قافلة جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية بين العلاج وجبر الأضرار بمنطقة إيميلشيل

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 19:40
المحور: حقوق الانسان
    

نظمت الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب المدعوة اختصارا (AMRVT)، القافلة الطبية بمركز إيميلشيل بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربي، لفائدة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في السنوات الماضية بالمغرب. وشكلت القافلة مناسبة لمد جسور التواصل، في الميدان، بين الضحايا بما هم أشخاص طبيعيون أو معنويون منتظمون في مؤسسات المجتمع المدني. وإنه من المفيد ملامسة القافلة مفعولاتها، المرغوب فيها والمرغوب عنها، وما أكثرها بما هي ذات ارتباط، من حيث الموضوع، بحقوق الإنسان الجماعية كالحق في الصحة ومن حيث الهدف بحماية حقوق الإنسان، التي تشتمل على جبر الأضرار الفردية والجماعية. فالمرغوب فيه من القافلة محدد في أهدافها، وهي أهداف جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية. وأما الأهداف المرغوب عنها أي الأهداف الطفيلية، فهي مفيدة من جانب ارتباطها بأضرار المنطقة جبرها. وباختصار فالقافلة حازت التفضيل التام، وتستحق التشجيع والثناء الجميل.
ولم يمنع الثناء على القافلة منظميها من بيان بعض النواقص والبياضات. فمن ذلك، الخطأ في تحديد موعد القافلة ومدتها المقدرة في ثلاثة أيام، ابتداء من 10 يونيو2011، في حين غطت أعمال القافلة يوما واحدا فقط صادف يوم السبت 11 فبراير 2011، ذلك ما هتف للضحايا ابتغاء الحضور إلى مستشفى إيميلشيل، وما تداولته الألسن وذاع، بما هو خبر مهم، في الوسط. ومن الضحايا من حضر قبل الموعد، ومنهم من عاد إلى حيث أتى مستهزئا بالحدث. وحسبنا أيضا أن ممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت، دعيا لمساندة الحدث، تعجلا في يوم واحد مسجلين حضورهما بمركز إيميلشيل منذ صباح يوم الجمعة 10 يونيو 2011. ولا أحد يدري ما إذا كان الإعلام عن موعد القافلة موثقا في المراسلات، حشا تلك الموجهة إلى السلطة الإقليمية بميدلت والسلطة المحلية بإيميلشيل.
وحسبنا أن جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية في عددها ليوم 16 يونيو 2011 كانت على ما قلناه شهيدة حيث تضمن مقال السيد عبد الحق عندليب عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ما يفيد أن القافلة غطت ثلاثة أيام 11 و12 و13 يونيو 2011، وهي مدة زمانية حوت يوم الذهاب ويوم الإياب ويوم العمل، لكن الخطأ لما أشار السيد عبد الحق، معتمدا بلا شك على بيان الجمعية، أنه في (صباح يوم الجمعة 11 يونيو 2011 انطلقت القافلة من مدينة الدار البيضاء ومدينة مراكش متوجهة إلى إملشيل) والحال أن يوم الجمعة صادف يوم 10 يونيو 2011، وذلك هو الخطأ غير المقصود في تقدير اليومية.
البداية المتعثرة للقافلة، من حيث التحديد الدقيق للموعد، لم تخيب آمال الضحايا وشركاء الجمعية المؤسساتيين، ما دام النجاح حليفها في كل أطوار تنفيذها برنامج مكثف، خلال يوم واحد، حوى إلى جانب الفحوصات الطبية ندوة إخبارية، وزيارة لبعض عائلات الضحايا، ومواطن الذاكرة بمنطقة إيميلشيل، والوقوف عندها والتفكير في شأنه، وإقرار المرافعة من أجل (حفظ هذه المعتقلات وعدم طمس معالمها وترميمها وتحويلها إلى مراكز للذاكرة الجماعية وذلك لجزء لا يتجزأ من التسوية الشاملة والعادلة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان) (المقال المذكور). ولأن الجمعية دعت المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فهي تروم أن يكون عملها ذا طابع تشاركي بمجهود هذا الشريك هذا الشريك فيتحقق التكامل بين الطفيلي والمرغوب فيه، الطبي والحقوقي. وقد تمكن ممثلا المجلس الوطني لحقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت، من التدخل لدى السلطة المحلية لتيسير تنقيل ستة مرضى إلى مستشفى إيميلشيل أو تنقيل الأطباء إليهم لفحصهم في منازلهم، كما شارك الجمعية في نقاش تلقائي غير منظم وغير مؤسساتي حول الذاكرة بمنطقة إيميلشيل، لكن ذلك غير كاف مادامت القافلة قد رسمت لنفسها مسارات أخرى، في اتجاه معالجة جبر الأضرار الجماعية والحفظ الإيجابي للذاكرة، مسارات لم تتقدم كثيرا في سلكها، لان ذلك من اختصاص الجمعيات المنقطعة لحقوق الإنسان. وقد قام هذا الشريك ( بتوزيع بطائق التغطية الصحية المجانية لفائدة عدد من الضحايا واستمع إلى مطالبهم وشكاياتهم وواعدهم بالعمل على حلها، وعلى التعاون مع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة خاصة في مجال الإدماج الاجتماعي والتغطية الصحية وجبر الضرر الفردي)(انظر المقال المذكور). وحسبنا أن الجمعية لم تقدم نفسها بنعت يفصلها عن المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف شريكها العضوي، مما جعل من المتعذر التمييز بينهما في اللباس وفي المقام والمقال.
