|
كيف السبيل ... هنا ؟
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 10:38
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
من الظواهرالسلبية البارزة في مصير العلاقات الأسرية للعوائل التي تهاجر إلى الغرب ، ظاهرة الإفتراق . هذه الظاهرة التي تتنافى مع تراثنا وتقاليدنا الإجتماعية المتوارثة والتي تعتمد الحفاظ على وحدة الأسرة وتراصّ أعضائها وما يجمعهم من المحبة والألفة والودّ ، بالإضافة إلى التراحم والتعاون والتعاضد . على عكس ما تعودنا عليه من أخلاقيات أصيلة في بلداننا ، نرى في كثير من الأحوال إنفراط عقد وحدة الأسرة بعد حين من وصولها إلى بلد المهجر . إن هذه الظاهرة السلبية ، لكثرتها ، أصبحت واحدة من أسباب ضعف الجالية . وأصبحت الأساليب الممارسة لحل تجلياتها تدعو إلى القلق ويتطلّب دراستها من جميع نواحيها العلمية والإجتماعية وتحليل أسبابها ، وإقتراح الحلول الناجعة لها مما يجعل أبناء الأسرة المهاجرة يتفهمون قيم المعايير الإجتماعية في المغترب فيأخذون منها القيم الحضارية المتطورة دون أن يفقدوا القيم الأصيلة التي توارثناها في بلداننا . وفي نفس الوقت التخلّي عن بعض القيم البالية التي عفى عليها الزمن . بل ضرورة التبصر في إيجاد الطريق الأمثل في السلوك ، إذ نكون قد أخذنا من القيم الحضارية الغربية من جهة واضفنا إليها قيمنا التي ستكون مادة تؤثر في المجتمع الجديد الذي نعيش فيه .
تشير الإحصائيات على أن ( الإفتراق ) لا يقتصر على إفتراق الزوجين عن بعضهما ، مما يؤدي في معظم الحالات إلى الطلاق ، بل يشمل أيضاً إفتراق الأولاد عن عوائلهم ، حتى دون بلوغ السن القانوني الذي يسمح للقاصر أن يستقل بنفسه عن عائلته .
لا بد من تناول هذا الموضوع في صورتيه : إفتراق بين الزوجين ، وإفتراق الأولاد .
من دراستنا الميدانية للأسباب التي تؤدي إلى إفتراق الزوجين ، نرى أن للعامل الإقتصادي الدور الأكبر في حدوثه في نسبة كبيرة من الحالات . ترى زوجين قد مرت سنوات طويلة على زواجهما ، ولهم أطفالٌ ، قد يكونون كباراً أو لا زالوا صغاراً ، يفترقان بسبب أن أحد الزوجين يعمل ويكسب ما تعيش به العائلة بينما رديفه لا يعمل ، لا لسبب مقبول من الطرف الآخر بل بالعكس من شكه أن صاحبه لا يفتش عن عمل وإن وجده يوما فقده بسرعة لأسباب تافهة . وقد تدوم هذه الحالة عدة سنوات حتى يتحوّل الشك إلى يقين ، وبالأخص إذا كان الزوج العامل يصرف المبالغ الكبيرة لتأهيل صاحبه للعمل بدفع الأجور إلى المعاهد التعليمية لمساعدت في الحصول على عمل .
يضاف إلى العامل الإقتصادي أعلاه تمسك أحد الزوجين ( بالأخص الزوج ) بحقه أن يكون رب البيت ، وإستعماله شتى وسائل العنف وكيل الشتائم حتى تصل في كثير من الأحوال إلى الضرب لفرض سيطرته ليس على زوجه فحسب بل على أولاده أيضاً ، وقد يكون إمعاناً من الزوج في ممارسة الضرب ، إذ تطالبه بعدم ضربها بحضور الأولاد فيجيبها بقصد ه ( كسر خشمها أمام الأطفال ) ليكون درساً رادعاً لهم كما لها .
تأتي الحريات الفردية التي يضمنها القانون في بلد الغربة في مرتبة إضافية كسبب للإفتراق بين الزوجين . فالمرأة تحس أنها شخصية كاملة من جميع النواحي القانونية ، مساوية للرجل في الحقوق والواجبات ، وينمو لديها النزوع للتمتع بهذه الحريات . وقد تجابه بالمنع من قبل الزوج تمسكاً منه بموقعه كرب أسرة . وقد تصل العلاقة الزوجية إلى نقطة الحراجة عند إكتشاف أحد الزوجين علاقة غير شريفة من الطرف الآخر خارج بيته .
أما في أسباب إفتراق الأولاد عن أسرهم فيأتي العامل الإقتصادي أيضاً في درجة متقدمة ، إذ في حالة كون الولد يعمل ويكسب عيشه ، ويلزم من قبل الأسرة ( الأب عادة ) على دفع راتبه له . ويأتي عامل توفر الحريات الفردية المضمونة قانوناً دافعا للولد إلى الإستقلال . ومن الأسباب الأخرى في إستقلال الأولاد بناء العلاقات الشخصية ( وعلى الخصوص الصداقات ) مع أشخاص من أجناس أو أديان أخرى ، مما لا يسع أسرهم قبولها . وكذا العنف المستخدم تجاه الأولاد من الأبوين والذي يمكن أن يتخذ مبرراً للإستقلال أو حتى التدخل من قبل الدولة بعزل الأولاد وإبعادهم عن مصادر الأذى .
هذه محاولة القصد منها فقط إثارة موضوع جدير بالدراسة من قبل ذوي الإختصاص في العلوم الإجتماعية والنفسية ، وليست باتأكيد الإيفاء بما يتطلبه الموضوع من تحليل ودراسة وإقتراح الحلول . عسى أن تجد لها صدى ينفع الناس .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَآلُ المُظاهرات !!
-
المجرمون همُ المتاجرون بآلام الشعب
-
العقوبةُ الرادعةُ
-
مُبَرّراتُ غزوِ العراق
-
صفحةٌ أخرى منَ الذاكرة
-
هَل جخيور خالدٌ ؟
-
مشروعُ قانون الأحزاب
-
صفحة من الذاكرة
-
الأكرادُ الفيليون ... إلى أينَ ؟
-
بناءُ الوحدة الوطنية
-
كُلّهم صدّامٌ .. وصدّامُ منهم
-
الحزبُ باقٍ
-
الثورةُ لا تُستَورَد
-
أنبذوا الإنعزاليّة وأدعوا للديمقراطية
-
رسالة ثانية إلى آية الله العظمى محمد اليعقوبي
-
التحليلُ الجدَليّ
-
حَذارِ من مفرّقي الصفوف
-
طبقةُ الفلاحين أساسُ بناء الديمقراطية
-
تذكير
-
شجاب الغُراب لأمه ؟
المزيد.....
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
-
البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
-
مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة
...
-
“سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف
...
-
إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى
...
-
هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
-
اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر
...
-
“الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت
...
-
جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
-
لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو
...
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|