أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في أشغال الدورة التكوينية الثالثة لجمعية مقورن بمدينة تينغير، في إطار جبر الضرر الجماعي :















المزيد.....



الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في أشغال الدورة التكوينية الثالثة لجمعية مقورن بمدينة تينغير، في إطار جبر الضرر الجماعي :


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 01:21
المحور: حقوق الانسان
    


الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في أشغال الدورة التكوينية الثالثة لجمعية مقورن بمدينة تينغير، في إطار جبر الضرر الجماعي :

نظمت جمعية مقورن للتنمية، بمركز مقورن للمواطنة والديموقراطية، الكائن ب(تنصريت) ايت الحاج على قرب السوق السفلي بمدينة تينغير، ورشات تكوينية حول حقوق الإنسان، خلال الدورة الثالثة التي استغرقت ثلاثة أيام ابتداء من يوم الاثنين 25 من شهر يوليوز 2011 إلى غاية 27 منه. والمركز محدث في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي بشراكة مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، والاتحاد الأوروبي.
تأسست جمعية مقورن للتنمية بمدينة تينغير سنة 2006 ابتغاء التدخل في التنمية البشرية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والرياضي، وتحسين ظروف النساء والأطفال. ومن اهتماماتها التراث الثقافي بالمنطقة، جمعه وحفظه والاعتناء به. ولقد أقدمت على الجمعية على ترميم منزل القبيلة، الذي يدعى بالجنوب الشرقي المغربي المصرية (تنصريت بالأمازيغية)، وهو منزل تحول إلى شرفة الشاي،في القرن التاسع عشر، في جل القرى المحضنة. وتقع (تنصريت) بمدخل القرية المحصنة، تستقبل ضيوف القبيلة وتحتضن الاجتماعات، فوق أنها مكان الفرجة بامتياز. والمصرية مكان الذاكرة. قامت جمعية مقورن بترميم المصرية المذكورة، وحولتها في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي إلى مركز المواطنة وحقوق الإنسان، والواقع أنها مركز حفظ الذاكرة المادية والرمزية بمنطقة تودغى. أصبح مركز مقورن يحتضن أنشطة الجمعية، وهو مكان التفكير والتنادي. نأمل أن تنهج كل القرى الزراعية المحصنة بالجنوب المغربي نهج جمعية مقورن، حفاظا على الذاكرة المادية، ودفاعا عن التراث الثقافي المغربي.
تناولت الورشة التي نظمتها جمعية مقورن، والمشار إليها أعلاه، محورين، المحور الأول، في حصة واحدة، حول أسباب الرشوة بالمغرب المستجدات القانونية المرتبطة بها، والمحور الثاني في حصتين اثنتين، إحداهما حول الذاكرة والأخرى حول تينغير في كتاب (إملشيل الذاكرة الجماعية) الذي أعته جمعية أخيام في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي.
ولأن الوسط أمازيغي، فقد أريد أن يكون تأطير الورشتين باللغتين العربية والأمازيغية. وسننشيء التقرير باللغة العربية والاحتفاظ بالمتن الأمازيغي في الشعر.
1- الرشوة بالمغرب
أسباب الرشوة وآليات محاربتها والمستجدات القانونية في مجالها – الرشوة- مجال الورشة الأولى التي أطرها الأستاذ امحمد أيت وافلي، أستاذ زائر بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، وعضو المكتب الإداري بجمعية حماية المستهلك بالمغرب.
بين السيد امحمد أيت وافلي، في البداية، مجال الممارسة الذي شمل الشق النظري، والذي بسط فيه الرشوة بما هي ظاهرة اجتماعية أولا، وعمل إجرامي يعاقب عليه القانون المغربي ثانيا. وأما الشق العملي فهو للورشات الأربع التي انكبت كلها على دراسة أسباب الرشوة والحلول المقترحة لهذه الظاهرة. واختتمت الحصة بخلاصات تركيبية جمعت بإيجاز كل مقترحات الورشات، في ظرف زماني تجاوز ساعتين. وتخللت الحصة الأولى من الدورة التكوينية عرض روبورتاجين حول الرشوة بالمغرب.
في الشق النظري ذكر للرشوة بما هي (من ابرز الظواهر المتفشية في المجتمع المغربي) بشكل (يصعب معه استثناء أي ميدان منها، حيث انتشرت في مجال السياسة والإدارة والأعمال وغيرها). ولقد أضحى الناس يتعاملون معها (وكأنها ظاهرة عادية وطبيعية في المجتمع نتيجة اللاعقاب). وللتخفيف من وقعها أضحت تحمل أسماء مختلفة كالهدية والتدويرة والقهوة. وحسب السيد امحمد أيت وافلي أن الوقاية من الرشوة (أداة بناء اقتصاد تنافسي يضمن المجتمع تحقيق تنمية شاملة. إذ كيف للتنمية المستدامة أن تلتقي مع الرشوة والمحسوبية؟).
وتعمل الدولة المغربية على تخليق السياسة العامة لذلك (صادق المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة حول محاربة الفساد.... ونصبت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بتاريخ 20/12/2008)، ذكر السيد امحمد الكثير من اختصاصها. وعلى الرغم من هذه المجهودات ( لا يزال انتشار هذه الآفة في مجتمعنا يطرح أكثر من استفهام حول مستقبل هذا البلد الحبيب وقدرته على مواكبة تطورات العصر، وتحقيق أكبر معدلات التنمية). وأشار السيد امحمد إلى بعض الدراسات المنجزة حول الرشوة، منها ما يفيد أن 60 في المئة من الأسر المغربية اقترفت جريمة الرشوة، (وأن المغرب عرف تقهقرا في سلم ملامسة الرشوة)، ومنها ما يشير إلى المرتبة الوسطى التي احتلها المغرب من بين الدول العربية، والمرتبة التي احتلها في العالم بالأمس ويحتلها اليوم.
ولما بين السيد امحمد أيت وافلي الرشوة من خلال بعض المؤشرات والتوضيحات، طفق يبين الوقاية من هذه الآفة، مبينا ما يلعبه الزجر من دور (انطلاقا من أهمية الردع العام والخاص). وأفصح أن المشرع المغربي جعل الرشوة ( ضمن الجرائم الماسة بالثقة العامة)، وأدرجها في القانون الجنائي وضمنها في الفصول 248، 249، 251،252،253، 255، 256، 256 مكرر. والرشوة، فوق ذلك، ممقوتة في كل الشرائع الإلهية والوضعية لأنها (اتجار الموظف ومن في حكمه بالوظيفة الموكولة إليه..). ولبيان المجهودات المبذولة في محاربة الرشوة قام السيد امحمد باستقراء مواد الرشوة القانونية بما هي جريمتين، إحداهما للراشي والأخرى للمرتشي، فرأى أن بيانها يتوقف على بعض الشروط بما هي عناصر الجريمة:
- توافر صفة المرتشي الخاصة، كأن يكون موظفا عموميا، أو ضمن أعضاء المحكمة، أو الخبراء، أو الجراحين وأطباء الأسنان والمولدات في القطاعين الخاص والعمومي، والموكلين والعمال المستخدمين بأجر في القطاعين المذكورين.
- فعل مادي صادر عن المرتشي، طلب الرشوة، تسلم الرشوة (هبة، قهوة، حلوة.....)، إصدار شهادة زور (بيان، وثيقة، شهادة طبية ) مقابل رشوة.
- القصد الجنائي، أي النية الإجرامية لمرتكب الرشوة. وملامستها ضرورية للتعامل مع الفعل كجريمة عمدية.
- يشترط في الراشي عنصر النية، فقط، بدل الصفة.
- الاستجابة لطلب الرشوة، مفيد لأن الراشي يفرض الرشوة، في الغالب، على المرتشي.
وبعد ذلك فصل السيد امحمد أيت وافلي مستوى عقوبة الرشوة، مشيرا إلى الجنحي منها والجنائي، مع بيان الفصل بينهما. ولما يكن الغاية من الرشوة (القيام بعمل يكون جناية في القانون، فإن العقوبة لتلك الجناية هي التي تطبق، على مرتكبي جريمة الرشوة). واما (رشوة احد رجال القضاء [إن] أدت إلى صدور حكم بعقوبة جنائية ضد المتهم فإن مرتكبي جريمة الرشوة يعاقبون بنفس العقوبة).
