أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ليس كمثلي شيء















المزيد.....

ليس كمثلي شيء


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 10:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رأيت كثيرا من المعجبين بأنفسهم وبأشكالهم الخارجية والداخلية ولكن وللأمانة وللصدق أقولها لكم بأنني لم أجد إنسانا معجبا بنفسه كإعجابي بنفسي, ولم أجد عيوناً جميلة حين تبكي كعيوني فأنا على مدى تاريخي الطويل رأيتُ نفسي كثيرا في كل المرايا المصنوعة في العالم ولم تمر قدماي أو جسمي أو وجهي من أمام أي مرآةٍ إلا ورأيتُ فيها وجهي ونفسي كأجمل مخلوقٍ على وجه الأرض وحين أمرُ من أمام مرآتي لا بد وأن أقف دقيقة أو دقيقتين لأرى نفسي في مرآتي كأجمل إنسان ضاحكْ... أو باكيْ, أو كأجمل مخلوق خلقه الله أو خلقته الطبيعة,أنا معجب بنفسي أكثر من إعجاب كل الناس بأنفسهم وأنا أحب قلبي أكثر من حب قلبي لي وأنا كريم في كل شيء ومتواضع في كل شيء إلا من ناحية الإعجاب في نفسي وأكادُ أن أقول عن نفسي بأنني عظيم في كل شيء حتى في أحزاني المجردة أو غير المجردة والتي تأتيني على شكل نوبات هستيرية لأنني أصبحتُ مدمناً على الحزن والأسى واللوعة فأنا لا أستغني عن دموعي أو عن كل أحزاني,وأكاد أن أقول عن نفسي بأنني إنسان فريد من نوعه ولا يوجد لمثلي قطع غيار,فأنا أجمل حزين في العالم كله, وأنا أجمل جريح رأته عيوني وأنا أجمل رجل يبكي كالنساء,فلا يوجد إنسان مثلي أو تصرفاته تشبه تصرفاتي وشاهدت وجوها كثيرةً تتشابه مع بعضها البعض في التفاصيل وفي المقاسات ومنها ما كان مستطيل الشكل مثل وجوه الكلاب, ومنها مربعَ الشكل ومتوازي الأضلاع, ومنها ما كان مستدير الشكل ولكني لم أرى فيهن وجهاً كوجهي, وعرفتُ وتعارفتُ وصاحبتُ وعشقتُ قلوبا كثيرة ولكن لم يكن فيهن جميعاً قلبا كقلبي يطفو فوق الماء كما يطفو فوق الدم, وناظرتُ مثقفين على عدد شعر رأسي وناقشت نقاشاتٍ كثيرة وغلبتُ العشرات من الناس وغُلبتني المئات من الناس ولكني لم أناظر مثقفاً ثقافته مثل ثقافتي تستعيد الماضي لتجعل لونه مثل لون زبد البحر, وشاهدتُ عيونا كثيرة خضراء وزرقاء وسوداء ولكن لم أرى عينا تبصر كعيني ثاقبة النظر تخترق العقول والقلوب, وعشقتُ عدة نساء على مدى تاريخ حياتي وعشقتُ وعُشقتُ وذقتُ طعم لوعة الحب والفراق والهجران ولم أكن وقتها أبلغ الحِلم وحين نضجتُ من حرارة الحب ورطوبته كما ينضج التين على الحرارة والرطوبة لم أجد امرأة تعشق كما أعشقُ أنا إذا غاب عني رسمها أجتره من قلبي اجترارا فيظهر ظلها في عيوني مثل شجرة سنديانٍ طويلة, وضحيتُ من أجل الآخرين ولكن لم أجد أحدا يضحي من أجلي أنا,وعشتُ من أجل غيري من الناس ولكن لم يعش قلبا واحدا من أجلي, وتبرعتُ بدمي للذين يعانون من فقر الدم وحين احتجت دما نقيا مثل دمي رفض دمي أن يسترد ديونه, إلا من فصيلته النادرة,وأنا ها هنا ما زلتُ أضع يدي على الجرح الذي ليس كمثله جرح أتحسسه بألم شديد, ووضعتُ يدي في أيدٍ كثيرة ولكن لم أتحسس يدا ملمسها ساخنا ودافئا كما هي يدي دافئة وساخنة وناعمة ووضعتُ يدي في أغلب الأيدي ولكني لم أجد يدا حريرية الملمس مثل ملمس يدي الحريري,ولم أضع طوال حياتي فمي على فمٍ طعمه كطعم فمي, ومشيتُ مع كثير من الناس وصاحبت الوزراءَ والأمراء والحقراء, ودخلتُ في أعماق الناس وقرأت أفكارهم وسمعتُ مغامراتهم ولكن لم أجد طوال حياتي أعماقا مثل أعماقي وأفكارا تشبه أفكاري أو ألحانا حزينةَ تشبه أحزاني أو قصائد شعرِ تشبه أشعاري لأني حين أكتب قصيدة أقوم بخياطتها وبقصها وبزخرفتها فأجعلُ منها قميصا تلبسه النساء في السهرات الماجنة, ويلبسه الرجال وقت النوم لذلك أنا أول كاتب يجعل من كتاباته ملابس صيفية وملابس شتوية تقي القارئ حر الصيف وبرد الشتاء, وشاهدتُ في حياتي أطفالا كثيرين ولكن لم أجد من بينهم طفلا يشبه طفلي أو بنتا تشبه ابنتي , ورأيتُ كثيرا من الأطفال الأيتام ولكني لم أجد يتيما مثلي ما زال يعاني من اليُتم,وسمعتُ أصوات بكاء كثيرة ولم أسمع باكيا يبكي بصوت يشبه صوت بكائي, ورسمتُ بالكلمات على حائط أغلب الأصدقاء وزرعت بجانب أبواب بيوتهم زيتونا ونخلا ولكن لم يزرع أي إنسان على باب بيتي شجرة زيتون كالتي زرعتها أو شجرة سرو كالتي زرعتها وسقيتها بيدي.