انطلقت الأشغال على الساعة التاسعة صباحا من يوم السبت 11 يونيو 2011، بعد تثبيت لافتة أمام مستشفى إيميلشيل، حوى مضمونها العبارة التالية: (الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب تنظم قافلة طبية لفائدة ضحايا الانتهاكات لحقوق الإنسان بمنطقة إيميلشيل – إيميلشيل 11 يونيو 2011)، وهي عبارة مخالفة لما ضمن في لافتة مثبتة من على باب السوق الأسبوعي بإيميلشيل المضمنة للعبارة التالية:(الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ينظمان قافلة إيميلشيل: حتى لا ننسى ما حدث من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان – إيميلشيل 11 يونيو 2011). ولتوثيق الحدث اتخذت اللافتة المثبتة بواجهة المستشفى خلفية لصورة تذكارية أخذت للطاقم المشارك طوعا في القافلة. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل نسقت الجمعية مع شركائها المباشرين أم أنها دعتهم للقيام بدور المتفرج الملتزم؟
الجواب ثابت ومؤكد، لكن بيانات في حاجة، فقط، إلى مزيد من التدقيق والإفصاح عن دور المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في أشغال القافلة.
تعددت تخصصات القافلة وتطوع لها طاقم من عشرة أشخاص، منهم أطباء الطب العام والمتخصصون والممرضون ومساعدة اجتماعية ومروضة، توزعوا على أربعة أجنحة.
كان طابور طب العيون أكثر عددا واكتظاظا بالزوار، يليه في الدرجة الثانية جناح طب الجهاز الهضمي، لانتشار أمراض العفونة بالمنطقة. ولوحظ كذلك، أن معظم المدعوين ينحدرون من قبيلة أيت يعزة وكأن قبيلة أيت إبراهيم وما تابعها من أقليات عرقية، لم تتعرض للانتهاكات الماضية، مما يوحي أن هناك خطأ في الدعاية والإعلام أو قصورا ناتجا عن بعد سكنى بعض الضحايا عن مركز إيميلشيل. وسجل أيضا إعطاء الأولوية في الفحص الطبي لأشخاص، من قبيلة أيت يعزة، ليسوا من الضحايا، مما يجعل القافلة تبدو لابسة لباس جبر الضرر الجماعي، لتستر عورة جسد عشائري. وليس يضير القافلة أن تغطي خدماتها نطاق الانتهاكات، الضحايا وغيرهم، لأنها ذات بعد جماعي يروم دعم مناطق جبر الأضرار الجماعية لكن الشركاء بعض المحليين لم يستحضروا مبدأ تكافؤ الفرص، في تعاملهم مع خدمات القافلة. ولا ذنب على طاقم القافلة القادمين من البيضاء أو مراكش في رحلة إنسانية شاقة إلى قلب الأطلس الكبير الشرقي، في ما سجل من نواقص، لأن كل سكان المنطقة يعرفون الجهة المحلية التي تتعامل معهم بالتهاون والميز، وتبتغي جعل الضحايا شأنهم في يد أسرة واحدة.
انتهت القافلة على الساعة الثالثة مساء وانصرف الكل لتناول طعام الغذاء، (وفي مساء نفس اليوم توجهت القافلة إلى بعض الأماكن التي استعملت في الماضي كمعتقلات سرية لممارسة الاختفاء والاعتقال التعسفي والتعذيب الذي طال المئات من سكان المنطقة خلال سنوات الرصاص حيث توقفت القافلة عند القصبة المحادية للمقر الجديد لقيادة إملشيل والتي قضى فيها الشهيد المهدي بن بركة فترة الاعتقال والنفي في عهد الاستعمار. وقد استعملت هذه القصبة في سنوات الستينات والسبعينات لتعذيب عدد من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كما انتقلت القافلة إلى قرية بوزمو على بعد 18 كيلومترا من إملشيل لتتوقف عند بعض الأماكن التي شكلت معتقلات للتعذيب، حيث استمع المشاركون في القافلة إلى بيانات وشهادات بعض الضحايا الذين مروا منها في إطار حملات الاعتقالات الواسعة التي كان يتعرض لها المناضلون الاتحاديون بالمنطقة طيلة سنوات الرصاص)(المقال المذكور).
الرعاية الطبية وتقديم العلاجات الممكن تقديمها، وإجراء عمليات جراحية على عيون بعض الضحايا (Micro chirurgie)، وتزويد المفحوصين بالنظارات بثمن بخس دراهم محدد بمئتي درهم لمن هو في حاجة إليها غير راغب عنها، وتقييم الحالة الصحية للضحايا بتضمينها في ملفات طبية أعدت للغاية، من المفعولات المرغوب فيها في القافلة، ومن الأهداف الأساسية للجمعية الطبية لإعادة تأهيل الضحايا. وأما إعادة الاعتبار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاعتناء، بهم واستحضار البعد الجماعي للأضرار بتمكين غيرهم الولوج إلى نقط الفحص الطبي المتخصص، وتقرير ندوة تحسيسية تواصلية، وزيارة بعض مواضع الذاكرة بالمنطقة، والتفكير في ما يمكن للجمعية الترافع عليه في المستقبل، فهي من مبتغى المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف.

#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات