أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فؤاد علي أكبر - العجز عن الفهم والأبداع وثقافة العداء















المزيد.....

العجز عن الفهم والأبداع وثقافة العداء


فؤاد علي أكبر

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 22:26
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لا يصعب على الأنسان السوي أن يجد تناغم حسي وترابط وتكامل وتنسيق فعلي مابين المفردات التي تحمل معان تتصف بالأيجابية بمقاييس العقل والأدراك السليم والتي يمكن أعتبارها نعوت وأسماء ومصطلحات ناتجة من حركات ديناميكية طبيعية ذات تأثيرات حيوية مهمة أو فعل أنساني حميد في مجال تكوّنها اللغوي وهي بالطبع وبالتأثير نقيض منطقي للمفردات السلبية والتي بدورها تمتلك تناغم وترابط حسي وفعلي فيما بينها ولكن بالأتجاه الضد تبعاً لما تحمله من معان مختلفة ولطبيعة الفعل المُنتج لها وتأثيراته. ولعل الأمثلة في هذا السياق كثيرة لا يمكن أحصاءها. فعلى سبيل المثال لا الحصر أن التناغم الحسي والترابط الفعلي بين مفردتا الشمس والحرية والمستخدمة في الكثير من التعابير الأدبية والفنية هي ناتجة من طبيعة الفعل الديناميكي للشمس وأطلاقها طاقة حرارية ضوئية هائلة وحرة تمنح الحياة والدفء وتبعث في الأشياء القدرة على الظهور والتفاعل وتمنحها القابيلة على النمو والتألق مثلما هي مفردة الحرية كونها تعبير عن فعل حر غير محدد بأداء معين كما أن المفردة بحد ذاتها كمعنى يتبادر الى ذهن سامعها دعوة للتحرر والأنطلاق والتعبير عن الحركة والفكر والأحساس بلا قيود وأستبداد وأرهاب وبث الحياة في القدرات والتطلعات الأنسانية المكبوتة والمقمعة لتحقيق الأفضل والأكثر أشراقاً في حياة الأنسان وهكذا يتم استخدام الشكل التخطيطي للشمس وأمتداد أشعتها كرمز لمفهوم الحرية في الصور التعبيرية وهكذا يمتد ذلك إلى التعبير عن العلم بالنور والجهل بالظلام و نجد أن هناك ترابط وتناغم مابين الشمس والحرية والعلم والنور والتقدم بحيث يمكن أعتبارها مفردات ذات طابع حسي تبعث في النفس مشاعر أيجابية كما نجد ترابط وتناغم بين الظلم والأستبداد والجهل والظلام كمفردات تعتبر ذات طابع سلبي وكأن كل مجموعة من هذه المفردات لها خصوصيتها وهي من نتاج بعضها البعض.
في الحقيقة أن ماتقدم ليس ضمن مجال البحث بقدر ماهي محاولة لتوضيح الفكرة وأن التفسيرالبسيط للترابط بين المفردات اللغوية وتعبيراتها ربما يكون مدخلاً مناسباً يساعدنا في تفسير وفهم بعض الظواهر الثقافية وردود الأفعال الأجتماعية حولها ويمنحنا فهماً وقبولاً نفسياً أكبر لمادة البحث والتحليل. فبناءً على هذه الرؤية نجد أن الجهل وعدم القدرة على فهم وأستيعاب الآخر أياً كان هذا الآخر يُنتج الريبة والشك والعداء والرفض الغير مبرر بسبب عدم القدرة على الفهم والتواصل. ولربما هذه العملية تعد طبيعية في السلوك البشري الأجتماعي أذا كانت ردود فعل آنية أو مرحلية على مستجدات الحياة ولكن المشكلة الحقيقة في مجتمعنا أن هذه الحالات من رد الفعل والأستجابه أصبحت صفة ملازمة وسلوك أجتماعي مستمر وأصبح الحديث عنها مزمناً لكونها باتت تمثل عاهة مستديمة في طريقة تعاطي مجتمعاتنا مع هذه المستجدات ولقرون عديدة. فعلى المدى القريب من تأريخنا المعاصر ومنذ بدايات القرن الماضي وبدايات دخول الأجهزة والتكنولوجيا الحديثة في مجتمعنا ومن ثم تأثر مجتمعنا ببعض المظاهر المدنية الحديثة ونحن في جدل سقيم حول قبول ورفض كل ماهو حديث بينما تجتاح العالم ثورة علمية ونهضة فكرية هائلة سريعة تركتنا في جدالنا وتجاوزتنا لتُوسع الفاصلة الزمنية بيننا وبين العالم المتقدم لما يقارب القرنين من عمر الزمن رغم محاولات البعض اليائسة في اللحاق ببعض فصول ومجالات هذا التقدم. ولربما الغريب والجدير بالذكر هو أستخدام الأخلاق ودعوات الحفاظ على القيم الأخلاقية كمتاريس أيدلوجيّة وكسلاح فاعل من قبل دعاة المحافظة على الجهل والتخلف