أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - جسر الى أستراليا














المزيد.....

جسر الى أستراليا


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3515 - 2011 / 10 / 13 - 15:19
المحور: الادب والفن
    



كان مواظبا على الصلاة لربه، لا يقوم بخطوة دون ذكر الله، ولا يستسلم لسلطان النوم دون أن يستعرض أفعاله وأقواله ذلك النهار، ويطلب المغفرة من ربه إذا ما تجاوز التصرف السليم، أو تفوه بما لا يليق بإنسان يخشى الله.
مسار سيرته كالمسك، بشهادة أصحابه وأقاربه. وهو شاكر لربه هذه الخصال الحميدة التي زرعها في نفسه منذ بدء وعيه على الحياة.
يؤكد أن ما يعذبه تلك العلاقة ما بينه وبين زوجته المشاكسة، لم تترك جارة تفلت من لسانها. كان أشد ما يخافه أن يتحمل وزر أعمالها ويحاسب بجريرة أفعالها، يوم يقف للحساب أمام العلي القدير.
استشار الصالحين والأتقياء، وذو اللحى الطويلة من أهل بلده، هل سيحاسب على أفعال زوجته؟ وهل الزوج يشترك بأخطاء الزوجة إذا عجز عن ردعها ؟ وما العمل لإعادتها إلى طريق الصواب؟
أجابه شيخ الحارة أن الشرع أتاح ضرب الزوجة المشاكسة لتأديبها، وان عدم تأديب الزوج لزوجته، هي خطيئة تحسب للزوج في يوم الحساب.
دخل الزوج بدوامة من الرعب ، كيف يضربها وهي شديدة البأس تخيف اكبر شنب في الحي؟ وكان على علم أن رجال الحي يهابون لسانها ، وسطوتها عليهم ، وهي لا تتردد عند الضرورة للتعرض لهم وسط الحارة متحدية وجاهزة للمعركة، ولكن من يجرؤ على منازلة امرأة ومرمغة شرفه بالتراب؟
استعصى على فهمه، كيف تكون المرأة بهذه القوة والبأس والشراسة، وهي التي خلقت لتكون متعة للرجل؟ من أين لها هذه الطاقة على الشر؟ وبنفس الوقت كانت مرحة، مضيافة لمن لا يعترض على أحكامها، وتُطمئن زوجها بأن لا يقلق على آخرته، لأنها ستشهد أمام الله لصالحه، وتتحمل لوحدها وزر أعمالها،" مع مخلوقات أشبه بالرجال، لا يسوى الواحد منهم بصاق امرأة" على حد تعبيرها.
شاهد ذات ليلة حلما، ظهر له فيه ضوء شديد القوة، لدرجة انه لم يستطع أن يرى أي ملامح من وراء هذا الضوء ، وصوت مثل الرعد قال له، أن الله لا يخيب آمال أبنائه المخلصين، وانه مستجيب لدعواتهم إذا طلبوا.
وقع في حيرة من أمره.. هل كان هذا حلما، أم صوتا حقيقيا؟ ربما وهما؟ كيف له أن يعرف يقينه، يقول له انه سمع صوتا حقيقيا.. هل حقا؟! قال لنفسه:" مهما كان، هي رسالة واضحة بأن الله لا ينسى أبنائه الورعين".
نهض فجر اليوم التالي سعيدا، شاعرا براحة نفسية لم تراوده منذ زمن طويل. شكرا ربه على رسالته الواضحة، التي تطمئن النفس وتعزز الإيمان . وكان واثقا أن ما سمعه هو إشارة مطمئنة للأتقياء من رب العالمين.
مجد الله في علاه، وقال وعيناه شاخصتان للسماء، مخاطبا الله، أن له أمنية قديمة في نفسه، يرجو الله أن يلبيها بناء على وعده له ليلة الأمس.
ويخيل إليه انه سمع صوتا يشبه الصوت الذي سمعه في النوم. قال له الصوت:
- أنا أعرف صلابة إيمانك، وحسن سيرتك، وطهارة قلبك، وعدم رضائك عن تصرفات زوجتك، وقد فحصت قلبك ووجدته نقيا من الشوائب، وفحصت دماغك ووجدته خلو من الكراهية وأفكار السوء. لذا قررت أن أمنحك أمنية من أمانيك، فتمنى أكثر ما ترغب به نفسك.