عقب ذلك أورد السيد امحمد أيت وافلي البيان في ما استجد من التشريعات المغربية والمتعلقة مثلا بإعفاء الراشي من العقاب، في حدود معينة، بموجب مشروع القانون 03/79 لسنة 2004 (إذا بلغ السلطة القضائية بجريمة الرشوة قبل تنفيذ الطلب المقدم إليه).
وباختصار(وفي أطر الجهود الرامية إلى محاربة الفساد...) اجتهد المشرع المغربي في ( توفير الحماية القانونية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين في ما يخص جريمة الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ عبر تعديل قانون المسطرة الجنائية ) ويتعلق الأمر بمشروع قانون 37- 10 بشأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين.
وارتكز عمل الورشات الأربع على تشخيص أسباب انتشار آفة الرشوة بالمغرب والحلول المقترحة لمعالجتها.
أ- أسباب الرشوة : للرشوة أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ثقافية، وإدارية. تكمن الأسباب السياسية في غياب كل من الديمقراطية وشفافية العملية الانتخابية و حرية التعبير والإعلام (السياسة الإعلامية). وهناك أيضا عدم تفعيل المغرب بنود بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا المجال، وتفعيل قانون التصريح بالممتلكات. وسجل المشاركون في الورشات سيادة اللاعقاب، وعدم استقلال القضاء، وغياب الإرادة السياسية والمحاسبة والمراقبة. ووقفت الورشات عند سيادة منطق الولاءات، ولمست مشكل الحكامة الجيدة، كآخر سبب من أسباب الرشوة السياسية.
وأما الأسباب الاقتصادية فتتجلى في تدني الأجور، وارتفاع تكاليف الحياة، وضعف القدرة الشرائية، وسوء توزيع الثروات، وغياب المنافسة الشريفة والشفافية في تدبير الصفقات العمومية، إلى جانب تطور الرغبة في الثراء.
الأسباب الاجتماعية والثقافية رآها المشاركون في الورشات كامنة في ضعف كل من الوعي الاجتماعي بخطورة الآفة والوازع الأخلاقي والديني والتربوي، والثقافة الحقوقية، وفي تدني المستوى التعليمي، وغياب قيم المواطنة، وانتشار البطالة، مقابل الرغبة في الترقي الاجتماعي السريع.
الأسباب الإدارية أجملها المشاركون في الورشات في اعتماد مساطر إدارية معقدة، وتضخمها وعدم وضوحها، فضلا عن الشطط في استعمال السلطة، وبعد الإدارة، وانعدام كل من الضمير المهني، وتكافؤ الفرص في ولوج المناصب الإدارية، وغياب المسؤولية، وسيادة استغلال النفوذ.
الحلول كامنة في توسيع مجال الحريات (حرية التفكير والتعبير)، واستقلال القضاء، والتحسيس بخطورة الظاهرة: الأسرة، المدرسة، المجتمع، وتفعيل كل من دور المؤسسات والهيئات، و دور المجتمع المدني كهيئة رقابية، وتبسيط المساطر الإدارية.
2- الذاكرة الجماعية:
تناولت الحصة الأولى من المحور الثاني الذاكرة عامة، وذاكرة الجنوب الشرقي المغربي وخصوصا حوض تودغى بما هي واحد من مناطق جبر الضرر الجماعي بالمغرب. انقطع لتأطير الورشة كاتب هذا المقال (لحسن ايت الفقيه). ويعد موضوع الذاكرة بموضع تودغى معقدا لاستصحابه بثمانية إشكاليات:
أ- إشكالية الأولويات: الناظر في منطقة تودغى يلمس حياة الذاكرة، ولو في المجال الممدن تينغير (المدينة). وخير مثال على ذلك اجتماعنا في مركز مقورن للمواطنة، وهو مركز لحفظ الذاكرة لاختياره موضعا بمدخل القرية المحصنة أيت الحاج علي القديمة. ويبدو أن منطقة تودغى في حاجة إلى ممارسة الأرشيف Muséographie والأرشفة، وإلى البحث التاريخي، أكثر من حاجتها إلى إحياء الذاكرة.
ب‌- إشكالية التبني والتملك، حيث تقضي الذاكرة تملكها لجواز القول (الذاكرة ذاكرتنا)، لذا وجب التساؤل: من يملك ذاكرة تودغى اليوم؟ وبمعنى آخر، هل منطقة تودغى وحدة سوسيومجالية متجانسة؟ وبعبارة أبلغ في الدقة، هل المطلوب معالجة الذاكرة الجماعية، أم الذاكرة الجمعية بمنطقة تودغى؟(لا بد من مقاربة تشاركية، ومن نقاش واسع لتحديد المجال).
ج‌- إشكالية العلاقة بين الذاكرة والتاريخ بمنطقة تودغى: يصعب بيان ما ذا يمكن أن تقدمه الذاكرة للتاريخ، ويصعب تحديد العلاقة بين الصناعتين.
د‌- إشكالية تحديد منهج حفظ الذاكرة الجماعية (الجمعية) بمنطقة تودغى. ذلك أن المقال في المنهج يتقدم كل عمل ممكن في هذا المجال. ولتحديد المنهج لا بد من التحديد الدقيق للموضوع، ووضع تعريف الذاكرة يتقاسمه كل سكان المنطقة، ضمانا للتوافق والمصالحة بين الجماعات، لكي لا تضر ذاكرة زيد ذاكرة عمرو.
هـ - هل ذاكرة تودغى مرتبطة أساسا- وفقط – بالعدالة الانتقالية المغربية وضمنها برنامج جبر الضرر الجماعي؟ وهل من المفروض أن يرتبط إحياء الذاكرة، بكل مشروع يروم الإنصاف والمصالحة بين المواطن والدولة، أم أن للذاكرة غايات أخرى؟
و‌- وإذا كان من الجائز إخراج الذاكرة، ولو مؤقتا، من قيد جبر الأضرار الجماعية، فما هي الخريطة الواجب اعتمادها غير الخريطة التي رسمتها هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الأضرار بمنطقة تينغير؟
ح‌- ما دامت الذاكرة بالمنطقة- في نظرنا- تتمتع بالحياة، ألا يمكن توظيفها، بعد الحفر فيها، مدخلا لحاجات الحقوق الثقافية بالمنطقة، وهي حقوق لا يزال إعمالها متعثرا؟
ط‌- إذا كانت الذاكرة بمنطقة تودغى مرتبطة أشد الارتباط بالأنساق الثقافية، وبالحقوق الثقافية، والاشتغال فيها يندرج ضمن حماية حقوق الإنسان والنهوض بحقوق الإنسان، أليست الذاكرة، ذاكرة تودغى مرتبطة بمطالب أخرى كالديموقراطية والتنمية، والجهوية الموسعة، لاحتلال المنطقة موقعا استراتيجيا في الخريطة المقترحة لجهة درعة (درا) تافيلالت؟
كل هذه الإشكاليات كان من المنتظر أن على الورشة بالفشل، ومن الهزائم يصنع الانتصار، لكنها تؤطر مجال الاشتغال على موضوع (تودغى، من أجل ذاكرة محفوظة)، مع التسليم، مؤقتا، بأن تودغى وحدة سوسيومجالية متجانسة، يقوم تجانسها على هيمنة الأصل الصنهاجي الأمازيغي، في الحال، أيت تايرت التي تضم، أيت يزدك وأيت اسنان، وأيت تودغت (أهل تودغى)، فضلا عن عشائر ذات لباس صوفي طرقي (تيكورما) بالأمازيغية، وأقليات عرقية من أصول متنوعة. ويعد واد تودغى واحدا من روافد واد غريس، الذي يصب ماءه في رمال صحراء تافيلالت بالجنوب الشرقي المغربي.
وإنه من المفيد البدء من حيث يجب، في الحال، أي من العدالة الانتقالية المغربية لتقديم الورشة مجالها، الذي اغتنى بآراء المشاركين ومساهمتهم.
