أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حامد كعيد الجبوري - الشيوعي الأخرس ( حاتم صكبان ) !!!















المزيد.....

الشيوعي الأخرس ( حاتم صكبان ) !!!


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 20:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



جمال اللغة العربية نجده في تصريفها ، نحوها ، بلاغتها ، بديعها ، رمزيتها ، ومحسناتها اللفظية ، والعرب تأنف أطلاق الكنية بواقعها المرئي المعاش لمن يصاب بعاهة خَـلقية أو عارضة تصيبه فتبدلها لنقيضها مراعية الجانب النفسي لذلك الإنسان ، فتطلق على الأعمى البصير ، وعلى الأبكم – الأطرش – السميع ، وعلى الأسود مرجان ، ويكنون الدميم جميلا ، والمجنون عاقلا ، ولكني لم أجد – والأصح لم أعرف - ما تطلقه العرب على فاقد النطق ( الأخرس ) ، لذا منحتها من نفسي وقلت ربما تقول العرب عنه الفصيح أو الناطق لمن أصيب بعاهة عدم النطق .
الحلة الفيحاء يشطرها نهرها الخرافي – شط الحلة - الجميل لشطرين ، أحدهما الغربي ويسمى الصوب الكبير ويضم سبعة ( أطراف ) وهي ( الطاق ، الجامعين ، جبران ، المهدية ، الجباويين ، التعيس ، والأكراد ) ، وشطر شرقي ويسمى الصوب الصغير وله ثلاثة ( أطراف ) وهي ( كريطعه ، الكلج ، الوردية ) ، والانحدار الطبقي لهذه ( الأطراف ) الثلاثة الجانب الصغير فلاحيا لأغلب بيوتاتها وبخاصة ( طرف الوردية ) رغم وجود شرائح التجار والصناع فيه ، وبساتين أصحاب هؤلاء البيوت تحيط ( طرف الوردية ) لذا سميت ( الوردية ) لكثرة ورودها وبساتينها الغناء ، وأزقة ( الوردية ) يعرفها أهالي الطرف وهي كثيرة ومنها ( عكد ) بمعنى – زقاق - أو ( دربونه ) الشيخ وأعني به الراحل الشيخ ( محمد سماكه ) رحمه الله ، و( عكد ) ( البيات ) ، و( السرحه ) و ( جريدي ) و ( هجول ) و ( حربه ) و ( بشبوش ) و ( العلاك ) و( عكد حسان ) ، وغيرها الكثير وتسمى هذه الأزقة بأسماء أبرز ساكنيها ماليا أو اجتماعيا ، وربما باسم رجل أو امرأة لهما شأن معين في المحلة ، وأغلب بيوت الوردية من الطبقة الفقيرة وربما المعدمة ، ويسكن والدي رحمه الله ببيت مستأجر من الحاج ( عبد الحسين الشمري ) بزقاق يسمى ( عكد باني ) ، ويقع قريب لزقاقنا ( عكد بشبوش ) ومن هذه العائلة الكريمة سنتحدث عن الفصيح أو الناطق ( حاتم صكبان موسى الخفاجي ) تولد عام 1942 م ، ولد هذا الصبي وهو محروم من نعمة النطق ، وأغلب هؤلاء الناطقون غير سامعين لحديث الآخرون والأصوات التي تصدر من حركة الأشياء ، وعييت على هذا الرجل وهو يكبرني بعشر سنوات تقريبا ، وربطتني بأخيه الأصغر ( موسى ) والأصغر ( جعفر ) علاقة مدرسية وعلاقة جيرة وأخوة ، عام 1958 م أستملك بستاننا وبساتين أخرى من بلدية الحلة ووزعتها أراضي للمواطنين ، ولتعلق والدي رحمه الله بأرضه التي أخذتها البلدية لقاء مبلغ مجزي آنذاك فقد أشترى لنفسه قطعة مساحتها 600 م2 في هذه البستان التي تحولت لحي سكني كبير يسمى ( حي الخسروية ) ، ومن حسن الصدف أن ينتقل أغلب أهالي ( الوردية ) لهذا الحي الجديد ومن ضمن هؤلاء جارنا القديم العم ( صكبان ) ، وتبدلت تلك الأزقة بشوارع