فكر بالعرض المغري، وهو الإنسان الورع، وتردد كثيرا، كان حائرا بين حقيقة ما يخيل له انه سمعه. لم يعد يعرف صحيحه من خطأه، يقينه من وهمه، وخاف، إذا كان ما سمعة حقيقة، أن تفوته الفرصة. كانت له رغبة في الابتعاد عن البيت والزوجة المشاكسة إلى مكان بعيد لترتاح نفسه ويستعيد صفو تفكيره وليجدد طاقاته، لعل هذا البعد يغير أيضا نفسية زوجته، فيصلح حالها.
- أمنيتي أن ازور ابعد دولة عنا، تدعى استراليا، ولكني أخاف الطيران خوفا شديدا لدرجة أن نبضات قلبي تتسارع إلى حد الخطر، أما البحر فيصيبني بدوار شديد، قد يفقدني رشدي. فهل تمد لي يا رب العالمين جسرا من هنا إلى استراليا، لأسافر بسيارتي ، وأتوقف وقت الضرورة للقيام بواجباتي الدينية؟
أجابه الصوت، الذي يظن انه صوتا سماويا:
- طلبك هذا مستحيل، هل تعرف كم تكلفة مد جسر فوق البحار ووسط المحيطات الهائجة، وشق شوارع بالجبال وجسورا فوق الأنهر، من اجل شخص واحد؟ يا ابني العزيز فكر بأمنية أقرب إلى التنفيذ، وسأتركك الآن وأعود إليك غدا بعد أن تفكر بأمنية جديدة ومعقولة.
لم يتردد وسارع يقول، خوفا أن يفقد هذه الفرصة الذهبية:
- لي أمنية أخرى ؟
- ما هي؟
- أمنيتي أن أفهم نفسية النساء.. لماذا يغضبن؟ لماذا يضحكن؟ طريقة تفكيرهن بالحياة؟ ماذا يعني الزوج للزوجة؟ لماذا تفكر أن الرجل بلا مشاعر؟ كيف افهم عقليتهن؟ كيف افهم ردود فعلهن على ما يجري؟ لماذا تبكي المرأة؟ ما الذي يجعلها سعيدة؟ ما الذي يحزنها؟ ماذا تعني المرأة عندما تقول لشخص إنها تحبه؟ وكيف استطيع إسعاد امرأة، وجعلها سيدة بيت مطيعة ومتفاهمة؟ كيف أقنعها أني حقا أحبها وأريد لها الخير؟ وباختصار يا الهي أريد أن أفهم نفسية المرأة بشكل كامل!!
ساد الصمت هذا اللقاء ، لدرجة انه ظن أن الله لم يسمع امنيته أو تجاهلها. ترى هل يخل الله بوعده؟ أو أنه هو يعيش وهما؟ حلما؟ وما هي إلا برهة قبل أن يصاب باليأس، حتى سمع الصوت من جديد:
- قل لي يا ابني هل تريد الجسر إلى استراليا باتجاه واحد أم باتجاهين ؟

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر حول اللغة والهوية القومية
- أمريكا عارية: نتنياهو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة!!
- بين كسب اللوبي اليهودي وخسارة مكانة أمريكا
- المشاركة في الانتفاضة الاجتماعية أم سياسة الانعزال القومي ال ...
- الأباتيا والأمباتيا في دنيا العرب (ساتيرا)
- رواية قصيرة جدا: انتفاضة...
- حمير فوق.. وحمير تحت..
- إسرائيل وحماس – من وهم تماثل المصالح إلى الصراع
- بشار الأسد وملاك الموت
- يحدث في سوريا
- حتى يجف من الماء...
- دفن حماته...فقط!!
- هل يعود العرب إلى التاريخ؟!
- الميت يتذوق قهوة وتمر أجره
- الإخلاص الأناني
- إنتاج لنفس البضاعة
- عنصريون يشوهون حقائق النكبة الفلسطينية – حيفا نموذجا!!
- لذكرى الشاعر الفلسطيني الراحل والمبدع سميح صباغ
- جمال عبد الناصر والعدوان الثلاثي على مصر حسب يوميات بن غوريو ...
- الحرية لشاليط…والحرية لأسرى الشعب الفلسطيني


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - جسر الى أستراليا