أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزمة قبل أن تحل الكارثة؟















المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزمة قبل أن تحل الكارثة؟


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 16:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد يرى البعض أن ما يحدث فى مصر كارثة وهى كذلك بالطبع ولكن الكارثة الأكبر ستحدث أن لم يتم مواجهة الأزمة بما يليق بها خاصة وأن ما يتردد حتى الآن من تصريحات ونقاشات وتعليقات هنا وهناك من شخصيات بارزة على الساحة (بحكم الوجود وليس القيمة أو الدور الفعلى)، لا تأسس لوجود تعامل مسئول مع الأزمة.

فى مصر أصبحت حالة الاستقطاب مسيطرة، ومع الوقت يصبح من السهل تصور موقف كل جماعة أو مجموعة مما يحدث والتصورات التى تطرحها للتعامل مع الحدث. تزداد مساحة الاستقطاب والرؤية الأحادية على الرغم من أن الأصل فى الأشياء هو التنوع، وأن الظواهر الاجتماعية تتسم بالتعقد والتركب وتجمع على وجود أسباب مختلفة يصعب حصرها فى سبب واحد أوحد. والمشكلة أن الاستقطاب يقلل مساحة النقاش والحوار ويحوله لمساحة التفسير الأوحد والحل الأوحد بما يضر أكثر مما يفيد. وفى هذا السياق أصبح من الطبيعى أن تتلون التعليقات وصفحات التواصل الاجتماعي بما يعبر عن هذا الاستقطاب كلما حدثت أزمة بما فيها أزمة ماسبيرو أو الأحداث التى وقعت فى التاسع من أكتوبر الحالى والتى راح ضحيتها حسب التصريحات المعلنة حتى الآن ما يصل إلى 25 قتيل وما يقترب من 300 مصاب.

ما يحدث أن كل شخص أو مجموعة ترى فى عامل معين سبب المشاكل وترفض الأعتراف بوجود عوامل أخرى. فالبعض مثلا يرى أن السبب هو الجيش والمجلس العسكرى الحاكم، والبعض يربط كل ما يحدث بالأخوان والسلفيين، والبعض بالمسيحيين ومطالبهم أحيانا أو بالمتظاهرين ومطالبهم المسامة بالفئوية أحيانا أخرى. والبعض لازال يربط كل ما يحدث بالثورة وما أدت إليه من فوضى، مقابل من يربط ما يحدث بالفلول والبلطجية من اتباع النظام المراد اسقاطه، فى حين بفضل البعض التفسير السهل الذى يلقى بالمشكلة فى ملعب الأيادى والأجندات الخارجية. ولا نقصد أن ننكر أن تلك العوامل بدورها تحمل ما يمكن أن يكون جزء من السبب الحقيقى لما يحدث، فمع تعدد الأسباب المطروحة لابد ان يكون السبب فى مكان ما هنا أو هناك ولكن من المهم فى تلك اللحظات الحاسمة التمييز بين العوامل الضرورية والعوامل الكافية فيما يحدث فى مصر بصفة عامة وفيما يحدث فيما يتعلق بقضية الفتنة الطائفية أن أردنا استخدام المصطلح بوصفه الدارج.

بالطبع قد يجد البعض فى هذا الكلام بعض التنظير الذى لا يرقى لمشاعرية وانسانية اللحظة وما تتسم به من أحاسيس، وحقيقة اختلاط الموت والدماء بأصوات الألم والفقد، ولا بالشكل الثورى الذى ينبغى أن يرفض ويدين ويشجب ويطالب. ولكن يبقى الموت فى خلفية المشهد، والدماء فى أيدينا جميعا والألم يعتصر قلب مصر حتى نتعامل مع المشهد بما يليق به وبما يحول بيننا وبين زيارة هذا الموضوع مرات ومرات ودفن شهداء وتعزية أسرهم. يبقى من المهم أن نتعامل مع الأسباب الحقيقية وأن نتخذ ما يليق بها من قرارات ثورية بما يتجاوز تشكيل لجان ولجان منبثقة عن اللجان ولجان لمناقشة قرارات اللجان... فى مسلسل استمر ولم ينتهى لسنوات.

