أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الشائعة وخطورتها على امن واستقرار المجتمع














المزيد.....

الشائعة وخطورتها على امن واستقرار المجتمع


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب اسير حرب امريكى معتقل فى فى معسكر يابانى خلال الحرب العالمية الثانية خطابا الى اسرته , لم يكن يحوى شيئا غير عادى . الا ملحوظة كتبها وطلب فيها من اسرته ان تحتفظ له بطابع البريد الملصق المظروف . ولما كانت اسرته تعرف انه لايهوى جمع طوابع البريد فقد دهشوا من الطلب , فقرروا تحرى الامر , فنزعوا الطابع ليجدوا مكنوبا تحته : ان اليابانيين قطعوا لسانه .

هذه القصة تحولت الى اسطورة انتشرت بجنون فى العالم كله , دون ان يتوقف احد ليفحصها او يحللها جيدا . ليسهل عليه اكتشاف انها لاتزيد عن كونها شائعة .فخطابات اسرى الحرب لاتحمل طوابع بريد , الى جانب ان قطع لسان شخص ما يسبب نزيفا يؤدى الى موته .

الشائعة اشبه بموج البحر الذى يعلو فجأة فوق السطح ثم يغطس ثانية الى قاع البحر ليعاود الظهور لو توافرت الظروف نفسها. والشائعة تنتقل شفاهة دون برهان او دليل عليها . وتعيش على الاحداث والشخصيات المهمة عندما تكون اخبارهم غامضة او غير قاطعة . لقد ارسلت الشائعة سقراط الى الموت بتهمة افساد اخلاق الشباب فى أثينا ودفعهم للتمرد والعصيان .

وقامت الثورة الهندية بسبب شائعة . قيل فيها ان شحم بنادق الجنود مصنوع من دهن الخنزير , فثار المسلمون الذين يحرمون الخنزير , فلما قيل انه من دهن البقر انضم اليهم الهندوس الذين يحرمون البقر .

واتهم الجنرال فيرنرفون فريتشه , وهو افضل قائد عرفته القوات الالمانية فى زمن هتلر بأنه شاذ , ليتخلص منه منافسوه . واستغلوا وجود ظابط فرسان شاذ يحمل اسما مشابها لاسمه , هو ( فون فريش) وليس ( فون فريتشه) ليلصقوا به التهمة .

لذلك لماذا يعشق العرب توجيه التهم او الشائعات الجاهزة بلسانهم الى من لاتطوله ايديهم؟ هل هى لعبه , ام شهوة انتقام , ام عقدة , ام جينات فى الدم ؟ لذلك يتصدر المشاهير والساسة على وجه الخصوص القائمة منفردين , وكثيرا ما نسمع ان " فلان " مرتش او جاسوس او ملحد او شيوعى , وان " فلانة " سمعتها سيئة وهكذا وتتنوع الاتهامات حسب الموقف ووفقا للظروف . المهم انها كانت تنطلق بعشوائية وعفوية من رجل الشارع حتى تترسخ فى اذهان الاغلبية ويصدقوها , ويكون الضحية هو المتهم الذى لم نمنحه مجرد الفرصة لاثبات براءته . والسؤال الذى يبحث عن اجابة هو : لماذا يتصرف العرب على هذا النحو ؟ والاجابة هى :

- عقدة نفسية : فعلماء النفس يقولون ان صاحب الاتهام هو شخص مريض يستوجب علاجه . وطبقا لذلك يصبح اغلب الشعوب العربية مريضة نفسيا . والعقدة تتولد نتيجة احساس بالغيرة الشديدة والحقد ورغبة فى الانتقام . فمثلا الشائعات التى تصف نجوم الفن انهم شواذ وزنادقة وبتوع حريم , وفقا لتحليل الاطباء النفسيين اننا نعانى آثار غيرة بسبب شهرة الفنان ونجوميته والتفاف المعجبات حوله . ولو تبدل الحال بمطلق الشائعة واصبح فنانا سوف تتغير نظرته واتهاماته لاهل الفن وهكذا .