في مجتمعاتنا في محاربة العلم والتطور والتعاطي مع المستجدات لأستثارة النزعات والتقاليد المتخلفة في مجتمعنا الى جانبها في هذا الصراع الخاسر سلفاً ودائماً. الفن بمعظم ألوانه كالفنون المسرحية وفن التمثيل والموسيقى التي تعتبر من أهم السمات الحضارية والثقافية لأي مجتمع نجدها تعاني ومازالت من النظرة الدونية والأتهامات الأخلاقية في مجتمعنا وتمتد هذه النظرة الى بعض المهن الأنسانية الخدمية كالتمريض رغم عمق الحاجة الأنسانية والأجتماعية لمثل هذه الفعاليات ناهيك عن أحتقار وأستهجان معظم الوظائف الخدمية الضرورية في المجتمع على العكس تماماً من التقييم الجيد والأهتمام الرائع الذي تحظى بها هذه المجالات والمهن في ثقافات المجتمعات المتحضرة. أما بالنسبة للتعامل مع الآلات والأجهزة الحديثة في مجتمعنا فالتخلف في التعامل معها أخذ طابعاً كارثياً في المفاهيم الثقافية للتعاطي مع هذه الأجهزة فقبل عدة عقود، ولربما في الوقت الحاضرعادت مثل هذه الظواهر المتخلفة من جديد في بعض المناطق العشائرية، فقد كانت تمنع المرأة والأطفال من مشاهدة التلفاز ومن المضحك المبكي يقال أن بعض العوائل التي كانت تعتبر متحررة نسبياً كانت تسمح للنساء بالجلوس ومشاهدة التلفاز ولكن بشرط أرتدائهن للعباءة على أعتبار أن المذيع هو رجل أجنبي يُحرم عليها الجلوس أمامه بلا حجاب. وهناك أمثلة كثيرة لمثل هذه الظواهر الناتجة من عقول متحجرة ومعاقة بشكل تام. كما كانت هناك نظرة سيئة ضد أستخدام جهاز التسجيل الصوتي العادي(المسجل) ومن ثم أزدادت النقمة على أجهزة (الفيدو) وأتهام مستخدميها بالأنحراف الخلقي ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط فقد شمل الأمر بعض وسائط النقل فهناك روايات لبعض المسنين تتحدث عن السمعة السيئة السائدة في المجتمع عن سيارات الأجرة (التاكسي) كما يذكر أن في سبعينيات القرن المنصرم كانت هناك سمعة سيئة سائدة عن الدراجات الهوائية والنارية ومستخدميها وكذلك عن الأندية والفرق الرياضية الشعبية ولم يسلم من ذلك حتى الناس العاديين الذين يرتادون المقاهي والكازينوهات بالأضافة الى هجمات العنف الأجتماعي وبمشاركة أجهزة الدولة أحياناً أو ما سُميَّ بشرطة الآداب التي كانت تقوم بضرب الشباب وأعتقالهم وحلاقة رؤوسهم وطلي سيقان الفتيات بالأصباغ في الشوارع والأسواق العامة وأهانتهم بسبب أرتدائهم لملابس أو أتخاذهم لقصات شعرذات موديلات حديثة فقائمة الأتهامات والممنوعات تطول في مجتمع كان ومايزال أسير نزعات وأمراض جَمّة. واليوم كما في سالف الأيام يكثر الحديث عن أستخدام أجهزة الجوال وأستخدام تقنية الأنترنت ما بين من يفتي بحرمة أستخدامها وأتهام مستخدميها بالأنحلال الخلقي ومابين من يؤكد ضرورتها وأهمية التعامل معها لما لها من أهمية كبيرة في حياتنا المعاصرة. الأسلوب الوضيع بأتهام مستخدمي هذه التقنيات أخلاقياً هو أكثر ما يثير الأستغراب فلا يوجد أي مبرر عقلاني أو منطقي أو علمي لهذا الأتجاه المنحرف في التفكير فكل المجتمعات رغم تباين ثقافاتها بدائية كانت أم متقدمة توجد فيها ظواهر أخلاقية وسلوكية غير مقبولة أجتماعياً في كل زمان ومكان حسب ثقافة وقيم ذلك المجتمع فلا توجد أيّة علاقة سببية مابين السلوكيات الأخلاقية كتعابير سايكولوجية والممارسات البايولوجية العضوية ومابين التقنيات العلمية الحديثة فلا أظن مثلاً أن قوم لوط ،الذين جاء ذكرهم في القرآن وقد أنتشرت عندهم الفاحشة بشكل واسع حتى باؤُواْ بغضب من الله، كانوا يستخدمون تقنية الأنترنت ولا حتى يمكنهم تصورها ولعل الروايات التأريخية والدينية تنقل لنا أخباراً عن وجود وسريان مثل هذه الظواهرحتى في زمن ظهور الأنبياء والمصلحون وتبين عجزهم عن معالجتها في أكثر الظروف والأجواء قسراً وأنضباطاً وبعداً عن التقنية والحداثة كما أن هناك الكثير حالياً ممن يمارسون الدعارة والشذوذ الجنسي ويتعاطون المخدرات ويرتكبون الجرائم المختلفة في مجتمعاتنا وهم لايتقنون أستخدام هذه التقنيات مطلقاً.
