أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - الغرافيك..بين الغائر والنافر















المزيد.....

الغرافيك..بين الغائر والنافر


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1027 - 2004 / 11 / 24 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


فن الغرافيك (فن الحفر) أو ما يدعى حسب الاصطلاح الأميركي Printmaking )فن المطبوع) هو في معناه العام فن قطع أو حفر أو معالجة الألواح الخشبية أو المعدنية أو أي مادة أخرى بهدف تحقيق أسطح طباعية (كليشيه) ونقلها، عن طريق الطبع، على هيئة مؤثرات فنية إلى سطح آخر يختاره الفنان ليكون الحاضن للرؤية الفنية التشكيلية التي يحاول بثها من خلال العمل.
عرف الحفر أو الخدش على السطوح بادئ ما عرف في محاولات الإنسان الأول إنشاء حوار مع العالم الذي بدا له أبكما أصما، فقام بحفر الخطوط ونقش الصور على جدران الكهوف، وعلى الصخور والعظام بغرض التأسيس للغة الخطاب. أما السومريون والفينيقيون فكانوا أول من أنجز النقش بمنظوره الفني والتدويني على الفخاريات، والأختام الحجرية، وعلى رُقْم أوغاريت المكتشفة على الساحل السوري والتي سجلت لأول أبجدية لغوية في العالم. ويرجع تاريخ أول صورة ظهرت في الشرق مطبوعة على الورق من لوح خشبي محفور إلى سنة 868 ق.م. وكانت من عمل الصينيين. أما في أوروبا فإن طباعة الأقمشة من اللوحات الخشبية المحفورة لم تتحقق إلا في القرن السادس، بينما لم يتحقق طبع أعمال فنية على الورق حتى العام 1152، وذلك في ألمانيا حيث نفذت أول مجموعة من نوعها لأوراق اللعب. كما عرف العرب في القديم بعض أنواع الحفر الحمضي لغرض زخرفة الأسلحة.
ولم تتحقق النقلة النوعية في فن الغرافيك إلا في القرن السادس عشر حين تحول من قيمة تجارية سلعية بحتة إلى حركة فنية إبداعية واعدة. واستمر في التطور إلى أن اندمج في القرن التاسع عشر مع مناهج وأساليب فنية أخرى وصولا إلى القرن العشرين حيث تبنى هذا اللون الفني الكثير من الرسامين العالميين من أمثال دولاكروا ومانيه ودوغا وآشر وبابلو بيكاسو وبول كلي ممن شغفوا بتكنيك فن الغرافيك وقدرته العالية على نقل الإيحات وتعميق الفكرة من خلال التقنية العالية التي أضافت البعد الثالث (العمق) إلى الموروث التاريخي لفن الحفر الذي كان يقتصر على البعدين فقط (الطول والعرض) على مستوى المنظور.

