أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مراد سليمان علو - حكايات من شنكال 24















المزيد.....

حكايات من شنكال 24


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 08:37
المحور: كتابات ساخرة
    


حكايات من شنكال ( 24 )
(24) الليّل يا ليلى ... .!

عدد سكان قريتي يفوق عدد سكان أية قرية أعرفها . وعشيرتي تضاهي عشيرة بني هلال في أوج مجدها وربيع عامها ، تضاهيها في عدد أبناءها ومخاتيرها ودواوينها ومرضاها ودجاليها وعمّالها وجنودها وأيتامها ومتقاعديها ... وشعراءها ... وفنانيها ... والعاطلين عن العمل فيها وليس فيها وكما قلت في مناسبة سابقة أغنياء . كل أهل قريتي فقراء ... أغنى أغنيائها فقير الحال وفي قريتي العملاقة عندما يكون الوقت نهارا كل شيء واضح ويعبّر عنه كما يريده أصحابه ويمضي النهار بصورة أو بأخرى بشكل أو آخر بطريقة أو أخرى حسب من يراقبه خوفا من رحيله أو حبا في وداعه ولكنه يمضي على أية حال يمضي دائما رغما عن الجميع ورغما عن كل شيء يزول وكأنه في عجلة من أمره لظرف طاريء ، وبالنسبة لبعضنا الذي لا يزال يمر بطور من أطوار العفونه في أكواخه الطينية البائسة نمسك بتلابيبه نتشبث به نتوسل أن لايمضي ولكنه في كل يوم يخذلنا ويختار درب الغروب فتظلم دنيتنا ويحين وقت الليل رغما عن أنوفنا ذلك الكابوس الثقيل الطويل الممل المرعب المخيف الحار الرطب الكريه النتن الذي له ألف عين وناب ويبدأ العرض باكرا فالعشاء المكوّن من خبز يابس عفن وزقوم يجب أن يعدّ ويقدم قبل أن يحلّ الظلام ومن المهم جدا أن لا تنظر في عين أي من أطفالك مباشرة عند الجلوس على المائدة لأن في نظراتهم أسئلة لايمكنك أن تجيب عليها وقد ينقلب الأمر إلى غمّ أنت في غنى عنه .
وقبل أن يشرّفنا الليل نقوم بكنس وتنظيف البيت أو على الأقل المكان الذي سننام فيه لأستقباله هو وضيوفه الثقلاء من الحشرات لنميزهم عن الأشياء الصغيرة الأخرى وخاصة العقارب والعناكب ... الجو حار وخانق ويستحيل أن تبقى في الغرفة الشبيهة بأحد القبور في حالة أنقطاع الكهرباء المقطوعة منذ 1991 وفي الخارج الجو لايختلف كثيرا عن الداخل حيث كل شيء لزج ودبق ولديك خياران لا ثالث لهما النوم في الحوش ( الباحة ) أو على السطح ... وفي كلا الحالتين الأطفال يصرخون من وخز اللسعات المتتالية للبعوض اللئيم ... وإن غطيتهم بالناموسية أو الشرشف خشيت عليهم من الأختناق أو على الأرجح أزاحوها هم عن وجوههم ليتنفسوا ثم عن بقية أجسادهم النحيلة ويعيد البعوض هجماته ... وصفعة لا ارادية من هذا على وجهه لمنع البعوض من أمتصاص المزيد من دمه القليل أصلا وصوت صفعة أقوى من الثاني على فخذه وهكذا تستمر فصول المسرحية ولا تعرف متى وكيف قد تقر عيون الأطفال لدقائق أما أنت فنظراتك مصلوبة على الحائط تراقب تلك الأشياء السوداء الشديدة السواد وهي تتحرك وما أن تميز عقربة تتحرك بخفة من بينهم حتى تسارع إلى طراكك المخسوف المهتريء وضربة منها هي دواءها الوحيد ... تفز زوجتك من الصوت ... المسكينة كانت قد نامت دون أن تكترث بالحرّ غطت نفسها وكأنها في فصل الشتاء لأن شعارها هو الحرّ ولا البعوض خمدت من تعبها في النهار فهي تقوم بكل شيء ... كل شيء ودعونا من التفاصيل الصغيرة والحبيبة لكل شيء ... المهم تنهض مذعورة وهي تتصبب عرقا وتتسائل كالمجنونة ماذا هناك ... وتجيبها لاشيء لاشيء إنها القطة ... وعلى ذكر القطط فهي بالعشرات ولاتنتهي دورياتها على حافات السطوح وغاراتها على ما يسمى بالمطبخ ومواءها وقفزها ولعبها لاينتهي إلا بنباح الكلاب السائبة في الفجر وهو وقت تبادل الأدوار بين الكلاب والقطط ... وبعد أول انتصار لك على أعدائك وأعداء ليلك تريد ضرب عصفورين بحجر واحد ... تأخذ العقربة الميتة وتضعها على مرمى نظرك ليأكلها هرّ ما ... لعله يتسمّم ويموت هو الآخر ويكون العيد عيدين ولكن حساباتك لاتنضبط حتى في مسألة كهذه فالنمل والعناكب والحشرات الأخرى تقوم بتقطيع الوليمة وتوزيعها وحتى التهامها قبل أن تشم القطط رائحة اللحم الأسود .
