أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أنا مخدوع















المزيد.....

أنا مخدوع


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3428 - 2011 / 7 / 16 - 19:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذه نصيحة لكم من أخ لأخيه,لا تبحثوا عن الحقيقة مهما أخفت وجهها عنكم,لأنكم ستموتون قهرا حين تكتشفون الناس على حقيقتهم وستموتون من شدة الاحساس بالألم حين تكتشفون حقيقتكم وحقيقة تصرفاتكم.

أنا إنسانٌ مخدوع بحقيقة نفسي وبالهواء الذي يدخل إلى رئتي ففي كل يوم يخونني الهواء الطلق مع جيراني حين يغافلني ويذهب إليهم برجليه لينعشهم جميعاً على حساب صحتي النفسية , ومخدوعٌ بالضوء الذي يدخل حدقتي لأن الضوء لا يريني المناظر الحقيقية ويستغل طيبة قلبي ليصور لي الأشياء على غير حقيقتها , أنا إنسان مخدوع بكل خطواتي التي خطوتها يوما على تراب الوطن الحزين لأن خطواتي تسبقني إلى كل مكان أذهب إليه وتشهد على قلبي زورا وبهتاناً, أنا مخدوعٌ وموهومٌ في كل طباعي الأخلاقية,فتصرفاتي الأخلاقية ليست تعبيرا رسميا عن الذي أود ممارسته,فإن رفضت! فهذا معناه أني موافق,وإن وافقت! فهذا معناه أنني أرفض..أنا مخدوع في تاريخ الملوك العرب الذين أعاصرهم ومخدوع بتاريخ الملوك العرب الذين لم أعاصرهم وفي تاريخ رؤساء الجمهوريات العربية,وأنا مخدوعٌ في شهادة ميلادي وفي اسمي وفي عنواني فهذا الاسم كان لأبن الجيران وليس لي,وأنا مخدوع بمحل إقامتي فأنا لا أسكن هنا بل أسكن هنالك في عالمي السري الكبير الذي يذهب إليه الناس ولا يعودون منه,أنا إنسان مخدوع في طعم اللوز مع السُكر,وأنا مخدوع بطعم الملح وبلون أملاح بلادي ,وأنا مخدوعٌ بطعم الماء الذي أتذوقه بفمي فطعمه ليس كطعم بلادي وهنالك تزوير وتزييف للحقائق المائية عن الحصاد المائي في بلادي , أنا مخدوعٌ بطعم الثلج حين يذوبُ في فمي, وأنا مخدوع بطعم الخبز وبرائحة سنابل القمح... أنا مخدوع بتاريخ استقلالي وبتاريخ الأعياد الوطنية, وأنا إنسان مخدوع بكفاحي وبنضالي وأنا مخدوع بكل شيء من حولي لأنني طيب القلب وعلى البركة فمن كلمة بسيطة أغضب ومن كلمة أبسط منها أرضى بسرعة الضوء,أنا كاتب مخدوع بكل كتاباتي وكلماتي كل يوم تخونني مع السلطان وأتباع السلطان وكان من الأفضل لي أن أصبح كاتب استدعايات بدل أن أكون كاتب مقالات وكان من الممكن أن أكون أكبر كاتب استدعايات(عرضحالجي) ناجح جدا بدل المسخرة...أنا مخدوع بمنظري الداخلي والخارجي ففي كل يوم يخونني شكلي مع مرآتي لأنني أصدق كل ما يقال لي عني..ومخدوع بألوان علم بلادي فحتى هذه اللحظة لم أرى اللون الأبيض على أرض الواقع فما زلتُ أعيش بين اللون الأحمر والأسود....وكل شيء مزورٌ ومزيف والحقيقة مؤلمة....ومخدوع بلون الأرض وبشكلها وبدورانها لأن خرائطي كلها قديمة تجعلني أرى الأرضَ مربعة الشكل...وأنا مخدوعٌ بلون السماء,فهذه السماء ليست زرقاء صافية وإن بدت كذلك وحقيقتها عبارة عن مواد سامة ومخدوع بلون قوس قزح , وهذا الليل ليس ليلاً أسودا,حتى وإن بدا لنا كذلك, أنا مخدوع حتى في رمش عيوني...أنا مخدوع وابن مخدوع وكل الذين من حولي مخدوعون جدا مثلما أنا مخدوع.

