أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - ثلاث معضلات مستعصيات.














المزيد.....

ثلاث معضلات مستعصيات.


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


• إنغمست خلال العقود الأربعة الأخيرة في قلب (ودهاليز) ثلاثة عوالم ثقافية-سياسية-تاريخية : أولا ، عالم الثقافة الغربية بتاريخه وفلسفاته وآدابه وانجازاته وواقعه الراهن ... وثانيا ، عالم المجتمعات الناطقة باللغة العربية بتاريخه وتقاليده وتراثه الديني وفرقه ومذاهبه وآدابه وتاريخه المعاصر وواقعه الآني ... وثالثاً وأخيراً ، العالم اليهودي ، وهو ما تضمن رحلة عارمة في أودية وهاليز النصوص اليهودية (التوراة وباقي أسفار الكتاب المقدس والمشنة والغمارة) وتاريخ اليهود بوجه عام، وتاريخ يهود المانيا وأوروبا الشرقية بوجه خاص ، وتاريخ مشروع دولة اسرئيل الحديثة منذ حادثة دريفوس وحتى صدور قرار تقسيم فلسطين التاريخية فى نوفمبر 1947 ، وأخيراً دولة اسرئيل ذاتها منذ مايو 1948 .

• وقد جعلني الخوض في تلك العوالم الثلاثة أرصد ثلاث معضلات تحتاج من مفكري ومثقفي ودارسي عالمنا اليوم الدراسة والفحص ، ثم تقديم الحلول وسبل العلاج.

• المعضلة الأولى تخص مجتمعات الحضارة الغربية وبالتحديد المجتمعات الأوربية ومجتمعات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. وتتمثل هذه المعضلة في ذلك التناقض الواضح بين الدفاع المستميت لهذه المجتمعات عن مصالحها، وبين عدم دفاعها عن قيامها إلا داخل حدودها الجغرافية. فبينما يدافع المجتمع الأمريكي ( مثلاً ) عن مصالحه بضراوة ، ويدافع عن أنساقه القيمية داخل مجتمعه أيضاً بضراوة ، إلا إننا نجده يقبل ( خارج حدوده الجغرافية ) بكل مايعارض ويناقض أنساقه القيمية. ومثال واحد هنا يمكن ان يغني عن آلاف الأمثلة : فالمجتمع الأمريكي الذي يحاسب قادته السياسين على الكبيرة والصغيرة من الأخطاء والهفوات ، هو الذي يتعامل ( خارجياً ) مع أنظمة للحكم تدوس بأقدامها كل المبادي والقيم التي طورتها مسيرة التقدم الأنساني . فالمجتمع الأمريكي المعني بحقوق الأنسان وحقوق المرأة والشفافية والمساءلة ليست عنده أية مشكلة ان يكون حكام أنصارهم فى بلدان مثل السعودية ومصر وغيرهما ممن ينتهكون تلك القيم كل يوم ألف مرة. هذا التناقض ( في اعتقادي ) هو مصدر الكراهية الشديدة التي تكنها معظم الشعوب العربية لدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولغيرها من الدول الغربية. وقد يكون هذا التناقض ( في يوم من الأيام ) مصدر تهديد كبير لوجود الحضارة الغربية ذاتها.

• اما المعضلة الثانية فتخص يهود عالمنا المعاصر. فرغم تسليم كاتب هذه السطور بصعوبة تجربتهم الإنسانية خلال القرنين الماضيين وما واجهوه من صعوبات وإضطهاد وجرائم كبرى ، وأيضاً رغم تسليمي بأن إضطهادهم فعل (بفتح كل الحروف ويتشديد العين) قدراتهم وأوجه كفاءتهم وفجر( بفتح كل الحروف ويتشديد الجيم) طاقات رائعة بين أبناء وبنات الجماعات اليهودية في شتى بلدان العالم ، ورغم تسليمي بإنجازاتهم الكبيرة في سائر المجالات ، إلا إنني أرى ان تجربتهم التاريخية قد زودتهم بسمة كانت وسيلة بقاء وتفوق، ولكنها (أي هذه السمة) أصبحت سبب وجودهم في مأزق تاريخي كبير. وأعني هنا ( تراث ومحصول التخوف اليهودي ) . وغم تفهمي لهذا التخوف التاريخي أو تراث التخوف ، فإن ذلك لا يمنعني ان أري أنه أحد العناصر الرئيسة التي تحول اليوم بين اليهود وبين وجود حالة سلام حقيقي بينهم وبين شعوب المنطقة التي يريدون الإستقرار بها. فإسرائيل وهي تتوخى ان تصل إلى تسوية مع محيطها الجغرافي ، فإنها (بفعل تراث التخوف اليهودي) تتمسك بحصولها على كل أو معظم ما تريد، لكي تكون في مأمن من تخوفاتها التاريخية . ومن البديهي ان من يريد ان يحصل من خلال المفوضات على كل ما يريد . فأنه لا يحصل على أي شئ مما يريد . وقد عبرت جولدا مائير ذات يوم (في سنة 1973 ) على ما أقصده هنا عندما قالت لهنري كسينجر إنها عندما تطلب شيئاً من الولايات المتحدة الأمريكية ، فأنها تشعر بغضب عارم إذا حصلت على 90% فقط مما طلبته !

