أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - جريمة في ملف النمرود: قصة قصيرة














المزيد.....

جريمة في ملف النمرود: قصة قصيرة


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 22:26
المحور: الادب والفن
    


جريمة في ملف النمرود:
قصة قصيرة من مجموعة:" الريح تقرع الباب" الصادرة عام1976 بدمشق ، القصة السادسة .

وراء النافذة الوحيدة ، كان يقف طويلا ، ممعنا النظر في مشهد ملته عيناه ، عساه يعتصر منه شيئا جديدا . أشاع عنه ، ليصطدم بظلال مشوهة .. شاحبة .. يشكلها الضوء المتناثر المندفع إلى الداخل . الإضاءة سيئة ومتفاوتة .
استلقى مفلتا العنان لتداعياته المريرة . أحس بموسيقا لها طعم حبيبته ، تنتشر في جسده ربيعا . خفق قلبه شاكيا وفي أذنه تصدح أغنية رومانسية شعبية معروفة ل"نجاح سلام" : " دخل عيونك حاكينا ... ولولا عيونك ماجينا ... وصلتينا لنص البير ... وقطعت الحبلة فينا .. ويليييييي " .
استرخت بين ذراعيه وردة نضرة .. تتعطش للندى والشمس ، أعطاها وأعطته .. والدنيا تلهو منتشية بالبوح والشذى والضياء .
أفاقا مذعورين كعصفورين .. وسط عالم أخرس .. كان للصمت ضجيج أسود . همست في أذنه: " ماذا فعلنا؟". وطمأنها: " لاتخافي" .
هب واقفا .. بادي الانفعال ، حاول الهروب من خواطره ، استقر عند النافذة الوحيدة ، اصطدم بصره بالضوء الباهر ، وأغمض رغما عنه ، ارتد إلى الوراء ، وسقط مجددا في زوبعة خواطره السوداء .
الغلطة تكبر في بطنها ، وهو مايزال عصفورا بلا ريش !
صوتها يختلط بصداه ، وهو يصغي حزينا يائسا ، يحضره وجهها البريء , وبريق عينيها ، ماذا بوسعه أن يفعل؟ ويتذكر الأغنية مجددا ولاسيما جملة: " غلطنا مرة وحبينا ..؟!" ويتساءل: أهي غلطة حقا؟!
نظر عبر النافذه . الضوء يزداد سطوعا وحرارة في الخارج ، ولكنه سيء في الداخل . تذكر العناوين العريضة التي قرأها أمس في صحيفة يومية :
- النمرود يصدر الأوامر بقتل المزيد من الأطفال
- حالة النمرود الصحية تتدهور وتزداد سوءا
إنها صحيفة البارحة .. نسي مطالعتها . نهض . تناولها . أخذ يقلب صفحاتها بقرف . توقفت عيناه عند زاوية في الصحيفة وعلامات الدهشة والفضول والاهتمام بادية على وجهه ، قرأ: " مولود عثر عليه مرميا عند باب كذا .... " ، " شاب يتخلص من زوجته الثرية التي لايحبها " ، " رجل فقد زوجته وطفله في ظروف غامضة " . رمى الصحيفة جانبا ، عاد يتأمل الفراغ الضيق الذي يكتنفه ويضغط عليه بالشك والقلق والتساؤلات . كانت تملأ حياته ، ثم اختفت .. اختفت فجأة ، بلا كلمة وداع .. ويجهل السبب ، كانت حامل في شهرها الثامن .. جميلة .. متفائلة .. منفتحة على الحياة . فاجأه سؤال تسلل إلى رأسه: " أتكون قد انتحرت قبل أن ؟! " . انقبضت أسارير وجهه ، حاول طرد الكابوس المزعج من رأسه المثقلة بالهموم والخيبة . استغرق متأملا .. حضرته صورة طفل وسيم ، طفل يتلعثم وهو يردد مقطعا من الأغنية إياها ، الأغنية التي يحبها وتلح على أذنيه ، والطفل يغني بصوت خلاب: " بيكون الحق عليهم .... بيصير الحق علينا ... ويليي" . اعتراه شعور بالذنب ، لم يستطع مقاومة رغبته بالبكاء . علق :" حقا ليست غلطته " . وفكر: " ماذا لو وقع بين يدي النمرود ؟ . النمرود لايحب الأطفال ، ولايفهم لغتهم "
الضوء يزحف على وجهه بقسوة ، أزاح رأسه نحو الظل ، وفكر: " لابد من نافذة أخرى . . فتغدو الإضاءة أفضل .. وتتوضح الصورة " .