أنا إنسان مخدوعٌ في كل سنتمتر مربع من جسدي ومخدوع بعضلات يدي ومخدوع بتعبير وجهي وكل الناس خانوني وكل الأصحاب غدروا بي وكل زناة الأرض رجموني على قصة حبي....حتى جسدي يخدعني حتى عقلي يخدعني, أنا مخدوع حتى في قميص النوم ..ومخدوعٌ في أزرار قميصي فهذه الأزرار ليست لقميصي وهذا الثوب الذي أرتديه ليس ثوبي فهو مخالفٌ لمقاسي وأكثر من عشرين مرة شاهدتُ قميصي يذهب إلى رجل آخر فيرتديه ويتقلب على السرير وهو ما زال يمتطيه كما يمتطي فرساً حتى يصبح شكله مثل شكل الجاعد وغالبا ما يعود لي ممزقا بعد أن يتم عملية الخيانة بكل تفاصيلها..وهذا الغطاء الذي أضعه فوق جسدي لم يكن في يوم من الأيام غطائي ,...ومخدوعٌ في الشارع السياسي والثقافي والرياضي فهذه الشوارع لا تصلح لتكون شوارع ثقافية ورياضية ولا تصلح إلا مكباً للنفايات..ومخدوعٌ في الشارع الذي أمشي عليه ومخدوع في الطريق التي أسلكها كل يوم...أنا رجل مخدوع بكل الإشارات الضوئية التي تقفُ عليها السيارات ومخدوعٌ في الناس ومخدوع في الأحياء وفي الأموات ومخدوع في بنطالي ومخدوع في شعر رأسي ومخدوع في حبي ومخدوع في قلبي ومخدوعٌ في أعصابي وحين عرفت حقيقة كل ذلك سقطتُ من السماء إلى الأرض,لذلك صرتُ أخاف من كشف الحقائق ولا أحب أن تقال لي حقيقتي وحقيقة الأرض والسماء والأزهار والألوان..أنا إنسان مخدوع في أصحابي وفي أصحاب أصحابي وفي أهلي وفي بلدي وفي جيراني وقد اعتدتُ على الخداع الذي أصبح قاعدة اجتماعية ولا أحبذ كشفهم أو تعريتهم لأنني سأموت قهرا حين أعرفهم على شاكلتهم الحقيقية..أنا مخدوعٌ في الألوان التي أختارها بعيني ومخدوع في زهر بلادي ومخدوعٌ في الأعشاب الخضراء والصفراء وأراها على غير حقيقتها فهي ليست حقيقية في شيء فالأسود ليس أسودا والأبيض ليس أبيضا ولا أريد أن يظهر في حياتي خبير ألوان يكشف لي زيف كل الألوان ..أنا مخدوع في أشجار الزيتون ومخدوع في رمان بلادي ومخدوع في كعكة العيد ومخدوع في حذائي فهذا الحذاء الذي أمتطيه ليس حذائي ولا أريد أن يظهر صاحبه فجأة ليقول لي هذا حذائي وهذا حذاءك,أنا مخدوع بصاحبة الجلالة ومخدوع في صاحب الجلالة إذا عرفنا بأن صاحبة الجلالة صحفنا العربية..أنا مخدوع في نهر بلادي وفي بحر بلادي وفي بنات بلادي ونبات بلادي ولا أتمنى أن يأتي في يومٍ من الأيام ملاحٌ يأخذني إلى حيث تعيش الحقيقة,أنا سعيد جدا بالذين خدعوني ومخدوع حتى في أشعة الشمس ومخدوع في غيمات بلادي ومخدوعٌ في البرق وفي الرعد فهذا الفصل ليس فصلاً شتوياً لأنني أتصببُ منه عرقاً فلماذا كل هذا اللمعان وهذا البريق..كلهم خدعوني وكلهم تآمروا على وجودي وكلهم ضدي وكلهم استوطنوا في داخلي ولا أريد من الذين استوطنوا في داخلي أن يخرجوا منه لأنني عشتُ طوال حياتي وأنا سعيد جدا بأكاذيبهم,كانت كل أكاذيبهم وما زالت تثلجُ صدري وكانت تنعشني وكأنها نسمة هواء باردة في فصل الصيف..أنا لا أرى الناس على حقيقتها أنا مخدوع منهم جميعا وكلهم غرزوا سكاكينهم في جسدي وكلهم غرزوا رماحهم ورصاصاتهم في رأسي ولا أطالبهم بأن يستسلموا لي..