أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - إعدام














المزيد.....

إعدام


هاتف بشبوش

الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 01:52
المحور: الادب والفن
    






إعــــــــــدام


طارق الهاشمي الجلواز المرائي ,يعرف جيدا كيف يتحيّن الفرص كي يزيدنا قرفاً فوق قرفنا من الضباط , الذين عرفناهم جيدا , وهم يسوموننا ضيما وقهرا لسنين كثيرة , من الاذلال في جيش المجرم صدام .
كنت يافعا وقد نبت لي زغب السياسة توا , وانا اسمع من اذاعة اسرائيل تقول( اذا اردتَ ان تكون ملكا , فكن ضابطا في الجيش العراقي) , ولم اكن أصدقُ مفهوم هذه الكلمات بسبب حقدي الاعمى على اسرائيل , حتى دخلتُ السلك العسكري الالزامي , فوجدتُ الضباط العراقيين قولا ً وفعلا ً ,ملوكاً ساقطين , شاخصين أمامي , وبعد ان قطعتُ شوطا كبيرا , جنديا خادما لامثال المجرم سلطان هاشم ورشيد حسين التكريتي وطارق الهاشمي , وليس خادما للوطن , عرفت ُ جيدا ماذا تعني هذه الكلمات , كنت مهانا على الدوام , بائسا , ذليلا , خائفا , اضعف من نملة , يدوسونها باقدامهم متى شاءوا , حقير امام هؤلاء الملوك كما قالت اسرائيل , ايام وانا اجد نفسي كالحمار الذي يُحمّل بما لايطيق, ولايستطيع حتى النهيق ,ناهيك عن الكلمات البذيئة , الشنيعة التي لايمكنني نسيانها مادام هناك نبض حي , والتي تنطلق من افواه أولئك البغي الضباط , جميعهم لا استثني احدا الاّ ما ندر .
كان في ثكنتي العسكرية عشرة جنود هاربين في السجن من اصدقائي الاعزاء, وقد حكمَ عليهم آمر اللواء حسب الصلاحيات المخولة له , بالاعدام رميا بالرصاص , على ان ينفذ الحكم في ساحة عرضات وحدتنا , وان يتم اختيار مجموعة منا نحن الجنود اصدقاء الهاربين ان نقوم برميهم , ياللهول....... ياللهول ,, اتذكر ذلك اليوم جيدا , وبعد ان قرأوا علينا القرار وتفرّقنا , جميعنا قد اخذتنا نوبة من القئ , والحمى , استمرت لأيام , نتيجة القرف والخوف من القرار الخسيس الغير مهني كما يدعي اليوم طارق الهاشمي بمهنية هؤلاء الضباط المجرمين . أنها لحظات عصيبة يتخلّلها التوتر الدائم , وعليّ انْ ابذل جهدا عظيما كي ابقى متماسكا وصلبا , وفي نفس الوقت عليّ أنْ أموت الاف المرات مع الصمت والحزن , لانّ اي شجار مع هؤلاء البغاة يؤدي بالجندي الضعيف الى السجن لاشهر او سنين .
من يستطيع النوم والراحة في ذلك اليوم المغبرعلى ان يصحوا ويجد نفسه واحدا من الذين اختاروه ليمطر أصدقاءه بوابل من الرصاص , واذا لم يُنفـذ القترار , يعتبر خائنا وسوف يُرمى معهم .
أجلسونا اجبارا في صباح ذلك اليوم المكفهرّ, نحن الذين لم يقع عليهم الاختيار لرمي أصدقاءه الهاربين, كي نشاهد موت اصدقاءنا بأم اعيننا , لكي يكون الاعدام بهذه الطريقة البشعة عبرة لنا, ثم جاء منفذوا الاعدام مقنـّعين , وقد القى علينا آمر اللواء المجرم محاضرة في الوطنية المزيفة وتخلّلها التهديد والوعيد , دقائق وقد امطروهم بالرصاص وهم موثقين على شاخص خشبي . ولحد هذا اليوم لااعرف من الذي رمى اصدقاءه العشرة وارداهم قتيلين , انه مشهد مروّع لايطيقه بشر ,عدا امثال سلطان هاشم ورشيد حسين التكريتي . هذا هو الجيش العراقي الذي يتكلم عنه طارق الهاشمي وعن مهنية الضباط الغير شرفاء , انهم جميعا كلاب .