معبدة بالقار وأنشئ لهذا الحي متنزها جميلا زرعت به أشجارا جديدة مضافة لباسق النخيل التي تتوزع على مساحات متناثرة من هذا المتنزه الجميل ، ويخترق المتنزه نهر ساحر مكشوف يسقي ما تبقى من بساتين ( الوردية ) ، يتوسط المتنزه ( تانكي الماء ) العملاق الذي يغذي الحلة الفيحاء بمائه ، وأحيط المتنزه بسياج حديدي مشبك وللمتنزه بابان ، يقع دار جارنا الفصيح ( حاتم ) مقابل منتصف هذا المتنزه من قسمه الشرقي ، و( حاتم ) جميل المنظر ، حليق اللحية لا يتركها يوما دون حلاقتها ، يرتدي ( الدشداشة ) البيضاء الناصعة النظيفة ، ويعتمر فوق رأسه طاقية ( عرقجين ) ، وفي مناسبات الأفراح والأحزان لأهالي الوردية يرتدي حاتما بدله مخاطه عند أبرز خياطي الحلة بسبب وفرة ذات اليد للحاج ( صكبان موسى ) الذي لم يبخل على ولده وأقاربه بمنحهم من ذات يده ، و( حاتم ) خارق الذكاء لا أعرف كيف تعلم القراءة والكتابة ولوحده دون معلم يساعده ، ولا أعرف كيف أصبح رساما فطريا يرسم لوحاته الجميلة على سياج المتنزه ، وحاتم يملك من القوة الغريب ، يستطيع أن يضع العملة النقدية ذات العشر فلوس أو ( قبغ ) قناني ال ( كوكا ) بوسط سبابته ويضغطها بإبهامه فيلويها ويطبق طرفيها على بعض ، يمسك بسيارة ( حسين الجني ) من ( دعامتها ) الخلفية ويسحبها بقوته نحوه والسيارة يحاول سائقها السير بها الى الأمام ولا تتحرك السيارة إلا بعد أن يأخذ ( حاتم ) التعب ويصب عرقا من كل مسامة من جسمه ، وأغرب ما رأيته من هذا الرجل – حاتم – ينزل لنهر الحلة وعرضه حوالي 40 - 30 مترا وفي مناطق أخرى أكثر ، ينزل الى النهر ويخفي جسده كاملا تحت الماء ( يغوص ) ويتجه صوب الضفة البعيدة – الصوب الآخر للنهر - وحينما يصلها – الضفة الأخرى - يخرج يده فقط دلالة على وصوله لها ، ويعود الى حيث أنطلق ومن نفس النقطة التي أنطلق منها ، بمعنى أن جريان الماء السريع ككتلة قوية يخترقها ويعود لنفس نقطة انطلاقه ، ويظن الكثير أن ( حاتم ) قد غرق لمرور أكثر من أربعة دقائق وهو تحت الماء دون واسطة للتنفس ، أما الطريقة التي علّم فيها أخاه ( موسى ) السباحة فهي غريبة أيضا ، يضع أخاه بين يديه ويذهب به بعيدا لمنتصف النهر ويسحب يداه ويعيدها ليترك أخاه يسبح في الماء برهة وأن رآه سيغرق يعيد يديه لما كانتا عليه حتى تعلم ( موسى ) السباحة ، و( حاتم ) يملك مجموعة كبيرة من الحمام في سطح داره ، وكنا نرى ذلك الحمام ينزل على يديه المبسوطتان وعلى كتفه وعلى رأسه وكأنه أب أو أم لها ، حاربه والده رحمه الله بهذا الحمام فكان الوالد لا يوافق على تملك ولده لهذا الحمام ، لأن الوالد يرى سبة أن أمتلك الولد مثل هذا العدد الكبير من الحمام ، وللحقيقة أقول لم تكن ممارسات ( حاتم ) كما عرفنا من ممارسات مربي الحمام ( المطيرجيه ) ، ف ( حاتم ) لا يرمي بحجر على طيوره وتسقط على الجار ، ولا ينظر لطيوره من خلال سياج السطح فيطلع على عورات جاره ، بل سلك النقيض من ذلك ، كان يعرف بموعد خروج بنات الحي الطالبات الجميلات ، وهن يذهبن لمدارسهن ، فكان يسير خلفهن كأي حارس وبلا أجر ، ومن ثم يعود وهن يخرجن من مدارسهن متعبات ، ويطمأن