تناولت أرضية الورشة ثلاثة فصول.
تناول الفصل الأول بالإشارة سياق الذاكرة العام بالمغرب، ومنه العدالة الانتقالية مفهومها وأوجهها وإرهاصاتها ودواعيها، والأحداث المصاحبة لها، والعدالة الانتقالية المغربية مميزاتها وخصوصياتها. ومنه أيضا هيئة الإنصاف والمصالحة التي تجلت في أعمالها العدالة الانتقالية المغربية، حيث أشير إلى سياقها التاريخي ومهامها واختصاصاتها وأنشطتها. ومنه ثالثا جبر الضرر الجماعي أسسه ومقاربته ومساره وخريطته وأهدافه وآلياته التنسيقيات المحلية المحدثة بمختلف الأقاليم الإدارية المغربية التي تشتمل على مناطق جبر الضرر الجماعي. ومنه رابعا الذاكرة التي استدعت المناسبة الوقوف عندها كثيرا لبيان سياقها العام ومسار حفظها الإيجابي وبعدها الأفقي.
مكنت جلسات الاستماع العمومية ومئات الإفادات المسجلة والمحفوظة في أرشيفات الهيئة وعشرات الندوات المنظمة من لدن الهيئة أو المنظمات غير الحكومية من توسيع النقاش العمومي التعددي حول نصف قرن من التاريخ الوطني المغربي.ولا شك أن هذه الأنشطة سلطت الضوء على المسكوت عنه من تاريخ المغرب من بداية الاستقلال إلى سنة 1999. لذلك ظهرت مجموعة من المشاريع الخاصة بالذاكرة ضمن مشاريع جبر الضرر الجماعي وهي التي أطلق عليها يور1 IER1-، وعمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فضلا عن دعم المشاريع السالف ذكرها، على تنظيم بعض الأنشطة، بيانها كالتالي:
- عقد يوم تحسيسي حول (أماكن الذاكرة من اجل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان) بالرباط.
- يوم دراسي حول معتقل تزممارت صادف يوم 22/10/ 2008
- يوم دراسي حول معتقل أكدز يوم 30 يناير 2009.
- مساهمة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتعاون مع منظمات دولية في ندوة حول موضوع جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة) الرباط أيام 12-13 -14 فبراير 2009.
- ندوة حول موضوع الذاكرة والتاريخ والتوثيق بمقر المكتبة الوطنية بتاريخ 3 نونبر 2009.
- تنظيم يوم دراسي حول المشاريع الخاصة بحفظ الذاكرة بين الجمعيات المستفيدة من الدعم وفريق التاريخ والأرشيف والذاكرة- 4 دجنبر 2009.
- تنظيم ندوة حول الذاكرة البصرية بمدينة طنجة 6/01/2010
- تنظيم رحلة إلى المعتقل السري بأكدز بمشاركة حقوقيين وباحثين ومعتقلين سابقين في يناير 2009
- ورشة دراسية لبناء مشروع حول المعتقل السري أكدز مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية.
- إعداد كتيب حول ذاكرة نساء سنوات الجمر والرصاص.
- إعداد كتاب حول إملشيل الذاكرة الجماعية.
واتخذ العمل في الذاكرة بعدا أفقيا بفعل بعض الشراكات بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبعض الشركاء المعنيين بالذاكرة. من ذلك توقيع اتفاقية الشراكة مع جامعة محمد الخامس أكدال في يناير 2010، وتوقيع اتفاقية الشراكة مع المركز السينيمائي المغربي، وتوقيع اتفاقية الشراكة مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتاريخ 22 يونيو 2010، وإبرام اتفاقية شراكة مع وزارة الثقافة يوم 15 شتنبر 2010 تهم مجالات حفظ الذاكرة والتأهيل الثقافي للمناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي. وفي سياق هذا التراكم يأتي برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجالات الذاكرة والأرشيف والتاريخ(IER2). ويهدف البرنامج إلى تعزيز مسار إرساء الديموقراطية، وإعمال حقوق الإنسان، وتيسير تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، في مجال حفظ الأرشيف، والبحث التاريخي، ونشر المعارف حول التاريخ الراهن للمغرب وتعميمها، والحفظ الإيجابي للذاكرة. وينتظر من البرنامج حفظ أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ما بين 1956 -1999، وتيسير استعماله من لدن الباحثين، والعمل على انطلاق الاستراتيجية الوطنية لإعادة تنظيم الأرشيف وتحديثه، وتشجيع البحث التاريخي، ونشر المعارف، حول التاريخ الراهن وتبسيطها، دون إهمال تطوير إعمال حفظ الذاكرة.
تضمن الفصل الثاني ثلاث محاور، مفاهيم الذاكرة وفلسفتها.
وإنه من الصعب تحديد الخصائص النوعية للذاكرة تحديدا جامعا مانعا. لذا فالتعريف العلمي للذاكرة غير ناضج في الحال. وبالمقابل يمكن بيان مفهومها من خلال دواعي الاهتمام بها ومميزاتها عن التاريخ، والتاريخ الراهن.Histoire du temps présent، ومما يميز الذاكرة عن التاريخ أن وظيفتها تقضي تنمية الشعور لدى المواطنين بالانتماء إلى جماعة سياسية أو عرفية تؤمن بالحق والواجب، وأنها تتجلى في الأوهام والأحلام، وفي القصص والملاحم البطولية والأشعار( المقاوم زايد اوحماد- شعر ابراهيم النهو بإملشيل)، وأنها منظومات من القيم والرموز، وأنماط للتفكير والتعبير. ويمكن ملامسة الذاكرة في الأماكن والمآثر المادية، والتقاليد الشفاهية وطقوس الانتصار أو الخوف والتحصين. وباختصار تتميز الذاكرة بالخصائص التالية:
- الذاتية لأنها تنحصر في اليومي والمعيش وبالتالي يجوز تملكها (الذاكرة ذاكرتنا).
- الطابع الذاتي للذاكرة جعلها تلتهم التاريخ (الدولة الوطنية- تاريخ بلجيكا).
- المستقبلية: تتميز الذاكرة باستمرارها في الحاضرة وامتدادها في المستقبل(ذاكرة معتقل تزممارت، النصب التذكارية).
- التغيير: تتغير الذاكرة تبعا للتغير السياسي في الدولة الحاكمة، وتغير الرموز الثقافية والتحولات الاجتماعية (رفع علم ليبيا قبل 1967، في الأحداث الحالية).
- النسيان: يفترض في الذاكرة النسيان لأنها الماضي في الحاضر، والنسيان ضروري لتجاوز بعض العقد، من ذلك نسيان فرنسا حكومة فيشي إلى حدود وقت متأخر، حيث أقدمت في الثمانينات من القرن الماضي على اعتمادها ضمن المقررات الدراسية.
- الذاكرة جزء من القصة لتضمنها أبطالا واقعيين ووهميين.
- اعتماد الذاكرة على المخيال: الرسوم، الإبداع، الفن، الغناء (الطوابع البريدية).
- غرس الصورة والموضوع في المشخص
- الذاكرة أن جماعة معينة تتذكر ماضيها وتسعى لتعطيه تفسيرا، ومعنى في الحاضرAnnette Viviorka (سبب تسمية تودغت بهذا الاسم).
ومما يميز التاريخ أنه على عكس الذاكرة لا يجوز تملكه أي القول التاريخ تاريخنا فوق أنه عام، وإن نسب إلى جماعة ذات خصوصية إثنية معينة ينعت بالذاكرة التاريخية.وبعبارة أخرى، إذا كانت الذاكرة ذاتية فالتاريخ موضوعي يروم الحقيقة، حيث يهدف التاريخ إلى احتضان الذاكرة واعتمادها أداة للتحقيق من الخبر (الذاكرة تخدم التاريخ). ومن جانب آخر، لا تعتمد الذاكرة على التاريخ لأنه يبحث عن أسباب الحدث، في حين تحاول- الذاكرة- تفسير الحدث تفسيرا ذاتيا لخدمة إيديولوجيا معينة. وينظر التاريخ إلى المجتمع والقبيلة ككيان قائم، والذاكرة تفترض وجود ذلك الكيان الذي يسمى المجتمع والقبيلة أو الدولة. وتلك هي بعض المفاهيم المبينة للذاكرة. وتتضح الذاكرة كمفهوم فلسفي من خلال أدابيات المنظرين لها. حيث ولدت في أحضان السوسيولوجيا والأنثربولوجيا قبل انتقالها إلى التاريخ والسياسة. واقتصر في الأرضية على ذاكرة موريس هالبواكس وذاكرة بيير نورا، ومنظور هيئة الإنصاف والمصالحة.
