أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير














المزيد.....

ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 6401 - 2019 / 11 / 6 - 20:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


منذ سنوات وذكرى ثورة أكتوبر تتخذ طابعاً مختلفاً، أقصد أنها تاهت بين التجاهل، ومحاولة تأكيد قيم ما، كانت تعد إلى وقت قريب حلم البشرية.
لقد شطب الانهيار ذاكرة، وأسقط مطامح وأحلاماً، وهزهز قناعات، لهذا لم يعد لثورة أكتوبر معنى، أو أصبح لها معنى آخر، معنى يصمها بالاغتصاب، لأنها بدت وكأنها تلغي صيرورة، بات يقال إنها طبيعية، لتؤسس صيرورة أخرى، باتت توصم بأنها قسرية، مخالفة لطبيعة الأشياء، وكأن هناك من يستطيع تحقيق هذا الفعل الجهنمي، إبدال صيرورة بأخرى، كسر صيرورة وبدء أخرى. هذا الفعل الجهنمي ألقي على كاهل لينين، الإرادوي، والحالم/ الواهم، الذي قرّر اختطاف القطار و وضعه على سكة أخرى.
ثورة أكتوبر إذن باتت مجال إدانة، وأصبح كل ما نتج عنها ـ وأقصد الاشتراكية ـ مجال هجاء. أتفهّم النقد وأؤكد ضرورته، لكن النقد تعبير مبهم لأنه مجهول. فلقد انقلب المدح والتقريظ والتفخيم والتضخيم، إلى ذم وتحقير وشتم أو مديح لما كان يذم ويشتم. انقلبت الضرورة إلى خطيئة والخطيئة إلى ضرورة، دون توّسط النقد والتحليل، أي العقل، وهذا يلقي ضوءاً على وعي، فقد غاب العقل النقدي، العقل الشكاك، فتحول الوعي إلى قشرة يسندها اليقين، اليقين المطلق. ومن السهل أن ينقلب اليقين المطلق إلى شك مطلق، أي إلى عدم. أقصد هنا أن الغائب الأهم كان الماركسية، لهذا كان الانقلاب عليها سهلاً، ليبدو وكأنه (إزالة قشرة)، أو تغيير إعلان، أو نفي صفة.
سنلاحظ إذن أن كل الأحكام التي تناولت ثورة أكتوبر تأسست على هذه المسألة بالذات، لهذا انحكمت لمنطق، ربما لا أستطيع أن أَسِمُهُ بالمثالية، لأنه ما دون المنطق بالأساس، بمعنى أنها انحكمت للامنطق، وبدت كموجة ردح. رغم ذلك، أو نتيجة ذلك ـ يجب مسك ما يمكن مسكه من كل هذا الفيض، من أجل رصفه في سياق منطقي، لكي يكون ممكناً فكفكة اللامنطق فيه. فكيف يمكن أن نعد حدثاً بحجم ثورة أكتوبر، حَرْفاً واغتصاباً للتاريخ والواقع؟ هل هما مفرطا السذاجة إلى هذا الحدّ؟ أليس ما يتحقق هو ممكن؟ الواقع حمّال احتمالات، يصاغ في واحد منها، وهو الاحتمال الذي يؤسس الواقع له، الذي يمتلك كل الأسس الواقعية التي تفرض انتصاره، هو الواقعي إذن، وبالتالي بدل اتهام فرد بالإرادوية، وتحميله نتاج فعل خارج، إسباغ قدرة خارقة عليه، كان يجب ردّ دور الفرد هذا إلى ممكنات الواقع، ليتحدد تميّزه في أنه وعي الواقع، وفهم ممكناته. هنا يسكن منطق يرى أن الإرادة هي الفاعل الأول، وهو منطق مقلوب ماركسي، سوف يظهر واضحاً في كل ما قيل عن ثورة أكتوبر، وعن التجربة الاشتراكية، لهذا سنلاحظ أن الاتهام بالإرادوية يقود إلى إلغاء الإرادة، لكن لتتأسس إرادوية معاكسة، فإذا كان تحقيق الاشتراكية يعبِّر عن إرادوية، في مقابل التطور الطبيعي الذي هو الرأسمالية، فإن تحقيق الرأسمالية سيبدو أنه المعبّر عن إرادوية فظة، لأن التطور الطبيعي هو ما حصل، إذا كانت هذه الصيغة من التطور (التي هي الاشتراكية) نتاجاً موضوعياً للظروف الروسية، وللظروف العالمية آنئذ، كانت الضرورة التي أنتجها الواقع، لهذا تبدو الإرادة ويبدو الوعي هنا كجزء من الصيرورة الواقعية، بينما تتحوّل إرادة تحقيق الرأسمالية إلى حلم/ وهم.
ثورة أكتوبر كانت الحلم الممكن، لكن من خارج النص، بمعنى أن من ينظر إليها من زاوية ما كتب عن الاشتراكية فسوف يصاب بالخيبة، وهذا ما حدث بعد الانهيار، لأن ما تحقق انطلاقاً منها (وهو المسكوت عنه عادة)، هو غير ما يحضر للذهن، غير ما تقاس التجربة به، إن قيمتها ليست في تحقيق اشتراكية المثال، بل تكمن قيمتها الأساسية في تحقيق التصنيع والتحديث في إطار عدالة ما ربما ليست هي ما نسعى إليه ولا هي جوهر الاشتراكية، هذا هو المسكوت عنه، وهو أهم ما في التجربة، القادم من خارج النص ربما. الاشتراكية إذن كانت تحقق مقدماتها، وبهذا نجحت نجاحاً باهراً، ولقد تحقق التطور بهذه الصيغة، لأنها الصيغة الممكنة، مجرّدة من الأحلام والأوهام. هذه المسألة هامة للأمم المخلّفة، وبالتالي فإن لثورة أكتوبر قيمة خاصة فيها، لهذا فإن التخلي عن خيار ثورة أكتوبر ضار ومدّمر معاً، لأنه لا يبقي لها سوى البربرية، الفقر والجوع، والتفكك والتفتت، وهنا يقبع خطر الردح الذي تعالى بعد الانهيار، والقائم أساساً على شطب خيار أكتوبر، لأنه يؤسس لـ(خيار) بديل، طالما تكرّر في الماضي دون أن تثبت إمكاناته، على العكس من ذلك تثبت استحالته. وأقصد الخيار الرأسمالي، لتبدو الدعوة للرأسمالية وكأنها المدخل للبربرية، فهذه سمة رأسماليتنا، في إطار عالمية النمط الرأسمالي، وهذا ما يفرزه النمط الرأسمالي في الأطراف. إننا معنيون بالإفادة من التجربة الطويلة التي أسست لها ثورة أكتوبر، ففيها من الخبرات ما يسهم ربما بأن نتجاوز النهاية التي وصلت إليها، إنها خبرات غنية وهامة وأساسية في صياغة تصور ممكن لتحقق الاشتراكية، حلم ثورة أكتوبر وحلمنا نحن.
بعد سنوات من الانهيار، بعد سنوات من الضياع في متاهات مواقف انفعالية أو يائسة، أو منقلبة، من الضروري مناقشة التجربة، تحليلها بعمق، لكي يكون ممكناً استخلاص نتائج تفيد، عبر وعي التجربة، ووعي مشكلاتها، هنا بالضبط نعيد لحلم البشرية ألقه.