في الواقع قلَّ ما نجد في الحياة عامة أن هناك أشياء تخلو من بعض الأضرار الناتجة من سوء الأستخدام أو كونها تحتوي على آثار جانبية ذاتية وعلى هذا الأساس نجد أن التقنيات الحديثة كما غيرها من الموجودات والمستجدات لها جوانب سلبية ومخاطر حقيقية تعاني منها جميع المجتمعات على أختلافها وربما تشكل أحياناً قلقاً حقيقياً له أبعاد أجتماعية وأقتصادية وسياسية مختلفة لكن مايميز المجتمعات المتقدمة هي طريقة تعاملها مع هذه المخاطر وسبل مواجهتها لهذه التحديات الخطيرة. فالمجتمعات المتقدمة ربما بحكم كونها مساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في أنتاج وتطوير هذه التقنيات تكون أكثر تفهماً وتقبلاً لأستيعاب هذه التقنيات على أنها أحتياجات أنسانية ضرورية وملحة وحتمية تفرضها حركة تطور الأنسان وتقدمه وتعمل على دراسة المشاكل الناتجة عنها ومعالجتها وتوعية الشباب والأُسر من مخاطر هذه الأستخدامات وطرق تجنبها بالتعاون مع الجهات الرسمية والغير رسمية في هذه المجتمعات. ففي مجال الأنترنت قامت العديد من الدول بتشريع القوانين التي تحد من الأستخدام السئ لهذه التقنية ومتابعتها قضائياً هذا بالأضافة الى فرض العقوبات القانونية على الشركات المنتجة لهذه التقنيات وألزامها بمراعاة المشاكل التي يمكن أن تسببها كما تقوم بأنتاج وتحديث برامج الحماية العامة وحماية الأطفال كما أن هناك متابعة دائمة من الأجهزة الأمنية وتأهيل كوادر فنية خاصة من الشرطة لمتابعة ومراقبة جميع النشاطات الغير قانونية على شبكات الأنترنت والتعاون الدولي في هذا المجال. ولعل من أبجديات النجاح في تطوير هذه الأنظمة وأستيعابها هو الخبرة الناتجة من الأستخدام الواسع من قبل أفراد المجتمع والمؤسسات لهذه التقنيات. فالعلم بالشئ يساعد على أستخدامه بالطرق السليمة ويساعد على تقبله والمساهمة في تطويره وتجنب مشاكله أن وجدت وبذلك نجد أن هذه المجتمعات قد قطعت شوطاً كبيراً ومتقدماً من الرقي والأزدهار العلمي والأجتماعي بما يؤمن للفرد العيش برفاهية وسلام ويكفل له الضمان الأجتماعي والبيئة المناسبة للأستمرار في النهوض والتقدم. فحرية انتقال المعلومات والأفكار والأختراعات والبحوث ورؤوس الأموال والمنتجات والأفراد أنفسهم والتواصل العلمي والأجتماعي المباشر بين البشر تجعل من العالم قرية صغيرة واحدة وتساهم في تقليص الفجوات العلمية والثقافية بين المجتمعات الأنسانية والشعوب على العكس تماماً مما يسود مجتمعاتنا من أبتعاد عن عجلة التقدم البشرية والدخول في صراعات حضارية وثقافية غير متكافئة وتبني ثقافة العداء للحداثة والتقدم والتقوقع في الجهل والتخلف والمرض والقتل والأرهاب والتطرف وخنق الحريات وبالنتيجة الرضوخ لتقبل هذه التقنيات كحقائق حتمية والتعامل معها بتخلف كمستهلكين فقط بعد ضياع فرص كبيرة للتواصل والتعلم والمشاركة الأيجابية الفاعلة في الجهود البشرية الشاملة بأتجاه التقدم والبناء.



#فؤاد_علي_أكبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد وتجليات العصر الحجري القديم
- غياب الفكر الليبرالي الحر الهادئ في عراق ما بعد الطاغية
- في رحلة العمر المديدة
- رسالة تعزية عراقية....
- القدر اللعين...
- ماذا جنى الكورد الفيليون من المحكمة الجنائية العليا؟
- الحب والموت في بلادنا ...
- أضطرابات بوست تراوماتيكية لسجين كوردي فيلي
- الواقع العربي المتذمر والقادم الأسوأ
- إحذروا لعنة الكورد
- وتبقى مأساة الكورد الفيلية هي الوجع الأكبر
- في ظل الوضع الراهن هل سيأخذ قادة العراق بحكمة الرجل الكوردي؟
- أسلحة الدمار الشامل والكامل في مجتمعاتنا
- الفيليون وإخوة يوسف
- مسكين ياحسني!
- المرأة أرقى من الرجل
- مؤمنون أم متدينون؟
- هذا هو العراق, فهل من متعض؟


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فؤاد علي أكبر - العجز عن الفهم والأبداع وثقافة العداء