لقد كان من المفروض في الذاكرة أن تكون فردية لعلاقتها بالحلم والخيال وبالتذكر. ولقد سبق للفيلسوف الإغريقي أفلاطون أن جعل المعرفة تذكرا والجهل نسيانا. ومع مرور الزمان تبين أن للذاكرة مضمونا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، فبات جائزا الحديث عن الذاكرة الجماعية. وحتى المعرفة ذاتها اتخذت بعدا سوسيولوجيا فظهر ما يسمى سوسيولوجيا المعرفة، وظهر ما يسمى علم الاجتماع النفسي. ومع اتساع رقعة الحروب وتنوع أشكال الاحتلال، والحماية وتطور أساليب القهر واهتمام الفلسفة بالإنسان، وانقطاع التاريخ لدراسة المجتمعات بدل الأشخاص والأسر الحاكمة، ظهرت الذاكرة الجماعية كمفهوم. وكان أول من أثر في الأبحاث الحديثة حول الذاكرة عالم الاجتمــاع الفرنسي موريس هالبواكس. واعتبر موريس هالبواكس أن عمليـة التذكــر الفردية لا يمكن أن تتم إلا فــي إطار اجتماعـي محـدد. وفي كتابـه « الإطارات الاجتماعية للذاكرة » Les cadres sociaux de la mémoire بيان علاقة الذاكرة الفردية بوقائع المجتمع. وبالاستئناس بكتابات هالبواكس يصح القياس بأن للقبائل المغربية في الأوساط المعلقة ذاكرة جماعية يمكن الحفر فيها (ذاكرة أيت تايرت الذين سكنوا تودغى منذ القرن الحادي عشر الميلادي). وفي السياق الفلسفي للذاكرة عند هالبواكس تنشيء كل قبيلة نسقها الثقافي الذي يعد مرجعا محددا لهويتها الثقافية وشخصيتها المعنوية. كما اعتادت بعض القبائل ودأبت على تنظيم مناسبات للتذكر تمارس فيها الطقوس الاحتفالية كالأعراس والجنائز، وبعض المواسم الزراعية التي توافق في الغالب اليومية الفلاحية المغربية بالتقويم الجولياني. وإنه من خلال الطقوس الاحتفالية، ومن ضمن النسق الثقافي تنشط الذاكرة القبلية باحتفاظها على بعض الاستمرار الذي يميزها بالطبع عن علم التاريخ (طقوس الانتصار، الشوق إلى الحكم والتوسع، الدفاع الذاتي). ويختلف النسق الثقافي عن الذاكرة بكونه ثابتا متنافيا والديمومة والسيروة. والنسق الثقافي وعاء الذاكرة والعكس غير صحيح. قد يرجع النسق الثقافي إلى ماضي القبيلة البعيد. وأما الذاكرة فتمتد في الماضي شأنها شأن النسق الثقافي لكنها تتصف بالدينامية والاستمرارية وطالما يعاد إنشاؤها إن طالها النسيان.
الذاكرة جملة من الأفكار والرؤى والأحاسيس المحفوظة من الماضي يتشارك فيها ويجمع عليها عادة معظم أفراد مجتمع ما، وتعتبر هذه الذاكرة جزءاً من عملية بناء المعنى والعبر من الماضي. وباختصار ربط هالبواكس في دراساته حول الذاكرة الجمعية الذكريات الشخصية للفرد بالمجتمع الذي ينتمي إليه، واعتبر أن الإطار الاجتماعي ـ والذي تُنشئه ثقافة مجتمع ماـ يسهر على وضع نسق جمعي يجعل الخبرات الفردية قابلة للتذكر وللتأويل
ويؤسس هالبواكس نظريته على أساسين:
- الهوية الجماعية بماهي نتيجة للتفسير المشترك للماضي الخاص بتلك الجماعة.
- الفصل بين الذاكرة الجماعية والجمعية.
وأما بيير نورا فيقول:(كثر الحديث في عصرنا هذا حول الذاكرة الجمعية، وهذا مرده أصلا إلى غيابها المطلق، أي أنه لم يعد هنالك وجود لشيء يحمل هذا الاسم). ويعنينا أنه استبدل- نورا - الذاكرة الجمعية بأماكن الذاكرة التي تشمل (أمكنة جغرافية وبنايات وتماثيل وأعمال فنية، وأيضا شخصيات تاريخية وأيام تذكرية ونصوص فلسفية وعلمية وأنشطة رمزية، وغيرها).
وخلاصة القول، فإن للذاكرة ثلاثة أبعاد:
- البعد المادي يشمل أيضا أحداثا تاريخية حاسمة أو دقائق صمت لإحياء ذكرى شخص ميت تتوفر أيضا على بعد مادي جلي لأنهاـ كما يعتقد نورا ـ عبارة عن “مقطع مادي” محدد من فترات ووحدات الزمن
- البعد الوظيفي: تؤدي وظيفة ما في الحياة (تحويل المعتقل إلى مركب سوسيوثقافي).
- البعد الرمزي: أي حاملة لمعنى رمزي معين.
وساهم عمل هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية على إثارة موضوع الذاكرة في علاقتها بالانتهاكات الجسيمة لحقوق، في الحاضرة والبادية مضمنة في برنامج جبر الضرر الجماعي. نقتطف من تقريرها الختامي بعض العبارات لنرى ما إذا كانت تتناسب ومفهوم الذاكرة كما بيناه سالفا.
(حفظ الذاكرة مكون رئيسي في مقاربة جبر الضرر الجماعي)(ص98 من الكتاب الأول، من التقرير المذكور). وورد في خطاب الهيئة مفهوم الذاكرة الجماعية (ص108 من الكتاب الأول). وطالما ربطت الهيئة الذاكرة بالهوية المشتركة باعتبارها مقوما من مقومات الأمة ( الذاكرة الجماعية). تهدف الذاكرة لدى الهيئة كشف الحقيقة وإقرارها تحت شعار (لكي لا يتكرر هذا). ولأن للذاكرة الجماعية ارتباطا وثيقا مع المصالحة فقد عملت الهيئة على توسيع دائرة المستفيدين من برنامج جبر الضرر الجماعي. وتكون الهيئة قد أعطت الذاكرة المصالحة بعدا اجتماعيا وثقافيا. وتوخت هيئة الإنصاف والمصالحة من مسار الكشف عن الحقيقة....الشعور بالمواطنة... والإسهام في النهوض بفهم المجتمع لأحداث الماضي (ص 108- من الكتاب الأول). وقامت الهيئة بتنظيم سبع جلسات استماع عمومية من أجل استرجاع كرامة الضحايا ....وحفظ الذاكرة الجماعية (المرجع نفسه). كما عقدت لقاءات مفتوحة للتشاور...فيما يتعلق بالسبل الكفيلة بجبر الضرر الجماعي. ... وضمان مصالحة المواطنين مع مجالهم وتاريخهم في العديد من المدن والقرى المغربية (ص109- من الكتاب الأول). وأقرت الهيئة أن الحفظ الإيجابي للذاكرة يقضي المصالحة مع التاريخ.وتقضي المصالحة مع التاريخ إزالة العراقيل التي تحول دون البحث في هذا التاريخ (ص111-من الكتاب الأول).. مما يستوجب مراجعة شاملة للأرشيف وخلق اهتمام وطني لدى المعنيين بضرورة تنظيمه.
وفي إطار برنامج تسوية مخلفات الاختفاء القسري عملت الهيئة على بلورة مقاربة جديدة لحفظ الذاكرة تستهدف اقتراح تحويل مراكز الاعتقال السابقة إلى مشاريع منتجة وحافظة للذاكرة (ص111- من الكتاب الأول).
