أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - كونشرتو الكلمات















المزيد.....

كونشرتو الكلمات


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1005 - 2004 / 11 / 2 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


برودواي تفتح أبوابها عريضة للشعر
شعر الديف.. كونشرتو الكلمات

أثار اتصال هاتفي تلقيته من صديقتي سيدة الأعمال الواشنطنية دهشتي وريبتي في آنٍ واحد. فهي عادة تخاطبني عبر البريد الإلكتروني، حصرا، وذلك لضيق وقتها وانشغالها في إدارة أعمالها الواسعة الانتشار. فما عساه هذا الأمر الجلل الذي حدا بها لدعوتي إلى عشاء عاجل بغية إطلاعي على تفاصيله، والدعوة شخصية وعن طريق الهاتف هذه المرة؟!

في الموعد المحدد جلسنا معاً إلى شرفة مقهى شرق أوسطي يُطلّ على نهر البوتوماك المديد الذي يخترق قلب العاصمة الأميركية. ولم تنتظر صديقتي طويلا لتقول لي، وبلهجة اعتذارية لم أعهدها في لغتها من قبل: "من العدل أن أعترف لك يا مرح بأني طالما جهلت سبب انبهارك بالشعر وانكبابك على كتابته. ولم أكن لأخفي عنك رأيي الصريح في عبثية بحثك عن الشعراء، والشعر، ورواده هنا، في الولايات المتحدة. لكنني، وبنفس الجرأة، أعترف لك اليوم أني قد وضعت يدي على الشعر، حيا ينبض، في مدينة الإسمنت والحديد نيويورك. وعثرت على البعض من أسراره، وأنت بالطبع الأدرى بها، في جادة برودواي التي تستوعب في صالاتها وعلى خشبة مسارحها أحدث العروض الفنية والمسرحية العالمية، وهذه المرة كان الصوت للشعر.

المناسبة هي عيد ميلادي. والدعوة لحضور عرض مسرحي للشعر يدعى شعر" ديف" Def، وُجِّهت إلي من أختي المقيمة في نيويورك. تلقيت الدعوة بتحفظ، لكنني قررت في داخلي خوض هذه التجربة من باب اللياقة، أو بدافع الفضول على أقل تقدير.

المسرح يغص بجمهوره الذي كان قد وقف، كما وقفنا، لساعات عدة وفي صفوفٍ طويلة لشراء بطاقات الدخول، وكان الجميع متلهفا على متابعة العرض.

تقدمت الموسيقى الرائعة، المُطوّرة بتقنية "دي جاى" DJ للتحكم اليدوي في الاسطوانة، الشعراء الذين أخذوا يظهرون تِباعاً على المسرح، كل يؤدي قصيدته على طريقته وبِحِرَفية مسرحية عالية. أمّا المواضيع الشعرية فتلونت من شعر سياسي، إلى عاطفي، إلى اجتماعي يطرح أسئلة تتعلق بالتمييز العنصري والأسرة والعمل وقضايا حياتية أخرى. لقد اتحد الشعر والموسيقى في توليفة سحرية تشكلت في سحابة بخور لفّت المكان وجمهوره بالنشوة. وحين غادرت المسرح شعرت بأني عدت لتوّي من رحلة فريدة إلى عوالم الحواس والنفس البشرية التي تنوء بعزلتها".


والت ويتمان يلتقي مايكل جاكسون!

في لقاء مع الشاعر بوو سويا الصوت الواعد من أصوات شعر الديف وواحد من أبرز نجومه على مسارح برودواي، وعن سبب اختياره للشعر كأداة فنية للتعبير عن هواجسه، فكرية كانت، أو حسية، أو وجودية، قال: "إنه الحب يا عزيزتي.. الحب الأول بالطبع. ففي السنة الأخيرة من دراستي الثانوية وقعت في حب آنجي التي بدت أكثر ميلا إلى صديقي الشاعر بِنْ. فكرت في أن أستميلها بمكاتبتها شعراً علّني أحظى بقلبها، كما فعل بِنْ، عن طريق الشعر. وهكذا ولدت أولى قصائدي وتتابعت فيضاً لا ينتهي من الشعر.. إلا أني لم أحظ بقلب آنجي ولكنني حظيت بالشعر بأقصى عوالمه وأسمى إضاءاته، واتخذت منه وسيلة لاكتشاف نفسي أولا ومواجهة العالم من حولي ثانياً، بكل انكسارا ته". وحين سألته إذا كان يقترح تعريفاً معينا لقصيدة الديف قال: "شعر الديف ليس توليفاً للكلمات فحسب، بل هو اللغة التي يبثّها القلب لتصب في القلب أيضاً. إنه يرفع من درجة مقاومتك ويزيد من مناعة روحك في مواجهة بشاعات هذا العالم ويقربك من أسباب إنسانيتك. إنه كل هذه الأمور مجتمعة في لباس الشعر". وعن سبب شعبية هذه الحركة الشعرية وسرعة انتشارها يفيدنا بوو: "إن أهم ما يميز شعر الديف هو المباشرة والتلقائية. فأنت على المسرح تؤدي قصيدتك على هواك في اتصال حميم وعفوي مع الجمهور. لا حواجز ولا وسيط. شفيعك الوحيد على المسرح هو الشعر. إن هذه الثنائية، أعني "شاعر مقابل جمهور"، هي مكمن قوة هذه الحركة الشعرية وسبب ضليع في انتشارها".

