|
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع العرب
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3493 - 2011 / 9 / 21 - 18:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
نجاحات ربيع العرب - حتى الآن - نجاحات عملية جزئية ، و نجاح معنوي واحد كبير . نجاحات عملية تتمثل في إسقاط بعض الطغاة ، و لكنها تظل في معظم الدول التي شهدت ربيع العرب ، جزئية ، ففي مصر - إن لم يكن في تونس أيضاً - لم ينجح الشعب بعد في إسقاط النظام الذي ثار عليه ، و هتف بسقوطه . لكن النجاح المعنوي كبير ، بل كبير جداً ، و آثاره المعنوية شملت كل الدول العربية حتى تلك التي لم تخرج فيها تظاهرة واحدة ، ذلك النجاح المعنوي الكبير هو : إدراك الشعوب العربية إنها قادرة - فعلاً و عندما تريد - على إسقاط حكامها . تغير كبير إيجابي حدث في العقلية العربية في العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين ، و هو ما يبشر بالخير . ذلك التغير الإيجابي يجب أن يواكبه تغيرات إيجابية في المنظمات الإقليمية التي تضم كل ، أو بعض ، الدول العربية . لا يمكن الحديث عن تغيير إيجابي في جامعة الدول العربية الآن ، فالوقت لازال مبكر للحديث عن ذلك ، فالغلبة لازالت في جامعة الدول العربية هي للأنظمة الإستبدادية ، بل حتى الدول العربية التي شهدت أحداث ربيع العرب - بإستثناء ربما ليبيا - لازالت تحت سيطرة الإستبداديين ، و خير معبر عن ذلك هو الموقف الشائن لجامعة الدول العربية من ثورة الشعب السوري الشقيق . الحديث في هذه المرحلة عن التغيير في المنظمات الإقليمية يجب أن يتركز على الاتحاد من أجل المتوسط ، لأن نسبة كبيرة من الدول الأعضاء في ذلك الاتحاد الإقليمي هي دول ديمقراطية راسخة في الديمقراطية . إننا - في حزب كل مصر - مهتمين بذلك الإتحاد لإننا من أنصار التعاون الإقليمي بأشكاله المختلفة ، و من ضمنه التعاون المتوسطي ، و هذا مذكور بوضوح تام في الوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت للعلن في أكتوبر 2007 ، و ذلك لإننا في حزب كل مصر نؤمن بأن مصر متعددة الإنتماء ، و قد ذكرت ذلك في مقال قديم نشر منذ سنوات عنوانه : مصر ليست أحادية الإنتماء . لكن إيماننا بأن مصر ليست أحادية الإنتماء ليس وحده دافعنا من أجل دعم التعاون الإقليمي بأشكاله المختلفة ، عربي و أفريقي ، و متوسطي ، بل و أيضاً لأننا في حزب كل مصر نؤمن بأن الإنغلاق السياسي و الإقتصادي و الثقافي أضراره أكبر من منافعه ، و أحيل القارئ الكريم لمقال قديم لكاتب هذه السطور عنوانه : علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرومانية . ترجمة فكرة المتوسطية لأشكال عملية فكرة قديمة ، و الدليل دورة الألعاب المتوسطية ، و التي أقيمت أول مرة في الأسكندرية ، و دور ساركوزي هو إنه أعاد بعث تلك الفكرة ، و نقلها عملياً لشكل أخر ، فأخرجها من مجرد فكرة ، و دورة ألعاب رياضية ، إلى كيان سياسي - إقتصادي - ثقافي ، و هو يشكر على ذلك ، إلا أن الفكرة تظل أكبر من الأفراد مهما كان دورهم ، لأن التعاون المتوسطي هو اقع تاريخي ، كان له ، و لازال ، آثاره الثقافية في كافة بلدان المتوسط . الآن ، و بعد أن بزغ ربيع العرب ، يجب أن يحدث تغير في الاتحاد من أجل المتوسط من حيث الوظائف التي يقوم بها ليتواكب مع التغير الذي حدث في القسم العربي من العالم البحر متوسطي ، حتى لو كان التغير الذي حدث في الدول العربية معنوي حتى الآن . لقد قبلنا - في حزب كل مصر - الإتحاد من أجل المتوسط بشكله الراهن ، برغم ما فيه من نقائص و عيوب ، و ذلك لأننا رأينا أن وجود ذلك الإتحاد ، بكل عيوبه و نقائصه ، أفضل من أن تبقى الفكرة المتوسطية مجرد فكرة نظرية يعلوها غبار الإهمال أو النسيان ، و رأينا في وجوده الحالي ، بكل العيوب التي فيه - خطوة في الطريق من أجل أحلام أكبر ، و حتى لا أطيل في هذه النقطة فإنني أرجو القارئ الكريم أن يعود إلى مقال سابق لشخصي البسيط عنوانه : برغم ذلك سنظل ندعم الإتحاد من أجل المتوسط ، و نشر في