تعلمنا .. في حقول ملغمة فحسب ../ الجزء الأول

أحمد حمود الأثوري

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 09:29
المحور: الادب والفن
    

ماذا نتعلم ؟
تعلمنا ..! تهمة الصقت فينا زورآ .. حشرنا فوق كراسي متصلبة .. توحي بقسوة القادم .. شخص يدعى مدرس .. أستاذ .. مربي .. معلم .. - ها نحن ذاهبون للموت دون أن نعي أدنى فلسفة لهذة المرادفات العدة - سبورة سوداء .. يتهامس طالب مع زميله : قلب المدرس كمثل هذه السبورة .. عصى غليظة تلوح فوق الرؤوس .. طبشور أبيض كقلوبنا في عهد الطفولة ..
*¤*¤*¤
تعلمنا ! أبسط شيئ لم نعلم فائدة غرس فسيلة .. حتى عندما سألت مدرس مادة الديانة ماذا يعني إذا قامت الساعة وفي يد أحدنا فسيلة فليغرسها .. سخر مني وقال المعنى " عود قات بالطبع سيكون بيدك فتغرسة كي يعينك على الوقوف يوم الحشر " صدقته بداية وكذبت ما قاله عندما عدت لأتخيل رجل صيني يمضغ القات " فادركت خطيئة وحقد ذاك المربي ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. لم نعرف رقم الطوارىء ولا رقم حوادث الطرقات ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. ولم نتعلم أي طريقة للتعامل مع زميل أصيب بينما كنا نركض خارجين إلى بهو المدرسة ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. وفهمنا بأن آبائنا المصابون بالسكري كانوا مدمني حلوى !
*¤*¤*¤
تعلمنا .. من مدرس الصف الثامن بأن الحيوانات المنوية ضرر يجب التخلص منه قبل فوات الآوان .. دخل الفصل وسأل بحدة : هل تمارسون العادة السرية ؟ كنا قد فهمنا ما تعني فطاطئنا رؤوسنا خجلآ فأردف قائلآ : أحبائي الطلاب هذا وسخ فتخلصوا منه ومن لم يفعل سيصاب بالعقم .. فتفتحت عيونآ بريئة على هذا الوسخ ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. وعندما رسب جاري بمادة الرياضيات جاء إليه المعلم وأشار إليه بفرق الإبهام بالسبابة .. فأعطاه خاتم أخته ونجح بالمادة بإمتياز !
*¤*¤*¤
تعلمنا .. وعندما وصلنا إلى أخر سنة دراسية .. هاجت البيوت وأعلنت حالة الطوارىء وأعلن في ميكرفون الإذاعة عن إجتماع مهم مع الطلبة المتقدمين لإمتحان الثانوية العامة مع إدارة المدرسة .. وقدمت لنا النصائح بأماكن تصغير الكتب للغش .. ونصائح أخرى حول حمل مبالغ نقدية نجمعها كل صباح لرئيس اللجنة الإمتحانية من أجل الحصول على الغش ..
كانت أحلام تسكننا .. جالت أرواحنا بعيدآ فهذا يرى نفسة طبيبآ وذا يقود طائرة إيرباص .. وآخر في محطة توليد الطاقة النووية .. قطع أحلامنا صوت أحد المدرسين قائلآ : مفهوم ..؟ فصرخنا مفهوم .. مفهوم ..
عند إنطلاقنا إلى مراكز الإمتحانات كانت تسبقنا دعوات أمهاتنا " اللهم لين قلوب المراقبين لهم ودعهم يغشون من أول الوقت حتى آخره " ليتم بعدها حشر مبالغ مالية في جيوبنا الصغيرة وإلانطلاق .. وعند العودة .. وقبل أن يرد أحدآ السلام .. أول سؤال يصل مسامعنا .. هل غشيتم ؟ وإذا كانت الإجابة نفيآ .. تنطلق الألسنة بالدعاء على جميع المراقبين بالموت .. والزوال وقطع الأرزاق .... نبرر لهم اليوم كان عندنا قرآن وإسلامية وحرام نغش فيهم .. لتهتف الأمهات بقولهن " على الأقل كانوا يساعدوكم في النحو والإعراب .. ؟" لنغرق في ظحكاتنا ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. ولم نستطع رسم مكعب .. وخوفنا من المسرح وخيل لنا بأن خشبة المسرح مكان مقدس كعرش الرب ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. عندما أستعرت ذات إختبار شهري من زميلتي قلم الرصاص إرسل لولي أمري إحضارآ لإنتهاكي حرمة المدرسة وهتك شرف قبيلة ومنعت تلك الطفلة من مواصلة تعليمها كونها لم تحافظ على شرفها ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. كم عصى هطلت على الكفوف والرؤوس وصولآ إلى المؤخرات والأقدام .. لأننا حيوانات لا نتعلم بغير عصى غليظة ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. حفظنا النشيد الوطني وتحية العلم وأناشيد أيوب طارش الوطنية .. وتعلمنا بأن الله خالق كل شي وليس أبليس ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن علي بن أبي طالب كان بطلآ وتشكلت لدينا أسئلة عدة فيما إذا تقابل مع عنترة بن شداد لمن ستكون الغلبة .. وتركنا منقسمين قسم يشجع علي وقسم يشجع عنترة .. وكان هذا عوضآ عن دروس الموسيقى والرسم والرياضة والأنشطة المدرسية ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن اليمن كانت شطرين فتوحدنا ..