|
التركيز
احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 1041 - 2004 / 12 / 8 - 11:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أحد أهم الأشكال التي أحسُّ ، بها أثناء الكتابة ، هو شعوري بالتوتر التوتر الذي مصدره حالات عصابية معقدة ، والعصاب مرض ذهني مصدره برودة الحالة العصبية للمجتمع قياساً لسخونة حالتي الفردية . ففي حين يكون التماهي مع الواقع الاجتماعي بل الإيديولوجي منه ، أمر واقع لا مفر منه ، إذ من الطبيعي أن يتأثر الكائن الحي بمعطيات بيئته ويتفاعل مع عوامل تكيفها الموروثة والحادثة من غير فراغ . إنّ عامل المرونة مقياس لمقدرة التكيف مع بيئة ما ، هو مقياس توافق يقرر أحكاماً للنجاح والإخفاق ، ويصاغ وفقاً لها السيرة الشخصية لهذه الشخصية الآتية أو تلك ، والمساواة المعتادة تجعل من حدود الاختلاف ضيقه ، ويصير واقع الحال مركباً آمناً إلى حين ، ولو كانت كل جماعة بشرية متكيفة وفقاً لمعدلات نموها ومعزولة إلى حد كاف عن المؤثرات الخارجية والقوانين العالمية لحركة قوى أكبر نسبياً ، كماً ونوعاً ، لكان العالم أكثر هدوءاً واطمئناناً، بل لخفت كل عوامل التوتر. إن السرعة البطيئة لمجتمعات تعيش على هامش التطور العالمي غالباً ما تكون عرضة لانتكاسات كلية ، تسبب لها الهلاك، بل والانقراض في بعض الأحيان الأمر الذي يجعل من الوعي داخل مجتمعات ضيقة أصلاً، غير مرنة باتجاه الخارج قدر مرونتها باتجاه معطياتها الداخلية، يصير الوعي أزمة وخوفاً ينضح منه قلق مشروع وهو خوف وجودي غريزي باتجاه النوع الإنساني المحدود ، ويصير الخروج من مأساة الانهيار القادمة لا محالة أكثر من ضرورة ، ويكون التغيير المطلوب في العقل والسلوك أكثر من مجرد معاناة بل غالباً ما يواجه بالرفض العاتي لضرورة التغيير أو التعديل وفقاً لمسارات نسيت في شروطهم الداخلية أن السير على سرعة عالية لمجتمع تعود السير البطيء للأشياء يصبح مجهداً للغاية ، ويتشبث أهل المجتمع بخصوصياتهم . في حالة ضدية معاكسة ، ترفض كل ما هو عالي وممكن ، وتتمسك باستحالات لا ضرورة لها ويقع اصطدام كبيرة بين الحالة الواعية المستقبلة والحالة الضدية المتمسكة بواقعها المحلي ويتوتر الحوار مع الآخر ولا يبدع المجتمع المحلي في دراسة الحالة القادمة على الطريق قدر إبداعه في إفشال كل محاولات الاستعداد لاستقبالها، بل وحتى للتصدي لها وتنشأ قوة خرافية لا رصيد لها من الاستعداد والقوة المادية، إلا المعنوية التي لن تفيد كثيراً في مقاومة حالات الانسحاق، المرعبة أحياناً حين تصورها . في المجتمع المتعادل مع المعطيات العامة يسود مبدأ التفكير جيداً والتركيز الذهني على ما هو مطلوب عمله أو القيام به، بهدف تحقيق النجاح في حين يحرم الكثير من فرص التعويدات الحسنة .. وكل توتر نفسي مصدره الخوف والقلق الوجودي لا يؤدي إلى التركيز العقلي في السلوك والتوافق وهذه مظاهر أزمة حقيقية تستنزف طاقة المجتمع بشكل مخيف . إن خصوصية أي مجموعة بشرية كانت ، لن تكون كذلك إلا إذا كان مصدرها الخصوصية البشرية نفسها في صفاتها الغريزية والأخلاقية، إن الإنسان