ولعل أحد النقاط الواجب تأكيدها بداية أن ما حدث فى أسوان لم يكن الحدث الأول فى مشاهد الاعتداء على أو مهاجمة الكنائس، كما أن المواجهات التى حدثت لم تكن الأولى فى مسلسل المواجهات- المصادمات- العنف... وكل ما أردنا استخدامه من مصطلحات متداولة للتعامل مع الموقف، كما أن مشاهد الضحايا من مصابين وقتلى ليست جديدة على المشهد المصرى للآسف. قد يرى البعض أنها المرة الأولى الأوضح فى مرحلة ما بعد الثورة وأن الأسلوب المتبع يرتبط بمرحلة سابقة تم اسقاطها مع تنحى مبارك. ولكن هل تلك حقيقة؟ هل نجحت الثورة فعلا وتم اسقاط النظام أم أننا لازلنا فى مرحلة الاسقاط المطلوبة والتى يفترض أن يصاحبها مرحلة بناء موازية؟ وهنا لابد من الاشارة للعوامل الموضوعية والكافية وما يتواجد فى المشهد المصرى الحالى من أسباب هيكلية للمشكلة.

فلأن مظاهر الأزمة ليست جديدة فأن هناك عوامل ضرورية تجعل تصاعدها ممكن ومحتمل، عوامل من شأن تواجدها تصعيد الموقف. عوامل من قبيل الاشاعات مثلا: اخبار عن استهداف جماعة لأخرى، أو بناء كنيسة مخالفة للقانون، أو استهداف مسلمين لمسيحيين أو العكس. أو تصريحات غير مسئولة من طرف ضد آخر بسوء أو حسن نية، بقصد أو دون قصد. أو حدث يبدأ فرديا فى مكان ما وتساهم تغطيته والتعامل معه فى تحوله لأزمة متشعبة ومتشابكة. أو حتى أيادى خارجية تسعى لتأليب الجميع من أجل الإضرار بصالح مصر سواء كما يتردد أحيانا من قبل النظم من أجل ترحيل المشاكل وعدم الاعتراف بوجود أخطاء وأسباب حقيقية للأزمة، أو لوجود تدخلات حقيقية. وكلها وغيرها أمور تؤدى لحالة استقطاب حادة وخروج عنيف يحمل فيه البعض المصاحف ويحمل فيه البعض الصليب، استقطاب يجعل الشعار يتجاوز المصرية وحرية الدين الجامعة، للمصرية الضيقة وللدين فى صيغة تفريق مخالفة لما يفترض من الأديان كنشر للمحبة والتسامح والتعايش.

وهنا فأن وجود أحداث ممتدة عبر سنوات لابد أن يجعلنا نقف وقفة صراحة مع النفس: هل تخلو مصر من وجود أسباب حقيقية للاحتقان؟ وأن كانت الإجابة نعم فكيف نفسر أن تؤدى كلمة أو تصريح هنا أو هناك لحالة الاستقطاب سالفة الذكر؟ وكيف نفسر الإنغلاق فى دائرة الجماعة الدينية الضيقة كوسيلة حماية وتعريف هوية بدلا من دائرة المصرية الجامعة الأوسع؟

أن لم تكن هناك أسباب هيكلية للاحتقان كيف تجد الأيادى الخارجية بيئة لتحريك الجيران والصحبة ضد بعضهم البعض؟ كيف تحدث الوقيعة -أن وجدت- أن لم تكن هناك عوامل حقيقية على الأرض تمثل بيئة خصبة لها لكى تعيش وتنمو؟

ما أقصده أن العوامل الضرورية غير كافية لتفسير ما يحدث، فهناك عوامل هيكلية نمت عبر الوقت فى التربة المصرية وعلينا أن نعترف بوجود تلك الأسباب وأن نبدأ فى معالجتها أن أردنا استعادة مصر المتسامحة التى تسكنا وننتظرها. تلك العوامل ليست مؤسسية فقط من قبيل تولى المناصب وفرص الترقى وخلافه ولكنها أيضا ثقافية ومتعلقة بالممارسة اليومية. فخلال السنوات السابقة كان من الواضح وجود توجهات سلبية تقوم على أساس الاستقطاب مسلم- مسيحى، توجهات من قبيل مقاطعة بعض المسلمين للمطاعم والشركات المسيحية مثلا، مواقف ضد الكنائس والمسيحيين لا لشئ الا بسبب الدين، وابتعاد بعض المسيحيين عن المسلمين فى تجمعاتهم الوظيفية أو الدراسية وشعورهم بنوع من عدم الارتياح أو الثقة للتعامل مع المسلمين. تلك المواقف وغيرها قد لا تعبر عن توجه عام ولكنها موجودة بالفعل وأن كنت لا أعرف نسبتها فى المجتمع ولكنها جزء من المشكلة الحقيقية التى لا يمكن معالجة الأزمة دون مواجهتها.