ومن المفيد التأمل في منظور هيئة الإنصاف والمصالحة لتمييزه. ذلك أن الهيئة لم تفلح في تحديد كل النطاقات المتضررة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتلوينها وتمثيلها كارتوغرافيا. كما نظرت الهيئة للذاكرة على أنها ذاكرة تاريخية في بعض الأحيان وعلى أنها تاريخ راهن في أحايين أخرى. ولم تفكر في التعامل مع المناطق الجغرافية المتضررة بنفس القياس الذي تعاملت به مع قضايا الأفراد. وبالمقابل لم تربط الذاكرة بوحدات سوسيوثقافية متجانسة لإعطاء المصالحة بعدا اجتماعيا ثقافيا فمن ذلك مثلا، لم تتضح حدود مجال الذاكرة في معتقل كرامة وبمحيط قصبات لكلاوي بالجنوب الشرقي المغربي. وإنه من الصعب التعامل مع الذاكرة بدون تحديد التجانس السوسيوثقافي بالوسط. وأغفلت الهيئة الفصل بين الذاكرة المعمارية المادية والذاكرة الرمزية الثقافية، فمحيط معتقل تزممارت غني بالرموز الثقافية التي عاصرت المعتقل في أوج نشاطه. وبمعنى آخر، فالمعتقل ليس ذاكرة مادية بل هو أيضا ذاكرة رمزية ثقافية في مجال جغرافي يكاد أن يغطي الأطلس الكبير الشرقي وأعالي ملوية. ومما أهملته الهيئة- أيضا- عدم التحديد الدقيق لخريطة أماكن جبر الضرر الجماعي بما هي أماكن للذاكرة يراعى فيها التجانس المجالي والإثنوغرافي والتاريخي. كما أن اعتماد التقطيع الإداري في التعاطي مع الذاكرة غير مفيد لأنه لا يضمن التجانس الشفاهي والتسيير الموحد لهذا الشأن. وأهملت الهيئة كذلك عدم التحديد الدقيق لخريطة أماكن جبر الضرر الجماعي، بما هي أماكن الذاكرة يراعى فيها التجانس المجالي والإثنوغرافي والتاريخي. كما أن اعتماد التقطيع الإداري في التعاطي مع الذاكرة غير مفيد لأنه لا يضمن التجانس الشفاهي والتسيير الموحد لهذا الشأن. ونسيت الهيئة استحضار التمييز بين مجالين غير متجانسين للذاكرة، مجال المعتقل الداخلي ومجاله الخارجي، مما يطرح إشكالا في الاشتغال بمجال الذاكرة. وكان أولى بها أن تقوم بالحفر الجيد في مفاهيم الذاكرة وملاءمتها والثقافة المغربية.
الفصل الثالث من الأرضية انصب على ذاكرة واد تودغى وتاريخه. ولأن الجغرافيا تصنع التاريخ فإن للموقع الاستراتيجي للمنطقة عدة دلالات، منها أن تودغى جزء من المجال الوظيفي / الثقافي الجبلي حيث وردت في بعض الأشعار الأمازيغية ما يفيد الدفاع عن تينغير (تودغت). ولعبت تودغى دور الوسيط التجاري بين الجبال وسجلماسة وهي درع فاصل بين أحواز سجلماسة وسوس الأدنى. وتعد المنطقة خزانا ثقافيا أمازيغيا لقدم الاستقرار البشري بها. ولتطبيق مفاهيم الذاكرة اقتصر على مجال واحد، النص الشعري للشاعر الأمازيغي إبراهيم النهو:
A ci zzurgh a ya marzuqq ay ajebbar
Grati lpent afella n imi
Amm ugalzim
Tgit a tdught amm yet tgziwt
Mmi zill lamtal d idvudvane
A ta ku ca ren acmawin
Ittel watunw a ta cm issegman
Hdvu cemm labxur d izuran
Tahdvut nwar amm udida
Unna nn iddan acm igjem
Amm iriban tagtas timanza
Pan uhliddu iarrad digm
Pan Aglwwu isawl digh
Addan amd imatrawn
Da tmyacall laqqum tifednin
Pa can tamghart g tazgi
Nnighas ddu attughult a atti
A ta pan tagutt g iberdan
pat uram ishi uyeddgh llizar
Tenna yi tdught agd inedda
Pat ur iqqimi ghes iyidar
Tcin ieskriyn iferxan
Tcinag wudayn imendi
Yiwicm bba Ali
A ta ginam i tmaghrannm ahidus
Iraram tizil n izergan
Igam I tmaghran m izebgan
Hdvu cemm labxur d izuran
Tahdvut nwar amm udida
Unna nn iddan acm igjem
Amm iriban tagtas timanza
تفسيره:
بدأت باسمك أيها الجبار
دعم فمي بالفولاذ كما
يدعم – الحداد- المعول
تودغى:إنك تشبهين امرأة جميلة
جميلة الخلق حسنة الفعل
كل يريد أن يملكك
لذلك أقلقت دوما راحتي
لأني أبوك، سهرت على تربيتك
اهتم أنت بالبخور والعطور والأنوار
أيتها المهرجة (كثيرة الكلام)
من طوعت له نفسه أن يدخل مجالك
لن تترددي في إقباره[ومعلمة قبره بشاهدين اثنين]
سئمت منك قبيلة أيت حديدو،
وأعلن الكلاوي [المدني]عن غزوك
كثر الطلب عليك لإخضاعك
وازدحم الغزاة بين ظهرانيك)
لقيت امرأة عجوز في تيزكي[شمال تودغى]
قلت لها: (عمتي، انقلبي على عقبيك
ارجعي ورائك إلى مسكنك.
المطر يهطل
لباسك رث، لا يقاوم البرد).
قالت:(جئت من تودغى
لم يبق فيها سوى الجدران،
أكل الجنود التمر واهلكوا النخل
وأكل اليهود ا الزرع
ولا شيء بالواحة).
تزوج بك المدعو باعلي
وهيأ لعرسك أحيدوس (رقصة امازيغية)
ونصب المطاحن[لطحن كل شيء]
واشترى لك الأساور
[وإنك تتذكرين هذه المحنة]
لذلك لم تستفيدي من ذاكرتك
فاهتم أنت [واستمري في الاهتمام] بالبخور والعطور والأنوار
أيتها المهرجة (كثيرة الكلام).
يعود هذا النص الشعري إلى العشرينات من القرن الماضي لأن صاحبه الشاعر الأمازيغي إبرهيم النهو، توفي سنة 1934 عشية احتلال المستعمر الفرنسي قرية بوزمو، بالأطلس الكبير الشرقي. وفي النص ذكر للمرأة الجميلة [تاكزيوت]، رمز الكمال على مستوى الخلق والمهارة، ورمز الموقع الاستراتيجي لتودغى لاشتهارها قديما بصناعة الخزف، والصناعات الأخرى منها سك النقود حسب الرواية الشفوي، وصناعة البارود. وبالتالي فهي محط الأطماع. ولأنها تلعب دور الوسيط التجاري بالجنوب الشرقي المغربي لذلك تروج بعض البضائع كالحناء، والنوار، والبخور، ولها دراية كبيرة بالأعشاب الطبيعية. وهي موطن الشعراء والعافين ، لذلك كثر الكلام فيها وعنها. وقد يدل الكلام عن العمران. وتظهر تودغى لقبائل المحيط أنها موطن يسهل احتلاله. لكن من دخلها يدخل القبر ويمعلم قبره بشاهدين، (تيمنزا) بالأمازيغية، وتلك إشارة إلى قوة الدفاع الذاتي لدى سكان تودغى . وعلى الرغم من ردعها الغزاة كثر الطلب عليها حيث غزاها الكلاوي [أكلاو] سنة 1900، وحاولت أيت حديدو غزوها في وقت يصعب تحديده. وأشير في النص الشعري إلى تزكي، وهو تجمع قروي بشمال تودغي لكنه يعني تزوكت، أي حزام الرصاص. ولم تصمد تودغى كثيرا حيث انهزمت أما جيش علي بن التهامي المدعو باعلي 1920 وأمام الجيش الاستعماري بدعم من القائد الإقطاعي الكلاوي، بعد ذلك بقليل. وللتحالف اليهودي الفرنسي دور غير منكور في إضعاف مقاومة تودغى.