- بالنسبة لي لم أصدق ذلك بل كنت مؤمن باننا شعب واحد منذ الخليقة .. وعندما كنت أصادف سؤال إمتحاني عن زمن قيام الوحدة اليمنية أكتب أجابتي " منذ الأزل "-
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن مدرسنا يظل في الفصل وقت الراحة ليتلصص لوجوه البنات مدعيا قيامه بتصحيح دفاتر الواجبات ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. وأدركنا أنه في كتاب الوطنية للصف الرابع كانت هناك في الطبعات القديمة صورة رئيسي شطري البلاد أثناء رفع علم الوحدة وفي طبعة 95 وما فوق يبرز شخص واحد يتوحد مع جني لم تستطع الكاميرا إلتقاطه ..
*¤*¤*¤
تعلمنا في الصف التاسع الجهاز التناسلي للذكر والأنثى لمدة دقيقتان فقط وكنا نشعر بالخجل وكأن أمامنا آفلام جنسية فاضحه .. وعندما قام أحد التلاميذ بالسؤال عن اجزاء العضو التناسلي الذكري رد عليه الأستاذ إسأل أمك ؟ فتوهم البعض لردح من الزمن بان للنساء عضوان تناسليان ذكري وأنثوي ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن الربيع آسم أحد فصول السنة .. وليس مصطلح حزبي ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. وعندما كنت طفلآ ذهبت إلى شيخ دين في قريتي وقدمت له أسألة لم تدعني أنام .. سألته عن خالقي .. عن شكله وحجمه؟ سألته من خلق الله ؟ وإذا كان هناك بداية للزمن فكيف كانت نقطة الصفر .. من كان قبل الله .. كيف نشأ هذا الكون ؟ حينها أغرز أظافره اللعينة في أذني وقال لي " أبوك إشتراكي ملحد يعلمك هذا الكلام " - لعنتي عليه يقدح بحق أقدس مقدساتي -!
*¤*¤*¤
تعلمنا .. أن الحب حرام .. ومحرم أكثر على المرأة التي خلقت من ضلع أعوج ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن صوت المرأة عورة .. ووجهها ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن الشيعي والإسماعيلي والدرزي والمسيحي والبوذي .. ومن ينتمي للأحزاب الإشتراكية والعلمانية و .. و .. يطلق عليه يهودي حتى لو كان مسيحي أو مسلم شيعي .. والمسلم فقط .. من كان سنيآ سلفيآ وهابيآ ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. في مدارس تروض لجيل فاسد مستسلم خانع .. وجهل مؤسس .. أسس له بثقافة حقوق الطالب المقدسة وعلى رأسها حقه في أن يغش وينجح بفلوسه..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بعلم قادنا للإيمان بأن منجزات الوطن هبة من الحاكم .. وأن الراتب الذي يحصل عليه آبائنا هبة من الناظم .. وإن الهواء الذي نستنشقه فقط هو الحق الوحيد لدينا ومكرمة الرب ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن الخروج عن الحاكم وإن كان ظالمآ .. كفرآ وزندقة وعقوبته الإعدام ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. إن لله أوصياء وأولياء ومتحدثين رسميين .. وواهبي صكوك المغفرة ودخول الجنة .. والمخولين بتزكية إيمانك ووطنيتك
*¤*¤*¤
تعلمنا .. بأن نؤمن بالمشعوذين ونذهب إليهم للحصول على خلطة سحرية للنشاط الجنسي .. وتميمة تشفي عاقرآ .. وليكشف الأعداء وإبعادهم .. وجلب الخير ..
*¤*¤*¤
تعلمنا .. من ضربك في أحد خديك .. حرك له الخد الآخر ليصفعك ثانية تحقيقآ للعدل !
*¤*¤*¤
تعلمنا .. أن نغفر كل زلات آدم مهما عظمت فهو بالطبع ذكر .. وأن ننزل أشد العذاب بحواء إذا أخطأت بخطأ أكتشف بالمجهر ..
.....
يتبع في الجزء الثاني ...

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات