ادم عربي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 10:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقايضه روسبه امربكيه
في علم السياسه قول ماثور وهو : ان السياسة رمال متحركه، فلا يوجد صداقات دائمه في السياسة ، واي سياسي ناجح لا بد وان قرا نصوص كتاب ميكافيلي شائع الصيت وهو الامير ، وفي هذا السياق ان اهم درس يتعلمه الكبار في العلاقات الدوليه وهو علم واسع، أن الأخلاق وقيم الحرية والديمقراطية مهمة بقدر خدمتها للمصالح الحيوية والمتطلبات الإستراتيجية، وحتى الطبقيه منها داخل المجتمع نفسه ، ولا مجال لصداقات دائمه ، وان القانون الدولي ليس الا مكان حسب الحاجه ولا تخرج عن نطاق ما ذكرناه ، وانما الصراع الحقيقي هو صراع ارادات بعيده عن القانون الدولي .
احداث ربيع الثورات العربيه الدراماتيكيه التي عصفت بالمنطقه التي تعودنا تسميتها الوطن العربي ، فتحت مره اخرى نصوص كتاب ميكافيلي ، منذ انتهاء الحربا لباردة ، وسقوط حائط برلين ، وانتهاء الحرب الباردة لصالح امريكيا ، وحلفائها ، وما لحق من تفكيك الاتحاد السوفيتي ، الى دويلات قوميه ، وهو ما فعلته دول اوروبا الشرقيه فالتحقت بربيع حلف الناتو والوحدة الاوروبيه ، نستطيع القول انه تم الحاق بقايا الامبرطوريه السوفيتيه بالغرب ، وخرجت روسيا من المولد بلا حمص ، ولم يتبقى لها سوى ترسانه عسكريه هائله ، كافيه لابادة سبع كرات ارضيه ، تحتاج الى صيانه مستمره اوروبيه وامريكيه ، اي تحتاج الى دعم اقتصادي من اجل تامين صيانتها ، حتى الحليف الصيني اطلق يده في شبه القاره الهندوصينيه ، مجردا روسيا من حلفائها هناك ، مقبضا قبضته عليها .
في بلدان العرب ليس الوضع اسهل ، فقد تراجع المد الروسي كثيرا ، فاليمنان اصبحا يمن واحد ، واختفى الاول عن الخارطه ليختفي معه الثوار الذين تعلموا الثوريه في جامعة لومونيا في موسكو ، وتبعا لذلك خسر الروس التسهيلات العسكريه ، والقواعد التي تمتعوا بها اثناء حكم الرفاق الجنوبيين، وبالمقابل وطد على عبد الله صالح علاقه مع الامريكان والغرب ، متخليا عن التسليح الروسي ، وصولا الى قطع جميع الاواصر مع الروس .
ويمكن غناء نفس الموال مع المصريين ، فقد اندفعت مصر بسرعة البرق الى المعسكر الغربي ، اثناء التحضير لمعركة العبور ٧٣ وتم طرد الخبراء الروس بطريقه مهينه ، وما تبع ذلك من توقيع اتفاقات كامب ديفد ، واصبحت بعدها مصر اهم حليف استراتيجي وسياسي للولايات المتحده واسرائيل ، وتغيرت انظمة التسليح المصري معتمدة على السلاح الامريكي ، حتى ان مصر وجدت فرصه ثمينه في التخلص من اسلحتها اروسيه اثناء الحرب العراقيه الايرانيه وباعتها باحسن الاثمان ، ومع اتمام واكتمال احتلال العراق العسكري الامريكي ، بحجة امه امريكيه واحده ذات ديموقراطيه خالده ، عام ٢٠٣ ، خسرت روسيا حليف مهم جدا ، كانت معه علاقات اقتصاديه وعسكريه ، وكان العراق ذو الامكانيات الهائله لحد تلك الفتره يعتمد كليا في تسليحه على الروس -، وكان هناك تعاون في شتى المجالات والتسهيلات.
ومع دخول ليبيا ربيع الثورات العربيه ، ايضا خسرت روسيا حليف مهم لها وتسهيلات لا تقل اهميه عن باقي حلفائها السابقين ، واخذت القيادة تلوم نفسها لعدم التصويت ضد حلف الناتو ، ضد الضربات الجويه على ليبيا .