• وأما المعضلة الثالثة والأخيرة فتخص شعوب الشرق الأوسط الناطقة باللغة العربية. فثقافة وتراث وتقاليد هذه الشعوب تقوم على عدة ركائز من بينها الفخر الشديد بالذات وبالسلف وبالتراث والتقاليد ، وهو فخر مشوب في الغالب بمبالغات تفوق كل الحدود ، ويكفي ان يستمع المراقب لعشرات القصائد مما يسمى بالشعر النبطي أي الشعر العامي الذي يكتبه شعراء من الجزيرة العربية لكي يدرك بل ويرى تلك المبالغات الغريبة والعجيبة في مدح الذات والتفاخر والتغني بأمجاد الماضي والحاضر(وجلها أمجاد وهمية ، أي متخيلة). ولكن في مواجهة هذا التفاخر فإن شعوب هذه المنطقة تعرف ( بلا شك) ان إنجازتها ومساهمتها في مسيرة العلم والتقدم المعاصرين هي مجرد "صفر كبير". فمساهمات العرب المعاصرين فى عوالم الطب والصيدلة والهندسة وتكنولوجيا الإتصالات والفضاء وصناعة السلاح وسائر مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا هى (بكل الموضوعية) "معدومة". فبينما يتفاخر العربي طول الوقت باأمجاد الماضي والحاضر وبمزياه وسجياه وبطولاته ، فإنه يدرك يقيناً انه ومجتمعاته تشتري كل ثمار التقدم الإنساني دون ان تشارك في صنعها. ويخلق ذلك التناقض بين ميل فطري (مبالغ فيه) للتفاخر وإدراك في نفس الوقت لتواضع ( بل وانعدام ) مساهماته في مسيرة التقدم ، هذا التناقض يخلق حالة مرضية قوامها في الظاهر شعور بالعلو والسمو والتفوق ، وفي الباطن بالإهانة والدونية. وهي حالة كما يمكن ان تفرز الواناً من التعصب والعنف والإرهاب والإيمان (الجالب لسخرية البشرية) بتآمر "الآخرين" ضده (!!!) ، فإنها أيضاً تفرز حالة التضاد مع الإنسانية والواقع ، وتباعد بين شعوبها وبين إمكانية تسوية المشكلات الكبرى وأيضاً تباعد بينهم وبين إمكانية لحاقهم بمسيرة التقدم الأنساني.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف دستة (دزينة) دانات إسكندرانية ...
- آليات التقدم ...
- الوصايا العشر .... للمجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية .
- أزدري ...
- عصابة جمال مبارك (المقدمة التى كتبها طارق حجي لكتاب شريف هيك ...
- مافيا رجال الأعمال.
- دانات من مجلس الأستاذ
- دانات (عشر دانات عن المرأة).
- 168 دانة
- دانات أطلسية
- ثورة اللوتس : الإنجازات والمحاذير ...
- دانات حارقات ...
- حتميتان تاريخيتان ... وأيضا جفرافيتان .
- عشر دانات
- محاولة لفلسفة ثورات 2011 العربية
- ثلاثة أدران بجسد مصر (من أوراق -ثورة اللوتس- ) .
- من أوراق ثورة اللوتس : 5 مارس / آذار 2011
- حديث عن الثورة.
- أوراق ثورة اللوتس (7) : الشكر والإمتنان لجمال مبارك ...
- أوراق ثورة اللوتس - الورقة السادسة.


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - ثلاث معضلات مستعصيات.