وورد في الأرضية ان تودغى منطقة محاطة ببعض القوى القبلية والطرقية، أيت عطا في الجنوب، وأيت حديدو في الشمال، وأيت مرغاد في الشمال الشرقي، وأيت سدرات في الغرب، والزوايا في الشرق. ولقد جعل المد القبلي تودغى وسطا عرفي بامتياز.
وحددت الأرضية أماكن الذاكرة بتودغى،حسب تعبير بيير نورا، وهي على سبيل المثال:
- كل المواطن الممثلة في خريطة جبر الضرر الجماعي.
- مواطن القيادات التقليدية أماكن للذاكرة لأن هذه القيادات لما قامت به من اغتصاب للحقوق الفردية والجماعية ساهمت في قمع كل تمر في الحال والمآل مما ضمن سرية المعتقلات غير النظامية التي استضافت معتقلي الرأي ، وهنا يجب الاستشهاد بقيادة لكلاوي.
- استحضار الأنساق الثقافية للقبائل في الكونفيدراليتين أيت ياف المان، وأيت عطا، مفيد في إنشاء الذاكرة لارتباطها بالهوية الثقافية المحلية، فوق أنها أماكن للذاكرة بتعبير بيير نورا.
- أنساق أيت سنان، أيت تودغت، أيت يزدك، حاضرة بقوة.
- الأيام التذكارية والمواسم بمثابة مجالات للذاكرة أو أماكنها حسب تعبير بيير نورا.
- المكتبات ومواطن الأرشيف (التفكير في ارشيف تودغى).
- ثقافة الدفن والقبورية مفيدة في الذاكرة.
- النظم العرفية (الأعراف- الكونفدرالية القبلية- الرموز السحرية).
- المآثر التاريخية المتواجدة بالمنطقة أماكن للذاكرة يجب الاعتناء بها وترميمها
- لا تزال الطوبونيميا تحافظ على الذاكرة من ذلك تزكي، تودغت، أيت أوجانا، تينغير.......
- للزوايا دورها في إنشاء ذاكرة المنطقة لأن هذه المؤسسات الدينية لا تلتزم الحياد في كثير من الأحيان. ففضلا عن احتضانها لأرشيف المنطقة ساهمت الزوايا في نشر ثقافة الاستسلام والتمرد.
- تودغى بلد الجذور (ايت يزدك صنهاجة، أيت حديدو، موطن زناتة).
- تحتضن تودغى مقومات التبرك الأمازيغي. جبال شامخة، فج عميق وضخم بمثابة مزارصخري (للآن)، مزارات مائية، مرتبطة بالأضرحة.
ودعمت هذه الأماكن والمجالات بمقترحات المشاركين في الورشة. فكانت الخلاصات كالتالي:
- الانتقال من الذاكرة إلى الحقوق الثقافية، علما أن إعمالها ناقص.
- المطالبة بمتحف جهوي للجنوب الشرقي بمدينة تنغير.
- تسجيل النقص في مجال التاريخ والأرشيف.
- تسجيل تمتع ذاكرة تنغير الجماعية بالحياة بحيث يجب حفظها بدل إحيائها...
- تنظيم أوراش مفتوحة حول حفظ الذاكرة بالمنطقة.
- اعتماد رموز تذكارية محلية بدل استيراد تذكارات خارجية.
- جمع التراث الشفهي للمنطقة وكذا التقاليد الشفاهية.
- تحديد كل مجالات الذاكرة بالمنطقة (المعمار – الأزياء – الأعراف – الشعر).
- التحسيس بممارسة المتحف La muséographie
- صيانة التراث الثقافي عامة والاعتناء به.
- الانفتاح على محيط المنطقة (الريصاني – أيت عطا – أيت حديدو...).
- اعتبار قصبة الكلاوي بتنغير مكانا للذاكرة.
- تفعيل البحث الأركيولوجي.
3- تجارب الذاكرة بالجنوب الشرقي المغربي
موضوع الحصة الثالثة من الورشة التكوينية (تودغى من خلال كتاب إملشيل الذاكرة الجماعية)، وهي تخص، في الواقع، عرض تجارب الذاكرة بالجنوب الشرقي المغرب لبيان معالم المسار المراد سلكه لحفظ ذاكرة تودغى. ولقد انقطع لتأطير هذه الورشة كاتب هذا المقال (لحسن ايت الفقيه)، في اليوم الثالث من الدورة التكوينية، 27/07/2011. وكان تصنيف الأرضية في المحاور التالية:
أ‌- لمحة عن تجارب الذاكرة
ساهم الجنوب الشرقي المغربي في تأسيس ممارسة الذاكرة المغربية، ومرد ذلك إلى ثلاثة عوامل:احتضانه معتقلات سرية (جل المعتقلات السرية)، ومواقع الحدث، ومساهمته في صنع ذاكرة المناطق الأخرى، علما أن الجنوب المغربي هو صانع تاريخ المغرب. لذلك لا بد أن تكون تجارب المنطقة مرجعا لكل ممارسة في الذاكرة بالمغرب. ومن التجارب المفيد استحضارها:
- الورشة الدراسية لحفظ ذاكرة تزممارت:
نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يوم 22 دجنبر 2010 بالرباط بتعاون مع جمعية ضحايا معتقل تزممارت والمركز الدولي للعدالة الانتقالية ورشة دراسية حول حفظ الذاكرة بمنطقة تزممارت. وهدفت الورشة، كما قال السيد أحمد حرزني، إلى (بناء تصور عام توافقي لحفظ الذاكرة يأخذ بعين الاعتبار من جهة التجارب الدولية ومن جهة أخرى وجهات نظر مختلف الفاعلين من منظمات حقوقية وإدارات ومصالح ومتخصصين دون إغفال الضحايا المباشرين). ومن خلاصاته، تحقيق المصالحة التفاعلية والإيجابية مع المكان والتاريخ وبين مكونات المجتمع، وتحويل السجن السري إلى فضاء مندمج في محيطه الاجتماعي والثقافي يحفظ الذاكرة ويتتبعها، وجعلها فضاء لتدوين تاريخ الانتهاكات الجسيمة وله مكانته كمكون من مكونات تاريخنا المعاصر. لذلك سجلت الورشة، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التجارب الدولية وآراء الفاعلين والضحايا المباشرين في أفق تحقيق مصالحة تفاعلية وحفظ إيجابي للذاكرة، وضرورة الربط بين حفظ الذاكرة ومتطلبات التنمية. ومن الخلاصات أيضا، الأخذ بعين الاعتبار توصية هيئة الإنصاف والمصالحة حول الأرشيف، والاستمرار في عملية حفظ الذاكرة بارتباط مع الضحايا والساكنة وإقامة النصب التذكارية وترميم المواقع وصيانتها، وقراءة التاريخ وإعادة قراءته وتدريسه وتعميمه وتبسيطه، وإنجاز فيلم تركيبي حول ذاكرة تزممارت. ولم تغفل الورشة التركيز على تحسيس جميع القطاعات الحكومية باعتبارها معنية بحفظ الذاكرة، وتوفير أرشيف خاص بتزممارت، وإعداد مكتبة تضم كل ما أنتج عن تزممارت ومعتقليها، وتنظيم رحلات مدرسية إلى عين المكان، وتنظيم مهرجانات موسيقية ومسرحية وسينيمائية ومسابقات ثقافية في المنطقة.
- تجربة حفظ الذاكرة ومصالحة النساء السونتات: تندرج التجربة في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ويهدف إلى جبر الضرر الجماعي على مستوى قصر (دوار) السونتات مسقط رأس فاضم وحرفو إحدى ضحايا سنوات الانتهاكات الماضية التي عرفتها السونتات في بداية مارس من سنة 1973.وهو مشروع مواز لمشاريع جبر الضرر الجماعي . انقطع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة لتمويله. ورام المشروع تحقيق أربعة أهداف:
- السعي إلى تحقيق المصالحة مع الماضي بحفظ الذاكرة الجمعية.