أنا مخدوع حتى في غرفة نومي فهذه الغرفة ليست لي وهذه التسريحة التي أمشط عليها شعر رأسي لم يصنعها النجار لي والمرآة التي أشاهد عليها كل يوم وجهي وشعر رأسي لم تُصنع لكي أرى فيها وجهي الحقيقي هذه التسريحة مع المرآة مخلوقة لرجلٍ غيري لتجعله يشاهدُ شكله الحقيقي..أنا مخدوع في كل حياتي وأنا مخدوع في حليب أمي وفي حليب بلادي..أنا مخدوع في بصري وفي نظري وفي سمعي وكل ما أسمعه ليس صحيحا وكل ما أشاهده ليس حقيقة بل كله دبلجة وسحب أفلام على بصري وعلى سمعي ولا أريد أن أنتج فيلما سينمائيا حقيقيا لأنني عشقت الكذب والتزوير والبهتان واعتدت على التزوير وعلى التزييف..وأنا إنسان مخدوع في تاريخ بلادي وفي تاريخ الثورات العربية أنا مخدوع في تراب بلادي فهذا التراب لا يمت بأي صلة لأسلافي فرائحته لا تشبه رائحة ملابس جدي وجدتي ..أنا مخدوع بالمطر ومخدوع في الساعات الصباحية الأولى..أنا مخدوع في كل شيء وأنا مخدوع حتى في الهواء الذي أتنفسه..أنا مخدوع بملابسي الصيفية وبملابسي الشتوية وفي هجرتي السنوية نحو الشمال البارد..أنا مخدوع في كل شيء وفي أي شيء..أنا مخدوع في طريقة نومي وفي طريقة صحياني..أنا مخدوع بكل ما تحمله الكلمة من معاني ....وأنا مخدوع بالنجوم وبالكواكب وبالأفلاك فهذا البرج برج الثور ليس برجي وهذه النجمة ليست نجمتي المفضلة فنجمتي المفضلة لم تظهر بعد وأنا مخدوع في حبات الرمل وفي حبات الحصى..أنا إنسان خدعته كل الناس وأنا إنسان خدعه قلبه وضميره, وأنا أحملها تحتر له زمانه وأصحابه وجيرانه.أنا مخدوع في حقيقتي الذاتية وفي حقيبة كلماتي التي دائما ما أحملها تحت صدري..أنا مخدوع جدا في نسمة الهواء التي أتنفسها وأنا مخدوع في قرائي وفي أسماء المعجبين بهذياني..أنا رجل مخدوع في شربة الماء التي أشربها وأنا مخدوع بلون وجهي وأنا مخدوع بقصة حبي فحتى قصة حبي عبارة عن خداع ووهم وتضليل,أنا إنسان أتعبته الحقيقة التي اكتشفها وأتمنى لو أرجع للوراء لأثق بالجميع أنا اليوم فقدت الثقة بالناس وبالحجارة وبالجمادات وبالحيوانات..أنا رجل كنت قبل عصر الحقيقة مرتاح جدا ولكن حين اكتشفت الحقيقة تأكدت وقتها بأنني فعلا مخدوع في كل شيء, فأنا لستُ أنا وأنتم لستم أنتم وهي ليست هي,وإذا أراد ألله تعذيب الإنسان فورا يُكشف له الناسَ على حقيقتهم.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناس بلا قلوب
- مرارة الوقت
- استراحة في المقبرة
- جرحي الكبير
- أم محمد مع أبو أحمد
- الرجال لا يبكون
- الحقيقة مؤلمة
- المبالغات في القرآن والصحابة
- الجنس مقابل المياه والغذاء
- رسائل حُب بليغ حمدي لوردة الجزائرية
- صلاة الجماعة
- الاسلام سلاح تهديد للزوجة
- الانحدار الاجتماعي
- مخرجات تعليم الطبقة المنحطة
- أنا وأنت في حالة غيبوبة
- لعبة الاختفاء
- خيبة الأمل
- البطاطس والطماطم لم يعرفهما القرآن
- الثورة الجنسية
- التسامح الجنسي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أنا مخدوع