ونزلتُ إلى كل المستويات وكدتُ أن أنحط بأخلاقي وارتفعتُ بنفسي فوق كل المستويات وكدتُ أن أكون ملاكا فلم أجد بين المستويات الهابطة مستوى كمستواي في الهبوط ولا مستوى عالي مثل مستواي حين يكون الشرف عبارة عن كلمة ومعنى ودلالة لغوية, فحين أعلو وأعلو وأعلو لا يمكن أن أجد مثلي متعالياً, وحين أهبط وأهبط وأهبط إلى أدنى المستويات لا أجد أحدا بمستوى هبوطي, ورأيتُ في حياتي كثيرا من الحيوانات الأليفة ولكن لم أجد ولم أرى حيوانا كالحيوانات التي صاحبتها وصادقتها, وحرقتُ كثيرا من السجائر ولم أجد سيجارة في فم غيري من الناس تحترق كما تحترق على شفتي فعلى شفتي احترقت غابات السرو والصنوبر, وأكلت كثيرا من الطعام ولم أسمع عن معدة كمعدتي تهضم الحجارة والفولاذ والبلاستيك والمواد الصلبة كما هي معدتي حين تهضم أكياس النايلون والأوراق المجففة, وكذبتُ على نفسي كثيرا وصدقتُ نفسي كثيرا ولم أجد كاذبا مثلي يُكشف سره في دقيقة واحدة أو في لحظة واحدة, وبارزتُ الفرسان واستلبت قلمي من غمده وقاومتُ به الفرسان حتى استحال قلمي إلى رمحٍ سقطت عليه الفرسان وعتادهم ,ولم أجد فارساً شهماً مثلي حين أمتطي صهوة جوادي, , ورأيت كثيرا من الشخصيات الأنانية ولم أعرف أنانيا يشبهني في كل اللغات فأنا حين أكتب أكون أنانيا جدا ومحبا لنفسي لا أقبل بأن يكون أي كاتب صورته على شاكلتي, ووقفت على حافة سدود الأنهار والوديان ولم أرى سدا مثل السد الذي أقف عليه,وبنيت كثيرا من العمارات والفلل ولم أستطع أن أبني لنفسي بيتاً أو حتى خشة أو كوخا صغيرا يؤويني من الجوع ومن الخوف, وداويت مئات العشاق وعجزتُ عن وصف دواءٍ لعيوني ولقلبي الذين أبصر بهما أو أرى بهما رؤيا صادرة من القلب قبل العين المجردة ورأيت عميانا كثيرين يعشقون ولكن لم أرى إنسانا أعمى القلب في حبه وعشقه , وشاهدتُ كثيراً من الدراويش ولم أجد حتى اليوم درويشا مثلي يطفو على أي قصة حب كما يطفو الخشب على الماء , ورأيتُ دموعاً كثيرٍ من الناس ولم أجد خداً تنساب من عليه الدموع مثلما تنسابُ من على خدي, واشتريت كتبا كثيرة وقرأت قصصا كثيرة ولكن لم أجد قصة تتشابه مع قصة حياتي, ورأيتُ عشاقا كثرا ولكن لم أصادف عاشقا مثلي يموت في كل يوم 100مرة من شدة الوجد هُياما كما أموت أنا كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا مخدوع
- أناس بلا قلوب
- مرارة الوقت
- استراحة في المقبرة
- جرحي الكبير
- أم محمد مع أبو أحمد
- الرجال لا يبكون
- الحقيقة مؤلمة
- المبالغات في القرآن والصحابة
- الجنس مقابل المياه والغذاء
- رسائل حُب بليغ حمدي لوردة الجزائرية
- صلاة الجماعة
- الاسلام سلاح تهديد للزوجة
- الانحدار الاجتماعي
- مخرجات تعليم الطبقة المنحطة
- أنا وأنت في حالة غيبوبة
- لعبة الاختفاء
- خيبة الأمل
- البطاطس والطماطم لم يعرفهما القرآن
- الثورة الجنسية


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ليس كمثلي شيء