- الرفع من منزلة المرأة بقصر السونتات.
- إدماج المرأة في مسلسل التنمية.
- تشجيع تمدرس الفتاة.
ويتمحور المشروع حول تكوين النساء القرويات وإعلامهن بكل مستجدات التنمية في إطار المشروع، محو الأمية في صفوف النساء. ولقد استفادت منه 49 امرأة في ظرف عشرة أشهر. ومن غايات المشروع تنمية دخلهن بإدماج نشاط نسج الزرابي في المشروع، وهو نشاط يهدف فوق ذلك إلى إحياء التراث الرمزي بمنطقة السونتات. وقد تطوعت حوالي 50 امرأة بقرية السونتات لإنتاج الزرابي وتسويقها، وتشجيع تمدرس الفتاة القروية.
ومن المفعولات المنتظرة من المشروع أنه تمكن من خلق دينامية محلية لتعبئته لثلاث جمعيات وتعاونية نسائية، وفتح نقاش عنيف ومشاكس حول جبر الضرر الجماعي، وفتح مجالا للمرأة للانخراط إن في محو الأمية أو في الإنتاج الموجه للسوق.
ومن المفعولات غير المرغوب فيها أن السكان شرعوا ينتقدون المشروع بعد إطلاق اسم فاضم وحرفو وفي زعمهم أن قيمة المشروع الهزيلة لا تشرف روح الهالكة فاضم وحرفو. ولئن كان المشروع موازيا لبرنامج جبر الضرر الجماعي فقد أضحى في نظر السكان جامعا شاملا وكأن لا شيء بعده. ومن جانب آخر، لم يلامس المشروع الذاكرة إلا في ثلاثة أنشطة:
- صناعة الزرابي وهي صناعة محلية مرتبطة بذاكرة النساء في منطقة إملشيل. وتعد الشهيدة فاضم وحرفو من صانعات الزرابي قبل اعتقالها سنة 1973. والاهتمام بالزرابي يعني الاستمرار في تذكر واحد من أنشطة الشهيدة فاضم وحرفو.
- الرحلة إلى أكدز: في هذه الرحلة اكتشفت فتيات إملشيل أن إحداث لوحة شاهدة على قبر فاضم وحرفو تكريما لها وإنصافا يعد بمثابة تذكار يهدف إلى الحفظ الإيجابي للذاكرة.
- تكمن الذاكرة أيضا في زيارة المعتقل الذي سجنت فيه السيدة فاضم وحرفو وأناس آخرون مما يفيد أن للحدث علاقة بالذاكرة الجمعية، ذاكرة الأشخاص والأماكن والأحداث. فذاكرة معتقل أكدز امتداد لذاكرة إملشيل أيضا. وبينت زيارة المعتقل إمكانية الحفظ الإيجابي للذاكرة الجمعية والذاكرة التاريخية. ذلك أن معتقل أكدز بناه القائد لكلاوي على شاكلة قصبة تمنوكالت القرية القائدية بالجنوب الشرقي المغربي،مما يفيد أن الذاكرة بالجنوب الشرقي المغربي كل لا يتجزأ فمن ذاكرة الأشخاص إلى ذاكرة الأماكن،يظهر نسقي ثقافي يبيح التعاطي وشأن الذاكرة في نطاق جغرافي واسع، يشكل مدخلا لتحديد مجال البحث في التاريخ الراهن.
- موسوعة التراث الشفوي: أقدم اتحاد كتاب المغرب فرع الرشيدية على جمع التراث الشفاهي بإقليم الرشيدية. وكلف لجنة علمية لتشرف على الكتاب. اهتم فريق البحث بمواضع جبر الضرر الجماعي غير البعيدة عن تودغى (أيت عطا، أيت حديدو أيت مرغاد). لكن، للأسف، لم يتمكن مشروع تدوين التراث الشفاهي من التغطية الكاملة لحوض كير. ولا يزال تدارك الأمر مهمة يحس بها كل من اتحاد كتاب المغرب فرع الرشيدية. ويراود اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية تعميم التجربة على الجنوب الشرقي المغربي.
صدر الكتاب المذكور(التراث الشفاهي بتافيلالت الأنماط والمكونات سنة 2008) لكنه لم ينزل السوق إلى غاية دجنبر 2009. ويتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء، الجزء الأول والثاني خصصا للمتن العربي والثالث يشتمل على المتن الأمازيغي. وهو كتاب مفيد جدا لذاكرة الجنوب الشرقي المغربي.
- مجلة ذاكرة حية، مبادرة إيجابية في عمل الذاكرة بالجنوب الشرقي المغربي: أصدر (منتدى بني زولي للتنمية والتواصل)، بقصر (دوار) بني زولي بإقليم زاكورة جنوب المغرب، ثلاثة أعداد من مجلة (ذاكرة حية)، مضمنة في مجلدين (العدد 1و2 مزدوج، والعدد 3)، تنفيذا للفقرات الأولى من مشروع يندرج في محور الذاكرة، حمله المنتدى في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي. يسعى المنتدى إلى (تربية الشباب على حقوق الإنسان والمواطنة)، وإلى مساعدتهم على التعرف على ما جرى خلال سنوات الجمر والرصاص التي عرفها تاريخ المغرب الراهن. ويسعى منتدى بني زولي للتنمية والتواصل جمعية تأسست يوم 27 مارس سنة 2005، لتحقيق (تنمية مستدامة بالمنطقة مع النهوض بقيم المواطنة وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين). ويهدف مشروع مجلة (ذاكرة حية) إلى (المساهمة في حفظ الذاكرة الجماعية بقراءة جماعية لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمنطقة من أجل فهم ما جرى، وذلك بعرض شهادات مختلف الضحايا، مجموعة من المواطنين والمواطنات الذين عايشوا بناء القصبة/المعتقل، أو شاركوا في بنائه، وشهادات مجموعة من نشطاء المجتمع المدني). وتعد مجلة (ذاكرة حية) نشرة داخلية لعدم توفرها على ملف صحافي قانوني، وبالتالي فتوزيعها جرى في نطاق محدود ضيق. وتشكو من عدم إدراج فهرس المواد ليسهل البحث في المجلة رغم قلة عدد صفحاتها. كما تخلو المجلة من الجداول والبيانات الإحصائية.وأما الصور الواردة في الأعداد الثلاثة خالية بعضها من العناوين والتعاليق مما يجعل فهمها مستعصيا في بعض الأحيان.
- مركز التوثيق فاضم وحرفو بإميلشيل: يهدف المشروع إلى النهوض بالتنمية بحفظ الذاكرة وتقوية الحكامة الجيدة والتحسيس بحقوق الإنسان. ويهدف بشكل خاص إلى حفظ تاريخ أسيف ملول وذاكرته بإنشاء مؤلف عن وقائع المقاومة لدى قبيلة أيت حديدو، وتقوية قدرات الفاعلين المحليين، وتفعيل مسلسل الحكامة المحلية، وتنشيط برنامج التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، وإدماج التربية على المواطنة وحقوق الإنسان في برامج محو الأمية، والمرافقة والتوجيه القانوني للضحايا وخاصة النساء.
ومن نتائجه تشغيل المركز، وإصدار كتاب حول ذاكرة المنطقة(1000 نسخة)، وتكليف منشط ينقطع لتنسيق أنشطة المركز ويضمن ديمومة وظيفته، وتكوين 25 فاعلا جمعويا ومرافقة عشر جمعيات تنموية بتكليف من ينقطع لتلك العملية....الخ.
- كتاب (إملشيل، الذاكرة الجماعية): كتاب (إملشيل الذاكرة الجماعية) من إنجاز جمعية أخيام المذكورة، انقطع لتأليفه باسو وجبور الشاعر الأمازيغي والفنان من قبيلة أيت إبراهيم ولحسن أيت الفقيه. يتضمن مقدمة وستة فصول وملاحق. ويتضمن تعريفا للذاكرة والأسس الثقافية للمقاومة في الأوساط القبلية المغلقة ومقاومة قبيلة أيت حديدو من خلال الشعر الأمازيغي. ويتناول أيضا مقاربة لإشكالية المقاومة لدى قبائل أيت حديدو، ثم «السونتات» بين حسن الطبيعة وبؤس الذاكرة. وشاء معظم أعيان المنطقة أن يدرج فصل يتعلق بأعلام التصوف والمقاومة والفن من قبيلة أيت حديدو، تناول الفصل ترجمة لمعظم الأعلام المشهورين المقاومين والمتصوفة. وقد عرضت مسودة الكتاب على أعيان إملشيل يوم 3 أبريل 2010، لمناقشتها وانتقادها.
