد وقدرتهم على الحوار والنقد والتغيير.
وإذا كانت صناعة الأنواعِ الأدبية تخضعُ للأفعال الحرة للمبدعين فإنها لا تستطيع أن تقفزَ على الظروف الموضوعيةِ للواقع والناس. وهيمنةُ نوعٍ أو وجود الأنواع كافة هي قضيةٌ مركبةٌ من الذاتي والموضوعي، من سيطرةِ قيودٍ تعبيرية قَبْليةٍ ومن مساهماتٍ تحريرية لنزعِ تلك القيود، من آفاقٍ مرصودةٍ سلفاً نتاج سابقين ومن قدرةِ المعاصرين على تغييرِها تَبِعاً لتطورِ الحياة والمساهمة في تغييرها.
والمبدعون يظهرون في شروطٍ سابقةٍ على إبداعهم، إنها تقيدُهم وتجعلُهم يعيدون إنتاجَ الماضي الثقافي أو يضيفون عليه بعضَ الإضافات اليسيرة والمهمة غير التحويلية الواسعة.
ومن هنا فظهور الشعراء في عالم العرب الجاهلي يختلف عن ظروف أخرى تالية حين حدثت نهضة، فسيطرةُ الصحراءِ والحياةِ الرعوية، هي غيرُ ظهورِ المدنِ وميلادِ دولةٍ إسلامية واسعةٍ تختلطُ فيها الشعوب.
لكن ان تبقى الهياكلُ الإبداعية الجاهلية في عمقِ المدن وتسيطرَ على الإنتاج فهي أيضاً هيمنة قَبْلية مستمرة.
وقد طُرحتْ بقوةٍ مسألة قصورِ الأنواعِ الأدبية والفنية على نوعٍ واحد بشكلٍ كبيرٍ هو النوع الشعري، وضمور النوعين الآخرين وهما النوعان الملحمي والدرامي، كما هو غيابُ الأنواع الفنية، وهي قضية ليست تجريدية بل قضية تاريخية واجتماعية وفكرية طويلة ومعقدة.
وقد وجد الجنس الشعري في الجزيرة العربية البدوية مع كل قيودها، فغدتْ القصيدةُ الغنائيةُ هي الهيكل الأساسي للإبداع، وحين غادرت القبائلُ الجزيرةَ وسادت على الشعوب الأكثر حضارة منها، فكان لابد لها من أن تُعلي جنسها الشعري هذا، وترفعهُ في أعلى مقام، ثم تجعل من وجودها البدوي الحر في الجزيرة سجلاً مستمراً لتقرأه الشعوب التي ضُمت إلى هذا الشعب البدوي الجريء الحر وقد ساد وضعفت علاقاته بالحرية والتطور نظراً إلى تلك السيادة المطلقة.
في مرحلةٍ تاليةٍ مرحلة مشاركة الشعوب الأخرى وحدوث الامتزاج تنوعتْ الأنواعُ الأدبية والفنية، فتوسعت القصة وظهرت فنونُ الموسيقى والرقص والرسم، لكن ظلت الأنواع الأدبية كالمسرح والفنون التجسيدية محدودةً تعيش مهمشة.
كانت سيطرةُ الجنس الشعري العمودي ممثل البداوة العربية معبراً عن بداوتها وسيادتها ثم رقيها، وكانت ترفضُ الثقافةَ الخصوبيةَ الجاهلية العربية والخصوبيةَ للشعوب الأخرى، شريكة الوثنية والطالعة في مناخاتها، ومن هنا كانت أشكال التجسيد بشريا عبر المسرح أو في المواد عبر النحت والرسم مرفوضة أو مقزمة، وإذا تسللت فهي عبر الظواهر الدينية. كان ازدهار هذه الثقافات يعني انفصالاً عن السيادة العربية حتى لو تم ذلك بأشكالٍ دينية، خاصة في عالم السيادة الشمولية، وعدم وجود علاقات ديمقراطية بين الشعوب العربية والإسلامية.
لكن الاحتكاك بالحداثة أدخل الفنون والآدابَ في الثقافات العربية الإسلامية ولم يعد الرعب من الأصنام موجوداً، لكن الهاجس البدوي في الأعماق لم يزل موجوداً سواء في هدم رموز معبودة لشعوب أخرى أو في الخوف من الأشكال الحديثة للفنون لدى بعض العامة، أو في الخوف من ازدهار الفنون الحديثة حيث اختلاط الجمهور وتمازج الثقافات وكسرها للحدود بين الأنواع والشعوب، حيث إن هذا التمازج يجري بين شعوب ذات مستويات اجتماعية شديدة التباين، وكلٌ منها له مسار اجتماعي سياسي خاص.
ليست مسألة الآداب والفنون في حياة الشعوب العربية الإسلامية مجرد مسائل ثقافية بل هي ترتبط بمساراتِ هذه الشعوب وغياب التراث الديمقراطي العميق من حياتها، فالمسرحُ ليس خشبة بل هو جدل اجتماعي، والملحمة هي سجلٌ صراعي طويل لنضالها. وهذه الجوانب المفقودة والظاهرة في مراحل أخرى هي تعبير العلاقات الاجتماعية في زمن القيود أو في زمن التحرر.




#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمة الثقافة الايرانية الرسمية
- الثورة السورية وغروب ولاية الفقيه
- المذهبيون بلا جذور طبقية
- الرأسمالية الحكومية والعلمانية
- الجمهورُ و(الغوغاء)
- منعطفٌ تاريخي للعرب
- الوعي البحريني وإشكاليات التقدم
- العمالُ أكبرُ الخاسرين
- التطورُ الاجتماعي السياسي في سوريا
- تقلبات غريبة لسياسيين
- حراكُ المذاهبِ والثورات
- الخسارة للجميع
- إشكالياتُ تحركات فبراير 2011
- أسبابُ الحراكِ العربي
- إصلاحات ضرورية
- إشكاليات فكرية لما بعد الثورة
- ديمقراطية غير علمانية .. أهي ممكنة؟
- عبدالله خليفة في حوار استثنائي مفتوح حول: الحراك الاجتماعي ف ...
- الأزمة العميقة في البحرين
- الثورية الزائفة لمحطة الجزيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - الأنواعُ الأدبية والفنية والديمقراطية