أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - قسم














المزيد.....

قسم


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 22:14
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

قســــــم

زهدي الداوودي

عرف إمام مسجد القرية الشاب أن أحد الفلاحين تزوج من القرية المجاورة امرأة جميلة لا يستحقها، إذ أنه معروف ببشاعته. والذين نقلوا له الخبر أكدوا بأنه ليس قبيحا فحسب، بل خبيثا أيضا. وغايتهم من هذه النميمة هي تحريك الملا المعروف عنه إنه زير نساء، لإيجاد حيلة شرعية قد تؤدي إلى الطلاق، حيث يتمنى كل فرد من هؤلاء في قرارة نفسه الاقتران بهذه العروس الجميلة التي تنافس القمر بجمالها.
دون أن يرى الملا العروس الجديدة، وقع في غرامها، وراح يتعقبها ويتحين الفرص ليس لرؤيتها فحسب، بل لإقناعها بأن عقد الزواج المبرم بينها وبين زوجها غير شرعي وأنهما من حيث يدريان أم لا يدريان إنما يمارسان الزنا.
تعرف الملا على حركات وسكنات العروس الجميلة من بعض الخبثاء وراح يتردد إلى الزقاق الذي يربط بيتها بشريعة الجدول الذي تجلب منه الماء. وعرف أنها تسلك هذا الطريق في الساعات الأولى من كل نهار. تسنى له ذات يوم أن يلتقي بها وحدها. وعرف من خلال جمالها أنها هي المرأة المنشودة. عندما التقيا وجها لوجه، توقف ليسلم عليها وكان أن وقفت هي الأخرى احتراما له، إذ أنها عرفت من جبته وغطاء رأسه وهيبته أنه إمام مسجد القرية. ابتسمت له بدلال، الأمر الذي أطار عقل الملا الذي راح يلتهم وجهها لهما، قال بارتباك:
" يا أختي يؤسفني أن أنقل لك خبرا يجب أن تصححيه قبل أن ينزل عليك عقاب جل جلاله"
قالت وهي ينتابها خوف فطري مجهول:
" يا الله يا ساتر، ما هو هذا الخبر يا ملا؟"
قال الملا بلهجة كهنوتية كما لو أنه يخطب في المسجد:
" عقد الزواج المبرم بينك وبين زوجك غير شرعي يا أختي"
انفعلت المرأة الجميلة وزادت جمالا وهي تقول:
" مستحيل يا ملا. كل شئ جرى تحت رعاية إمام جامع قريتنا"
" صحيح يا أختي، ولكن الشيء الذي أعرفه أنا لا يعرفه إمام مسجد قريتكم، لذلك يبقى الطلاق هو الحل الوحيد للمشكلة"
شكّت المرأة في مجمل كلام الملا بغريزتها النسوية التي استعملتها في نفس الوقت لاستدراج الملا على قول الحقيقة. مدت يدها إلى صدرها تعري جزءا من نهديها، قائلة:
" كلامك أمر يا ملا، هل يمكنني أن أعرف سبب عدم شرعية زواجي من زوجي؟"
قال الملا بصوت خافت وهو يلتفت يمينا ويسارا كي يتأكد من خلو الزقاق من الناس:
" كان زوجك قبل زواجكم يمارس مضاجعة الحمار يا أختي. وهذا عمل مقيت من عمل الشيطان جزاؤه جهنم وبئس المصير"
تنفست المرأة الصعداء، إذ أنها توقعت أمرا أشد هولا. قالت وهي تنصرف:
" شكرا يا ملا، سوف أعالج الأمر بنفسي"