المهم أن ندرك أن القضية لن تحل بصور وابتسامات أمام عدسات المصورين، ولن يمنع دونها القول بوجود أيادى خارجية. العامل الأساسى القادر على حماية مصر هو شعب مصر فى توحده. علينا أن نبدأ من أنفسنا وأن نعترف أن مصر ليست مكان لشخص بمفرده أو جماعة دون أخرى، ولكنها لنا جميعا. وأن وجودنا هو من قبيل الصحبة والعشرة والجيرة وليس الضرورة، فالصحبة والعشرة اختيار عن حب، أما الضرورة فهى رضاء مؤقت لحاجة نتقضى بمرور الوقت بدلا من أن تتعمق المعرفة وأواصر العلاقات.

لا يقصد بهذا أن علينا أن ننتظر سنوات وأن نشكل لجان من أجل تلك الحلول ولكن علينا أولا أن نعترف بحقيقة المشكلة، وأن نتعامل مع الأزمة الحالية بما يحول دون تطورها لكارثة، على أن نبدأ فى إدارة حوار عقلانى حول أسس المشكلة القائمة من الناحية المجتمعية والثقافية.

مرحليا، علينا أن نرد بحزم على ما حدث وأن نتوقف عن إدارة الأزمات بأسلوب التنقيط القائم على محاولة حل مشكلة هنا حتى تهدأ وتظهر مشكلة جديدة، ببساطة لأن المشكلات ستستمر فى الظهور فى مناطق أخرى أو ستعود للظهور بصور أخرى.

علينا أيضا أن نقر بوجود خطوط حمراء فهى مسألة ايجابية أن تم حسن التعامل معها كثوابت تمثل أركان للبناء عليها. فمصر بوحدتها خط أحمر، وشعبها خط أحمر، وكرامتها وكرامتهم خط أحمر، وجيشها بما يمثله من قيمة ومكانة لشعبها خط أحمر. ولأن الخطوط الحمراء تعرف وفقا لارتباطها بالشعب والوطن، ولأن الشعب تعارف على أن الجيش له مكانته فى المجتمع فليس لأحد أن يضحى بتلك المكانة. وفى هذا الإطار، ولأن حماية مكانة الجيش هى درع حقيقى لمصر فلا يحق لأحد التساهل فى التعامل مع ما حدث ولابد من توضيح المسألة والمحاسبة فى إطار من المكاشفة.

لابد أيضا من تحميل المسئولية لمن تسبب فى تفاقم الأوضاع بتلك الصورة. وعلى كل فرد فى مكانه الأعتراف بدوره ومسئوليته سواء فى إنتاج الأزمة أو تفاقمها. المطلوب خطاب واضح من رأس السلطة ممثلا فى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس خطاب باهت من رئيس وزراء ضعيف عليه أن يرحل لا أن يعقد مزيد من اللقاءات والاجتماعات. المطلوب سياسات من أجل مصر وليس أحاديث من أجل الشهرة وتعبئة مساحات إعلامية.

المطلوب كلمة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشعب مصر العظيم وأرواح شهداء مصر فى تلك اللحظة المؤلمة وليس تكليف الحكومة بتشكيل لجان والتأكيد على متابعة الأحداث لأن المتابعة مسألة مسلم بها لا تحتاج إلى إعلان. لازال عندى أمل أن يكون التعامل بحجم مصر



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الثورة المصرية (27): الثورة بين التغيير والتنقيط
- على هامش كارثة (8): من قانون الطوارئ لطائرة العودة
- على هامش الثورة المصرية (26): السياسة المصرية وزيارة أخرى لل ...
- على هامش الثورة المصرية (25): ملاحظات عابرة
- على هامش الثورة المصرية (٢٤): العلاقة ما بين الن ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٣): المحاكمة... تداعيا ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٢): مشهد المحاكمة..... ...
- للبشر أوجه أخرى
- على هامش الثورة المصرية (٢١): الحاجة سكينة والثو ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٠): البحث عن هيبة الدو ...
- على هامش كارثة (٧): أثمن ما نملك
- على هامش كارثة (٦): شهادتى على العودة- الجزء الثالث وا ...
- على هامش كارثة ( ٥ ) : شهادتى على العودة- الجزء الثانى
- على هامش كارثة (4): شهادتى على العودة- الجزء الأول
- على هامش الثورة المصرية (١٩): التحليل بين الموضو ...
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٤) : الأسقف المنخفضة
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٣): سقف الحلم
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٢): حدود الحلم
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (١): استعادة القدرة على ...
- أن تقدر بأكثر من قدرك!!


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزمة قبل أن تحل الكارثة؟