أينما كان هو الإنسان وخصوصية الإنسان موضع بحث علمي موضوعي وأخلاقي على أعلى الدرجات ، إن الأجيال الماضية لأي مجتمع كان يدعى الخصوصية ، كانت قد مرت بمختلف المراحل الخصوصية،فقد كانت في يوم ما بلا دين وتعاقبت عليها الأديان المختلفة, وتغيرت أنظمتها الأخلاقية مراراً، فما الذي يجعل أحد أشكالها وجودها الحديثة هو النهاية السعيدة لتقلباتها المأسوية. إن الإصرار على مثالية الحالة الأحدث هو جوهر تراجيديا الصدمات القاتلة ، أن التصور بأن الحالة الراهنة على أنها شرط ضروري لا مناص منه هو ما يسبب ضياع الجهود سدى ووضعها في غير محلها ، فإذا كنا نسير فحتماً يكون لزاماً علينا تجنب عقبات الطريق ، أما إذا كنا نتوقف فالتوقف مهما طال لا بد أن يصطدم بالقطارات القادمة، وبالقوافل الآتية والتي لم يظهر غبارها بعد . البقاء حتى اللحظات الأخيرة ولرؤية الشمس واضحة في رابعة النهار للإقرار بالضوء والحرارة مأساة العقل السائد. إن كل حوار داخلي للمجتمع داخل إيديولوجيته يثير زوابعاً من التوترات النفسانية من القبول والرفض, 1- ضرورة الابتعاد عن حالة التهجم مهما كانت واقعية بالمس بأسس التكيف الاجتماعي. 2- الضرب بقوة على هوامش المجتمع الرجعي وهي هوامش غير مؤذية ولا تسبب رد فعل قوي. 3- حصر الخطاب بالفئة الواعية وتقوية موقفها بذكاء نحو قبول ما هو قادم ؟ 4- الالتفاف على عملية القبول الداخلية بالنجاح في الحصول على النجاح خارج المجتمع الضيق والعودة إليه بأوراق تفرض نفسها عليه في قبوله واحترامه. - احمد مصارع - الرقة 2004
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم لسياسة فرق تسد
-
قانون التسامح الصفري والبند السلبع
-
هل أنت فيلسوف أم رئيس الدولة ؟
-
مشتاقون لسماع الطزطزة القذافية
-
الافتاء والاستفتاء
-
الشرق الأوسط بين الاحتلال والديمقراطيه
-
المقدمات المقدسة للثورة ونتائجها المدنسة
-
هل يلزم لكل مواطن سوري مكبر صوت
-
لقد رايت احد عشر كوكبا
-
الشمولية وخدعة الأديان السماوية
-
من أجل شرق أوسط لاهمجي
-
ديكارت يفكر وهو غير موجود
-
الشرق الأوسط يهجر الديمقراطية
-
مابعد الحداثه
-
المسلسل الأطول
-
الانتخابات الأمريكية والإشهار المجاني
-
قراءة في هجوم 11 سبتمبر
-
من أجل حفنة من الدولارات
-
تبادل المواقع
-
لايسار ولا يمين
المزيد.....
-
معالم ظهرت بفيديو استقبال محمد بن سلمان لوزير خارجية إيران ت
...
-
تتبعت تحركاته.. داخلية الكويت تقبض على فرد بالأسرة الحاكمة و
...
-
إخلاء مستشفيات شمال غزة، وفتح وحماس تناقشان مقترح -لجنة مجتم
...
-
باريس تعلن استضافة مؤتمر دولي لدعم لبنان في 24 أكتوبر
-
إعصار ميلتون -الخطر للغاية- يجتاح سواحل فلوريدا برياح عاتية
...
-
الإعصار ميلتون يجتاح سواحل فلوريدا
-
ترامب يرفض إجراء مناظرة ثانية مع هاريس
-
عاجل| إصابة سفينة بقذيفة مجهولة المصدر وتعرضها لأضرار جنوب غ
...
-
الأعاصير الخطرة.. 5 فئات تحدد سرعة الرياح وقوة التدمير
-
-طفل من بين كل 7- يعاني من أمراض ترتبط بالصحة العقلية
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|