لدى عشائر بني عبس في السماوة كلاب كثيرة نابحة ولكن هناك من بينهنّ كلبة تدعى (طوكة) وهي تختلف عن باقي الكلاب بكونها متوحشة مفترسة , تنهشُ في الذاهب والآيب , ولذلك قالوا هذا المثل المشاع لديهم ( كل الكلاب احســـن من طوكة ) , لكن ضباط الجيش العراقي كانوا كلهم مثل تلك الكلبة ( طوكة).
بدأ حقدي يزداد يوما بعد اخر للضباط , للسلاح , لصواريخ سام التي كنت اعمل عليها , لكل شئ اضعه امامي باحتقار ,وغضب ,وحتى حينما أتالم ويتوجب علي ان اصرخ , لااستطيع سوى ان العنهم في داخلي خوفا من آذانهم المزروعة في كل مكان .
لقد كان لي صديق جندي في وحدتي وهو معلم مدرسة وقد جنّ في ايامه الاخيرة مما لاقاه من العذابات على ايدي الضباط اللاشرفاء , وقد كنت اقول له ( شيخلّصهه العسكرية ) يقول ( بالعكس , العسكرية تخلّص, لكن المدنية شيخلّصهه) وبالفعل حينما حصل على الانتداب لكونه معلما , كان مجنونا خالصا , وبدل ان يعمل في مهنته كمعلم ,عمل في الشوارع بصفته مجنونــا , وهو حتى اليوم يجوب شوارع المدينة بثوبٍ بالٍ يرفعه الاطفال النزقون فتظهرُ أعضاءه , وقد صدق قولـــه( المدنية شيخلّصهه) , وخذ الحكمة من أفواه المجانين.
لقد ترك لنا هؤلاء الضباط اللوطيين الاماً قاتلة وتشوهات دائمة , انهم ضباط ساديون , ونحن كنا ضعفاء امام جبروتهم وقسوتهم , كنا خانعين , صبورين لجبننا الرهيب انذاك , جبننا الذي يجعل منا قادرين على التحمل والتجاوز والاستمرار .
جبننا هو المزيج من الخوف والتحدي والاصرار والحنين الى كل شئ انساني ,والذي لا يمكن أن يمنحهُ لنا هؤلاء الضباط القرود ,بوجوههم المستمناة , وكنت احلم كيف يمكنني تجاوز هذا النفق المظلم الى الجهة الاخرى , كيف يمكنني ان اضع حدا للخوف من هؤلاء , كيف يمكنني التخلص من جرذيتي هذه , التي لم أستطع تجاوزها حينذاك سوى مع كأس من العرق , أثناء إجازتي الدورية , والتي تحفّزُ في داخلي ميلاد لحظات اعتزاز و قوة وفخر , تجعلني افكر, أنّ فيّ الكثير, الغير قابل للكسر والالغاء . وفيّ من طاقة الاستمرار الكثير الكثير , وانا اليوم طائرُّ حرُّ وبعد إنْ أعدتُ ترميم نفسي من آلامها , ولطالما حلمتُ انْ اشتم كل ضابط عراقي قديم بأعلى صوتي .. فها انذا اليوم اقول لهم أنا هنا ............. أيّها السفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلة .

هــاتف بشبــوش/عـراق/دنمــارك



#هاتف_بشبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هللّويا............
- مساربُّ عدميّةُّ ضيّقة
- علياء...............
- منجلُّ نهديها الكاعبين
- طائرُ الجوع
- مدونات عبد الستار نور علي تنفض غبار الرجع القديم بنصائح سيدو ...
- صلاة ُ البحر
- ذاتَ كلامُّ قليل
- شيوعيون يدخلونَ الحفلةَ
- هواء ُالكون ِ كلّه
- أياد احمد هاشم( ليس كالامس)
- نوروز يتكلّمُ
- الشيوعيون أيّها السادة
- فتيانُّ ولوياثان
- صهباءُ ليل ِالبارحةُ
- نساء........5
- كنيسة ُ النجاة
- نساء........4
- لماركسَ رحمة ُ الطبيعة
- الفاني


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - إعدام