الغرافيك وأدوات العصر

لا ريب في أن سقوط الحدود والحواجز بين الثقافات في ظل استشراء نظم الاتصالات وطغيان نهج العولمة كان له الدور الأكبر في تطعيم الفنون بإشارات وتقنيات أقل ما يقال فيها أنها "صوت العالم". أصبح الفنان يجوب القارات إما جالسا في مقعد غرفة الجلوس المريح أو على كرسي مقهى للإنترنت مقلبا في صفحات الشبكة، مستقبلا في اللحظة ذاتها كم المعلومات المترامية من قارات الأرض الخمسة، أو مستقلا طائرة بتعرفة سياحية متواضعة متنقلا في جغرافيا حضارات هي الأم في سيرة التاريخ. ثورة الاتصالات والمواصلات كانت سببا أساسا في تراكم الفعل الثقافي وتسريع حركية الفنون بعامة ومنها فن الغرافيك. هذا الفن الذي انتهج تقنياته وطورها خلال المتوالي الزمني ابتداء من لوح الخشب البسيط وانتهاء بصفائح البوليستر المعالج والمصنعة خصيصا لتسهيل الحفر على سطحها دون الحاجة إلى استعمال مواد كيميائية ضارة فيما يعرف بتقنية الغرافيك الخالية من المواد السامة Non-Toxic Printmaking. وفن الغرافيك هو الأكثر لصوقا بالتقنيات الحديثة كونه يطوي بين دفتيه أيضا آلة الإعلام والإعلان المطبوعين الذين يسيطران اليوم وبلا منازع على سياسة الشارع والسوق، وهو ما دفع البعض إلى القول بأن الحبر هو دفق الدماء في شرايين الحياة المعاصرة.
هيلدا ماكي (21عاما) فنانة أميركية شابة وخريجة جامعة Queens University of Charlotte في ولاية كارولاينا الشمالية، تمارس فن الغرافيك بمعرفة ووله به، معتنقة لرؤية فنية خالصة هي بحق وليدة زواج شرعي بين الثقافات. من أب أميركي وأم من الهندوراس جمعت هيلدا مصادر إلهامها ومفرداتها الفنية التي تجلت في سؤال فني مفتوح وفي انسجام وجودي منحاز للذات البشرية وحدها دون تبعية لهوية عرقية أو لمكان جغرافي بعينه. فالوجه الذي ترسمه بتقنية Linocut التي تستخدم مادة Linoleum، وهي نوع من الخشب المعالج لتسهيل عملية الحفر على سطحه، هو وجهها Self Portrait، إلا أن هذا الوجه يظهر منقسما على نفسه إلى مساحتين لونيتين تمثلان الخلفية التي شكلت الفضاء الإبداعي التخييلي لدى هيلدا وهما عالم الجنوب الحميمي والحالم من طرف، وعالم الشمال التقني الرصين من الطرف الآخر.
حدثتني هيلدا المقيمة في ولاية كارولاينا الشمالية، وجاءت إلى واشنطن لزيارة متحف الفن المعاصر، وكنا نجول معا أجنحة المتحف المترامية، عن بداية إرهاصاتها الفنية، قالت: "في البدء اكتشفت تدريجيا الإمكانات التعبيرية الهائلة التي يختزنها فن الغرافيك من خلال تنوع تقنياته وتباين أدواته ما يهيء للفنان وسيلة مركبة وخيارا مفتوحا في توجيه العمل الفني وتحويره فيما يخدم الفكرة المطروحة. تلعب التقنية هنا دورا ركيزا في تحقيق البعد الثالث في عمل الغرافيك كونه يتشكل نظريا من بعدين فقط هما الطول والعرض. التقنية تستوقفك أمام هيبة العمل لتطيل النظر والتحليل في العمق الافتراضي للوحة الذي تفرض شرطه قدرة الفنان على التحكم بخطوط الحفر والمؤثرات الحفرية بين غائر ونافر على الكليشيه المعتمد، ونقل هذه الخطوط تاليا وتنفيذها على سطح اللوحة في انسجام ملفت للتناقضين".
وتابعت هيلدا قائلة: "أنا لا اتعب من التجريب ومحاولات الابتكار الشخصي لإيجاد خطوط ترسيمية حفرية غير مسبوقة لرموز تشكل منعكسا تعبيريا لزوايا من طفولتي التي قضيت معظمها في أميركا الجنوبية. فرمز ملاقط الغسيل (النصاعة) والأقدام العارية (الحرية) والصورة الذاتيةSelf Portrait ذات اللونين(الغنى الحضاري(، تلك الرمزية بإسقاطاتها التي تتكرر في معظم أعمالي إنما تعكس معاني المرأة المثال وارتباطها بصفات هي الأقرب إلى الكمال الإنساني وترجمتها عبر توليفة الالنص بصري توافقا وشرعة الحلم".
وعن زيارتها مؤخرا إلى العالم العربي وتحديدا مدينة جدة في المملكة العربية السعودية تفيد: "لقد فوجئت حقا بعدد اللوحات والتماثيل والأعمال الفنية المنتشرة في كل ساحة وزاوية من المدينة. وما زاد من دهشتي وارتياحي في آن، معرفتي أن المسؤول عن اختيار هذه الأعمال الفنية وتوزيعها في حنايا المدينة هي "سيدة"، الأمر الذي أزاح عن عيني غشاوة الصورة النمطية المتداولة عن المرأة العربية بأنها مجرد كائن إمتاعي منفعل وليس مفكرا ومبدعا فاعل. لقد التقيت مصادفة في مخازن بيع المواد والأدوات الفنية التي تزخر بها المدينة بالكثير من النساء اللواتي كن يقبلن بشغف على شراء هذه المواد ولاسيما الخاصة منها بتطبيقات الغرافيك والطباعة حيث تنتشر بين النساء هناك هواية الرسم والطبع على الحرير بشكل خاص".

