أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - احمد مصارع - حقيرة سجون الحرية














المزيد.....

حقيرة سجون الحرية


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1046 - 2004 / 12 / 13 - 09:44
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


حقيرة سجون الحرية
الحرية مرآة الشعوب والأمم..
وإذا كان الضد هو الأقدر على إظهار الشيء , والضوء الذي نبصر من خلاله , صورة الحرية , على مرآة دولة ما ويكمن في معرفة السجون فيها بوجه عام , والسجون السياسية بوجه خاص , لأن تعكس لنا بشكل مكشوف طبيعة النظام السياسي والتربوي , وفلسفة الفئة الحاكمة , ان وجدت ..
الحرية بالنسبة للإنسان وهي مطلب متواضع للغاية , لأنها لن تمكنه من صنع ماهو مستحيل , لأن المستحيل الأول ناتج عن ضعف معاني وجوده ,فرديا واجتماعيا وإنسانيا .
على الأقل مطلب الحرية فوق الغريزة , ولكنه تحت القيم الروحية , ومن عرف السجن وذاق مرارته , واختنق من زمنه البليد , وبرودته كالجليد وظلاميته التي تطول ولاصبح ينجلي فيه , وعرف لاتاريخيته , ولاحظ تآكل الجملة العصبية فيه , وتعرض مخه للتآكل والتلف , والانمحاء البطيء لذاكرته , واهترائه مع المكان المحيط به كما يتهرأ البناء المهجور , أشياء من العمق لا يقترب من فضاء صورتها إلا تصور الكائن الحي ميتا وهو حي , وتلك صور حقيقية للغاية في واقع نعيشه حقا ولكنه غير حقيقي .
في السجن المرير يناجي الإنسان ربه بالقول :
يا الاهي ألهذا خلقتني ؟!
كان الكلب المسكين سجينا , وفتح باب سجنه , فانطلق مندفعا الى فضاء الحرية لا يلتفت خلفه , ولو وضعت أمامه أطيب اللحوم التي يشتهيها , ولأن يأكل جيفة خارج السجن , أفضل عنده من الحياة بدون حرية.
شاشة العقل ومع انعدام الحرية تشبه الى حد بعيد شاشة التلفزيون بدون أن تستقبل موجات أثيرية , ويتداخل الصحو الوهم مع النوم الوهم , وتصبح الأحلام أكثر حقيقية من الواقع , لأنه وعند توفر إمكانية النوم تقل كوابح الهموم الثقيلة الوطأة.
الأصل في السجن حجز الحرية , فكيف تكون السجون مرآة عن الشعوب ذات الفضاء الإنساني والحضاري والتقدمي ؟
إذا كان السجن مظلما وحالكا , زمهرير يا , ولا تستطيع كل الثياب أن تدفيء عظاما ونفسا ترتجف من الهلع الخفي أيضا , وكل ما يحيط بالإنسان مجرد سطوح حجرية تشع برودة قطبية , ويقرر أحدهم في لحظة نقمة على رفاقه بالأمس وهو الوزير أن يحرم السجين من حق الدفء الى الحد الذي يبقى فيه هذا الكائن الحي متجمدا , وتمر الأيام , ويشاء القدر أن يلتحق صاحب القرار سيء الصيت بالسجن , وهاهو الآن يرتجف من البرد, وبعد أن تعود على دفء كرسي الوزارة , يطالب بحق كان هو من حرم فيه غيره من أشباه البشر ,
وجاءه الجواب الذي يستحق , نص القرار الممهور بتوقيعه , ويقرر فيه حرمان كل سجين من أبسط مقومات الحياة , وهو شيء مستنكر حتى من السجان نفسه , وقد لا يظهر مشاعره الساخطة , وقد يقوم السجان بمخالفة القانون , وهذا غالبا ما يحدث , لأن المطلوب ,ومن أي قانون كان , يصدر عن هذا أو ذاك , أن يكون فيه شيء من المعقولية , !!
عندما يسجن المفكر , قد يقول آمنا , وداعا يا حياة الحرية .
لا يوجد خطأ أو صواب في هذه الدنيا , وهو كلام معقول , وليس في الأمر ظلم , صغيرا كان أو كبيرا ؟
اختر لي عدد سنوات سجن تكون كافية لمسحي من الخارطة السياسية والاجتماعية , بل لانمحاء مخي بأكمله , ويبقى السؤال المرير الذي يتحدى الوجدان والضمير والقلب والروح , والمقدس هو :
لوكان سجني المرير والحقير قصرا من قصور الدنيا , هل سأكون حرا ؟
لو توفر لي كل مستلزمات الإنسان البسيط والعادي , هل أصير حرا ؟
كل ما أتمناه لخصمي وبكل روح رياضية أن يعرف السجن , وبصورة اختيارية , ليكتشف أن السجن ليس تربويا وليس عملا انتقاميا , وليس حقا عاما , بل أسوأ بمعطياته من هذا بكثير , انه عمل ضد الإنسان وضد العقل والمنطق ,أقول هذا لا تشكيكا طوبا ويا عن ضرورة السجن ولكن عن اللا معنى المعلق على مشجبه .
السجن لوحده في ظروف عادية وطبيعية وإنسانية ,عقوبة شديدة الأثر وعلى أعتى المجرمين .
البشرية المفعمة بالرسالات السماوية الربانية , والمثل العليا مهددة بالمبالغات المتشددة ,كطبقات للتعسف فوق بعضها البعض لإحداث المزيد من الاختناق , في لا شمولية إنسانية عادله ,بل في شمولية دولية ظالمه ..؟!
احمد مصارع
الرقه-2004



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطاع طرق ولكن على خلق
- الانتخاب تحت الحراب وبدون خطاب
- عبادة السلطة والدين الجديد
- تحية للحوار المتمدن في قرنها الثالث
- التركيز
- نعم لسياسة فرق تسد
- قانون التسامح الصفري والبند السلبع
- هل أنت فيلسوف أم رئيس الدولة ؟
- مشتاقون لسماع الطزطزة القذافية
- الافتاء والاستفتاء
- الشرق الأوسط بين الاحتلال والديمقراطيه
- المقدمات المقدسة للثورة ونتائجها المدنسة
- هل يلزم لكل مواطن سوري مكبر صوت
- لقد رايت احد عشر كوكبا
- الشمولية وخدعة الأديان السماوية
- من أجل شرق أوسط لاهمجي
- ديكارت يفكر وهو غير موجود
- الشرق الأوسط يهجر الديمقراطية
- مابعد الحداثه
- المسلسل الأطول


المزيد.....




- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - احمد مصارع - حقيرة سجون الحرية