يجري الان صراع شرسا خفيا بين الروس والامريكان على سوريا ، تصل الى حد المقايضه مع نظام العقيد ، فسوريا هي المعقل الوحيد المتبقي للروس في المتوسط ، وهي المكان الوحيد التي تجري فيه التسهيلات للبحريه الروسيه في ميناء طرطوس ، مقابل الاسطول السادس الذي يجوب المتوسط ،وروسيا مصممه لاستخدام حق النقض ضد اي قرار ضد سوريا ، اضافه الى ذلك ان سوريا هو البلد الوحيد الذي ظل يستخدم السلاح الروسي منذ الاتحاد السوفيتي ، إن حيوية العلاقة بين البلدين، وأهميتها الإستراتيجية، هي التي دفعت بالروس لإعادة النظر بمواقفهم السابقة المترددة في تزويد سوريا بالسلاح الدفاعي المتطور. وقد تضمن ذلك منظومة متطورة من الصواريخ البالستية والمضادة للطائرات وغيرها من أنواع الأسلحة وكانت هذه الصفقة هي ثمرة هذه المراجعة. لقد أقدمت القيادة الروسية على ذلك، غير عابئة بردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية الغاضبة.
تقودنا هذه القراءة إلى التداعيات والمواقف السياسية، تجاه حالة الغليان التي تشهدها المدن والأرياف السورية منذ ثلاثة أشهر. فالواضح أن الروس يعملون بقوة على ضمان استمرار النظام السياسي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد، لضمان احتفاظهم بالحصن المتبقي لهم قرب مياه البحر الأبيض المتوسط، بينما يعمل الأمريكيون على استثمار حالة الغليان، ليحققوا في آن معا، جملة من أجنداتهم السياسية بسوريا والمنطقة.
الأهداف الأمريكية أكثر اتساعا، من التدخل في الشؤون الداخلية السورية. فبينما ترتكز السياسة الروسية، على التصدي لحالة التطويق التي يفرضها الأمريكيون بحقهم، ومواجهة نزعاتهم التوسعية، تعتمد السياسة الأمريكية على المبادرة وسرعة الحركة. وإسقاط النظام في دمشق يحقق لها جملة من الأهداف. لعل في أعلى قائمة الأهداف القضاء على قوة حزب الله اللبناني، وإبعاد إيران عن البحر الأبيض المتوسط. وكلاهما حليف إستراتيجي لدمشق. يضاف إلى ذلك، اضعاف المقاومة العراقية، التي يتمركز كثير من مقراتها في دمشق.
يعتمد التحرك الأمريكي الجديد في المنطقة، على استثمار "ربيع الثورات العربية" لتحقيق ما عجز الاحتلال المباشر عن تحقيقه. وللعودة مجددا لصياغة الخارطة السياسية لعموم البلدان العربية. إن الأسلحة التي توجه من إيران عبر دمشق، إلى لبنان لدعم قوة حزب الله، والأسلحة التي تهرب عبر الأراضي السورية للعراق، لمنظمات المقاومة العراقية، سيجري تعطيلها، من خلال إشغال النظام السوري بمواجهة حالة الغليان التي تمر بها البلاد، تمهيدا للإطاحة به. وتجري الآن جولة معاكسة من تهريب السلاح، فبدلا من تهريب السلاح من خلال سوريا، إلى العراق ولبنان، أصبح السلاح يهرب بالاتجاه الآخر، لدعم المعارضة السورية، عبر الحدود من مختلف الاتجاهات.
ويتوقع الأمريكيون أنه إذا ما تمكنوا من إسقاط النظام السوري، سيضمنون وصول نظام حليف في دمشق، يسهل عملية التوصل إلى اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني. وسينهون وجود حزب الله اللبناني، وفي أسوأ الأحوال، سيجري تحويله، من قوة عسكرية، إلى حزب سياسي، شأنه في ذلك شأن بقية الأحزاب اللبنانية الأخرى. وبذلك يتمكنون من تطويق إيران.
ستتواصل لعبة القط والفأر بين الروس والأمريكان، ويستمر صراع الإرادات. أما النتائج فهي رهن لمبادرات عملية، وخطوات سريعة تقدم عليها القيادة السورية، باتجاه تحقيق المصالحة مع المعارضة والشعب. وما لم يتحقق ذلك، فإن المنطقة برمتها، مقدمة على تحولات أكثر دراماتيكية... ولن يطول بنا الانتظار...
#ادم_عربي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