لغة الغرافيك في القاموس العربي المعاصر

على المستوى الاحترافي يعد الفلسطيني مصطفى الحلاج، وبلا منازع، أيقونة فن الحفر العربي المعاصر وذلك بامتياز فكري تعبيري وفني ُيشهد له. في أعماله التي شارفت العالمية غير مرة، تجده منحازا في تخييله الذهني وفي أدواته الفنية لاستحداث لوحة حفرية ذات إيقاعات عربية عامرة بذاكرة المكان العربي وأحقابه الوجودية منذ ما قبل تدوين التاريخ، مرورا بحضارات بلاد الشام ومابين النهرين ووادي النيل، وصولا إلى شرط العصر حيث المكان/الوهم، في لوحات تحتضن ثنائيات التناقض الأزلي بين اللونيين الأسود(الثبات الوجودي) والأبيض ( الفراغ المستديم) مرسما لرحلته في البحث عن وطن. هو الفلسطيني الراحل أبدا في المكان والألم واللوحة.
تتأتى أهمية فن الغرافيك من كونه فنا مركبا وقابلا للتكرار، فهو عماد عملية الطبع والنشر ولهذا يمكن القول بأنه أداة اتصال ونقل وحوار.
وفي الوقت الذي تعاني فيه اللوحة الزيتية من فوقيتها بكونها عمل وحداني "أرستقراطي" فإن الغرافيك هو من أنصار التعددية والشيوع، ما أكسبه شعبية عريضة وعمقا جماهيريا في عصر النص البصري وخطاب الصورة بامتياز.

النقش على الجسد

تقوم كيم إيتز منذ عشر سنوات بنقش رسوم الحناء على اليدين و القدمين و أماكن أخرى مختارة من أنحاء الجسد حيث تستقبل زبائنها في"السوق العربي"The Arabic
Bazaar الكائن في مدينة أوستن من ولاية تكساس. من هذا المكان وعنوانه www.wmdproductions.com حدثتني الفنانة الشابة زين الجندي، وهي أميركية من أصل سوري، عن مشروعها بعامة :" هنا تلتقي ثقافة الشرق الحسية مع حضارة الغرب الصارمة في شتى تجلياتها. و النقش على الجسد هو، تاريخيا، أحد إشارات الأنوثة عند المرأة الشرقية. والأميركيات يقبلن بشغف على هذا النوع من الوشم المؤقت كونه يمنحهن تميزا تجميليا ملفتا".
ما قبل عصر مستحضرات التجميل طورت المرأة الشرقية زينتها بنفسها، فقامت بتصنيع الخلطات من الأعشاب الطبيعية ومنها أوراق نبات"التمر حنة". وهي ما تزال تستعمل هذه الخلطات ـ التي اعتمدت حديثا من كبرى شركات التجميل لثبوت فوائدها للبشرة ـ بل وتنشط بتصدير طقوسها إلى الغرب الذي لا يملك إلا أن يقف منبهرا أمام إشارات الفتنة الأنثوية القادمة مع رياح الشرق.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأقاطــع خبزكــم
- شعــر: جـزيــرة
- شــعر: مــاء الذَهــاب
- عصابات الغرافيتي.. والجداريات
- ثلاث قصائد: رمل - بجعة - كهف
- الصَعْقة
- دانتيللا الجهات
- الكاوبوي مترجلا.. وشاعرا
- الفيديرالية الإسلامية
- شعـر: السـاجدة
- الفن الرقمي بين مطرقة الأصولية الفنية وسندان التطرف التكنولو ...
- الفن : تكنولوجيا الروح
- حوار مع رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن السفير إدوارد ووكر
- شعـر: مستجدات الوطن.. والحب
- الحليب الأسود
- مقامات التنوير في موسيقى الغرب
- شعر: نحن الذين لا ينتظرنا أحد
- كونشرتو الكلمات
- بيان الثقافة
- شعر: أنثــى الســــؤال


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - الغرافيك..بين الغائر والنافر