فكرت المرأة الجميلة طويلا في الأمر وقررت أن لا تفاتح زوجها، خشية من أن يقوم بحماقة تجاه الملا، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشويه سمعتها وإلى مضاعفات غير محمودة العواقب. فكرت أن الملا هو الشخص الثاني في القرية ولا يمكن أن يصارعه سوى الأغا الذي يعتبر الشخص الأول في الساحة. وهو الشخص الوحيد الذي يلجأ إليه الناس لحل مشاكلهم، بالإضافة إلى أنه كبير السن وصاحب تجربة. تمكنت في اليوم الثاني بواسطة الخدم الوصول إلى الأغا. عرف هذا أن الأمر يتعلق بسر ما لا يجوز للآخرين الإطلاع عليه، فطلب منها أن ترافقه إلى غرفة صغيرة جانبية ملاصقة للمضيف. ما أن أصبحا في الغرفة، إلا وبادر الأغا بالكلام كما لو أنه يريد أن ينهي الموضوع بأسرع وقت ممكن:
" تفضلي يا بنتي تكلمي. ما هي مشكلتك؟"
تلعثمت المرأة وقالت بخجل:
" أنا أخجل أن أدخل في الموضوع يا أغا"
قال الأغا بصرامة:
" لماذا جئت إلي إذا؟ تكلمي، أنا مثل والدك. لا تخجلي"
رغم الخجل الكبير الذي اقتحم قلبها المضطرب، قالت المرأة بجرأة:
" الملا قابلني يوم أمس في زقاقنا وقال أن عقد الزواج المبرم بيني وبين زوجي غير شرعي"
سكتت المرأة. عرف الأغا أنها لم تكمل كلامها خجلا. وسكت هنيهة بانتظار أن تكمل كلامها، ولكن دون جدوى. قال الأغا بعد أن نفد صبره:
" وماذا بعد؟ ألم يقل لماذا؟"
" بلى .. قال السبب، ولكنه معيب، أخجل من ذكره"
قال الأغا وهو يحاول التغلب على غضبه:
" إذا كنت تخجلين من عرض الحقيقة يا بنتي، فاذهبي إلى بيتك وأرسلي زوجك إلي وأمرنا للواحد القهار"
وراحت المرأة تتكلم بلا مبالاة:
" إنه يقول بأن السبب هو أن زوجي قبل زواجنا، كان يفعله مع الحمار. اعذرني يا أغا لهذه الصلافة مني"
علق الأغا بغضب:
" هذه الصلافة ليست منك يا بنتي، إنها من الملا الفاسد. سوف أعالج الموضوع بنفسي، وأما أنت فاذهبي إلى بيتك مطمئنة"

انتظر الأغا حلول يوم الجمعة. ولما آن الأوان، أخذ معه مصحفا ووقف أمام عتبة باب الجامع ينتظر خروج المصلين الذين أدوا صلاة الجمعة. وحين بدءوا بالتوجه نحو الباب استوقفهم الأغا، فوقفوا كلهم بانتظار كلامه. أخرج هذا المصحف من الكيس الأخضر الواقي وقال أن كل واحد منهم يجب أن يقسم بالقرآن الكريم ثم يجيب عن سؤاله بنعم أو لا:
" والآن، الذي ضاجع الحمار في حياته يؤدي القسم ويقف إلى جهتي اليمنى والذي لم يضاجع الحمار يؤدي القسم ويقف إلى جهتي اليسرى"
وما أن انتهى الأغا من كلامه، إلا وأتخذ الحشد كله مكانه إلى جهته اليمنى. وظلت جهته اليسرى فارغة. وأما الملا فظل واقفا بين الجهتين دون أن يحدد موقفه. قال الأغا بلهجة صارمة:
" أنظر يا ملا، يجب أن تحدد موقفك أيضا. هيا اقسم اليمين واتخذ طريقك إلى إحدى الجهتين"
بعد هنيهة صمت فضولي، خرق الملا الصمت قائلا:
" هل البغل يحسب أيضا؟"
ضج الجمع بقهقهة عالية أفقدت صواب الملا الذي قرر أن يرحل من القرية في أسرع وقت ممكن.

كان زوج المرأة المشتكية متواجدا بين الحاضرين. أقترب منه الأغا وراح يهمس في أذنه:
" بلغ زوجتك المحترمة تحياتي واحترامي"



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معطف الشقيق الأكبر
- إلى روح الشهيد جالاك سعيد مجيد
- رجاء، أوجدوا هذا المخطوف
- ذكريات مع مظفر النواب
- أسطورة أسمها عرفة
- تحولات من نوع آخر
- حركة الشباب: قوة محركة جديدة
- الزمن الرديء
- إلى الصديق ييلماز جاويد
- بين الديمقراطية والفوضى يسقط الظل
- صديقي العزيز كاظم حبيب
- زهرة الثلج
- نخب الشعب المصري العظيم
- المثقف المصري والانتفاضة
- ثورة أهل الكهف
- لمحة عن تطور الكورد منذ أقدم العصور
- موضوعات حول التيار الديمقراطي العراقي
- من تاريخ الحركة العمالية العالمية صعود وأفول حركة سوليدارنوش ...
- وداعا محي الدين زنكنه
- فصل من رواية -ذاكرة مدينة منقرضة-


المزيد.....




- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - قسم