الثاني من سبتمبر من العام الماضي ، 2010 . أما اليوم ، الأربعاء الحادي و العشرين من سبتمبر 2011 ، و بعد مرور أكثر من عام تقريباً على المقال المشار إليه في الفقرة السابقة ، و بعد أن بدأ ربيع العرب منذ عدة أشهر ، لا يمكن القبول بالشكل الذي عليه ذلك الإتحاد ، و بدوره الصغير ، فما كان يمكن أن نهضمه في زمن الظلام ، لا يمكن أن نقبله في زمن النور ، و لو كان ذلك النور مجرد نور معنوي . منذ البداية كان لنا - في حزب كل مصر - آمال ، و تطلعات ، لذلك الاتحاد ، و يمكن للقارئ أن يعود لبعض مقالاتي القديمة ، مثل : المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان ، و يوجد ذلك المقال كتسجيل صوتي بنفس العنوان في يوتيوب ، و مقال : تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضنا ، و مقال : تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و الضرائب ، و نشر ذلك المقال في الثالث و العشرين من يونيو من عام 2008 . مثلما لنا أحلام و تطلعات بشأن الاتحاد المتوسطي ، أو الاتحاد من أجل المتوسط ، فإننا أيضاًَ واقعيين ، و نعلم أن التغير المعنوي الذي حدث في الدول العربية المطلة على المتوسط لا يكفي للشروع في تنفيذ الآمال الإقتصادية ، كما نعلم بثقل وطئة الأزمة الإقتصادية الحالية على العديد من الدول المتوسطية الأوروبية ، و لكن يمكن البدأ بخطوات أساسية على صعيدي السياسة و حقوق الإنسان . الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يبدأ في تبني نفس نهج الاتحاد الأوروبي في هذين الميدانين الهامين . الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يتحول إلى مدافع عن الديمقراطية و حقوق الإنسان في كل الدول العضوة فيه ، فيصر على نزاهة كافة الإنتخابات ، و على المشاركة في مراقبتها ، و يتصدى لإنتهاكات حقوق الإنسان ، و يراقب مدى إستقامة موازين العدالة في كافة الدول التي تشكل الاتحاد من أجل المتوسط . و لكي يكون فعال في وظائفه تلك ، فيجب أن يكون قادر على المكافأة و العقاب ، و لو كان ذلك العقاب معنوي ، مثل تعليق عضوية الدولة التي ينتهك فيها النظام حقوق مواطنيه ، أو يدوس فيها النظام الحاكم على الديمقراطية . الاتحاد المتوسطي ، أو لنستعمل الإسم الرسمي : الاتحاد من أجل المتوسط ، يجب أن يتحول من نادي للحكام ، كما كان منذ تأسيسه و إلى اليوم ، إلى تجمع للشعوب ، و لن يحدث هذا بدون أن يشعر المواطن العادي في الدول العضوة بأن هذا الاتحاد نافع له . إننا كشعوب في الاتحاد من أجل المتوسط ننتظر خطوات إيجابية لتفعيل الاتحاد .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
-
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
-
ما علاقة مذبحة الفصل الأول للثورة بالأمن القومي المصري ؟؟؟
-
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
-
لو كانت مصر دعمت الثورة الليبية بدلاً من الناتو
-
المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر
-
إحتلال مبنى مجلس الشعب لإحباط إنتخابات مجلس الشعب
-
الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ
-
دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر
-
إسرائيل ستخفض درجة تصنيفها لمبارك
-
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
المزيد.....
-
-التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج
...
-
خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
-
باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم
...
-
السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
-
إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل
...
-
أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
-
وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير
...
-
-خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
-
مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
-
-دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|