حين يصلن كل لدارتها ، ومن يستطع التحرش بهن وحارسهن الشجاع ( حاتم ) ، ولا أعرف كيف أحب أو صادق وربما أنتظم ( حاتم ) لحزب سياسي معروف بوطنيته وتفانيه للمطالبة بحقوق الشعب العراقي وهو ( الحزب الشيوعي العراقي ) ، وأحب الزعيم الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم رحمه الله ، ويضع على صدره ذلك الدبوس الذي نقش عليه صورة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ، وكان والده يداعبه قائلا أن عبد الكريم ليس بشخصية وطنية محبوبة للناس ، وهو عميل أمريكي أو بريطاني ، والوالد وطني غيور يحب وطنه ويحب الزعيم الشعبي عبد الكريم قاسم ، ولكنها منكدة لحاتم ليس إلا ، فيثور ( حاتم ) بوجه والده مهددا إياه بأنه سوف يذهب لدائرة الانضباط العسكري ويشكو لهم والده ويخبرهم عن فعلته وحديثه ، كل ذلك يتم بلغة الإشارة بين الوالد والولد ، وحدثني الصديق ( حسين عباس طعمه ) وهو قريب للناطق حاتم ( أبن عمته ) ، يقول حسين كنا أثناء مراسيم العزاء الحسيني ننطلق من محلتنا متجهون الى الحسينية التي يقام فيها المأتم ، حدث شجار بين أهل محلتنا ومحلة أخرى نمر بها ، وهربنا بعد أن أتضح لنا أن خصومنا يحملون الخناجر والسيوف و ( القامات ) ونحن بلا سلاح لأننا ضمن طقس عزائي ، هربنا تجاه زقاق يسمى ( العكد الضيك ) فوجئنا بوجود مجموعة من خصومنا يقفون بنهاية الزقاق فأصبحنا كمن العدو من أمامه والعدو من خلفه ، تقدم الناطق حاتم نحو دكان بمنتصف الزقاق وخلع ( كبنك ) الدكان وتناول الخشبة التي يشد لها ( الكبنك ) وتقدم نحو خصومه فهرعنا خلفه مصففين لشجاعته التي اضطرت إلى هروب خصومنا ومنجاتنا من إصابات محققة بفعلة بطلنا الناطق حاتم .
يقال أن الشاعر البصير ( بشار بن برد ) كان يحمل بيده قنديلا ويسير به في طرقات المدينة ، سأله أحدهم لم تحمل هذا القنديل وأنت أعمى لا تبصر ؟ ، فأجابه أني أنير الطريق لأمثالك كي لا ترتطموا بي ، وهذا ما حدث للراحل ( حاتم صكبان موسى ) فقد دهسته سيارة جار لنا وتوفي حاتم على إثرها نهاية عام 1966 م ، قبل أن يودع حاتم لمثواه الأخير ذهب والده الى مركز الشرطة ليتنازل عن داهس ابنه ويخرجه من توقيفه .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضاءة / المرأة ينبوع عطاء
- استتراتجية الأمن الداخلي العراقي / رياض البياتي
- عرض كتاب الجواهري !!! هذا المغني لنور الشمس
- إضاءة ( نداء إلى الفاشلين )
- إضاءة ليتنا السجناء !!!
- عرض ديوان الشاعر الشهيد محمد آل حيدر
- إضاءة للمتسولين!! فرصة للإستثمار
- ( ومن طلب العلى سهر الليالي )
- إضاءة ( بطاقة عيد )
- ( وظلم ذوي القربى )
- (طوبه أتقاذفوها )
- ( دنيه وعسرت )
- إضاءة ( أشوكت تنهز الشوارب )
- إضاءة ( والنواطير النشامه )
- إضاءة لست محاميا عن ( توفيق الياسري )
- إضاءة الخلاص من المأزق
- إضاءة ( رمضان كريم )
- الترشيق الوزاري والكهرباء الحضاري
- الختان وأيام زمان
- وداعاً رحيم ........... صبراً يا عراق / مهداة الى الشاعر الو ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حامد كعيد الجبوري - الشيوعي الأخرس ( حاتم صكبان ) !!!