صدر الكتاب مرتين، الأولى في شهر أكتوبر 2010 والثانية في شهر يناير 2011، وتعرض الإصدار الثاني لتعديلات لحقت الغلاف وبعض المضامين. وكان الإصدار الثاني في 164 من الحجم المتوسط، الإنجاز الفني نداكوم، الإيداع القانوني2011MO0450، سحب من مطبعة البيضاوي، يوزع الكتاب مجانا من لدن جمعية أخيام وحدها. وللتذكير فقد ظهرت الدعاية للإصدار الأول في الصحافة منذ شهر أكتوبر 2010.
نظمت للكتاب قراءتان إحداهما نظمتها جمعية أخيام يوم 30 أبريل 2011 بإملشيل، والثانية من تنظيم مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث بالرشيدية يوم السبت 14 مايو 2011.
عرض الكتاب مرتين الأولى في اللقاء الوطني حول جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة بوارزازات يوم 4 يوليوز 2011 الذي نظمه منتدى بني زولي للتنمية والتواصل، والثاني نظمته جمعية مقورن المذكورة أعلاه. وأما غلاف الكتاب فهو تركيب لوحتين فنيتين إحداهما تمثل زي قبيلة أيت إبراهيم والثانية قبيلة أيت يعزة. كما تضمن الغلاف كذلك الرسوم الضوئية للمؤسسات المشاركة في المشروع.
وردت تينغير في بعض المواضيع من كتاب إملشيل الذاكرة الجماعية. وفي صفحة36 وما بعدها (...كلنا يعلم بأن قبيلة أيت حديدو اعترضت سبيل الكلاوي (أكلاوو)، وطردته من منطقة تينغير، ومنعته من دخول جبال الأطلس الكبير الشرقي.) المقصود هنا غزوة المدني الكلاوي 1900. وفي صفحة72 أدرج مقطع شعري للشاعرة العطاوية زهرة بنت الطيب، تحدثت عن الجبل كرمز الكبرياء والشموخ، وألقت باللائمة على المقاوم عسو أبسلام لما قبل التفاوض مع سلطات الحماية الفرنسية:
Abaslam lligh idfan saghru s ugunun
Allig ti zzanzan iy mghrarn nayt bulan
Alliy k nuli asaghru ha nnbi izwaragh
Alley ki nagz asaghru
Ha nnbi nazritin
Ullah ar paccamv apa nnbi
alliy ki ghder u fus
apa nnbi iwa s iwnat
lislam ad ilin
assalhin n saghru d tassawt
baddat agh
تفسيره:
يا باسلام (عسو أو باسلام) الذي كان سيد جبل صاغرو
إلى أن باعه لأهل بولان ( الكابتان بولان)
حينما صعدناك يا صاغرو (لمقاومة المحتل)
كان النبي في صحبتنا في مقدمة صفنا
ولما نزلنا صاغرو (خائبين مستسلمين)
تركنا النبي بالجبل( أبى أن يصاحبنا ويزكي انهزامنا وتخلفنا)
لقد خجلت أيها النبي من نفسي لما استسلمنا
(لذا) أطلب منك – أيها النبي – أن تساعد الإسلام والمسلمين (للانتصار)
نفس النداء أو جهه لأولياء منطقة صاغرو وتاساوت (وحيث توجد قبيلة أيت عطا).
وألتمس منهم الوقوف معنا.
تتأسف الشاعرة تامحات عن المقاوم زايد أوجبور الذي أصيب بجروح خطيرة في أحد أذنيه بمعركة قرب مركز تينغير (ص88-89):
A hudre a ari bal gragh d’igherman
A tinghir ad annigh Zayd is isul
Taght amazzugh ixuls ayd agh nnan
Ann amm ur nanni ard nakz ufaslan
تفسيره:
انحن يا جبال تينغير لأرى زيدا.
لأرى ما إذا كان حيا.
يروج أنه أصيب في أذنه ولن نصدق.
حتى نتأكد بأعيننا من سلامة صدغيه.
ويقضي منهج ممارسة الحفظ الإيجابي للذاكرة، وفق التجارب المعروضة، واستقراء لعناصر الذاكرة بالمنطقة، الاستئناس بنظرية عالم الاجتماع الفرنسي موريس هالبواكس، واستحضار أن للقبائل المغربية بالأوساط القبلية المغلقة ذاكرة جماعية يمكن الحفر فيها. ولا ينبغي التغافل عن اعتماد النسق الثقافي للقبائل مرجعا محددا لهوية القبائل الثقافية وشخصيتها المعنوية، ودراسات مناسبات التذكر، كالمواسم والحفلات الدينية واستنطاقها لاستخلاص ما تحويه من عناصر التذكر يمكن اعتمادها في كل تذكار. والهدف من ذلك اعتماد التذكارات المحلية والاستغناء عن التذكارات الأجنبية الغريبة عن منطقة تودغى. واستحضر في الورشة منهجها،اعتبار الذاكرة صناعة كغيرها من الصناعات، وأن المجتمع كيان افتراضي يرتبط بالعاطفة والشوق وليس بالحدث.
ويقوم منهج الذاكرة الشفاهية اللامادية على بعض الخطوات: مرحلة الجمع والتحقيق، وتحليل عناصر الذاكرة وإعادة تركيبها، وتدوين الفن الشفاهي والتقاليد الشفاهية، وربط الذاكرة بالنسق الثقافي الرمزي، والبحث في النصب التذكارية المحلية، ودراسة الاحتفالات. التذكارية(المواسم)، واعتماد الرمز في التذكار.
تلك هي بعض الخلاصات التي وقفت عندها الورشات.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متحف الريف، بداية حسنة لمستقبل ممارسة المتحف والحفظ الإيجابي ...
- النباتات والأعشاب بالأطلس الكبير الشرقي بين الغذاء والطب الت ...
- ذاكرة الاعتقال السياسي الحية بالجنوب الشرقي المغربي
- حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت في الصحافة المغربية المكتوب ...
- قافلة جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية بين العلاج وجبر ...
- إملشيل: التواصل والتنادي لتسوية الخلاف على حقوق جماعية كانت ...
- خريطة فقر إيميلشيل أم خريطة الضرر الجماعي؟ – قراءة في كتاب ( ...
- سد الحسن الداخل والحقوق الجماعية بضاحية الرشيدية بالمغرب
- حفل مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث في قراءة كتاب «إملشي ...
- الأرض السلالية والحقوق الجماعية بإملشيل الشرقية- المغرب
- الجهوية المغربية المتقدمة بين الوظيفة والانسجام - حالة الأطل ...
- العمل الجمعوي وإكراهات الرموز الثقافية بالجنوب الشرقي المغرب ...
- مائدة مستديرة حول وضعية المرأة، الإكراهات والرهانات - الرشيد ...
- شبكة تفويت للدفاع عن المرأة بالجنوب الشرقي المغربي الأهداف و ...
- التقرير التركيبي العام حول الندوة الوطنية حول الحقوق الثقافي ...
- أية مكانة للمرأة المغربية في الجهوية الموسعة؟
- هل سيأخذ الجنوب الشرقي المغربي نصيبه من الجهوية الموسعة؟
- مشروع الحكامة المحلية في جبر الضرر الجماعي بإقليم الرشيدية
- على هامش لقاء أزرو حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقا ...
- قافلة « فاضمة وحرفو » الثانية لحفظ الذاكرة و المصالحة المغرب ...


المزيد.....




- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في أشغال الدورة التكوينية الثالثة لجمعية مقورن بمدينة تينغير، في إطار جبر الضرر الجماعي :