تغمض عينيك لأقل من دقيقة ... تشعر بالخدر يتسلل لأطرافك ... وصرخة تشق السكون وتحيل ليلتك إلى رعب حقيقي ... تهب من مكانك ... تتجمد الدماء في عروقك تدور منامات أطفالك والحوش والغرف الآيلة للسقوط والنجوم وكل شيء حواليك ... قد يكون أي واحد من أطفالك ولكن من منهم هذه المرة ... وتنقذك الصرخة الثانية من ذهولك ... فهي آتية من بيت الجيران ... لدغ عقرب طفل لهم ... وتسرع لنجدتهم فصاحب المصيبة أعمى لايعرف ماذا يفعل ... والجار للجار هكذا تقول لك زوجتك التي تساوي رجلان مثلك في ليل كهذا ... تنخي أحد جيرانك ممن يمتلكون سيارة لنقل الطفل بسرعة إلى أقرب ... فراش ... مضمد ... معاون طبي ... معاون طبيب ، المهم إبرة ضد السم وطبعا لايمكنك نقله لعيادة طبيب لأنه ببساطة لايوجد طبيب في القرية الكبيرة ... فيها آلاف الأصوات الناخبة وليس فيها طبيب أي طبيب ولو طبيب دوري لم ينل شهادة تخصص بعد ليداوي لدغة طفلك أوطفل جارك .
تستمد شجاعتك من زوجتك والآخرين وتتصل من موبايلك الشبيه برقعة شطرنج من كثرة استعماله وسقوطه على الأرض بأحد الممرضين الذين تحتفظ برقمه وباعتزاز للحالات الطارئة ... ولكن الرقم الذي طلبته خارج التغطية ... أومقفل ... أو صامت لأن أخونا ربما قد أكثرمن الشرب في المساء فلاشك انه يغط في نوم عميق الآن ... وقبل أن تحاول ثانية مع آخر تصل للباب الخارجي لأقرب واحد منهم ... تخرج زوجته ... لاتعرف ماهي الحالة ... تقول إنه ليس في البيت ... ليس في البيت وأين يمكن أن يكون في هذا الوقت من الليل ... وتتلعثم السيدة ولاتجيد الكذب عندما ترى حالة الطفل ... سأوقظه حالا وتسجل المرأة نقطة أخرى لصالحها في ليلة واحدة .
ترجع للبيت بعد أن تطمئن على جارك وكالمجنون تعيد فحص وتفتيش الأرض والحيطان وتحرك وتقلب كل شيء قابل للتحريك فقد غبت أكثر من ساعة ولاتعرف فيما إذا كان أحد الأعداء السود قد تسلل لمكان ما في غيابك ... ومرة أخرى تناديك زوجتك الحبيبة ... أطمئن يافلان لايوجد شيء فلا أزال يقظة... كيف هو حال جارنا ... ترتاح ويتراقص قلبك في قفصه وتعاهد نفسك سرّا أن تتجنب الجدال والشجار معها ماحييت وتقلل من سبهّا وشتمها لأتفه الأسباب ... تنظر للنجوم ... وتلتفت لجهة الشرق وكأنك تتعجل الشمس لتشرق ثانية حتى تخرج من البيت كالعادة أسرع من خروج ثعلب الجبل من وكره ولكن هذه المرة لديك حكاية والدور هو دورك في سردها للآخرين فانت كنت بطلها في الليلة الماضية وستتباهى بسهرك طوال الليل وقتلك عدد من العقارب ومطاردة فلول بقية أعداء العشيرة .
مراد سليمان علو [email protected]



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بتلات الورد / 7
- حكايات من شنكال 23
- بتلات الورد / 6
- حكايات من شنكال 22
- بتلات الورد / 312
- حكايات من شنكال 21
- بتلات الورد /5
- حكايات من شنكال 20
- الهروب / قصة قصيرة
- بتلات الورد / 4
- حكايات من شنكال 19
- حكايات من شنكال 10
- بتلات الورد / 3
- بتلات الورد /2
- حكايات من شنكال ... 18
- بتلات الورد /1
- الموعد الأخير /قصة قصيرة
- حكايات من شنكال ... 11
- حكايات من شنكال ... 13
- طبل وزرناية ... 7


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مراد سليمان علو - حكايات من شنكال 24