- الحالة الاقتصادية والسياسية والثقافية : فاذا فرضنا جدلا ان مجتمعا ما تسوده انتعاشه اقتصادية تجد اتهامات مثل الرشوة والفساد معدومة . اما مجتمع يشكو الفقر والجهل والتخلف والخرافة فالقائمة ستحوى اتهامات لا اول لها . ففى فترة حكم ( عبد الناصر) مثلا شهدت اتهامات من نوع آخر . وكان من المألوف ان نسمع ان فلان جاسوس او خائن او عدو الثورة , وغيرها من التهم الملائمة لتلك الفترة والتى كانت انعكاسا لحالة المجتمع السياسية وثقافة التأمر (معنا ولا علينا) , وفى فترة حكم السادات القى الشعب تهما من نوع اخر منها (حرامى - مرتشى - بتاع ثلاث ورقات ) لدرجة وصلت لقذف رئيس الجمهورية نفسه باتهامات عديدة .

العرب ببراعتهم الشديدة يجيدون اختيار كل تهمة او شائعة لكل ناجح حسب عمله ودرجة تفوقه ومكانته الاجتماعية . وهم فى ذلك شديدو الدقة والتركيز بحيث تكون التهمة اوالاشاعة لايقة على من يحملها .

الجدير بالذكر ان نقص قصة المفكر السياسى اللامع (احمد لطفى السيد) الذى كان يخوض انتخابات برلمانية فى الثلاثينات فى احدى الدوائر فى الدلتا , وعقد منافسه مؤتمرا انتخابيا فى احدى القرى , وكرس هذا المؤتمر فى مهاجمة احمد لطفى السيد وقال للناخبين : " كيف تنتخبون احمد لطفى وهو رجل ديمقراطى " فشعر الناخبين ان كلمة (ديمقراطى ) كلمة ديمقراطى كلمة منافية للاداب او قذرة , فسألوه يعنى ايه ديمقراطى , فقال لهم : يعنى كافر . بعدها بثلاثة ايام توجه احمد لطفى السيد الى تلك القرية نفسها ليعقد مؤتمرا انتخابيا له , وفى البداية هب احد الشباب الغيورين وسأله : صحيح يا استاذ احمد انك ديمقراطى . فاجابهم المسكين بمنتهى الثقة : طبعا ديمقراطى . فانهالت الكراسى على المنصة من كل حدب وصوب !!

اذا المسألة ليست عبثا انما لها جذور . فاطلاق الشائعات والتهم دون حساب جزء من موروثنا الثقافى والاجتماعى المتراكم عبر السنوات . ولاشك ان ذلك له مردود سلبى فى المجتمع ويساهم فى زرع بذور الكراهية والحقد .فاحيانا تأخذ الشائعة او التهمة صورة النكتة لتعكس ازمة ما فى المجتمع .الغريب ان الشائعة والنكتة تتشابها تشابها عجيبا فى الطريقة التى ينتشران بها وفى الهدف الذى يسعيان لتحقيقه . فلا احد يعرف من يؤلف النكتة ولا احد يعرف من يطلق الشائعة . ولكن المؤكد ان هناك سفارات واجهزة تلك هى شغلها الشاغل فى الحرب النفسية ضدنا كعرب مسلمين .



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناظرة بين آدم وحواء
- ايران الخمينى دولة الغموض والتناقضات
- الصراع بين الصحافة والسياسة سينتهى حتما بهزيمة السياسة
- جائزة نوبل هى التى خسرت عباس محمود العقاد
- الابتزاز الدينى سيدمر المجتمع المصرى
- خيرنا لغيرنا .... رمال البرلس السوداء الغنية بالخامات النووي ...
- على هامش ازمة الديون الامريكية .... امريكا تقتل القتيل وتمشى ...
- الاخوان والسلفية والتجربة التركية فى السياسة المصرية
- خيرنا لغيرنا ... مصر هى مغارة على بابا لشركات التعدين
- مبارك الجاسوس الاسرائيلى الذى حكم مصر 30 عاما
- هل يوجد شىء اسمه الاقتصاد الاسلامى ؟
- ليست مشكلتنا من يحكم مصر؟ .. ولكن كيف تحكم مصر ؟
- حدوتة مصرية اسمها ابراهيم الرفاعى او سيد شهداء الصاعقة المصر ...
- رؤية تحليلية على هامش محاكمة مبارك
- نصائح قد تنقذ حياة شخص عزيز عليك
- لماذا ينكر السفير السعودى دورهم المشبوة فى تمويل الجماعات ال ...
- صفقات السلاح التى تشتريها السعودية ولا تستخدمها ..لماذا ؟
- مصر تحت القصف السلفى والتيارات الدينية ... الى أين؟
- دكتاتورية الاخوان المسلمين
- خطايا الرسالة الاعلامية المصرية


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الشائعة وخطورتها على امن واستقرار المجتمع