وحين طرحت سؤالا عمّن عساه يقف وراء ظاهرة تعميم الشعر هنا في الولايات المتحدة الأميركية، وجعْله سائغاً ويسيراً، كدفق النبع، اتجهت الأصابع فورا لتشير إلى الفنان والمنتج الموسيقي الشهير راسل سايمون الذي بنى إمبراطوريته الموسيقية من خلال تشجيعه للفنانين الموهوبين من غير المشاهير ومجازفته بتسجيل أغنياتهم وطبعها على اسطوانات تقوم شركة الإنتاج الموسيقي التي أسسها سنة 1984 برأسمال لا يتعدى 8,000 دولارا بتوزيعها تحت اسم "ديف جام للموسيقى" Def Jam. وكان أول إنتاج له هو اسطوانة لمغن شاب له من العمر ستة عشر عاماً يدعى جيمس سميث، وبكلفة إجمالية قدرها 700 دولار. باعت الاسطوانة على الفور100 ألف نسخة وشكلت بالتالي القاعدة المالية والفنية لنجاح هذه الشركة التي هي اليوم من كبرى شركات إنتاج الاسطوانات في العالم. غير أن الملايين التي أخذ ينعم بها راسل لم تلهه عن اهتمامه بالكشف عن اتجاهات جديدة في الفنون وعن الوجوه الشابة الموهوبة التي تنقصها الفرصة، وعن الإنفاق بسخاء لتقديمها إلى الجمهور. لقد آمن، باستمرار، بالعلاقة القوية التي تربط بين الكلمة والموسيقى، وأنّ في اجتماعهما جمالاً عظيماً. من هنا ولدت لديه فكرة استقطاب الشعراء وتقديم أعمالهم في إطار مسرحي شيق وجذاب على خشبة مسارح برودواي وفي حركة شعرية جديدة أطلق عليها اسم مؤسسته الموسيقية فعرفت بشعر الديف.

لقيت هذه الحركة الشعرية المسرحية رواجاً وإقبالا غير متوقعيْن. مما شجع راسل على الانتقال بها إلى شاشة التلفزيون. ووقع عقداً لإنتاج برنامج شعري أسبوعي مع قناة HBO الترفيهية، يقدم لشعر الديف ولشعرائه. وقد حاز البرنامج على إعجاب الملايين من المشاهدين، وتُوّج في عامه الأول للعرض بنيله جائزة" بي بادي"Peabody للبرامج الأكثر مشاهدة وشعبية. مما شجّع القائمين على القناة على تجديد العقد للبرنامج عاماً آخر لموسم 2003.

هاهم الأميركيون الذين طالما تغنوا بأهمية البناء العضلي وكمال الجسد ميالون اليوم إلى إحياء طاقتهم الروحية من خلال الشعر. وهاهو لاعب فريق "نيويورك نيكس" New York Knicks لكرة السلة المحترف آلان هيوستن يلقي الشعر على شاشة تلفزيون HBO وعلى مسارح برودواي، ليكون الملهم لمئات من الطلبة الشباب في مدارس حي هارلم الذين أخذوا ينظمون حلقات شعرية في مكتبات الحي ومقاهيه ليرسموا أحلامهم وأيامهم بألوان الشعر.

في مدخل مسرح "لونغ إيكر" Longacre Theater النيويوركي حيث موطن شعر الديف وشعرائه من سهير حماد، إلى بوو سويا، إلي جورجيا مي وآخرون، تقرأُ العبارة التالية: "هنا احتفال الكلمات حيث يلتقي والت ويتمان بمايكل جاكسون" إشارة إلى لقاء مفترض لقطبين من أقطاب الشعر والموسيقى الأميركيين. لا يحدث هذا اللقاء في مكان من أماكن الغيب كون ويتمان الملقب بأبي الشعر الأميركي قد رحل عن عالمنا عام 1982، بل في جغرافيا الشعر حيث يتصل الأزلي بالمحسوس في وهج الكلمات.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان الثقافة
- شعر: أنثــى الســــؤال
- هاجس البيئة في سلطة الإبداع
- الهنود الحمر بين وهم الأسطورة و فعل المعاصرة
- تهجين الثقافات
- شعر قصيدة كواليس
- التعددية الثقافية
- المرأة.. ومحظور الفن


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - كونشرتو الكلمات