أمس زارته " دليلة" وأكدت له ضرورة أن يفعل ماينوي فعله , تذكر أنه وعدها ، ونسي كعادته . كان يتشاءم من اسمها ، ويذكره ب" سشمشوم" الجبار ، استولت عليه صور وأحاسيس متناقضة وضبابية ، كانت تعرف الكثير عن وضعه وأسراره ونواياه . عندما التقته ، أطلعها على رسالة وردته من مجهول ، جاء فيها : " قيل : إن حبيبتك أنجبت طفلا ، ولكن الطفل ضاع .. ربما سرق ! في غفلة من أمه المتعبة بعد ولادة مرهقة ، وإن الأم تهيم على وجهها بحثا عنك وعن طفلها الوليد ، وأنها متأكدة من وجودكما في مكان ما في هذا العالم الفسيح . ومن أنها ستعثر عليكما سالمين .
وكان قد تناقش و"دليلة" حول المنشور ، الذي عثر عليه ، وهو يفتح باب غرفته مستطلعا الطارق الزائر منتصف الليل ، وعندما فتح الباب لم يجد أثرا للزائر الطارق ، ولكنه وجد ورقة حمراء . التقطها وأغلق الباب وراح يقرأ الورقة التي تنتقد النمرود وتدعو لإسقاطة وتندد بفظائعه وجرائمه . ابتهج ، لاحظت " دليلة ذلك ، وأدركت حقيقة مايتغير في قلبه وعقله ونيته ، سألته: " ماذا ستسمية لو عثرت عليه؟ ". أجابها بعفوية وتلقائية وبلا تردد :" ابراهيم"
- أتظن حقا أنه سيكون ابراهيما؟
- سأحاول .. أعتقد أنه كذلك
نهضت " دليلة" لتغادر ، وهي تعلق بخبث: " بت رجلا خطيرا !
الحرارة تشتد ، وكذلك السطوع : " الإضاءة سيئة ، لابد من فتح نافذة ثانية ، فيعتدل كل شيء: الإضاءة وبالتالي الصورة " . جرفته غبطة عارمة ، وبدا له أنه عثر على البداية المرجوة : " سيكون إبراهيم الخليل في كل الأطفال .. وستلتهم الأحذية رأس النمرود الأحمق " .
تلاطمت في أعماقه الأمواج الزرقاء ، واخضر المدى عي عينيه .
هب متحمسا . تلقف أداة حادة . اتجه إلى الجدار الخلفي . أخذ يفتتح فيه ثغرة للضوء والهواء والصوت ، سمع هديلا ينبثق من قلبه ، كان الهديل يتصاعد ويتحول إلى رعد مجلجل . صاح بأعلى صوته : " حمامتي ستعود .. في فمها باقة ورد" .
اندفع إلى الداخل رجال ثلاثة .. تتقدمهم " دليلة" . حاول الاحتجاج والتملص والإفلات .. فلم يفلح ، ثبتوه في مكانه ، تولى أحدهم تفتيشه ، عثروا على " المنشور" الذي يدعو لإسقاط النمرود ، فيما كانت " دليلة" تعلق: " ألم أقل لكم ؟ هل صدقتموني الآن؟ " . أخذوه بعيدا .. ولكن بلاجدوى ، لأن حبيبته كانت قد عثرت على طفلها الذي سمته: " ابراهيم" .. عثرت عليه في اللحظة التي كان فيها النمرود يحاول حرق ابراهيم حيا ، غير أن النار تحولت إلى برد وسلام على ابراهيم .........



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولادة: قصة قصيرة
- ستعودين:قصيدة
- المتقمصة: قصة قصيرة من مجموعة الريح تقرع الباب 1976
- يحدث هذا حبا : قصة قصيرة
- عيّودا: قصة قصيرة
- ماوراء هموم امرؤ القيس
- لماذا رجعت إلى الحزن
- ثم أعيدك حلما
- الشراع الأسود: قصة قصيرة
- قصيدة - سورة القلق
- شعر: قصيدة لرياض خليل
- المزبلة
- العلمانية وصراع الأديان
- صفقة وهم : قصة قصيرة
- قادم من جحيمي : شعر
- إهداء : شعر
- مدارات التحول : شعر
- العصاب الديني/ تتمة
- الله-الشيطان-العبد : 3+4+5 من 7
- الله- الشيطان- العبد


المزيد.....




- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...
- وفاة الفنان المصري نعيم عيسى بعد صراع مع المرض
- باللغة السواحيلية.. صدور قصص عن الحرب الوطنية العظمى للكتّاب ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - جريمة في ملف النمرود: قصة قصيرة