2016 / 10 / 27



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي الماركسية؟
- الماركسية و الاشتراكية و حرية الانتقاد
- ممكنات تجاوز الرأسمالية عودة الى ماركس
- مأزق الحركة الشيوعية العربية ملاحظات حول عوامل الإضمحلال
- مشكلات اليسار في الوطن العربي - ما العمل؟
- مشكلات مفهوم المجتمع المدني
- حول الموضوعات من أجل نقاش هادئ لمنهجية و لرؤية - مناقشة لموض ...
- هل الرأسمالية باتت - إنسانية-؟ مناقشات حول العراق
- من أجل المقاومة العراقية الشاملة- 3 - الحركة الشيوعية و مشكل ...
- من أجل المقاومة العراقية الشاملة 2 -3 المقاومة العراقية و ضر ...
- (من أجل المقاومة العراقية الشاملة(1-3 - وضع أميركا في العراق
- الخطاب -الديمقراطي- الأمريكي في -الشرق الأوسط الكبير-
- -g8-ال
- مقدمات الشمولية
- - وعد بوش- و السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي الصهيوني
- عفوية الجماهير و دور الحركة السياسية في الوطن العربي
- دراسة الآليات التي تسمح بتحقيق المقاومة والمواجهة
- آفاق الصراع و دور الماركسية بعد حرب الخليج
- التبشير بالخصخصة
- الطبقة العاملة واليسار في عصر العولمة


المزيد.....




- بلاغ حول نتائج المؤتمر الجهوي الثالث لحزب النهج الديمقراطي ج ...
- إيران (مقتبس من :الابواب المائة للشرق الأوسط )
- حزب التقدم والاشتراكية يهنئ نادي أولمبيك آسفي بمناسبة تتويج ...
- آلاف المتظاهرين في صربيا يغلقون الطرق الرئيسية في بلغراد
- في 29 يونيو 2025، تنير ذكرى اغتيال المناضل العمالي مصطفى لع ...
- نتائج ومقررات الملتقى الوطني السابع للمساعدين الإداريين والم ...
- دعوات غربية للتحقيق في -اعتداءات- على متظاهرين بملاوي
- فئوية المساعدات في غزة: حين يُكافأ الولاء ويُعاقب الفقر
- ألمانيا- الحزب الاشتراكي الشريك بالحكومة يطالب بحظر -البديل- ...
- بوليتيس: هكذا يشعل اليمين المتطرف الفرنسي حربا عرقية ودينية ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير